الطريق إلى حسن التبعل وسعادة الزوجين
(1/ 1)
إذا صدقتُ معكم في هذه الكلِمات، فسأكون صريحًا لدرجة أعلم أنَّها قد تثير لدى البعض اعتراضًا أو استياءً؛ لكن: ما باليد حيلة، ولا بدَّ ممَّا لا بدَّ منه، ولكنِّي أيضًا سأعتمد في بعض المواقف على الإشارة؛ وكلُّ لبيبٍ بالإشارة يفهم، والحر تكفيه القرينة!
على أنَّني لن آتي في ذلك ببدْعٍ من عندي، كما أظنُّ أنني لن آتي بجديد في الأساس، إلاَّ إذا كان في بعض تركيبات الألفاظ واستنباط الأفكار والمعاني، وعلى الله اتكالي.
قد يكون من إضاعة الوقت والجهد أن أذكُر هنا أنواع المشكِلات والشَّكاوى التي تتقدم بها زَوْجاتٌ، مِنْ هجْر أزواجِهِنَّ لهنَّ، أو جفوتهم في معاملتِهِنَّ، أو التطلُّع إلى غيرهن، إلى غير ذلك مما أصبح معلومًا من أحوالنا الاجتماعيَّة بالضرورة.
ولذلك فسوف أقصد إلى ذِكْر المقصود دون تقديمٍ له، وسأجتهِد في التَّدليل على كلِّ ما أذْكر ممَّا يفتح الله به على عبدِه من الأدلَّة، وبالله أستعين.
المفتاح:
يُحكى أنَّ امرأةً كانت تعيش في خلاف مع زوجِها، فنصحتْها صديقةٌ لها أن تذهب إلى حكيم؛ علَّه يستطيع أن يُذْهب عن بيتها تلك الخلافات، فذهبتِ المرأة إلى الحكيم وعرَضَت عليْه مشكِلتَها، ووعدَها الرَّجُل أن يُساعِدها؛ ولكن شريطة أن تُحْضِر له ثلاثَ شعرات من جِسْم أسد.
يُحكى أنَّ امرأةً كانت تعيش في خلاف مع زوجِها، فنصحتْها صديقةٌ لها أن تذهب إلى حكيم؛ علَّه يستطيع أن يُذْهب عن بيتها تلك الخلافات، فذهبتِ المرأة إلى الحكيم وعرَضَت عليْه مشكِلتَها، ووعدَها الرَّجُل أن يُساعِدها؛ ولكن شريطة أن تُحْضِر له ثلاثَ شعرات من جِسْم أسد.
وخرجت المرأة من عنده، وهي تفكِّر في وسيلةٍ تحضر بها الشَّعرات الثَّلاث من جسم الأسَد، ثُمَّ هُدِيت إلى أن تأخُذ حَمَلاً وتغْدو به إلى الغابة، وحين يهجم عليْها الأسد ترمي بالحمل إليه ليلْتَهِمه وينصرف عنها.
وفعلت المرأة ذلك عدَّة أيَّام حتَّى تألَّفها الأسد، وأصبح يتقرَّب منها في ودٍّ، وذات يوم ركبت المرأة على ظهْر الأسد، فوجدتْ نفْسَها قادرةً على ثلاثِ شعراتٍ من لبدته، فأخذتْها على الفوْرِ وذهبتْ بها إلى الحكيم، فلمَّا رأى الحكيم الشَّعرات الثلاث، قال لها: إذا كُنْتِ قد استطعتِ ترْويض الأسد، أفلا تستطيعين ترويض زوجِك[1]؟!
وسواء أكانت هذه القصَّة حقيقة أم خيالاً، فإنَّ ما يَعنينا هنا هو المعنى المُسْتفاد من روايتِها، وبظنِّي أنَّ ذلك مما لا يحتاج إلى عميق تفكير، ولنقُل إنَّ القاعدة المستنبطة من ذلك هي:
إنَّ للمرأة الدَّور الأكبر في جذْب زوْجِها نَحوها من أجل هناءةِ حياتِهما الزَّوجيَّة.
