عورة المرأة أمام النساء المسلمات :
قال تعالي (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ).
قال ابن كثير رحمه الله ( و قوله " أََوْ نِسَائِهِنَّ " يعني : تظهر بزينتها أيضًا للنساء المسلمات ...)[1]
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( لا ينظر الرجل إلي عورة الرجل ، و لا المرأة إلي عورة المرأة )[2].
و حكم المرأة مع المرأة حكم الرجل مع الرجل[3].
فلا يجوز أن تطلع المرأة علي ما بين السرة و الركبة من امرأة أخري كما يفعله كثير من المسلمات [4].
و لا يجوز أن تصف المرأة أختها المسلمة للرجال :
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( لا تباشر المرأة المرأة حتي تصفها لزوجها كأنما ينظر إليها )[5].
عورة المرأة أمام النساء الكافرات :
قال بعض العلماء : لا يجوز ذلك ، لئلا يصفنها لأزواجهن ، و قوله تعالي " أََوْ نِسَائِهِنَّ " المراد به المسلمات.
و قال آخرون : يجوز ذلك ، لأن اليهوديات كن يدخلن علي نساء النبي صلي الله عليه و سلم فلم يكن يحتجبن و لا أُمِرْنَ بالحجاب ، و قوله تعالي " أََوْ نِسَائِهِنَّ " يحتمل أن يراد به النساء جميعًا ، فلا دليل علي وجوب احتجاب المسلمة أمام الكافرات.
لكن إن حصلت الريبة من إحدي النساء الكتابيات و علم أنها تصف المرأة لزوجها أو نحوه ، فإنه يمنع إبداء الزينة لها و الله أعلم[6] .
عورة المرأة أمام الرجال المحارم :
الراجح في ذلك ما قاله ابن قدامة رحمه الله في " المغني " :
( يجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلي ما يظهر غالبًا ، كالرقبة و الرأس و الكفين و القدمين و نحو ذلك ، و ليس له النظر إلي ما يستر غالبًا ، كالصدر و الظهر و نحوهما ) .
ثم قال ( الصحيح أنه يباح النظر إلي ما يظهر غالبًا لقول الله تعالي " وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ "[7] الآية )[8].
و يباح نظر الرجال المحارم إلي المرأة بالصفة السابقة شرط ألا يكون علي وجه الالتذاذ أو الاستمتاع أو الشهوة ، فإن حصل ذلك فلا خلاف في منعه .[9]
و ينبغي للمرأة ألا تُظهر زينتها لمحرمها الذي تحصل من جهته الريبة أو الشبهة[10].
محارم المرأة المسلمة[11] :
1- الزوج.
2- الآباء و كذا الأجداد ، سواء كانوا من جهة الأب أو الأم.
3- آباء الأزواج.
4- أبناؤهن و أبناء أزواجهن ، و يدخل فيه أولاد الأولاد و إن نزلوا .
5- الأخوة مطلقًا ، سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم ، و إن نزلوا.
6- أبناء الإخوة و الأخوات لأنهم في حكم الإخوة .
7- الأعمام و الأخوال ، و جمهور العلماء علي أنهم من المحارم.
8- المحارم من الرضاع ، و قد أجمع العلماء علي أنهم كسائر المحارم.
عورة المرأة أمام زوجها :
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك )[12].
فمباح لكل من الزوجين النظر إلي جميع بدن صاحبه [13] ، فتلبس المرأة ما شاءت لزوجها و تخلع ما شاءت[14].
عورة المرأة أمام الرجال غير المحارم :
هذه خلاصة الأمر بما فيه من خلاف سائغ[15] :
1- أجمع العلماء علي وجوب ستر المرأة الحرة لكل ما عدا الوجه و الكفين من بدنها.
2- في الوجه و الكفين خلاف سائغ بين العلماء قديمًا و حديثًا.
3- الذين يقولون بعدم وجوب ستر الوجه يرون بأنه الأفضل و الأولي لا سيما في زمن الفتنة .
