إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أصدقاء الإنترنت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أصدقاء الإنترنت


    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    أصدقاء الإنترنت
    محمد بن عبدالله الهبدان


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

    أخي مستخدم الإنترنت: أرجو أن تقرأ كلماتي، وتنظر في رسالتي، في وقت خلوتك، حيث لا أحد يشغل فكرك، ويقطع حبل استرسالك، فأنا أحب أن أسير أنا و أنت حتى نصل سويا إلى أمر نتفق عليه ونتعاون على تنفيذه.
    أخي المبارك: لن أحدثك عن الإنترنت وتاريخها وما فيها من عجائب وأسرار، ومواهب وأفكار، فربما كنت أعلم بذلك مني ولكن جئت لأذكر نفسي أولاً ثم أذكرك بقضايا مهمة، وحقائق لا ينبغي أن تغيب عن بال أحد ممن يرجو الله والدار الآخرة ـ وأحسبك من هذا الصنف ـ والله حسيبك.
    أخي المبارك: ها أنت دخلت غرفتك، وأغلقت الباب على نفسك، ثم بدأت بتشغيل جهازك، ثم دخلت على عالم الإنترنت..يا ترى من أي الأصناف أنت؟

    هل أنت من هواة البحث العلمي؟
    فإن كنت كذلك فهنيئا لك فقد وقعت على حاجتك، وفزت بمرادك، فجد واجتهد وخذ منها ما تريد ولكن انتبه من داء الإدمان فيها فإنها مهلكة لك ولمن تعول.في استبانة وزعت في مقاهي الإنترنت في دولة خليجية وجد أن 68 % من مرتادي هذه المقاهي يقضون أكثر من 3 ساعات يومياً على الإنترنت!! ومنهم من يزيد على 10 ساعات!![1].
    ويقول المهندس أنور الحربي مدير تحرير مجلة آفاق الانترنت: (قد أجرينا استبيانا على عينة تمثل 500 شخصا من الذكور والإناث واتضح لدينا أن هناك بالفعل بوادر نشوء مشكلة جديدة تسمى إدمان الإنترنت[2]
    مما يترتب عليه مشاكل عائلية، وعزلة عن المجتمع، ففي استبانة وزعتها مجلة سعودية أكد 40 % من رواد المقاهي أن الإنترنت أثرت على علاقاتهم الاجتماعية وجعلتهم أكثر انعزالاً من ذي قبل)[3]
    وقد ذكرت دكتورة أمريكية في محاضرة عن إدمان الإنترنت أنها قد وصلت إلى نتيجة بعدة أسئلة تطرح على مستخدم الشبكة، فإذا أجاب على أحدها بالإيجاب فهو مدمن إنترنت، ومن تلك الأسئلة:
    - هل هدد ارتباطك بالإنترنت وظيفتك أو علاقتك الأسرية؟
    - هل ترى في الإنترنت وسيلة للهرب من مشاكل حياتك اليومية؟
    - هل تكذب بشأن عدد الساعات التي تمضيها مع الإنترنت؟ إلى غير ذلك من الأسئلة[4].
    وإن كنت من هواة البحث عن الصور الماجنة، والمواقع الفاسدة.. أرجو أن لا تغضب مني ـ فو الله إني أريد نصحك ونجاتك من الوقوع في حبائل الشهوات، ومستنقع الملذات، والتي نهايتها بائسة، وخاتمتها سيئة.