إنَّ للمرأة الدَّور الأكبر في جذْب زوْجِها نَحوها من أجل هناءةِ حياتِهما الزَّوجيَّة.
وإذا سارعت قارئةٌ بالسؤال:
ولماذا لا تخاطب الرجال وتعِظُهم بما تعظ به النساء، وقد تعلم أنَّ فيهم من الانحرافات والمعضلات ما لا يُرضي الله ورسوله، ولا تصبر عليه زوجة؟!
ولماذا لا تخاطب الرجال وتعِظُهم بما تعظ به النساء، وقد تعلم أنَّ فيهم من الانحرافات والمعضلات ما لا يُرضي الله ورسوله، ولا تصبر عليه زوجة؟!
فإنَّني أقول: إنَّ لهذا موضعًا آخر، ولكنِّي أعتقِد أنَّ ميزان البيت العاطفي هو بيديْك أنت أيَّتها الزَّوجة، فهيَّا بنا إلى هذين السؤالين:
الأوَّل: ما هي أسباب وعوامل جاذبيَّة المرأة لزوجها؟
والآخر: ما هي مكدِّرات الصفاء؟
الأوَّل: ما هي أسباب وعوامل جاذبيَّة المرأة لزوجها؟
والآخر: ما هي مكدِّرات الصفاء؟
أوَّلا: عوامل الجاذبية عند المرأة نحو زوجها:
لو تفكَّرنا قليلاً فيما حولنا، لوجدنا المرْأة في زمانِنا هذا قد تمَّ استِغْلالُها في مجالاتٍ غير مشْروعة؛ فقد اتَّجروا بكلِّ شيءٍ في جسدها: حركاتها وسكَناتها، صوْتها وصمْتها، شكْلها وجوهرها، إغراءاتها ومتعتها، وكلِّ شيء عندها، وذلك في غير ما أحلَّ الله، مبْتغين من ذلك عرَض الدُّنيا وإشْباع النزوات.
لو تفكَّرنا قليلاً فيما حولنا، لوجدنا المرْأة في زمانِنا هذا قد تمَّ استِغْلالُها في مجالاتٍ غير مشْروعة؛ فقد اتَّجروا بكلِّ شيءٍ في جسدها: حركاتها وسكَناتها، صوْتها وصمْتها، شكْلها وجوهرها، إغراءاتها ومتعتها، وكلِّ شيء عندها، وذلك في غير ما أحلَّ الله، مبْتغين من ذلك عرَض الدُّنيا وإشْباع النزوات.
وفي المقابل هناك مجتمعات متمسِّكة بعادات وتقاليد، ترفض كافَّة هذه الأشْكال رفضًا مطلقًا، وتعلن أنَّ هذا فساد يجب محاربته، أو على الأقل تجنُّبه ومقاطعته.
لكن قواعد الاستِقْرار الاجتِماعي تبدو مهتزَّة في كلا الجِهتين، مع تفاوُت كبير بيْنهما بالطَّبع، فالاهتِزازات الأولى متتابعة ومدمِّرة، كالمنطقة التي اشتهرت بالزَّلازل والبراكين، وأضْحى أهلها لذلك يعرفون؛ لكنَّهم ممَّا قيدوا به أنفُسَهم هناك لا يستطيعون منها فكاكًا؛ إلاَّ من رحِم الله.
أمَّا الاهتزازات الأخرى، فمتباعدة ومتفاوتة في القوَّة والأثر، فتارة تحدث اضطرابات واختلافات، وتارة تقترب من الإطاحة بأُسُس الحياة الاجتماعيَّة الهادئة.
وإذا كان عدم الاستِقرار مفهومًا ومبررًا في النَّوع الأوَّل، فإنَّه غير مفهوم ولا مبرَّر في النَّوع الثاني، وهنا تكمن المشكِلة.