و يحرم علي الرجل الخلوة بالمرأة الأجنبية :
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم )[16].
و يحرم عليه مصافحة المرأة الأجنبية أو أن يمس شيءٌ من بدنه شيئَا من بدنها :
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم " إني لا أصافح النساء " و قد قال تعالي " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً "[17] . [18]
قاعدة : نظر الرجل إلي المرأة يباح للمصلحة الراجحة :
الدليل : قول علي رضي الله عنه للمرأة التي كان معها صحيفة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه ( لتخرجن الكتاب أو لأجردنك ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - في الفتح " في الحديث أنه يجوز النظر إلي عورة المرأة للضرورة التي لا يجد بدًّا من النظر إليها "[19].
و من المواطن التي يباح فيها النظر إلي المرأة – و التي تهمنا في هذا الموضع :
النظر للعلاج :
الدليل : عن الربيع بنت معوِّذ قالت ( كنا نغزو مع النبي صلي الله عليه و سلم فنسقي القوم و نخدمهم و نرد القتلي و الجرحي إلي المدينة )[20] ، فلما جاز للمرأة الأجنبية أن تعالج الرجل عند الضرورة جاز العكس.
الضوابط لنظر الطبيب إلي المرأة المريضة[21] :
1- تُقدَّم الطبيبة في معالجة المرأة علي الطبيب ، خاصة إذا كان الكشف في مواطن العورة المغلظة ، فإن لم توجد طبيبة أو لم يمكن الوصول إليها فحينئذٍ تكون الضرورة .
2- أن يكون الطبيب أمينًا غير متهمٍ في خلقه و دينه.
3- لا يخلو الطبيب بالمرأة إلا في وجود محرم أو امرأة ثقة.
4- عليه عند الكشف علي المرأة أن يستر ما لا يحتاج إلي النظر إليه من جسمها ، و يكتفي فقط بالنظر إلي موضع العلاج ، فلا يتجاوز الحد الكافي لدفع الضرورة.
5- أن تكون الحاجة للعلاج ماسة كوجع أو مرض لا يحتمل أو هزال يخشي منه ، أما إن لم يكن مرضٌ أو ضرورةٌ فلا تجوز قطعًا ، كالتي تتعاين عند الطبيب لتحسين صحتها أو تخفيف وزنها أو تجميل جسمها فإن هذا ليس بموضع حاجة.
و تحرم الخلوة بين الطبيب و المرأة الأجنبية كما سبق :
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ( و علي كل حال فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة شرعًا و لو للطبيب الذي يعالجها لحديث " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " فلابد من حضور أحد معها سواءً كان زوجها أو أحد محارمها الرجال ، فإن لم يتهيأ فلو من أقاربها النساء ، فإن لم يوجد أحد ممن ذُكِر و كان المرض خطرًا لا يمكن تأخيره فلا أقل من حضور الممرضة و نحوها تفاديًا من الخلوة المنهي عنها )[22].
قال الإمام النووي رحمه الله ( و أما إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء ، و كذا لو كان معهما من لا يستحيي منه لصغره لا تزول به الخلوة المحرمة )[23].
و يجوز تكليم النساء للرجال – بضوابطه الشرعية – إذا أمنت الفتنة ، و محل هذا التكليم الضرورة و الحاجة :
دليل الجواز (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )[24].
الضوابط : لا يكون فيه خضوع بالقول أو لين أو تميع ، قال تعالي ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا )[25]ً.
