إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جواهر التقوى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جواهر التقوى


    جواهر التقوى

    {وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }البقرة281
    الحمد لله رب العالمين نستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ونشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله شهادة تنجي صاحبها يوم القيامة , بلغ الرسالة وأدى ألأمانة ونصح ألأمة وجاهد في الله حق جهاده فأوصل كلمة ألإسلام وخبر دين ألإسلام إلى العالم المعروف آنذاك , فوصلت رسالته إلى آسيا , وإلى أفريقيا عندما قال وعندما لم يستجيبوا لدعوته الكريمة العظيمة حقق الله سبحانه ذلك بسيوف المؤمنين حيث سقطت دولة الفرس ودولة الرومان إلى ألأبد ولن تقوم لهما دولة كما كانتا مصداقاً لرسالته (صلى الله عليه وسلم) إليهم حيث لم يسلموا بعد أن رفضوا ألإسلام.
    الحمد لله الذي جعل التقوى خير زاد فقال سبحانه (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ .البقرة197) والقائل سبحانه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102) وقرن سبحانه التقوى بكل عمل يقوم به المسلم في حياته من عبادات ومعاملات .
    يقول ألأعشى :
    إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى
    ولاقيت بعد الموت من قد تزود ا
    ندمت على أن لاتكون كمثله
    وأنك لم ترصد كما كان أرصدا
    أما التقوى لغة : فهي مأخوذة من الوقاية وما يحمي به ألإنسان نفسه .
    والتقوى إصطلاحاً : أن تجعل ما بينك وبين ما حرم ألله حاجباً وحاجزاً
    عرف علي بن أبي طالب( رضى الله عنه) التقوى فقال : هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والقناعة بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل.
    قال الدكتور ناصر الحق في مقالة له بعنوان
    (التقوى طريق الله في الحياة ألإنسانية) : ( التقوى هي الزاد الدائم للإنسان في الحياة وهي قمة المكارم ألأخلاقية والفضائل الحسنة ألتي يتصف بها ألإنسان , لإنه من خلالها تتشعب جميع الصفات المحمودة. فهذه الفضيلة أراد بها الله تعالى في القرآن أن تحكم علاقة ألإنسان بهذا الوجود وما فيه, وبين ألإنسان وخالقه لذلك تدور هذه الكلمة ومشتقاتها في أكثر آيات القرآن ألأخلاقية والإجتماعية والمراد بها : أن يتقي ألإنسان ما يغضب ربه , وما فيه ضرر لنفسه أو إضرار لغيره). فالتقوى هي جعل النفس في وقاية , أي أن يجدك الله في مواضع الطاعة له ويفتقدك في كل مواضع المعصية له.

    فالمتقون هم أهل الفضائل كما يصفهم بذلك أمير المومنين علي بن أبي طالب ( رضى الله عنه) يسعون لكسب مرضاة ألله وتجنب سخطه في الدنيا وألآخرة لما فيه مصلحة للإنسان والإنسانية .
    ولقد عني القرآن الكريم بالتقوى عناية كبرى , وأكثر من توجيه النفوس إليها . وكانت له في ذلك أساليب مختلفة فالقرآن أمر بالتقوى لله ( ياأيها الذين آمنوا إتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) آل عمران 102. وذلك يكون بالتوجه إلى الله وحده في العبادة , وإجتناب ما يأباه من الشرك والخروج عن شرائعه وأحكامه العادلة . ووصف القرآن الكريم التقوى : بأنها صيانة للنفس عن كل ما يضر ويؤذي وألإبتعاد عن كل ما يحول بين ألإنسان وبين الغايات النبيلة التي بها كماله في جسمه وروحه , ولهذا وصف الله المتقين بأنهم تحلوا بالفضائل الإنسانية الحقة , حيث يقول تعالى : ((لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)) البقرة177. ولا تقتصر التقوى في القرآن الكريم على هذه الصفات بل يضاف إليها الصفات التالية : فالعدل من التقوى (اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)8 المائدة. والعفو من التقوى (وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)237 البقرة . والإستقامة مع ألأعداء من التقوى (فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)7 التوبة.
    سأل عمر بن الخطاب (رضى الله عنه ) كعباً فقال له ما التقوى ؟ فقال كعب : يا أمير المؤمنين أما سلكت طريقاً فيه شوك ؟ فقال نعم. قال فما فعلت ؟ قال عمر ( رضى الله عنه ) أشمر عن ساقي وأنظر إلى مواضع قدمي وأقدم قدماً وأؤخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكة. فقال كعب : تلك هي التقوى.
    التقوى هي خير ضمانة تحفظ بها ولدك ومستقبل أبنائك من بعدك : قال تعالى
    (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدا)
    (9) النساء.