    يا أخي:
    تذكر إن راودتك نفسك في فعل ذلك أن الله - تعالى -مطلع عليك، عالم بسرائرك، رقيب على أعمالك، لا تخفى عليه خافية من أمرك، فإن غابت عنك عيون الخلق فعين الخالق لم تغب، وإن نامت العيون فعين الله - تعالى -لم تنم، يقول الله - تعالى -: ((إِنَّ اللّهَ لاَ يَخفَىَ عَلَيهِ شَيءٌ فِي الأَرضِ وَلاَ فِي السَّمَاء))(سورة آل عمران: 5)
    ويقول - سبحانه -: ((يَعلَمُ خَائِنَةَ الأَعيُنِ وَمَا تُخفِي الصٌّدُورُ))(سورة غافر: 19).
    فهل يليق بك أن تعصي الله - سبحانه - وهو يراك؟ هل يليق بك أن تعصي الله - تعالى -وأنت تعيش في أرضه؟ وتسكن تحت سمائه؟ وتأكل من رزقه؟ أيليق بعاقل مثلك أن يتجرأ على مولاه وهو يراه؟!! أيليق بعاقل أن يشاهد الحرام، ويتمتع بالحرام وخالقه ومولاه ينظر إليه؟!!
    إذا ما خلوتَ بربية في ظلمة والنفسُ داعيةٌ إلى الطغيان
    فاستحِ من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
    حكي عن إبراهيم بن أدهم أن رجلاً أتاه فقال: يا أبا إسحاق أنا رجل مسرف على نفسي، وقد أحببت أن تحدثني بشيء من الزهد لعل الله يلين قلبي وينوره، قال إبراهيم: إن قبلت مني ستاً خصال أوصيك بها فلا يضرك ما عملت بعدها.
    فقال وما هي؟
    قال: أول خصلة أوصيك بها: إذا أردت أن تعصي الله فلا تأكل رزقه!!
    قال: فإذا كان المشرق والمغرب والبر والبحر والسهل والجبل رزقه، فمن أين آكل؟ فقال: يا هذا أفيحسن بك أن تأكل رزقه وتعصيه!!
    قال: لا والله، هات الثانية.
    قال: يا هذا إذا أردت أن تعصيه فلا تسكن في بلده!!
    فقال الرجل: يا إبراهيم هذه والله أشد من الأولى، ففي أي جهة أسكن؟
    قال: يا هذا أفيحسن بك أن تسكن في بلده وتأكل رزقه وتعصيه؟
    قال: لا والله. هات الثالثة.
    قال: إذا أردت أن تعصيه فلا تخليه يراك!!
    قال: يا إبراهيم كيف يكون هذا وهو يعلم السرائر ويكشف الضمائر؟
    قال: يا هذا أفيحسن بك أن تأكل رزقه، وتسكن بلده، وتعصيه وهو يراك؟
    فقال: لا والله. هات الرابعة.
    قال: إذا جاء ملك الموت يقبض روحك، فقل: أخرني حتى أتوب!!
    فقال: ليس يقبل مني.
    فقال: إذا علمت أنك لا تقدر على دفع ملك الموت فلعله يجيئك قبل أن تتوب!!
    قال: صدقت، هات الخامسة.
    قال: إذا جاءك منكر ونكير فخاصمهما بقولك إن استعطت!!
    فقال: ليس ذلك إليّ، هات السادسة.
    قال: إذا كان غداً بين يدي الله - تعالى -وأمر بك إلى النار: فقل لا أذهب إليها!!
    فقال: يا إبراهيم حسبي، حسبي، حسبي. [5]
    إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقل *** خلوتُ ولكن قل عليَّ رقيبُ
    ولا تحسبنَّ اللهَ يغفلُ ساعـــةً *** ولا أن ما تُخفيهِ عنه يـغيبُ
    يقول عبد الله بن دينار: خرجت مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى مكة فعرسنا ـ أي أقمنا ـ في بعض الطريق فانحدر عليه راع من الجبل، فقال له: يا راعي، بعني شاة من هذه الغنم؟ فقال: إني مملوك، فقال: قل لسيدك: أكلها الذئب؟ قال: فأين الله؟ قال: فبكى عمر - رضي الله عنه - ثم غدا إلى المملوك فاشتراه من مولاه وأعتقه وقال: أعتقتك في الدنيا هذه الكلمة وأرجو أن تُعتقك في الآخرة.[6]

    فما أحوجنا أخي الحبيب لمراقبة الله - تعالى -في السر والعلن.