و أختم هذا الموضوع بهذا السؤال و جوابه :
( سـ2/ ما حكم تطبيب الرجال للنساء أو العكس مع بيان الدليل والتعليل ؟
جـ/ أقول:- الأصل في ذلك المنع, ولاسيما إذا كان معه خلوة والأصل أيضاً أن الرجال لا يطببهم إلا الرجال, والنساء لا يطببهن إلا النساء, والدليل على ذلك قوله تعالى } وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم و قلوبهن { ......... وقال عليه الصلاة والسلام (( المرأة عورة )) وقال الله تعالى } قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم { وقال } وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن { فهذه الأدلة تفيد إفادة قطعية أن الشريعة حرصت الحرص الكامل على أن يتباعد الرجال عن النساء والعكس, ويستفاد منها أن الرجال لا يطببهم إلا الرجال وأن النساء لا يطببهن إلا النساء, ولا يجوز أن تجعل هذه المسألة من مسائل الحوار و الأخذ و الرد لأنها قضية قد فصلتها الأدلة وقال أهل العلم الراسخون فيها كلمتهم، فالواجب على وزارة الصحة أن تحرص الحرص الكامل على تأمين الأقسام الخاصة بالنساء ولا يكون فيها إلا الطبيبات من النساء وفيها جميع التخصصات, وأن تكون أقسام تمريض الرجال على حدة وليس فيها إلا الأطباء من الرجال فقط, وهم قادرون على ذلك إن شاء الله تعالى, وسوف يسألهم الله تعالى يوم القيامة عن ذلك لأنهم مسؤولون عن رعيتهم من المرضى, وأسأله جل وعلا باسمه الأعظم أن يوفق القائمين عليها لكل خير وأن يعينهم على تحقيق ذلك وأن يكفيهم شر دعاة التغريب والفتنة, لكن إذا حلت الضرورة ولم تجد المرأة بعد البحث وبذل المستطاع إلا رجلاً, ولم يجد الرجل بعد البحث وبذل المستطاع إلا امرأة فإن الأمر حينئذٍ يكون ضرورة وقد تقرر لنا أنه لا محرم مع الضرورة ولكن لابد أن تقدر هذه الضرورة بقدرها لأنه قد تقرر عند الفقهاء أن الضرورات تبيح المحظورات وتقرر أيضاً أن الضرورات تقدر بقدرها فيباح من ذلك ما تدعو إليه الضرورة فقط, كما قال تعالى } وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه { ولكن ينبغي للمريض والمريضة الذين اضطروا لذلك أن يكونوا كارهين لذلك الأمر من داخلهم وأنه لولا هذه الضرورة الملحة لما فعلوا ذلك والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون وهو أعلى وأعلم .)[26]
[1] تفسير القرآن العظيم ( سورة النور : 31 ).
[2] رواه مسلم .
[3] المغني ( 9\ 505).
[4] فقه السنة للنساء ( 333).
[5] قال البغوي رحمه الله ( حديث صحيح ) " أحكام الزواج و آدابه : 11".
[6] فقه السنة للنساء ( 334).
[7] النور : 31.
[8] المغني ( 9 – 491و492).
[9] فقه السنة للنساء 331.
[10] يراجع " فقه السنة للنساء " ( 332).
[11] فقه السنة للنساء ( 329-330).
[12] حسنه الألباني ( إرواء الغليل : 6\212).
[13] " الزواج " ( 358).
[14] " فقه السنة للنساء " ( 337).
[15] " فقه السنة للنساء " (322).
[16] متفق عليه.
[17] الأحزاب : 21.
[18] للتفصيل انظر " أضواء البيان " ( 6 \ 368 ).
[19] فتح الباري ( 11\47) بواسطة " فقه السنة للنساء " ( 339).
[20] رواه البخاري.
[21] انظر " أحكام العورة و النظر " لمساعد الفالح ، بواسطة " فقه السنة للنساء " ( 340 ) بتصرف يسير.
[22] مجموع الفتاوي ( 10\ 13) بواسطة " تنبيهات علي أحكام تختص بالمؤمنات " ( 119).
[23] " تنبيهات علي أحكام تختص بالمؤمنات " (118-119).
[24] الأحزاب : 53.
[25] الأحزاب : 32.
[26] " الإفادة الشرعية في بعض المسائل الطبية - للشيخ : وليد بن راشد السعيدان" بتصرف ، و من أراد التمام فليراجع الأصل.
قال تعالي (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ ).