    كيف يتقي العبد الله :
    في عقلك وفهمك :
    1- ألإنقياد لشرع الله سبحانه .
    2- التسليم لقضاء الله وقدره : وذلك بأن يعتقد عند المعصية أمرين لا غنى للمسلم عنهما:
    ألأول : أنه ملك المالك فنحن مملوكون لله تعالى .
    الثاني : أن هذا المالك ( هو الله سبحانه ) حكيم في أفعاله لايصدر عنه سبحانه إلا ما هو على العلم والحكمة والخير.
    3- التأمل والنظر في بديع صنع الحق سبحانه , وقد أنكر رب العزة سبحانه على الذين يمرون بآيات الله ولا يعتبرون .

    وفي كل شئ له آية تدل على أنه واحد
    في قلبك : فلا غل ولا حسد : عن عبد الله بن عمرو؛ قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أفضل قال ((كل مخموم القلب، صدوق اللسان)). قالوا: صدوق -لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد)). في الزوائد: هذا إسناده صحيح. رجاله ثقات.(البخاري كتاب الزهد)
    في تعاملك : فلا غش ولا خداع ولا كذب :
    لقول النبي
    ( صلى الله عليه وسلم ) : ( من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار ) (رواه ابو نعيم في حلية ألأولياء عن إبن مسعود).
    . أو أن يستخدم إسم الله العظيم لترويج بضاعته , أو أن يستخدم الرشوة لتيسير أمره في أمر لايحق له.

    في مطعمك وشربك : فلا يدخل جوفك الحرام . وإذا أكل العبد الحرام فلا تقبل منه طاعة.
    في جوارحك : في لسانك : قال عقبة بن عامر : يارسول الله مالنجاة ؟ فقال أمسك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك.
    في بصرك : غض البصر عن محارم الله والإبتعاد عن كل ما يغضب الله سبحانه في ذلك.
    في رحمك : صلة الرحم واحدة من أبرز معالم التقوى حيث أنها ترضي الرب عن العبد ويقطع الله من يقطع رحمه وخاصة إذا كانوا في حاجة إليه وهو يملك مساعدتهم .
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم، فأخذت بحقو الرحمن، فقال له: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذاك). قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم). (البخاري كتاب التفسير)
    في أهلك : فلا ظلم ولا سوء معاملة ولا بخل أو تقتير , بل رحمة وحسن معاشرة وإحترام وكفاية للحاجات على قدر ألإستطاعة فالرجل مسؤول عن عائلته في كل شؤونها ومن التقوى كل ذلك.
    عن عبد اللّه بن عمر، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئولٌ عن رعيته: فالأمير الذي على الناس راعٍ عليهم وهو مسئولٌ عنهم، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئولٌ عنهم، والمرأة راعيةٌ على بيت بعلها وولده وهي مسئولةٌ عنهم، والعبد راعٍ على مال سيده وهو مسئولٌ عنه؛ فكلُّكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته".
    ( البخاري كتاب الخراج والفئ)

    أما موقف المسلم من التقوى :
    أن تسأل الله سبحانه أن يجعلك من المتقين بل إماماً للمتقين .
    عن إبن مسعود (رضى الله عنه ) يقول رسول الله
    (صلى الله عليه وسلم)( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والرضى ) (رواه مسلم ) . ومغالبة النفس وردعها عن الغي ومخالفتها إلى حيث يرضى الله سبحانه. يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (إتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن . (رواه أحمد بن حنبل)




