إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصدقة المتعثرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصدقة المتعثرة


    نتيجة بحث الصور عن بسم الله

    حينما يقلب المسلم سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينقضي عجبه من جوانب العظمة والكمال في شخصيته العظيمة صلوات ربي وسلامه عليه.
    ومن جوانب تلك العظمة: ذلك التوازن والتكامل في أحواله كلها،

    واستعماله لكل وسائل تأليف القلوب وفي جميع الظروف.
    ومن أكبر تلك الوسائل التي استعملها -صلى الله عليه وسلم- في دعوته، هي تلكم الحركة التي لا تكلِّف شيئاً، ولا تستغرق أكثر من لمحة بصر، تنطلق من الشفتين؛ لتصل إلى القلوب، عبر بوابة العين، فلا تَسَل عن أثرها في سلب العقول، وذهاب الأحزان، وتصفية النفوس، وكسر الحواجز مع بني الإنسان!
    تلكم هي الصدقة التي كانت تجري على شفتيه الطاهرتين:
    إنها الابتسامة!

    الابتسامة التي أثبتها القرآن الكريم عن نبي من أنبيائه، وهو سليمان –عليه السلام- حينما قالت النملة ما قالت!
    إنها الابتسامة التي لم تكن تفارق محيا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- في جميع أحواله، فلقد كان يتبسم حينما يلاقي أصحابَه، ويبتسم في مقام القضاء ، بل حينما يجد من البعض جفوةً وغلظة! بل ويبتسم -صلى الله عليه وسلم- حتى في مقام القضاء!
    فهذا جرير-رضي الله عنه- يقول -كما في الصحيحين-: ما حَجَبني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- منذُ أسملتُ، ولا رآني إلا تَبَسَّم في وجهي.([1])
    ويأتي إليه الأعرابي بكل جفاء وغلظة، ويجذبه جذبة أثرت في صفحة عنقه، ويقول : يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِى مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِى عِنْدَكَ !
    فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.([2])
    ومع شدة عتابه -صلى الله عليه وسلم- للذين تخلفوا عن غزوة تبوك؛ لم تغب هذه الابتسامة عنه وهو يسمع منهم، يقول كعب -رضي الله عنه- بعد أن ذكر اعتذار المنافقين وحلفهم الكاذب: فَجِئْتُهُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ ((تَعَالَ)) فَجِئْتُ أَمْشِى حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ...([3])
    ويسمع أصحابَه يتحدثون في أمور الجاهلية -وهم في المسجد- فيمر بهم ويبتسم!
    بل لم تنطفئ هذه الابتسامة عن محياه الشريف وثغره الطاهر حتى في آخر لحظات حياته، وهو يودع الدنيا -صلى الله عليه وسلم- يقول أنس -كما في الصحيحين-: بينما الْمُسْلِمُونَ في صَلاَةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّى لَهُمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِى صُفُوفِ الصَّلاَةِ ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ!([4])
    ولهذا لم يكن عجيباً أن يملك قلوبَ أصحابه، وزوجاته، ومن لقيه من الناس!
    لقد شقّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- طريقَه إلى القلوب بالابتسامة، فأذاب جليدَها، وبثّ الأمل فيها، وأزال الوحشة منها، بل سنّ لأمته وشرع لها هذا الخلق الجميل، وجعله من ميادين التنافس في الخير، فقال:((وتبسمك في وجه أخيك صدقة)).([5])
    ومع وضوح هذا الهدي النبوي ونصاعته؛ إلا أنك ترى بعضَ الناس يجلب إلى نفسه وإلى أهل بيته ومَن حوله الشقاءَ بحبس هذه الابتسامة في فمه ونفسه.
    إنك تشعر أن بعض الناس -من شدة عبوسه وتقطيبه- وكأنه يظن أن أسنانه عورةٌ من قلة ما يتبسم!
    فأين هؤلاء عن هذا الهدي النبوي العظيم؟!
    نعم .. قد تمر بالإنسان ساعات يحزن فيها، أو يكون مشغول البال، أو تمر به ظروف خاصة تجعله مهتماً، لكن أن يكون الغالب على حياة الإنسان التكشير، والانقباض، وحبس هذه الصدقة العظيمة؛ فهذا -والله- من الشقاء المعجّل لصاحبه -عياذاً بالله-.

    كم نحتاج إلى إشاعة هذا الهدي النبوي الشريف، والتعبد لله به: في ذواتنا، وبيوتنا، مع أزواجنا، وأولادنا، وزملائنا في العمل، فلن نخسر شيئاً، بل إننا سنخسر خيراً كثيراً -دينياً ودنيوياً- حينما نحبس هذه الصدقة عن الخروج إلى واقعنا المليء بضغوط الحياة.

    ([1]) البخاري ح(3035)، مسلم ح(2475).

    ([2]) البخاري ح(3149)، مسلم ح(1057).

    ([3]) البخاري ح(4418)، مسلم ح(2769).

    ([4]) البخاري ح(754).

    ([5]) صحيح ابن حبان ح(474)، سنن الترمذي ح(1956)

    الموقع الرسمى لد. عمر بن عبد الله المقبل

    نتيجة بحث الصور عن الابتسامه

  • #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    جزاك الله خير الجزاء أختنا الكريمه
    موضوع قيم أحسنتِ
    أحسن الله إليك.


    اللهم بارك لى فى اولادى وارزقنى برهم وأحسن لنا الختام وارزقنا الفردوس الأعلى

    تعليق

    يعمل...
    X