رسالة إلى امرأة متبرجة
أختاه :
أخاطبك باسم الأخوة التي تجمعنا .. وإني لعلى يقين أن بذرة الخير وحب الدين والغيرة على محارم الله لا تزال فيك غضة طرية ..
وأن نور الإيمان ما زال يضيء جنبيك ..لكن ..قد تكون نزوة أو طيشا أو حب التقليد ..!
ومتابعة كل جديد مهما كان مصدره ..هو ما دفعك إلى ارتداء هذه العباءة المتبرجة .
أختاه :
إنني أكتب لك رسالتي هذه .. لعلها تصلك وأنت ترفلين في ثياب الطهر والعفاف .. وتتقلبين في نعمة الإسلام .. الذي رفع منزلتك وأكرمك أيّما تكريم .
إنها رسالة أخت لأختها التي تريد لها من الخير ما تريد لنفسها .. فهات يدك .. ضعي يدك في يدي لنسير معا على نهج الحق المستقيم الذي سار عليه أسلافنا الصالحون من قبلنا .. ودعي عنك كل ناعق يناديك فإنك سترين وتسمعين الكثير منهم .. متى سرت في طريق الحق .
مدّي يدك .. هاتها .. انزعي عنك لباس التبرج هذا .. فإني أرى عليك لباسا ما هو بلباس المؤمنات ..
وما كان ينبغي لمسلمة أن تلبسه .. إنك تلبسين ( شيئا ) تسمينه حجابا .. وما هو بحجاب بل هو السفور في أجلى معانيه .. لقد جعلوك ألعوبة في أيديهم يلبسونك اليوم شيئا وغدا شيئا آخر .. وهكذا .
إنهم اليوم يلبسونك ما يسمونه ( العباءة الفرنسية ) وأنى لفرنسا ـ لو عقلت ـ أن تصدر إلينا الخير ..
ومنذ متى نأخذ عنها ما يخص أمور ديننا .
إنهم حين لم تعجبهم عباءتك الأولى التي كنت تضعينها على رأسك كالتاج وتغطين وجهك بغطاء غليظ .. جاءوك بعباءتهم .. فأنزلوا عباءتك من على رأسك ـ وما كان لها أن تنزل فهي شرفك وتاج عزك ـووضعوها على كتفك .. وقالوا :
لا ضير أن تنزل بضع سنتمترات فهذا أجمل وأخف !!
ثم منحوك ( شيئا ) كان في بدء أمره أسود اللون تلفينه حول رأسك وعنقك لفا يكاد يسقط لأدنى حركة وجعلوك تغطين بطرف خفيف منه وجهك المزين بألوان وأصباغ .. حتى لتبدو نقابا ؟!!
ثم اتسع ... اتسع حتى بدا منه نصف وجهك .. ثم لثاما لتسهل أزالته كليا عن الوجه .. هذا فضلا عن شكل عباءتك المزركشة المزينة بخطوط وألوان ومطرزة وكأنها ثوب عرس أو فستان حفل .. يسير مع ( صيحات ) الموضة ... ثم فتنوك بما يعرضونه في الأسواق من ( أطقم ) العباءات والطرح والنقابات التي تباع بأثمان باهظة .. ! ولو عقلت لعلمت أن الله الخبير لم يكلفك بشيء سوى أن تتحجبي بعباءة سابغة وخمار ضاف لا يكلف عشر ما تلبسين .
ولئن سرت معهم خطوة خطوة لينزعنّ عنك حجابك .. ويعرضونك للغادي والرائح كسلعة فاسدة .. لقد أرادوك لشهواتهم .. وأرادك الله لدينك وأمتك .. يقول الله تعالى : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريدالذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ) .
يريدك ربك عزيزة كريمة كالجوهرة المصونة وكالدر المكنون .. ويريدونك قريبة ليد العابثين .