    صفات المتقين :
    جاءت آيات التقوى في القرآن الكريم بصفات وصفت بها المتقين لتبين للمسلم أين هو من التقوى وهل هو من المتقين لله السالكين طريق الإيمان الذي يريده المولى جل وعلا للمؤمن .
    وهذه هي الصفات التي جاءت بها آيات التقوى في القرآن الكريم :
    1- ينفقون في السراء والضراء .
    2- يكظمون الغيظ.
    3- يعفون عن الناس .
    4- إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون .
    5- يخشون ربهم بالغيب وهم من ألآخرة مشفقون.
    6- يؤمنون بالله واليوم ألآخر والملائكة والكتاب والنبيين.
    7- يؤتون المال على حبه لمن يحتاجه من ذوي القربى واليتامى والمساكين وإبن السبيل والسائلين المحتاجين وفي عتق رقاب العبيد .
    8- يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة .
    9- يوفون بعهدهم إذا عاهدوا .
    10- يصبرون في البأساء والضراء وعند لقاء العدو .
    11- صادقون . ( أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )البقرة177. وهنا ملاحظة في هذه ألآية المباركة جديرة بالإهتمام وهي أن القرآن الكريم يساوي بين الصدق والتقوى فيؤكد أن صفات المتقين هي في الحقيقة صفات الصادقين وهذا يعني أن ألإنسان كلما توفر على الصدق بنسبة أكبر كلما إشتدت التقوى بداخله وهذا ما تدعمه ألآية 33 من سورة الزمر (وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
    12- يؤمنون بالغيب وينفقون مما رزقهم الله.
    13- يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم . ويقال أنها صغائر الذنوب أو غير المتعمدة .
    14- لا يتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإنما يتناجون بالبر والتقوى .
    15- من صفات المتقين أنهم أخلاء متحابون في الدنيا والآخرة لإن محبتهم لبعضهم وعلاقاتهم كلها لله وليس لغاية دنيوية .
    16- يعظمون شعائر الله.
    17- يجاهدون بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله.
    إن الصفات المذكورة أعلاه هي الصفات التي يحبها الله سبحانه ويثني عليها في ألإنسان المؤمن وكما هو واضح فهي أرقى الصفات ألإنسانية وأعلاها منزلة عند الله سبحانه وعند الناس كذلك.