    أخي الحبيب:
    ألم يقل الله - تعالى - لك: ((قُل لِّلمُؤمِنِينَ يَغُضٌّوا مِن أَبصَارِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذَلِكَ أَزكَى لَهُم إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصنَعُونَ))(سورة النور: 30).
    فلماذا تخالف أمره؟ هل استهانة بحق الله - تعالى -؟ معاذ الله أن تفعل ذلك!! قال حميد الطويل لسليمان بن علي: عظني، فقال: لئن كنت إذا عصيت خاليا ظننت أنه يراك لقد اجترأت على أمر عظيم، ولئن كنت تظن أنه لا يراك فلقد كفرت)
    إذن هي استهانة بالمعصية وأنها صغيرة من صغائر الذنوب؟!! يقول بلال بن سعد السكوني - رحمه الله -: لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت[7].
    نعم أنت تعصي العظيم في سلطانه وملكه، العظيم في أسمائه وصفاته، العظيم في سمعه وبصره. فكيف تتجرأ على معصية القادر على كل شيء؟ كيف تتجرأ على من إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون؟!!
    قال رجل للجنيد - رحمه الله - : بم استعين على غض البصر؟ فقال: بعلمك أن نظر الناظر إليك أسبق من نظرك إلى المنظور إليه.
    ثم تذكر ـ رحمك الله ـ العواقب الوخيمة المترتبة على النظر إلى الحرام في الدنيا والآخرة[8]، وكما قيل:
    وأعقل الناس من لم يرتكب سبباً حتى يفكر ما تجني عواقـبـه[9]
    وقد ذكر العلماء قصصا تدل على ذلك فمنها:
    1- ما ذكره عبد الرحمن بن أحمد بن عيسى قال: كنت مع أستاذي أبي بكر الدقاق فمر حدث فنظرت إليه، فرآني أستاذي انظر إليه، فقال: يا بني لتجدن غبها ولو بعد حين، فبقيت عشرين سنة وأنا أراعي ذلك الغب، فنمت ليلة وأنا متفكر فيه فأصبحت وقد نسيت القرآن كله.[10]
    2- وقال عمرو بن مرة: نظرت إلى امرأة فأعجبتني، فكفّ بصري فأرجو أن يكون ذلك جزائي[11]
    3- ومن العواقب كذلك: أنك تعرض نفسك لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن، لأنه ثبت في الحديث أن من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وشارب الخمر في الدنيا يحرم منه في الآخرة، فكذلك من تمتع بالصور المحرمة في الدنيا، بل كل ما ناله العبد في الدنيا فإن توسع في حلاله ضيّق من حظه يوم القيامة بقدر ما توسع فيه، وإن ناله من حرام، فاته نظيره يوم القيامة[12].
    فكيف تفرط بمن قال النبي فيها: ((وَلَنَصِيفُ ـ أي خمار- امرَأَةٍ, مِن الجَنَّةِ خَيرٌ مِن الدٌّنيَا وَمِثلِهَا مَعَهَا))رواه أحمد؟! كيف تفريط بمن ترى مخ ساقها من بياضها وجمالها؟
    4- وأعظم من ذلك سوء الخاتمة ـ عياذا بالله من ذلك ـ ذكر ابن القيم - رحمه الله -: أنه كان بمصر رجلٌ يلزم مسجداً للأذان والصلاة، وعليه بهاء الطاعة ونور العبادة فَرَقِيَ يوماً المنارة على عادته للأذان، وكان تحت المنارة دارٌ لنصراني فاطَّلع فيها، فرأى ابنة صاحب الدار، فافتُـتِنَ بها، فترك الأذان، ونزل إليها، ودخل الدار عليها، فقالت له: ما شأنك؟! وما تريد؟! قال: أريدك! قالت: لماذا؟ قال: قد سلبت لُبّي وأخذتِ بمجامع قلبي. قالت: لا أجيبك إلى ريبة أبدا. قال: أتزوجُك قالت: أنت مسلم وأنا نصرانية، وأبي لا يزوجني منك، قال: اتنصر. قالت: إن فعلت أفعلُ، فتنصَّر الرجل ليتزوجها، وأقام معهم في الدار، فلما كان في أثناء ذلك اليومºرَقِيَ إلى سطحٍ, كان في الدار، فسقط منه، فمات، فلم يظفر بها، وفاته دينه، فعياذا بالله من سوء العاقبة وشؤم الخاتمة.
    ولقد بكى سفيان الثوري ليلة إلى الصباح، فلما أصبحº قيل له: كل هذا خوفا من الذنوب؟ فأخذ تِبنَةً من الأرض، وقال: الذنوب أهون من هذا، وإنما أبكى خوفا من سوء الخاتمة.[13]

