بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
كل أمهات اليوم كنّ بنات الأمس ، وغالب بنات اليوم هنّ أمهات الغد ، ولكن هل كل من مرت بهذه التجربة حدث لها مثل ما حدث معي ؟
أم إن ما حدث معي ، شيء خاص بي وحدي ؟
هذا السؤال مابرح خاطري منذ زمن طويل ، فكم طرحت على نفسي هذا السؤال مرارًا وتكرارًا ، وها أنا ذا أطرحه عليكن عبر هذه الصفحة بعد سنوات طوال ما من يوم فيها إلا ولي فيه مشاعر وأحاسيس وتجارب تعمقت أثارها التي لا تنمحي في شخصي ، حتى إنني كلما راجعت ذكريات الماضي البعيد عن شخصي قبل أن أصبح أمًا ، أنكر نفسي ولا أكاد أتعرف على شخصي ، ويزداد السؤال إلحاحًا على خاطري : فيا تُرى ما السبب؟ وهل هذه التجربة (الأمومة) هي السبب الرئيس في اتساع البون بين أم هانئ قبل الأمومة ، وأم هانئ بعدها ؟
- وأضرب لكنّ مثلا علِّي أقرِّب به المراد :-
*عندما وضعت أول مولود لي وكان ذكرًا ، كنتُ كثيرًا ما أتأمل ضعفه الشديد - كأي مولود - وهالني ما شعرت به وما تواتر إلى خاطري من أفكار مثلًا :
- كان كلما جاع أخذ يصرخ باكيًا يحرك رأسه ها هنا وها هنا فاتحًا فاه على اتساعه يبحث عما يتقوت به
عاجزًا -حبيبي- عن ترجمة إحساسه في كلمات قليلة :
(أنا جائع)
وساعتها خطر على بالي لو أني لا أرحمه
، وقررت أن أتركه يصرخ هكذا إلى ما شاء الله ،
فماذا عساه يفعل ؟
سيموت جوعًا ؟
لن يستطيع الصراخ طويلا
، بله الحركة للبحث عن قوت
، ما أعجز الإنسان !
هل كنتُ يومًا بهذا الضعف ؟
لم أستطع تصوّر ذلك
، وساعتها حضرني قوله تعالى
:
((قتل الإنسان ما أكفره من أيّ شيء خلقه ...)) سورة : عبس
هل كل العصاة -وأنا منهم كنا- بهذا العجز يومًا ،
بغير حول لنا ولا قوة ،
وضع الله في قلوب أمهاتنا رحمة جعلها تهرع لجبر عجزنا
، وإطعامنا لنحيى وننمو ثم نبارز الله بالمعاصي - كلنا نعلم أننا كنا كذلك ولكن كما قالوا : (( ليس الخبر كالمعاينة )). حقًـــــــا :(( قتل الإنسان ما أكفره ))هــــــــذه واحــــــــدة .
تعليق