غريب بين أهله
كثيرون يشتكون الغُربة بين أهليهم !
كيف ؟
نُحيط أنفسنا بهالة من الوهم – ربما – ثم لا نخرج منها !
أو ينفرد الصالح بصلاحه
أو يتقوقع داخل دائرة ضيقة محدودة
فلا يرى في الصفحة البيضاء إلا الأسطر السوداء !
بل ربما رأى أسطر الصفحة البيضاء كأنها قضبان سجن !
إن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم ( يوسف الصّدّيق عليه الصلاة والسلام ) أُلقي في الجبّ وهو صغير فلم ييأس ، وبيع بيع العبيد بثمن بَخْس فلم ييأس ، وسُجن بعد أن استبانت براءته فلم ييأس ، ودخل معه السجن فَتَيَان فاغتنم الفرصة ليدعو إلى الله وتوحيده سبحانه وتعالى !
إنها دعوة إلى الله أولاً ، ودفع لغربته ثانياً ، وذلك بأن يُكثر حوله الأتباع على دينه .
ثم سجن سنين عددا مع عِلم ويقين من سجنوه أنه برئ
وطُلِب منه تعبير رؤيا فلم يتأخر ، بل أمحض لهم النصح ، فأحسن إليهم رغم إساءتهم إليه .
وطُلب منه الخروج من السجن فتأخّر ! حتى تُعلن براءته للجميع .
ولما مثُل بين يدي عزيز مصر تطلّعت نفسه إلى الإصلاح فقال : ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ )
فكان من شأنه ما كان حتى تحققت رؤياه بعد زمن طويل
( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )
هكذا عاش يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام غريبا لكنه حاول دفع الغربة بكل ما أمكنه من وسيلة
وإذا العناية لاحظتك عيونها *** نَـمْ فالحوادث كلّهن أمان
إن باستطاعتنا أن نُزيل عوامل الغربة التي نعيشها و على الأقل أن نصعفها
ولكن .. كيف ؟
عندما يهدي الله شابا أو فتاة في بيت يعجّ بالمنكرات ، بل ربما في بيت يفشو فيه الشرك والكفر ، فيجد نفسه ضعيفا غريبا في وسط يُعارِضه في كل قول وفعل !
فيبقى يشكو وَضْعه
ويندب حظَّـه
ويعيش مع رؤوس أموال المفاليس ( الأماني ) !
لكنه لم يتحرّك خطوة واحدة ليزيل عنه الغربة ، وليكشف عنه الكُربة
لا يجتهد في دعوة أو في دعاء
ربما كان له حـظّ من قيام
أوْ له نصيب من صيام
وله دعوات صالحات
وبينه وبين مولاه أسرار
ولكنه أغفل اسغلال هذه الفُرص
وعجز عن استعمال هذا السلاح
أمَـا إنه لو اجتهد على والد أو والدة ، أو أخ أو أخت ، ورأى أقربهم إليه ، وأكثرهم تعاطفا معه ، وأحبهم إلى قلبه ، فجعله غَرَضاً لدعوته ، وهدفاً لإصلاحه ، فبدأ به عبر رحلة الألف ميل ، يدعوه ويدعو له .
إن قام في ليل دعا له ، وإن صادف ساعة إجابة أشركه في دعائه
وإن صام وحضر إفطاره لجّ في الدعاء ، وألحّ على الله
فما هي إلا دعوات صادقة ، وجهود مُبارَكة ، فإذا بذلك المدعو يسير في رِكابه ، ويشدّ من أزْرِه ، فيتّخذه عونا له – بعد الله – على هداية بقية الأسرة .
وإذا به قد كسب الرِّهان ، وكسر حاجز الغُربة
ووجد من يُناصرِه ويعضد قوله
وما هي إلا سنوات وبتوفيق الله تكون الأُسرة قد سَلَكَت طريق الهداية ، وربما أصبح اللائم بالأمس على الهدى والاستقامة يلوم على التقصير وضعف الاستجابة !
والمشكلة تكمن أحيانا في اليأس
وأنه لا سبيل لإصلاح من يعيش بينهم
وأنه لا يُمكن أن يهتدوا
وأن قلوبهم تشرّبت حُبّ المعصية كما تشرّبت قلوب بني إسرائيل حُبّ العجل !
ليس أحد أشد من عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قيل عنه : لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب !
قيل ذلك مُبالغة في اليأس منه ومن إسلامه !
ولكنه ما لبث أن أسلم فقيل عنه :
كان إسلامه فتحا على المسلمين ، وفرجا لهم من الضيق .
وقال عبد الله بن مسعود : وما عبدنا الله جهرة حتى أسلم عمر !
ولقد حرص الصّدّيق رضي الله عنه منذ أول وهلة دخل فيها الإسلام على كسر حاجز الغُربة فاجتهد في دعوة الأقربين ، وحرص على صنائع المعروف حتى أعتق الأعبد ، فقد أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .
فمن أراد إزالة الغربة فليبدأ بأقرب أهله إليه
وليحرص على صنائع المعروف
وليُحسن إلى أهله حتى يُرى أن صلاحه ما زاده إلا بِـرّاً وإحسانا .
والله الهادي إلى سواء السبيل
بتصرف
كيف ؟
نُحيط أنفسنا بهالة من الوهم – ربما – ثم لا نخرج منها !