    وهذا من أعظم الفقه:
    أن يخاف الرجل أن تَخذُلَهُ ذنوبه عند الموت، فتحول بينه وبين الخاتمة الحسنى.
    وقد ذكر الإمام أحمد عن أبى الدرداء: أنه لما احتُضِرَ جعل يُغمى عليه ثم يُفيق ويقرأ ((وَنُقَلِّبُ أَفئِدَتَهُم وَأَبصَارَهُم كَمَا لَم يُؤمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ, وَنَذَرُهُم فِي طُغيَانِهِم يَعمَهُونَ))(سورة الأنعام: 110).
    فمن هذا خاف السلف من الذنوب أن تكون حجابا بينهم وبين الخاتمة الحسنى.[14].
    فهل تأمن على نفسك يا أخي من سوء الخاتمة؟!!
    ثم يا أخي: إني سائلك فأرجو أن تكون صادقا مع نفسك:
    أتحب أن يأتيك ملك الموت فيقطع منك حبل الوتين وأنت تنظر إلى تلك الصور الساقطة؟
    أتحب لو أدخلت قبرك وأُجلست للمساءلة أكان يسّرك أنك رأيت تلك الصورة الماجنة؟
    إذا أعطي الناس كتبهم ولا تدري أتأخذ كتابك بيمينك أم بشمالك؟ أكان يسرك أنك قضيت تلك الساعة في الحديث مع فتاة أجنبية عنك بكلام يستحي أن يقوله الزوج لزوجته؟ وتتعرف عليها وتواعدها أحياناً.
    إذا مررت على الصراط ولا تدري هل تنجو أو لا تنجو؟ أكان يسرّك أنك قضيت تلك الليلة في متابعة الحرام؟
    ولو أنا إذا مـتـنا تركنا لكان الموت غاية كل حي
    ولكنا إذا مـتـنا بـعثنا فيسأل ربنا عن كل شيء
    إذن ـ يا أخي ـ اتق الله فقد أنعم الله عليك وأحسن إليك، فهل يشكر المنعم بمعصيته؟
    إذا كنت في نعمةٍ, فارعها فإن المعاصي تُزيلُ النـعـم
    وحطها بطاعة ربِّ العبادِ فربٌّ العبادِ سريعُ النقم[15]