لقد أكرمك الله أما وبنتا وزوجة .. في صغرك وشبابك ومشيبك .. لقد كانت المرأة قبل الإسلام مهدرة الكرامة وكان الرجال يتشاءمون منها .. اقرئي قول الله تعالى : ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودّا وهو كظيم أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يزرون ) .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم ) هذا بعض شأن المرأة قبل الإسلام حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم فانتشلها مما هي فيه وأكرمها وأعزها وحفظها وصانها وما هذا الحجاب إلا من ضمن ما خُصّتْ به المرأة تكريما وتشريفا وصيانة لها .. فهو كالحصن الحصين فإياك إياك أن تعتقدي أو تظني أن الحجاب عادات وتقاليد ورثناها عن أسلافنا .. تتقادم مع مرور الزمان .. بل هو عقيدة وعبادة نتعبد الله بأدائها كما شرع وهو درع يحميك ممن في قلوبهم مرض ومن خائنة الأعين فلا تنساقي خلف تيار الحضارة الزائفة بدعوى مسايرة الموضة وإني أذكرك بقول الله جل وعلا : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ...) إلى آخر الآيات من سورة النور .
أما قوله تعالى : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أي على نحورهن وصدورهن ليخالفن شعار نساء الجاهلية اللاتي كن مسفحات بصدورهن وأعناقهن وذوائب شعورهن .. فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن .
والخمر : جمع خمار وهو ما يغطى به الرأس ..و روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " رحم الله نساء المهاجرين الأول لما أنزل الله ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن بها " .
وقوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) فيه بيان لمحارم المرأة الذين يجوز لها أن تظهر عليهم بزينتها لكن من غير تبرج .
وتقول أم سلمة رضي الله عنها لما نزل قوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) خرجت نساء الأنصاركأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية .. أي لبسن الثوب الشامل المحيط بالجسم كله ويقول العلامة النيسابوري : يدنين من جلابيبهن أي يرخين عليهن طرفا من الجلباب فأمرن بستر الرأس والوجه وذلك في تفسير قوله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في هذه الآية : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة ( قال الصابوني : هذا النص عن ابن عباس صريح في وجوب ستر الوجه وكذا رواية ابن كثير عن ابن سيرين وغيرهما من الروايات الصحيحة الصريحة بوجوب ستر المرأة وجهها ) .
قوله تعالى :( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) أي ذلك التستر أقرب بأن يعرفن بالعفة والستر والصيانة فلا يطمع فيهن أهل السوء والفساد .
وأسوق لك فتوى فضيلة الشيخ محمد العثيمين ـ حفظه الله ـ عندما سئل عن حجاب المرأة وحكم تغطية الوجه ؟
فقال : ( .. ولا ريب أن كشف وجه المرأة سبب للفتنة ويدعو للافتتان بها ولأنه محل الرغبة والطلب لأن الناس إنما ينفرون من المرأة لقبح وجهها إذا كانوا يقصدون الجمال الظاهر ) .
ولما سئل ـ حفظه الله ـ عن النقاب وأن كثيرا من النساء يكتحلن عند لبسه خاصة أنه متسع تظهر منه العينان وجزء من الوجه أجاب بأنه : ( لا يفتي بجواز النقاب ويرى منعه لأن ذلك ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز ويرى
أن تتقي المرأة ربها ولا تنتقب لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه ) .
وعندما سئلـ رعاه الله ـ عن ستر الوجه وكم طبقة من غطاء الوجه ينبغي أن تضع المرأة على وجهها أجاب بأن:
( المرأة يجب أن تستر وجهها عن الرجال غير المحارم لا أن تستره بما يصف لون البشرة سواء كان طبقة أو طبقتين أو أكثر .. والمهم أن تستر وجهها بما لا يصف وليس المقصود أن تضع ( شيئا ) على وجهها بل المقصود ستر الوجه فلا يبين لغير المحارم ) من ـ فتاوى منار الإسلام ـ الجزء الثالث بتصرف يسير .