    جوهر التقوى وحقيقتها:
    تقوم التقوى في حقيقتها وجوهرها على إستحضار القلب لعظمة الله تعالى وإستشعار هيبته وجلاله وكبريائه والخشية لمقامه والخوف من حسابه وعقابه . وإذا كان هذا معنى التقوى فإن نطاقها لا ينحصر في إجتناب الكبائر فحسب, بل إنه يمتد ليشمل كل ما فيه معنى المخالفة لإوامر الله حتى لو كان من اللمم أو الصغائر . وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم ذلك فقال قائلهم : لا تنظر إلى صغر الذنب ولكن أنظر لمن عصيت . بل إنهم جعلوا من تمام معناها أن تتضمن الورع عن بعض ما هو طيب أو حلال , حذراً من مقاربة الحرام . وفي ذلك يقول
    أبو الدرداء ( رضي الله عنه ) : تمام التقوى أن يتقى العبد الله حتى يتقيه من مثقال ذرة , وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال , خشية أن يكون حراماً .
    عن النعمان بن بشير رضي الله عنه يقول: سمعت رسول بالله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمها كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات، واستبرأ لدينه وعرضه. ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام كالراعي حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه. ألا وإن لكل ملك حمى. ألا، وإن حمى الله محارمه. ألا، وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله. وإذا فسدت فسد الجسد كله. ألا، وهي القلب). ( البخاري كتاب الفتن ).
    قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لابأس به حذراً مما به بأس (عن كتاب التذكرة في الوعظ لأبن الجوزي)
    وللتقوى مكانة عالية في دين الإسلام لايدانيها في المنزلة سوى ألإيمان بالله وبرسوله وهي أساس قبول ألأعمال عند الله سبحانه . (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات13
    والتقوى أعلى وأهم من النسب والحسب مهما علا فلله در الشاعر الذي قال :
    لعمرك ما الإنسان إلا بد ينه
    فلا تترك التقوى إتكالاً على النسب
    لقد رفع الإسلام سلمان فارس
    وقد وضع الشرك الحسيب أبا لهب
    والتقوى ليست مقصورة على الحذر والإجتناب للمعاصي والرذائل , بل إنها تتضمن كذلك جانب الفضائل والطاعات العملية ألإيجابية التي يمارسها المؤمن .
    أُنظر أخي المؤمن بالله كم هي عظيمة التقوى حيث يذكرها الله سبحانه في عدد هائل من آيات القرآن الكريم (217 آية ) ويؤكد على التقوى في كل ألأحوال , تقوى في العبادة بالتزامها والدوام عليها وعدم التقصير بحقها , وتقوى في المعاملات بين الناس , تقوى في التعامل مع الزوجة , تقوى في حفظ الزوجة لزوجها وعائلتها مما يسئ إليهم , تقوى في التعامل مع ألأولاد والبنات , تقوى في الوصية , تقوى في الِسلم , تقوى في الحرب, تقوى عند النصر , تقوى عند الهزيمة في الحرب , فما أعظم التقوى عند الله سبحانه .
    أنواع التقوى :
    إن محافظة ألإنسان على نفسه وصيانتها من إرتكاب ألإثم هو التقوى ويمكن أن يكون على صورتين أو نوعين من التقوى :
    1- تقوى الضعفاء: هي أن الإنسان لكي يحفظ نفسه من إرتكاب المعاصي وألأوزار يهرب من مواجهتها ويبتعد عن المحيط ألآثم فهو أشبه ما يكون بمن يريد المحافظة على صحته فيتجنب البقاء في وسط موبوء بمرض معدي .
    2- تقوى ألأقوياء:
    هي أن يوجد ألإنسان في نفسه قوة تورثه مناعة روحية وأخلاقية بحيث أنه إذا ما كان في محيط تتوفر فيه موجبات المعصية والإثم حالت تلك القوة الروحية بينه وبين التلوث بالإثم ومنعته من إرتكابها , بل إنه يستطيع أن يمنع آخرين في ذلك الوسط من إرتكاب المعاصي والآثام بالنصح والتوجيه والقدوة الحسنة والتخويف من غضب الله سبحانه.
    والتقوى تمثل قوة للفرد والمجتمع حيث تجعل الفرد قوياً في وجه تيار الإنحراف والفساد. إن الكمال في هذا هو أن يستطيع الإنسان تجنب الإثم والمعصية وهو في وسط إجتماعي ملئ بها ولا يتأثر منها , بل يعمل على محاربتها وإصلاحها , هذا هو العمل المطلوب حالياً , وهي تمثل قوة للمجتمع تقيهِ من نشر ألأمراض الإجتماعية الفتاكة التي تعمل ليلاً ونهاراً بلا كلل على هدم المجتمع المسلم الصحيح .
    وأعظم التقوى هي تقوى الله في عباد الله في أموالهم ومصالحهم وأعراضهم ودمائهم ,( فكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )(عن أبي هربرة رضي الله عنه ابو داود وابن ماجة )
    إن أحد مظاهر التقوى هو ما يتوجب على العلماء المسلمين أن يتقوا الله في المسلمين بتوجيههم إلى أُمور دينهم وسنة نبيهم (صلى الله عليه وسلم) كما جاءت في القرآن الكريم وصحيح السنة , وإن ما يترتب على ذلك هو أمر جلل وعظيم لإن أكثر ضلال المسلمين وتفرقهم ناتج عن عدم تقوى علماء السوء لله سبحانه في المسلمين , ولست أُريد التوسع في هذا الموضوع لإن أكثر المسلمين يعلمون هذه الحقيقة المرة وخير الكلام ما قَل ودَل .
    وأحد مظاهر التقوى المهمة هي كثرة إستغفارالمؤمن لذنوبه التي يرتكبها عن قصد وعن غير قصد.
    ألإنسان في حياته الدنيا إن لم يتبع هدى ربه معرض لكثير من المخاطر , فالدنيا خضرة نضرة سمها في دسمها , فيها منزلقات ومتاهات , مالها يغري ويردي ويشقي , ونساؤها حبائل الشيطان , والأهل والولد َمشغلة َمجبنة مبخلة , الشهوات فيها مستعرة في أبهى ُحللها والفتن فيها يقظة في أجمل أثوابها. فكيف يتقي الإنسان الضياع في تلك المتاهات والضلالات وكيف يتقي الإنسان الإنجذاب إلى هذه الفتن المهلكات ؟ وكيف يتقي الإنسان خطر الإنغماس في تلك الشهوات ؟ وكيف يتقي ألإنسان حمأة المزاحمة في جمع الثروات ؟ وكيف يتقي شقاء الدنيا وعذاب الآخرة؟ للإجابة على هذه الأسئلة نقول :
    حينما يبني الإنسان تصوراته عن الكون والحياة والإنسان وِفق البيان ألإلهي , وحينما ينطلق في حركته اليومية وِفق التشريع الرباني , يكون قد أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان . أما إذا ضل عقله وساء عمله فقد أسس بنيانه على شفا جُرفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم .
    وعبادة الله الحقة الخالصة تقي الإنسان شقاء الدنيا وعذاب ألآخرة . قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)21 البقرة , فعبادة الله وحده تقي شقاء الدنيا والآخرة .
    والتقوى لله هي الجواب على كل ألأسئلة السابقة . وطريق التقوى ليست مفروشة بالرياحين بل هو طريق محفوف بالمكاره ,لماذا؟ لإن سلعة الله غالية ولإن عمل الجنة صعب الوصول اليه , وعمل النار سهل ومتيسر , فلابد من ألإنضباط الذاتي , ولابد من البذل والتضحية . قال تعالى :
    ( إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)90
    يوسف .