قال ابن كثير رحمه الله ( و قوله " أََوْ نِسَائِهِنَّ " يعني : تظهر بزينتها أيضًا للنساء المسلمات ...)[1]
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( لا ينظر الرجل إلي عورة الرجل ، و لا المرأة إلي عورة المرأة )[2].
و حكم المرأة مع المرأة حكم الرجل مع الرجل[3].
فلا يجوز أن تطلع المرأة علي ما بين السرة و الركبة من امرأة أخري كما يفعله كثير من المسلمات [4].
و لا يجوز أن تصف المرأة أختها المسلمة للرجال :
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( لا تباشر المرأة المرأة حتي تصفها لزوجها كأنما ينظر إليها )[5].
عورة المرأة أمام النساء الكافرات :
قال بعض العلماء : لا يجوز ذلك ، لئلا يصفنها لأزواجهن ، و قوله تعالي " أََوْ نِسَائِهِنَّ " المراد به المسلمات.
و قال آخرون : يجوز ذلك ، لأن اليهوديات كن يدخلن علي نساء النبي صلي الله عليه و سلم فلم يكن يحتجبن و لا أُمِرْنَ بالحجاب ، و قوله تعالي " أََوْ نِسَائِهِنَّ " يحتمل أن يراد به النساء جميعًا ، فلا دليل علي وجوب احتجاب المسلمة أمام الكافرات.
لكن إن حصلت الريبة من إحدي النساء الكتابيات و علم أنها تصف المرأة لزوجها أو نحوه ، فإنه يمنع إبداء الزينة لها و الله أعلم[6] .
عورة المرأة أمام الرجال المحارم :
الراجح في ذلك ما قاله ابن قدامة رحمه الله في " المغني " :
( يجوز للرجل أن ينظر من ذوات محارمه إلي ما يظهر غالبًا ، كالرقبة و الرأس و الكفين و القدمين و نحو ذلك ، و ليس له النظر إلي ما يستر غالبًا ، كالصدر و الظهر و نحوهما ) .
ثم قال ( الصحيح أنه يباح النظر إلي ما يظهر غالبًا لقول الله تعالي " وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ "[7] الآية )[8].
و يباح نظر الرجال المحارم إلي المرأة بالصفة السابقة شرط ألا يكون علي وجه الالتذاذ أو الاستمتاع أو الشهوة ، فإن حصل ذلك فلا خلاف في منعه .[9]
و ينبغي للمرأة ألا تُظهر زينتها لمحرمها الذي تحصل من جهته الريبة أو الشبهة[10].
محارم المرأة المسلمة[11] :
1- الزوج.
2- الآباء و كذا الأجداد ، سواء كانوا من جهة الأب أو الأم.
3- آباء الأزواج.
4- أبناؤهن و أبناء أزواجهن ، و يدخل فيه أولاد الأولاد و إن نزلوا .
5- الأخوة مطلقًا ، سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم ، و إن نزلوا.
6- أبناء الإخوة و الأخوات لأنهم في حكم الإخوة .
7- الأعمام و الأخوال ، و جمهور العلماء علي أنهم من المحارم.
8- المحارم من الرضاع ، و قد أجمع العلماء علي أنهم كسائر المحارم.
عورة المرأة أمام زوجها :
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك )[12].
فمباح لكل من الزوجين النظر إلي جميع بدن صاحبه [13] ، فتلبس المرأة ما شاءت لزوجها و تخلع ما شاءت[14].
عورة المرأة أمام الرجال غير المحارم :
هذه خلاصة الأمر بما فيه من خلاف سائغ[15] :
1- أجمع العلماء علي وجوب ستر المرأة الحرة لكل ما عدا الوجه و الكفين من بدنها.
2- في الوجه و الكفين خلاف سائغ بين العلماء قديمًا و حديثًا.
3- الذين يقولون بعدم وجوب ستر الوجه يرون بأنه الأفضل و الأولي لا سيما في زمن الفتنة .
و يحرم علي الرجل الخلوة بالمرأة الأجنبية :
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم )[16].