    أخي الكريم:
    إن جلوسك أمام شاشة الحاسب، ومتابعتك للصور الماجنة، و المواقع الفاسدة خطيئة تحتاج إلى توبة، وأعظم من ذلك أن تدل زملائك وأصحابك إلى مثل هذه المواقع الفاسدة وترسلها لهم عبر البريد الإلكتروني أو غيره فهذه سيئة أخرى تبؤ بإثمها وتتحمل وزرها يوم القيامة، وتتحمل تبعات هذا الإنسان الذي ضل وانحرف عن الصراط المستقيم، وربما أضل آخرين، فتعود سيئاتهم إلى سيئاتك يقول الله- تبارك وتعالى -: ((لِيَحمِلُوا أَوزَارَهُم كَامِلَةً يَومَ القِيَامَةِ وَمِن أَوزَارِ الَّذِينَ يُضِلٌّونَهُم بِغَيرِ عِلمٍ, أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ))(سورة النحل: 25).
    وقال - تعالى -: (({وَلَيَحمِلُنَّ أَثقَالَهُم وَأَثقَالًا مَّعَ أَثقَالِهِم)).
    قال مجاهد: يحملون أثقالهم ـ ذنوبهم ـ وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف عمن أطاعهم من العذاب شيئا. يقول النبي : ((مَن سَنَّ فِي الإِسلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثلُ أَجرِ مَن عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنقُصُ مِن أُجُورِهِم شَيءٌ وَمَن سَنَّ فِي الإِسلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعدَهُ كُتِبَ عَلَيهِ مِثلُ وِزرِ مَن عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنقُصُ مِن أَوزَارِهِم شَيءٌ))[16].
    فيا أخي الكريم:
    لا تحمل نفسك ما لا تطيق؟ فنحن جميعا عاجزون عن تحمل أخطائنا فكيف بأخطاء غيرنا؟
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
    [1] مجلة الفرقان عدد (118) شوال 1420هـ. نقلا من الشباب والإنترنت ص 12 للشيخ عادل العبد العالي.
    [2] المصدر السابق.
    [3] مجلة المعرفة عدد (51).
    [4] مطوية بعنوان: (عاجل جداً إلى مستخدم الإنترنت ص 7 إعداد دار القاسم.
    [5] ملتقط الحكايات لابن الجوزي ص 239.
    [6] انظر: إحياء علوم الدين للغزالي (4/396).
    [7] سير أعلام النبلاء (5/91).
    [8] انظر: رسالة للكاتب وسائل لغض البصر. يسر الله طبعها.
    [9] ذم الهوى ص 493.
    [10] غذاء الألباب (1/70).
    [11] ذم الهوى لابن الجوزي ص 127.
    [12] انظر روضة المحبين ص 352.
    [13] انظر: الحلية (7/12).
    [14] الجواب الكافي ص
    [15] الجواب الكافي ص 204.
    [16] رواه مسلم (1017).

    المصدر موقع مداد




  • #2

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
    أصدقاء الإنترنت-2-

    وثمة سؤال لابد أن أطرحه عليك:
    ماذا تستفيد الأمة من شاب أكبر همه البحث عن المواقع الفاسدة، والصور الماجنة؟
    ماذا تستفيد الأمة من شاب همه الأول شهوته؟
    هل يا ترى سيبني مجدا. ؟ أو يحقق عزا؟ أو ينجز عملا نافعا؟
    بل هل سيستفيد هو من نفسهº بحيث يبنى له فكرا بناءا، وأدبا جما، وثقافة متكاملة.
    ولذلك صرح (كينيدي) بأن مستقبل أميركا في خطر لأن شبابها ضائع منحل غارق في الشهوات، لا يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأنه من بين كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجد ستة غير صالحين، لأن الشهوات التي غرقوا فيها أفسدت لياقتهم الطبية والنفسية.
    ويقول جورج بالوش في كتابه الثورة الجنسية: (إن أطنانا من القنابل الجنسية تتفجر كل يوم ويترتب عليها آثارٌ تدعو إلى القلق قد لا تجعل أطفالنا وحوشا أخلاقية فحسب بل قد تشوه مجتمعات بأسرها) [1]