وبعد أختــاه :
ألقي نظرة على هذا الذي تلبسينه مما يسمى تجاوزا أو كذبا وزورا.. عباءة وغطاء وجه ورأس .. هل ترين فيها ما يسمى حجابا ؟!
ولأذكرك ببعض شروط الحجاب الشرعي .. فانظري أيها ينطبق على ما تلبسين منها :
ـ أن يكون ساترا لجميع البدن
ـ غير محدد لمعالمه
ـ فضفاضا سابغا
ـ ولا يكون ثوب زينة أو شهرة
ـ ولا يكون ضيّقا ولا يشف ولا يبين ما تحته
ـ ولا يكون معطرا
أما غطاء الوجه والرأس .. فلا أراه مما جاء به الشرع فهو مجرد ( شيء ) تضعينه على وجهك لا يستر ولكن يظهر مفاتنه ويزيده جمالا .. كيف والعيون كحيلة .. والوجه مليء بالأصباغ ..فماذا بقي ؟
أختـــاه :
أما وقد بلغت وبلغك البيان .. وحكم لباسك هذا .. فإني أحذرك غضب الله وعقابه .. فإنما الأعمال بخواتيمها وإن الله يغار أن تنتهك حرماته .. فبادري إلى نزع ما تلبسين والبسي لباس الحشمة والحياء واستتري عن أعين الرجال وغطي وجهك ورأسك وبدنك كله .. حتى لا تَضلي ولا تُضلي .
وأذكرك بأن الله قد حذر من مخالفة أمره .. ذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد ولا رأي ولا قول .. ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) .
فانتبهي عما أنت فيه .. واستغفري ربك وأنيبي إليه يغفر لك ما قد سلف .. فقد جاءتك الموعظة واستبان لك الحق .. وقامت عليك الحجة .. فلا عذر لك .. يقول الله تعالى : ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ) .
فاستجيبي لله واستقيمي على أمره .. قبل أن يفجأك الموت وأنت سادرة في غيك .. على حال لا ترضي الله تعالى .. واستمعي إلى الله تعالى وهو يدعو عباده : ( استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير ) .
والله تعالى يخاطب عباده بأحب الألفاظ التي ينادون بها فيقول : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) .
وهمسة أخيرة ..أن استمعي إلى داعي الله في السورة التي سميت باسمنا تكريما و تشريفا لنا معشر النساء ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) .
يقول ابن كثير رحمه الله : يقسم الله بنفسه المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد إليه باطنا وظاهرا ولهذا قال: ( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به وينقادون إليه في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة .. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) فاسمعي وأطيعي وانقادي لأمر الله .. واعلمي أن لا ملجأ من الله إلا إليه .. فإن كنت جاهلة فقد علمت .. وإن كنت تابعة لركب الموضة فقد استبانت لك أهدافهم الدنيئة .. ولم يبق لك عذر .. إلا أن تكوني مكابرة .. تستنكفين عن أمر الله فالحجاب من صلب الدين وعبادة نتقرب إلى الله بفعلها كما شرع وليس عادة كانت أمهاتنا يفعلنها فسرنا على نهجهن .. وإني أعيذك بالله أن تكوني مستكبرة فقد قال الله تعالى : ( وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ) .
واعلمي أن الأمر ليس خاضعا للهوى والرأي فمن شاء أطاع ومن شاء أبى .. فإنها عبادة .. لا تخضع للأهواء والآراء و التخرصات قد قطع الله بالنص قول كل مجتهد ومتقول .. فإذا قضى الله ورسوله امرا كان علينا الطاعة على كا حال ... لأن الله لا يقضي إلا خيرا قال الله تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) فهل أنت معنية بالخطاب .. أم خارجة عنه ؟!
ضعي نفسك حيث تعلمين مكانها !!!
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وآله وسلم.
أختاه :
أخاطبك باسم الأخوة التي تجمعنا .. وإني لعلى يقين أن بذرة الخير وحب الدين والغيرة على محارم الله لا تزال فيك غضة طرية ..