    والتقوى لا تقبل أن يعطيها الإنسان بعضه , بل لا بد أن يعطيها كله فلا يقبل من التقي بذل بعض الجهد بل لابد له من بذل كل الجهد ولذلك فحجم الإنسان عند ربه بحجم عمله الصالح وإخلاصه وصوابه,فلكل درجات مما عملوا والعمل الصالح يرفعه. قال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) 16 التغابن . أي إستنفذوا كل الجهد .
    ومن عظيم إكرام الله عز وجل أن الإنسان حينما يخطوا الخطوة ألأُولى في طريق التقوى , يكفر الله عنه سيئاته ويتجاوز عن خطاياه وذنوبه ويعظم له أجرا. قال تعالى : (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) 5الطلاق. ومن عظيم إكرام الله سبحانه للمتقي أن يجعل الله له من أمره يسراً فتنحل العقد وتفرج الكرب ويجعل الصعب سهلاً . قال الله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)4 الطلاق. ومن عظيم إكرام الله عز وجل أنه جعل التقوى مخرجاً للإنسان من كل ضيق . قال تعالى : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً) ـ 2 الطلاق.
    وإعجاز هذه ألآية الكريمة في إيجازها , وبلاغتها في إطلاقها. قال النبي ( صلى الله عليه وسلم) : ( إني لأعلم أية لو أخذ الناس بها لكفتهم ثم تلا هذه ألآية ). فحينما تضيق الأمور وتستحكم الحلقات وتُسد المنافذ وتُنصب العقبات ويقنط ألإنسان , تأتي التقوى فيتسع بها الضيق وتحل بها العقد وتفتح بها المسالك وتذل بها الصعاب والعقبات . فمن يتقِ الله عند نزول المصيبة فيوحده ويصبر لحكمه ويرضى بقضائه ويثبت على مبدئه وإستقامته , يجعل الله له مخرجاً منها , ويبدل ضيقه فرجاً وخوفه أمناًً وعسره يسراً.
    ومن يتق الله فلا يسمح للأفكار الزائفة , أن تأخذ طريقها إلى عقله , يجعل له الله مخرجاًً من الضياع والحيرة والضلال وخيبة ألأمل . ومن يتق الله فيبرأ من حوله وقوته وعلمه , يجعل الله له مخرجاً مما كلفه به بالمعونة عليه . ومن يتقِ الله فيقف عند حدود الله فلا يقربها ولا يتعداها يجعل الله له مخرجاً من الحرام إلى الحلال ومن الضيق إلى السعة ومن النار إلى الجنة.
    ومن يتق الله في كسب الرزق فيتحرى الحلال الذي يرضي الله عز وجل يجعل له مخرجاً من تقتير الرزق بالكفاية ومن إتلاف المال بحفظه ونمائه . ومن يتق الله في إتباع السنة يجعل له مخرجاً من ضلال أهل البدع ونتائج إبتداعهم . ومن يتق الله في إختيار زوجته وفي التعامل معها , يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي . ومن يتق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم ومن شقائه بشقائهم . ومن يتق الله في إختيار عمله وحسن أدائه يجعل الله له مخرجاً من إخفاقه فيه .
    فالتقوى كما يقول الإمام الغزالي ( رحمه الله ) : ( نور يقذفه الله في القلب ) وهذا النور هو أساس الرؤية الصحيحة , أساس صحة العمل وصحة العمل أساس سعادة الدارين .
    ألا يتمنى أحدنا أن يكون أكرم الناس على الله سبحانه ؟ إذن فليتق الله . قال تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) 13 الحجرات .
    وقد ورد في الحديث الشريف :
    ( إذا أردت أن تكون أكرم الناس فاتق الله , وإذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله , وإذا أردت أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدي الله أوثق منك بما في يديك ).