    أخي المبارك:
    هل تعلم أن الإحصائيات تذكر أنه في كل ثلاث دقائق يظهر موقع جديد على الشبكة للإباحية والشر!!! ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية يغلقون كل يوم مائة موقع إباحي!!
    تأمل هذه الإحصائية جيداً ثم فكر معي ملياً:
    لماذا يسعى الأعداء لنشر الصور الإباحية، والمواقع الجنسيةº هل هو حباً في سواد عينيك؟
    أم هو بحثاً لمصلحتك؟
    دعنا نستفتى من لا يحق لنا أن نتعداه في الفتوى.
    يقول - سبحانه -: ((وَدٌّوا مَا عَنِتٌّم قَد بَدَتِ البَغضَاء مِن أَفوَاهِهِم وَمَا تُخفِي صُدُورُهُم أَكبَرُ قَد بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُم تَعقِلُونَ))(سورة آل عمران: 118).
    وقال - سبحانه -: ((وَدٌّوا لَو تَكفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء)) (سورة النساء) ويقول - تعالى -: ((وَدَّ كَثِيرٌ مِّن أَهلِ الكِتَابِ لَو يَرُدٌّونَكُم مِّن بَعدِ إِيمَانِكُم كُفَّاراً حَسَدًا مِّن عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقٌّ))(سورة البقرة: 109).
    وقد بينوا أسلوبهم في تدمير قيم الأمة وأخلاقها، فقال أحدهم: (كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع فأغرقوها في حب المادة والشهوات)[2]
    فكيف يليق بشاب مثلك..قد أعطاه الله - تعالى -عقلا وإيمانا..وذكاء وإسلاما.. أن ينقاد لهم كما تقاد الشاة لذابحها.. كيف يليق بك أن تسلم رقبتك إلى من يريد القضاء عليك؟ كيف يليق بك أن تكون أداة تتحكم بها الأعداء.. ويتصرف بها الأشقياء!! إنهم يقولون (ليس هناك طريقة لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة المسلمة سافرة متبرجة)[3]
    لأنهم علموا أنك لن تملك نفسك تجاه تلك المناظر التي تراها.. فيا ترى هل تُخيِّب ظنهم؟ وهل تثير هذه الكلمات الغيرة والحمية في نفسك؟ فتجعلك تحجب بصرك عن النظر إلى الحرام؟!!

    أخي العزيز:
    إن من القضايا التي يفعلها كثير من أصدقاء الإنترنت قضاء الوقت في المحادثات الكلامية، والمهاترات الفوضوية، والتي لا يجني منها المسلم شيئا.. تذهب الساعات تلو الساعات في كلام لا داعي له، وفي قضايا فارغة، الحق ليس مطلبا يسعى إليه بقدر ما هو الانتصار للنفس أو مضيعة الوقت!!
    وهنا محاذير كثيرة:
    أولها: إضاعة الوقت وأنت مسئول عن هذه الساعات التي تقضيها بلا فائدة يقول النبي –صلى الله عليه وسلم- : ((لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبدٍ, يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسأَلَ عَن عُمُرِهِ فِيمَا أَفنَاهُ وَعَن عِلمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَن مَالِهِ مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ وَعَن جِسمِهِ فِيمَ أَبلَاهُ)) [4].
    وثانيها: هذا الكلام التي تكلمت به، وتلك العبارات التي كتبتها، ستسأل عنها يوم القيامة، فقد تشتمل على كذب أو غيبة أو بهتان.
    يقول الله - تعالى -: ((مَا يَلفِظُ مِن قَولٍ, إِلَّا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)).
    ويقول - سبحانه -: ((سَنَكتُبُ مَا قَالُوا)).
    وقد بيَّن النبي – صلى الله عليه وسلم- خطورة الكلام وأثره على الإنسان فروى الترمذي عَن مُعَاذِ بنِ جَبَلٍ, قَالَ: ((كُنتُ مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ, فَأَصبَحتُ يَومًا قَرِيبًا مِنهُ وَنَحنُ نَسِيرُ فَقُلتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَخبِرنِي بِعَمَلٍ, يُدخِلُنِي الجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي عَن النَّارِ؟ قَالَ: " لَقَد سَأَلتَنِي عَن عَظِيمٍ, وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَن يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيهِ، تَعبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشرِك بِهِ شَيئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجٌّ البَيتَ، ثُمَّ قَالَ: أَلَا أَدُلٌّكَ عَلَى أَبوَابِ الخَيرِ: الصَّومُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطفِئُ المَاءُ النَّارَ وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِن جَوفِ اللَّيلِ، قَالَ: ثُمَّ تَلَا ((تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَن المَضَاجِعِ)) حَتَّى بَلَغَ (يَعمَلُونَ) ثُمَّ قَالَ: " أَلَا أُخبِرُكَ بِرَأسِ الأَمرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِروَةِ سَنَامِهِ؟ قُلتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "رَأسُ الأَمرِ الإِسلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ وَذِروَةُ سَنَامِهِ الجِهَادُ" ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟ قُلتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ! فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ: "كُفَّ عَلَيكَ هَذَا" فَقُلتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ: وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ: "ثَكِلَتكَ أُمٌّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَل يَكُبٌّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِم أَو عَلَى مَنَاخِرِهِم إِلَّا حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِم))[5]
    وقد ضمن النبي – صلى الله عليه وسلم - لمن يحفظ ما بين لحيه - وهو اللسان - وفخذه - وهو الفرج - الجنة، فقال – صلى الله عليه وسلم - : ((مَن يَضمَن لِي مَا بَينَ لَحيَيهِ - أي لسانه - وَمَا بَينَ رِجلَيهِ -أي فرجه- أَضمَن لَهُ الجَنَّةَ)) رواه البخاري[6].
    ولذا أرشد النبي – صلى الله عليه وسلم - أمته في قضية اللسان ووضع حداً فاصلا فيه فقال – صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَليَقُل خَيرًا أَو لِيَصمُت)) [7].
    فأنت أخي الشاب بين أمرين:
    إما أن تقول خيرا لتغنم وإما أن تكف عن شر لتسلم.
    ثالثها: ضياع الطاقات، وبعثرة الجهود، و إشغال أفراد الأمة فيما لا ينفع في وقت هي بأمس الحاجة إلى كل لحظة ودقيقة لبناء مقوماتها، وترتيب أوراقها، وتغيير واقعها، فلا مجال للعبث في حياتنا والأعداء منشغلون لإعداد العدة للمواجهة القادمة؟!!