وأن نور الإيمان ما زال يضيء جنبيك ..لكن ..قد تكون نزوة أو طيشا أو حب التقليد ..!
ومتابعة كل جديد مهما كان مصدره ..هو ما دفعك إلى ارتداء هذه العباءة المتبرجة .
أختاه :
إنني أكتب لك رسالتي هذه .. لعلها تصلك وأنت ترفلين في ثياب الطهر والعفاف .. وتتقلبين في نعمة الإسلام .. الذي رفع منزلتك وأكرمك أيّما تكريم .
إنها رسالة أخت لأختها التي تريد لها من الخير ما تريد لنفسها .. فهات يدك .. ضعي يدك في يدي لنسير معا على نهج الحق المستقيم الذي سار عليه أسلافنا الصالحون من قبلنا .. ودعي عنك كل ناعق يناديك فإنك سترين وتسمعين الكثير منهم .. متى سرت في طريق الحق .
مدّي يدك .. هاتها .. انزعي عنك لباس التبرج هذا .. فإني أرى عليك لباسا ما هو بلباس المؤمنات ..
وما كان ينبغي لمسلمة أن تلبسه .. إنك تلبسين ( شيئا ) تسمينه حجابا .. وما هو بحجاب بل هو السفور في أجلى معانيه .. لقد جعلوك ألعوبة في أيديهم يلبسونك اليوم شيئا وغدا شيئا آخر .. وهكذا .
إنهم اليوم يلبسونك ما يسمونه ( العباءة الفرنسية ) وأنى لفرنسا ـ لو عقلت ـ أن تصدر إلينا الخير ..
ومنذ متى نأخذ عنها ما يخص أمور ديننا .
إنهم حين لم تعجبهم عباءتك الأولى التي كنت تضعينها على رأسك كالتاج وتغطين وجهك بغطاء غليظ .. جاءوك بعباءتهم .. فأنزلوا عباءتك من على رأسك ـ وما كان لها أن تنزل فهي شرفك وتاج عزك ـووضعوها على كتفك .. وقالوا :
لا ضير أن تنزل بضع سنتمترات فهذا أجمل وأخف !!
ثم منحوك ( شيئا ) كان في بدء أمره أسود اللون تلفينه حول رأسك وعنقك لفا يكاد يسقط لأدنى حركة وجعلوك تغطين بطرف خفيف منه وجهك المزين بألوان وأصباغ .. حتى لتبدو نقابا ؟!!
ثم اتسع ... اتسع حتى بدا منه نصف وجهك .. ثم لثاما لتسهل أزالته كليا عن الوجه .. هذا فضلا عن شكل عباءتك المزركشة المزينة بخطوط وألوان ومطرزة وكأنها ثوب عرس أو فستان حفل .. يسير مع ( صيحات ) الموضة ... ثم فتنوك بما يعرضونه في الأسواق من ( أطقم ) العباءات والطرح والنقابات التي تباع بأثمان باهظة .. ! ولو عقلت لعلمت أن الله الخبير لم يكلفك بشيء سوى أن تتحجبي بعباءة سابغة وخمار ضاف لا يكلف عشر ما تلبسين .
ولئن سرت معهم خطوة خطوة لينزعنّ عنك حجابك .. ويعرضونك للغادي والرائح كسلعة فاسدة .. لقد أرادوك لشهواتهم .. وأرادك الله لدينك وأمتك .. يقول الله تعالى : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريدالذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ) .
يريدك ربك عزيزة كريمة كالجوهرة المصونة وكالدر المكنون .. ويريدونك قريبة ليد العابثين .