    ألا يتمنى أحدنا أن يحبه الله سبحانه إذن فليتق الله لإن الله تعالى يقول : (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) 76 آل عمران . ألا يتمنى أحدنا أن يكون رب العالمين سبحانه وليه في الدنيا والآخرة يخرجه من الظلمات إلى النور ويدافع عنه ويكون في موضع عنايته وحفظه , إذن فليتق الله , يقول سبحانه وتعالى : ( وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ ) 19 الجاثية .ألا يتمنى أحدنا أن يكون رب العالمين سبحانه معه؟ وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان سبحانه عليك فمن يقف معك؟ ومعية الله هذه معية خاصة تعني الحفظ والتأييد والرعاية والتكريم والتشريف . إذاً فلنتق الله سبحانه حيث يقول ( إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) 128 النحل.
    فالفلاح كل الفلاح والنجاح كل النجاح والفوز كل الفوز والرشاد كل الرشاد والتفوق كل التفوق والغنى كل الغنى والتوفيق كل التوفيق والسعادة كل السعادة في تقوى الله عز وجل . قال تعالى : (وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) 189 البقرة. وقال تعالى : (وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ) 71 ألأحزاب .
    إذن التقوى تنفي الكفر بالإيمان والشرك بالتوحيد والرياء بالإخلاص والكذب بالصدق والغش بالنصيحة والمعصية بالطاعة والإبتداع بالإتباع والشهية بالورع والدنيا بالزهد والغفلة بالذكر والشيطان بعداوته .
    ولله در الشاعر الذي قال :
    تزود من التقوى فإنك لا تدري
    إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
    فكم من فتى أمسى وأصبح ضاحكاً
    وقد نسجت أكفانه وهو لايدري
    وكم من صغار يرتجى طول عمرهم
    وقد أدخلت أجسادهم ظلمة القبر
    وعمر بن عبد العزيز (رضى الله عنه) كان له مستشار خاص إسمه عمر بن مهاجر قال له : ياعمر بن مهاجر إذا رأيتني ضللت الطريق فخذ بمجامع ثيابي وقل لي : إتق الله ياعمر فإنك ستموت .
    وإليك بيان الفوائد المترتبة على التقوى.