أو ينفرد الصالح بصلاحه
أو يتقوقع داخل دائرة ضيقة محدودة
فلا يرى في الصفحة البيضاء إلا الأسطر السوداء !
بل ربما رأى أسطر الصفحة البيضاء كأنها قضبان سجن !
إن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم ( يوسف الصّدّيق عليه الصلاة والسلام ) أُلقي في الجبّ وهو صغير فلم ييأس ، وبيع بيع العبيد بثمن بَخْس فلم ييأس ، وسُجن بعد أن استبانت براءته فلم ييأس ، ودخل معه السجن فَتَيَان فاغتنم الفرصة ليدعو إلى الله وتوحيده سبحانه وتعالى !
إنها دعوة إلى الله أولاً ، ودفع لغربته ثانياً ، وذلك بأن يُكثر حوله الأتباع على دينه .
ثم سجن سنين عددا مع عِلم ويقين من سجنوه أنه برئ
وطُلِب منه تعبير رؤيا فلم يتأخر ، بل أمحض لهم النصح ، فأحسن إليهم رغم إساءتهم إليه .
وطُلب منه الخروج من السجن فتأخّر ! حتى تُعلن براءته للجميع .
ولما مثُل بين يدي عزيز مصر تطلّعت نفسه إلى الإصلاح فقال : ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ )
فكان من شأنه ما كان حتى تحققت رؤياه بعد زمن طويل
( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ )
هكذا عاش يوسف الصديق عليه الصلاة والسلام غريبا لكنه حاول دفع الغربة بكل ما أمكنه من وسيلة
وإذا العناية لاحظتك عيونها *** نَـمْ فالحوادث كلّهن أمان
إن باستطاعتنا أن نُزيل عوامل الغربة التي نعيشها و على الأقل أن نصعفها
ولكن .. كيف ؟
عندما يهدي الله شابا أو فتاة في بيت يعجّ بالمنكرات ، بل ربما في بيت يفشو فيه الشرك والكفر ، فيجد نفسه ضعيفا غريبا في وسط يُعارِضه في كل قول وفعل !
فيبقى يشكو وَضْعه
ويندب حظَّـه
ويعيش مع رؤوس أموال المفاليس ( الأماني ) !
لكنه لم يتحرّك خطوة واحدة ليزيل عنه الغربة ، وليكشف عنه الكُربة
لا يجتهد في دعوة أو في دعاء
ربما كان له حـظّ من قيام
أوْ له نصيب من صيام
وله دعوات صالحات
وبينه وبين مولاه أسرار
ولكنه أغفل اسغلال هذه الفُرص
وعجز عن استعمال هذا السلاح
أمَـا إنه لو اجتهد على والد أو والدة ، أو أخ أو أخت ، ورأى أقربهم إليه ، وأكثرهم تعاطفا معه ، وأحبهم إلى قلبه ، فجعله غَرَضاً لدعوته ، وهدفاً لإصلاحه ، فبدأ به عبر رحلة الألف ميل ، يدعوه ويدعو له .
إن قام في ليل دعا له ، وإن صادف ساعة إجابة أشركه في دعائه
وإن صام وحضر إفطاره لجّ في الدعاء ، وألحّ على الله
فما هي إلا دعوات صادقة ، وجهود مُبارَكة ، فإذا بذلك المدعو يسير في رِكابه ، ويشدّ من أزْرِه ، فيتّخذه عونا له – بعد الله – على هداية بقية الأسرة .
وإذا به قد كسب الرِّهان ، وكسر حاجز الغُربة
ووجد من يُناصرِه ويعضد قوله
وما هي إلا سنوات وبتوفيق الله تكون الأُسرة قد سَلَكَت طريق الهداية ، وربما أصبح اللائم بالأمس على الهدى والاستقامة يلوم على التقصير وضعف الاستجابة !
والمشكلة تكمن أحيانا في اليأس
وأنه لا سبيل لإصلاح من يعيش بينهم
وأنه لا يُمكن أن يهتدوا
وأن قلوبهم تشرّبت حُبّ المعصية كما تشرّبت قلوب بني إسرائيل حُبّ العجل !
ليس أحد أشد من عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قيل عنه : لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب !
قيل ذلك مُبالغة في اليأس منه ومن إسلامه !
ولكنه ما لبث أن أسلم فقيل عنه :
كان إسلامه فتحا على المسلمين ، وفرجا لهم من الضيق .
وقال عبد الله بن مسعود : وما عبدنا الله جهرة حتى أسلم عمر !
ولقد حرص الصّدّيق رضي الله عنه منذ أول وهلة دخل فيها الإسلام على كسر حاجز الغُربة فاجتهد في دعوة الأقربين ، وحرص على صنائع المعروف حتى أعتق الأعبد ، فقد أعتق سبعة كلهم يُعذّب في الله ، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس .
فمن أراد إزالة الغربة فليبدأ بأقرب أهله إليه
وليحرص على صنائع المعروف
وليُحسن إلى أهله حتى يُرى أن صلاحه ما زاده إلا بِـرّاً وإحسانا .
والله الهادي إلى سواء السبيل
بتصرف
***************************
إذا كنت لا تقرأ إلا ما يُعجبك فقط، فإنك إذاً لن تتعلم أبداً!
تعليق