لقد أكرمك الله أما وبنتا وزوجة .. في صغرك وشبابك ومشيبك .. لقد كانت المرأة قبل الإسلام مهدرة الكرامة وكان الرجال يتشاءمون منها .. اقرئي قول الله تعالى : ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودّا وهو كظيم أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يزرون ) .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( والله إنا كنا في الجاهلية ما نعد للنساء أمرا حتى أنزل الله فيهن ما أنزل وقسم لهن ما قسم ) هذا بعض شأن المرأة قبل الإسلام حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم فانتشلها مما هي فيه وأكرمها وأعزها وحفظها وصانها وما هذا الحجاب إلا من ضمن ما خُصّتْ به المرأة تكريما وتشريفا وصيانة لها .. فهو كالحصن الحصين فإياك إياك أن تعتقدي أو تظني أن الحجاب عادات وتقاليد ورثناها عن أسلافنا .. تتقادم مع مرور الزمان .. بل هو عقيدة وعبادة نتعبد الله بأدائها كما شرع وهو درع يحميك ممن في قلوبهم مرض ومن خائنة الأعين فلا تنساقي خلف تيار الحضارة الزائفة بدعوى مسايرة الموضة وإني أذكرك بقول الله جل وعلا : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ...) إلى آخر الآيات من سورة النور .
أما قوله تعالى : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أي على نحورهن وصدورهن ليخالفن شعار نساء الجاهلية اللاتي كن مسفحات بصدورهن وأعناقهن وذوائب شعورهن .. فأمر الله المؤمنات أن يستترن في هيئاتهن .
والخمر : جمع خمار وهو ما يغطى به الرأس ..و روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " رحم الله نساء المهاجرين الأول لما أنزل الله ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن بها " .
وقوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) فيه بيان لمحارم المرأة الذين يجوز لها أن تظهر عليهم بزينتها لكن من غير تبرج .
وتقول أم سلمة رضي الله عنها لما نزل قوله تعالى : ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) خرجت نساء الأنصاركأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية .. أي لبسن الثوب الشامل المحيط بالجسم كله ويقول العلامة النيسابوري : يدنين من جلابيبهن أي يرخين عليهن طرفا من الجلباب فأمرن بستر الرأس والوجه وذلك في تفسير قوله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما ) روى الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في هذه الآية : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة ( قال الصابوني : هذا النص عن ابن عباس صريح في وجوب ستر الوجه وكذا رواية ابن كثير عن ابن سيرين وغيرهما من الروايات الصحيحة الصريحة بوجوب ستر المرأة وجهها ) .
قوله تعالى :( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) أي ذلك التستر أقرب بأن يعرفن بالعفة والستر والصيانة فلا يطمع فيهن أهل السوء والفساد .
وأسوق لك فتوى فضيلة الشيخ محمد العثيمين ـ حفظه الله ـ عندما سئل عن حجاب المرأة وحكم تغطية الوجه ؟
فقال : ( .. ولا ريب أن كشف وجه المرأة سبب للفتنة ويدعو للافتتان بها ولأنه محل الرغبة والطلب لأن الناس إنما ينفرون من المرأة لقبح وجهها إذا كانوا يقصدون الجمال الظاهر ) .
ولما سئل ـ حفظه الله ـ عن النقاب وأن كثيرا من النساء يكتحلن عند لبسه خاصة أنه متسع تظهر منه العينان وجزء من الوجه أجاب بأنه : ( لا يفتي بجواز النقاب ويرى منعه لأن ذلك ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز ويرى
أن تتقي المرأة ربها ولا تنتقب لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه ) .
وعندما سئلـ رعاه الله ـ عن ستر الوجه وكم طبقة من غطاء الوجه ينبغي أن تضع المرأة على وجهها أجاب بأن:
( المرأة يجب أن تستر وجهها عن الرجال غير المحارم لا أن تستره بما يصف لون البشرة سواء كان طبقة أو طبقتين أو أكثر .. والمهم أن تستر وجهها بما لا يصف وليس المقصود أن تضع ( شيئا ) على وجهها بل المقصود ستر الوجه فلا يبين لغير المحارم ) من ـ فتاوى منار الإسلام ـ الجزء الثالث بتصرف يسير .