    أخي المبارك:
    إن الإنترنت وسيلة فاعلة لخدمة الدين، ودعوة الناس إلى رب العالمين، وإنقاذ البشرية المعذبة من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ونقلهم من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فكم هم الناس الذين دخلوا دين الله - تعالى -من خلالها!! وكم هم الذين أعلنوا إسلامهم من خلال هذه الشبكة العنكبوت، في سجون أمريكا يدخل شهريا في الإسلام أكثر من ستين شخصاً في الإسلام عبر الإنترنت!! من خلال موقع أعده مجموعة مباركة من الشباب من أمثالك، فنفع الله بهم وبجهودهم، وكل هؤلاء الذين أسلموا أجرهم وأجر أعمالهم لهذه المجموعة المباركة من غير أن ينقص من أجور العاملين شيئا كما أخبر بذلك نبيك محمد – صلى الله عليه وسلم - ، فلماذا تحرم نفسك شرف الدعوة إلى الله - تعالى- ؟!!
    أما علمت - يا رعاك الله - أن عدد المشتركين في هذه الشبكة في آخر الإحصائيات (211) مليون شخص!!
    فكم من الجهود الضخمة نحتاجها لدعوة هؤلاء إلى ديننا؟!!
    فإذا كان أحد المواقع الإسلامية [8] يصله شهريا من الأسئلة والاستفسارات أكثر من ستين ألف رسالة، فكيف بغيره من المواقع؟ وكم من الطاقات نحتاجها؟ وكم من الجهود نريدها؟ فهل يليق بعد هذا أن نشغل أنفسنا بأمور تافهة ساقطة؟ وهل يليق بمن شرفه الله بحمل أعظم رسالة أن يتخلى عنها؟!!
    ألا تحب أن تكون واحدا من المجاهدين في سبيل الله - تعالى - ؟
    إذن لماذا لا تعلن الحرب على المواقع المعادية للإسلام؟!
    ولماذا لا تحاول القضاء على المواقع الفاسدة التي تنشر الإباحية والتفسخ والانحلال، من خلال إبلاغ مدينة الملك عبد العزيز أو من خلال أفكارك ونشاطاتك الخاصة.
    إنها مسئوليتك أخي الشاب قبل كل أحد لأن الله - تعالى - فضلك على غيرك بمعرفة هذه الوسيلة، فالحجة قائمة عليك في تبليغ دين الله - تعالى - ونشره بين الناس، والدفاع عنه، والقضاء على أعدائه، فلا تتوان أخي الشاب في العمل لدينك، والتضحية من أجله، فإنه لا خيار لنا في هذا الزمن الذي تكالبت فيه الأعداء للقضاء علينا إلا أن نرجع إلى ديننا، وأن نعيش لديننا، وأن نحيى من أجل العمل لديننا.
    ولكن أحذر.. أحذر.. كل الحذر: من أن تدخل هذه الشبكة قبل أن تتحصن بما يعصمك الله به من العلم الشرعي، الذي تمييز به بين الحلال والحرام، والضار والنافع، ولو كانت المضرة قليلة فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
    ثم اعلم - يا رعاك الله - أنك قد تباشر أمر الدعوة إلى الله - تعالى - ولكن بدون علم، فتفسد أكثر مما تصلح، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، قال - تعالى -: ((قُل هَذِهِ سَبِيلِي أَدعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ, أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي))(سورة يوسف: 108).
    ومن نزل ساحة القتال وليس معه سلاح قتله العدو المسلح، وسلاح الدعوة إلى الله - تعالى - العلم بدين الله، وقتلهم هنا ليس بسلاح ناري أو محدد، وإنما بسلاح الغزو الفكري المنحرف، حيث يشككون الإنسان في مسلمات دينه حتى يصل الأمر به أن يفكر في التنازل عنها والتخلي منها ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    والأعداء كثر ففي مجال التنصير يقول الباحث الاجتماعي كريستوف فولف إن (الكنائس والفرق الدينية اكتشفت في الإنترنت وسيلة لنشر رسائلها).
    وفي مجال المذاهب الهدامة كالأحمدية والقاديانية والرافضة وغيرهم كثير.