والحاصل: أنَّ نِسْوة المجتمعات المتمسِّكة بعاداتها - أعْني من التي تعاني التصدُّع - قد فهمن الأمر على غير محمله، أو فهِمْنه فهمًا منقوصًا، فنحن جميعًا متَّفِقون على رفْض ابتِزاز المرْأة واستِغْلالها الشَّنيع في غير محلِّه، غير أنَّ أحدًا منَ النَّاس لم يذْكُر أنَّ هذه المظاهر مرفوضة كذلِك في منزلها ومع زوجها.
وهنا تبدو مشكلة جديدة، مفادُها أنَّ هؤلاء النِّسوة المحافظات قد لا يُمانِعن في أن يكنَّ داخل المنزل ومع أزواجِهنَّ على الهيئة والصورة التي يريد، لكنَّ كثيراتٍ منهنَّ لا يمتلكن المواهب التي تُمكِّنهن من القيام بهذا الواجب، فالعلم بالتعلُّم، وهذا أيضًا من العلم.
وإذا كان ذلك كذلك، فإنَّ واجبًا جديدًا سوف يُضاف إلى الواجبات المطلوبة من هؤلاء السيِّدات، ألا وهو: التمرُّس والتمرُّن على مثل هذه الأعمال حتَّى يستطِعْن أداءَها أداء الاحتراف، لا أداء الهواية.
إنَّ كلِماتي هذه حمَّالة أوجُه، ولكنِّي منذ البداية - بل وقبْلها - أقول: إنَّني لا أعني منها إلا الوجْه الذي يتَّفق مع شريعة الإسلام ثمَّ مع عاداتنا الأصيلة، وهي لا تعْدو معنى قول الله - سبحانه -: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}[2].
إنَّ من المتَّفق عليه أنَّ على المرأة أن تُعفَّ زوجها وتشْبِع لديْه كلَّ ما تستطيعه من رغبات الوصال والمتْعة الحسيَّة والمعنويَّة، بما في ذلك متعة الجنس والعين، والأُذُن واللَّمس، وكلُّ ذلك في حدود ما شرع الله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[3].
وفي إطار ذلك يُروى عن أسماء بنت يزيد الأنصاريَّة: أنَّها أتت النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنتَ وأمِّي، إنِّي وافدة النساء إليك، وأعلم - نفسي لك الفداء - أنَّه ما منِ امرأةٍ كائنة في شرْقٍ ولا غرْب، سمعت بمخرجي هذا إلاَّ وهي على مثل رأيي، إنَّ الله بعثك بالحقِّ إلى الرِّجال والنساء، فآمنَّا بك وبإلهك الذي أرْسَلَك، وإنَّا - معشرَ النساء - محصورات مقصورات، قواعد بيوتِكم، ومقضى شهواتِكم، وحاملات أولادِكم، وإنكم - معاشر الرجال - فُضِّلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجِهاد في سبيل الله، وإنَّ الرجل منكم إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مرابطًا، حفِظْنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثْوابكم، وربَّينا لكم أموالكم، فما نُشارككم في الأجر يا رسول الله؟
فالتفت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم إلى أصحابه - بوجهه كله ثم قال: ((هل سمعتم مقالة امرأة قطّ أحسن من مُساءلتها في أمر دينِها من هذه؟)) فقالوا: يا رسول الله، ما ظننَّا أنَّ امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - إليْها ثم قال لها: ((انصرفي أيَّتُها المرأة، وأعْلمي مَن خلفك من النساء أنَّ حسن تبعُّل إحداكن لزوْجِها، وطلبها مرضاته، واتِّباعها موافقته - يعدِل ذلك كلَّه))، فأدْبرت المرأة وهي تهلِّل وتكبِّر استبشارًا"[4]، ضعَّفه الألباني.
والحقُّ أنِّي أخشى التَّعليق على هذا البيان المعجِز، الذي روي هنا عن الرَّسول الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهو من جوامع الكلِم ونواصع البيان، فتأمَّل!
... يتبع بفضل الله ...
تعليق