وبعد أختــاه :
ألقي نظرة على هذا الذي تلبسينه مما يسمى تجاوزا أو كذبا وزورا.. عباءة وغطاء وجه ورأس .. هل ترين فيها ما يسمى حجابا ؟!
ولأذكرك ببعض شروط الحجاب الشرعي .. فانظري أيها ينطبق على ما تلبسين منها :
ـ أن يكون ساترا لجميع البدن
ـ غير محدد لمعالمه
ـ فضفاضا سابغا
ـ ولا يكون ثوب زينة أو شهرة
ـ ولا يكون ضيّقا ولا يشف ولا يبين ما تحته
ـ ولا يكون معطرا
أما غطاء الوجه والرأس .. فلا أراه مما جاء به الشرع فهو مجرد ( شيء ) تضعينه على وجهك لا يستر ولكن يظهر مفاتنه ويزيده جمالا .. كيف والعيون كحيلة .. والوجه مليء بالأصباغ ..فماذا بقي ؟
أختـــاه :
أما وقد بلغت وبلغك البيان .. وحكم لباسك هذا .. فإني أحذرك غضب الله وعقابه .. فإنما الأعمال بخواتيمها وإن الله يغار أن تنتهك حرماته .. فبادري إلى نزع ما تلبسين والبسي لباس الحشمة والحياء واستتري عن أعين الرجال وغطي وجهك ورأسك وبدنك كله .. حتى لا تَضلي ولا تُضلي .
وأذكرك بأن الله قد حذر من مخالفة أمره .. ذلك أنه إذا حكم الله ورسوله بشيء فليس لأحد مخالفته ولا اختيار لأحد ولا رأي ولا قول .. ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) .
فانتبهي عما أنت فيه .. واستغفري ربك وأنيبي إليه يغفر لك ما قد سلف .. فقد جاءتك الموعظة واستبان لك الحق .. وقامت عليك الحجة .. فلا عذر لك .. يقول الله تعالى : ( فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ) .
فاستجيبي لله واستقيمي على أمره .. قبل أن يفجأك الموت وأنت سادرة في غيك .. على حال لا ترضي الله تعالى .. واستمعي إلى الله تعالى وهو يدعو عباده : ( استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير ) .
والله تعالى يخاطب عباده بأحب الألفاظ التي ينادون بها فيقول : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) .
وهمسة أخيرة ..أن استمعي إلى داعي الله في السورة التي سميت باسمنا تكريما و تشريفا لنا معشر النساء ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) .
يقول ابن كثير رحمه الله : يقسم الله بنفسه المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد إليه باطنا وظاهرا ولهذا قال: ( ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به وينقادون إليه في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليما كليا من غير ممانعة .. كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ) فاسمعي وأطيعي وانقادي لأمر الله .. واعلمي أن لا ملجأ من الله إلا إليه .. فإن كنت جاهلة فقد علمت .. وإن كنت تابعة لركب الموضة فقد استبانت لك أهدافهم الدنيئة .. ولم يبق لك عذر .. إلا أن تكوني مكابرة .. تستنكفين عن أمر الله فالحجاب من صلب الدين وعبادة نتقرب إلى الله بفعلها كما شرع وليس عادة كانت أمهاتنا يفعلنها فسرنا على نهجهن .. وإني أعيذك بالله أن تكوني مستكبرة فقد قال الله تعالى : ( وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا ) .
واعلمي أن الأمر ليس خاضعا للهوى والرأي فمن شاء أطاع ومن شاء أبى .. فإنها عبادة .. لا تخضع للأهواء والآراء و التخرصات قد قطع الله بالنص قول كل مجتهد ومتقول .. فإذا قضى الله ورسوله امرا كان علينا الطاعة على كا حال ... لأن الله لا يقضي إلا خيرا قال الله تعالى : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخِيَرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ) فهل أنت معنية بالخطاب .. أم خارجة عنه ؟!
ضعي نفسك حيث تعلمين مكانها !!!
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وآله وسلم.
تعليق