    وأخيراً.
    أختم كلامي بقوله (مرماديوك باكتول) يقول: إن المسلمين يمكنهم أن ينشروا حضارتهم في العالم الآن بنفس السرعة التي نشروها سابقا، بشرط أن يرجعوا إلى الأخلاق التي كانوا عليها حين قاموا بدورهم الأول لأن هذا العالم الخاوي لا يستطيع الصمود أمام روح حضارتهم)[9].
    وأصدق منه قول الإمام مالك - رحمه الله - حينما قال: لن يصلح حال آخر الأمة إلا بما أصلح به أولها.
    أخي الحبيب تذكر أنك موقوف بين الله - تعالى -و محاسب على النقير والقطمير، وأن الحياة قصيرة وإن طالت فأعد لهذا الموقف عدته، ولا تغرنك الحياة الدنيا ولا يغرنك بالله الغرور.
    أسأل الله - تعالى - أن ينفع بك الإسلام وأن يجعلك من حماة الدين وأنصاره وأن يجعلك مباركا أينما كنت واستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
    [1] العفة ومنهج الاستعفاف ص 17-18.
    [2] أساليب في تغريب المرأة المسلمة ص 8.
    [3] رسالة إلى فتاة الإسلام ص 29. عبد الغني شحاته فتح الله
    [4] رواه الترمذي (2417) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
    [5] رواه الترمذي (2616) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
    [6] رواه البخاري ورقمه (6474).
    [7] رواه البخاري ورقمه (6018) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
    [8] موقع الشيخ الفاضل: محمد بن صالح المنجد ـ - حفظه الله - تعالى -.
    [9] مطوية:عاجل جدا إلى مستخدم الإنترنت ص 5.



    تعليق


    • #3

      عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      جزاكم الله خيرا أختنا
      أحسنت النقل بارك الله فيكم


      اللهم بارك لى فى اولادى وارزقنى برهم وأحسن لنا الختام وارزقنا الفردوس الأعلى

      تعليق

      يعمل...
      X