    أولاً: الفوائد المترتبة على التقوى في الدنيا :
    1- إن التقوى: سبب لتيسير أمور الإنسان، قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا. الطلاق4، وقال تعالى: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى)الليل:5 -7.
    2- إن التقوى: سبب لحماية الإنسان من ضرر الشيطان، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)الأعراف:201.
    3- إن التقوى: سبب لتفتيح البركات من السماء والأرض، قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ)الأعراف:96.
    4-إن التقوى: سببٌ في توفيق العبد في الفصل بين الحق والباطل، ومعرفة كل منهما قال تعالى : ( يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً)الأنفال:29]، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ )الحديد:28.
    5- إن التقوى: سبب للخروج من المأزق، وحصول الرزق، والسعة للمتقي من حيث لا يحتسب، قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) الطلاق:3،2.
    6- إن التقوى: سبب لنيل الولاية فأولياء الله هم المتقون كما قال تعالى : (إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ )(الأنفال:34]، وقال تعالى: (وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) ( الجاثية:19.
    7- إن التقوى: سبب لعدم الخوف من ضرر وكيد الكافرين، قال تعالى: ( وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا
    )
    آل عمران:120
    .
    8- إنها سبب لنزول المدد من السماء عند الشدائد، ولقاء الأعداء، قال تعالى:(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ) آل عمران:123-125.
    وبنزول المدد تكون البشرى، وتطمئن القلوب، ويحصل النصر من العزيز الحكيم، قال تعالى بعد ذلك : ( وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) آل عمران:126.
    9- إن التقوى: سبب لعدم العدوان وإيذاء عباد الله، قال تعالى :( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )المائدة:2]، وقال تعالى في قصة مريم( : فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا )(مريم:18،17.
    10- إن التقوى: سبب لتعظيم شعائر الله، قال تعالى: (وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ) الحج:32.
    11- إنها سبب: لصلاح الأعمال وقبولها، ومغفرة الذنوب، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) الأحزاب:71،70.
    12- إن التقوى: سبب لغض الصوت عند رسول الله، وسواء كان ذلك في حياته، أو بعد وفاته في قبره قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى)الحجرات:2.
    13- إن التقوى: سبب لنيل محبة الله عز وجل وهذه المحبة تكون في الدنيا كما تكون في الآخرة، كما قال في الحديث القدسي عن الله عز وجل :( وما تقرّب إليّ عبدٌ بشيء بأفضل مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه ) قال تعالى: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)آل عمران:76.
    14- إن التقوى:
    سبب لنيل العلم وتحصيله قال تعالى
    :
    (وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ)البقرة:182.
    15- إن التقوى: سبب قوي تمنع صاحبها من الزيغ، والضلال بعد أن مَنّ الله عليه بالهداية، قال تعالى (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ )الأنعام:153.
    16- إن التقوى: سبب لنيل رحمة الله، وهذه الرحمة تكون في الدنيا كما تكون في الآخرة، قال تعالى : (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) الأعراف:156.
    17- إنها: سببٌ لنيل معية الله الخاصة، فمعية الله لعباده تنقسم إلى قسمين:
    معيّة عامة: وهي شاملة لجميع العباد بسمعه، وبصره، وعلمه، فالله سبحانه سميع، وبصير، وعليم بأحوال عباده، قال تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ)الحديد:4.
    وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ) المجادلة:7.
    وأما المعية الثانية: فهي المعيّة الخاصة : التي تشمل النصرة، والتأييد، والمعونة، كما قال تعالى (لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) التوبة:40 . وقال تعالى: (لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) طه:46 . ولا شك أن معيّة الله الخاصة تكون للمتقين من عباده، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ(النحل:6. وقال تعالى: )وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(البقرة:194.
    18- إن العاقبة تكون لهم، قال تعالى (وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (طه:46، وقال تعالى )وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ ص:49]، وقال تعالى: إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (هود:49.
    19- إنها: سببٌ لحصول البشرى في الحياة الدنيا، سواء بالرؤيا الصالحة، أو بمحبة الناس له والثناء عليه، قال تعالى (الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ)63 (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ( يونس:64،63.
    قال الامام أحمد عن أبي الدرداء عن النبي في قوله تعالى(لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا ) قال: ( الرؤيا الصالحة يراها المسلم، أو تُرى له.)
    وعن أبي ذر الغفاري أنه قال: يا رسول الله، الرجل يعمل العمل، ويحمده الناس عليه، ويثنون عليه به فقال رسول الله: تلك عاجل بشرى المؤمن.
    20- إن التقوى: إذا أخذت النساء بأسبابها والتي من ضمنها عدم الخضوع في القول فإنها تكون سبباً في ألا يطمع فيهن الذين في قلوبهم مرض، قال تعالى
    : (يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا)الأحزاب:32.
    21- إن التقوى: سببٌ لعدم الجور في الوصية، قال تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة:180.
    22- إن التقوى: سببٌ في إعطاء المطلقة متعتها الواجبة لها، قال تعالى (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ )البقرة:241.
    23- إن التقوى: سببٌ في عدم ضياع الأجر في الدنيا والآخرة، قال تعالى بعد أن منّ على يوسف عليه السلام بجمع شمله مع إخوته : (إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) يوسف:90.
    24- إن التقوى: سببٌ لحصول الهداية. قال تعالى
    : (ألم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) البقرة:2،1.

    ثانياً: الفوائد المترتبة على التقوى في الآخرة:

    1- إن التقوى: سببٌ للإكرام عند الله عز وجل، قال تعالى :(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات:11.
    2- إن التقوى: سببٌ للفوز والفلاح، قال تعالى
    : (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) النور:52.
    3- إنها: سببٌ للنجاة يوم القيامة من عذاب الله،
    قال تعالى: (وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ) مريم:72،71. وقال تعالى: (وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى )الليل:17.
    4- إنها: سببٌ لقبول الأعمال، قال تعالى:
    (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ )المائدة:27.
    5- إن التقوى سببٌ قويٌ لأن يرثوا الجنة، قال تعالى: (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا ) مريم:63.
    6- إن المتقين لهم في الجنة غُرفٌ مبنيةٌ من فوقها غُرف، قال تعالى: (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ )الزمر:20.
    وفي الحديث: إن في الجنة لغرفاً يرى بطونها من ظهورها، وظهورها من بطونها فقال أعرابي: لمن هذا يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وصلّى بالليل والناس نيام.
    7- إنهم بسبب تقواهم يكونون فوق الذين كفروا يوم القيامة في محشرهم، ومنشرهم، ومسيرهم، ومأواهم، فاستقروا في الدرجات في أعلى عليين، قال تعالى
    (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ )البقرة:212.
    8- إنها: سببٌ في دخولهم الجنة، وذلك لأن الجنة أُعدت لهم، قال تعالى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران:133]. وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) المائدة:65.
    9- إن التقوى: سببٌ لتكفير السيئات، والعفو عن الزلات قال تعالى : (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) الطلاق:5]، وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ) المائدة:65.
    10 - إن التقوى: سبب لنيل ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، قال تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ( النحل:31.
    11- إن التقوى: سبب لعدم الخوف والحزن وعدم المساس بالسوء يوم القيامة، قال تعالى : (وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) الزمر:61 وقال تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ( يونس:63،62.
    12- إنهم يحشرون يوم القيامة وفداً إليه تعالى، والوفد: هم القادمون ركباناً، وهو خير موفود، قال تعالى
    (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا)مريم:85.
    قال ابن كثير: عن النعمان بن سعيد قال: ( كنا جلوساً عند علي الرسول فقرأ هذه الآية :(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا.. ) قال: لا والله ما على أرجلهم يحشرون، ولا يحشر الوفد على أرجلهم، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحائل من ذهب، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة.
    13- إن الجنة: تقرب لهم، قال تعالى: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (الشعراء:90]، وقال تعالى: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) ق:21.
    14- إن تقواهم: سبب في عدم مساواتهم بالفجار والكفار، قال تعالى (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) ص:28.
    15- إن كل صحبة وصداقة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة إلى عداوة إلا صحبة المتقين، قال تعالى (الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) الزخرف:67.
    16- إن لهم مقاماً أميناً وجناتٍ وعيوناً.. –
    كما قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ) 53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ (54) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55) لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ) الدخان:51-56.
    17- إنه لهم مقعد صدق عند مليك مقتدر،
    قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ)القمر:55،54.
    18- إن التقوى: سبب في ورود الأنهار المختلفة، فهذا نهر من ماء غير آسن، وذلك نهر من لبن لم يتغير طعمه، وآخر من خمر لذة ااشاربين، قال تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ) محمد:15.
    وفي الحديث: أن النبي ( صلى الله عليه وسلم )قال: إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وفوقه عرش الرحمن) رواه الطبراني في الكبير عن العرباض(رضي الله عنه ).
    19- إن التقوى: سبب المسير تحت أشجار الجنة، والتنعم بظلالها، قال تعالى :(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) المرسلات:41-43]،
    فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ) البخاري.

    20- إن لهم البشرى في الآخرة بألا يحزنهم الفزع لأكبر، وتلقى الملائكة لهم، قال تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ(63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ) يونس:62-64.
    قال ابن كثير: ( وأما بشراهم في الآخرة فكما قال تعالى: (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) الأنبياء:103.
    21- إن المتقين: لهم نعم الدار، قال تعالى (وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ) ( النحل:30.
    22- إن المتقين: تضاعف أجورهم وحسناتهم، كما قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) الحديد:28 . كفلين: أي أجرين.
    والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    ببساطة شديدة وبوضوح أقول : إن سوء أخلاقنا الذي جلب علينا الويلات والمآسي والظلم على المستوى الشخصي ومستوى المجتمع كله يرجع بالدرجة ألأساس إلى فقدان تقوى الله سبحانه وعدم الخوف منه ومن بطشه ومكره الذي يتجاهله ألأغبياء الذين لايقيمون وزناً لتقوى الله ولا للخوف منه رغم أن الشواهد على غضب الله على الناس لفقدانهم التقوى وعدم مصداقيتهم فيها هي شاخصة للعيان من مآسي الحروب والكوارث الطبيعية المزلزلة وا لمدمرة . قال تعالى: (( {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً }الإسراء16 وذلك لفقدانهم لتقوى الله والخوف منه وإنغماسهم في الفساد بكافة أشكاله.
    إن تقوى الله سبحانه هي الطريق للنهوض بالأمة ألإسلامية في كافة مجالات الحياة وكذلك هي الطريق لتخليص المجتمع الإسلامي من كافة آفاته وسلبياته ألإجتماعية والنفسية وألأخلاقية والتربوية وحتى ألإقتصادية والسياسية.




يعمل...
X