و يحرم عليه مصافحة المرأة الأجنبية أو أن يمس شيءٌ من بدنه شيئَا من بدنها :
قال رسول الله صلي الله عليه و سلم " إني لا أصافح النساء " و قد قال تعالي " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً "[17] . [18]
قاعدة : نظر الرجل إلي المرأة يباح للمصلحة الراجحة :
الدليل : قول علي رضي الله عنه للمرأة التي كان معها صحيفة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه ( لتخرجن الكتاب أو لأجردنك ) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - في الفتح " في الحديث أنه يجوز النظر إلي عورة المرأة للضرورة التي لا يجد بدًّا من النظر إليها "[19].
و من المواطن التي يباح فيها النظر إلي المرأة – و التي تهمنا في هذا الموضع :
النظر للعلاج :
الدليل : عن الربيع بنت معوِّذ قالت ( كنا نغزو مع النبي صلي الله عليه و سلم فنسقي القوم و نخدمهم و نرد القتلي و الجرحي إلي المدينة )[20] ، فلما جاز للمرأة الأجنبية أن تعالج الرجل عند الضرورة جاز العكس.
الضوابط لنظر الطبيب إلي المرأة المريضة[21] :
1- تُقدَّم الطبيبة في معالجة المرأة علي الطبيب ، خاصة إذا كان الكشف في مواطن العورة المغلظة ، فإن لم توجد طبيبة أو لم يمكن الوصول إليها فحينئذٍ تكون الضرورة .
2- أن يكون الطبيب أمينًا غير متهمٍ في خلقه و دينه.
3- لا يخلو الطبيب بالمرأة إلا في وجود محرم أو امرأة ثقة.
4- عليه عند الكشف علي المرأة أن يستر ما لا يحتاج إلي النظر إليه من جسمها ، و يكتفي فقط بالنظر إلي موضع العلاج ، فلا يتجاوز الحد الكافي لدفع الضرورة.
5- أن تكون الحاجة للعلاج ماسة كوجع أو مرض لا يحتمل أو هزال يخشي منه ، أما إن لم يكن مرضٌ أو ضرورةٌ فلا تجوز قطعًا ، كالتي تتعاين عند الطبيب لتحسين صحتها أو تخفيف وزنها أو تجميل جسمها فإن هذا ليس بموضع حاجة.
و تحرم الخلوة بين الطبيب و المرأة الأجنبية كما سبق :
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ( و علي كل حال فالخلوة بالمرأة الأجنبية محرمة شرعًا و لو للطبيب الذي يعالجها لحديث " ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما " فلابد من حضور أحد معها سواءً كان زوجها أو أحد محارمها الرجال ، فإن لم يتهيأ فلو من أقاربها النساء ، فإن لم يوجد أحد ممن ذُكِر و كان المرض خطرًا لا يمكن تأخيره فلا أقل من حضور الممرضة و نحوها تفاديًا من الخلوة المنهي عنها )[22].
قال الإمام النووي رحمه الله ( و أما إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء ، و كذا لو كان معهما من لا يستحيي منه لصغره لا تزول به الخلوة المحرمة )[23].
و يجوز تكليم النساء للرجال – بضوابطه الشرعية – إذا أمنت الفتنة ، و محل هذا التكليم الضرورة و الحاجة :
دليل الجواز (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ )[24].
الضوابط : لا يكون فيه خضوع بالقول أو لين أو تميع ، قال تعالي ( فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا )[25]ً.
و أختم هذا الموضوع بهذا السؤال و جوابه :
( سـ2/ ما حكم تطبيب الرجال للنساء أو العكس مع بيان الدليل والتعليل ؟
جـ/ أقول:- الأصل في ذلك المنع, ولاسيما إذا كان معه خلوة والأصل أيضاً أن الرجال لا يطببهم إلا الرجال, والنساء لا يطببهن إلا النساء, والدليل على ذلك قوله تعالى } وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم و قلوبهن { ......... وقال عليه الصلاة والسلام (( المرأة عورة )) وقال الله تعالى } قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم { وقال } وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن { فهذه الأدلة تفيد إفادة قطعية أن الشريعة حرصت الحرص الكامل على أن يتباعد الرجال عن النساء والعكس, ويستفاد منها أن الرجال لا يطببهم إلا الرجال وأن النساء لا يطببهن إلا النساء, ولا يجوز أن تجعل هذه المسألة من مسائل الحوار و الأخذ و الرد لأنها قضية قد فصلتها الأدلة وقال أهل العلم الراسخون فيها كلمتهم، فالواجب على وزارة الصحة أن تحرص الحرص الكامل على تأمين الأقسام الخاصة بالنساء ولا يكون فيها إلا الطبيبات من النساء وفيها جميع التخصصات, وأن تكون أقسام تمريض الرجال على حدة وليس فيها إلا الأطباء من الرجال فقط, وهم قادرون على ذلك إن شاء الله تعالى, وسوف يسألهم الله تعالى يوم القيامة عن ذلك لأنهم مسؤولون عن رعيتهم من المرضى, وأسأله جل وعلا باسمه الأعظم أن يوفق القائمين عليها لكل خير وأن يعينهم على تحقيق ذلك وأن يكفيهم شر دعاة التغريب والفتنة, لكن إذا حلت الضرورة ولم تجد المرأة بعد البحث وبذل المستطاع إلا رجلاً, ولم يجد الرجل بعد البحث وبذل المستطاع إلا امرأة فإن الأمر حينئذٍ يكون ضرورة وقد تقرر لنا أنه لا محرم مع الضرورة ولكن لابد أن تقدر هذه الضرورة بقدرها لأنه قد تقرر عند الفقهاء أن الضرورات تبيح المحظورات وتقرر أيضاً أن الضرورات تقدر بقدرها فيباح من ذلك ما تدعو إليه الضرورة فقط, كما قال تعالى } وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه { ولكن ينبغي للمريض والمريضة الذين اضطروا لذلك أن يكونوا كارهين لذلك الأمر من داخلهم وأنه لولا هذه الضرورة الملحة لما فعلوا ذلك والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون وهو أعلى وأعلم .)[26]
[1] تفسير القرآن العظيم ( سورة النور : 31 ).
[2] رواه مسلم .
[3] المغني ( 9\ 505).
[4] فقه السنة للنساء ( 333).
[5] قال البغوي رحمه الله ( حديث صحيح ) " أحكام الزواج و آدابه : 11".
[6] فقه السنة للنساء ( 334).
[7] النور : 31.
[8] المغني ( 9 – 491و492).
[9] فقه السنة للنساء 331.
[10] يراجع " فقه السنة للنساء " ( 332).
[11] فقه السنة للنساء ( 329-330).
[12] حسنه الألباني ( إرواء الغليل : 6\212).
[13] " الزواج " ( 358).
[14] " فقه السنة للنساء " ( 337).
[15] " فقه السنة للنساء " (322).
[16] متفق عليه.
[17] الأحزاب : 21.
[18] للتفصيل انظر " أضواء البيان " ( 6 \ 368 ).
[19] فتح الباري ( 11\47) بواسطة " فقه السنة للنساء " ( 339).
[20] رواه البخاري.
[21] انظر " أحكام العورة و النظر " لمساعد الفالح ، بواسطة " فقه السنة للنساء " ( 340 ) بتصرف يسير.
[22] مجموع الفتاوي ( 10\ 13) بواسطة " تنبيهات علي أحكام تختص بالمؤمنات " ( 119).
[23] " تنبيهات علي أحكام تختص بالمؤمنات " (118-119).
[24] الأحزاب : 53.
[25] الأحزاب : 32.
[26] " الإفادة الشرعية في بعض المسائل الطبية - للشيخ : وليد بن راشد السعيدان" بتصرف ، و من أراد التمام فليراجع الأصل.
تعليق