إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعرف على مقدار نورك وشدته؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعرف على مقدار نورك وشدته؟





    اعلم أن أشعة
    ( لا إله إلا الله )
    تبدد من ضباب الذنوب وغيومها بقدر قوة ذلك الشعاع وضعفه ، فلها نور ، وتفاوت أهلها في ذلك النور قوة وضعفا لا يحصيه إلا الله تعالى ،

    فمن الناس من نور هذه الكلمة في قلبه كالشمس ، ومنهم من نورها في قلبه كالكوكب الدري ، ومنهم من نورها في قلبه كالمشعل العظيم ، وآخر كالسراج المضيء ، وآخر كالسراج الضعيف ،

    ولهذا تظهر الأنوار يوم القيامة بأيمانهم وبين أيديهم على هذا المقدار بحسب ما في قلوبهم من نور هذه الكلمة علما وعملا ومعرفة وحالا ،

    وكلما عظم نور هذه الكلمة واشتد أحرق من الشبهات والشهوات بحسب قوته وشدته ، حتى إنه ربما وصل إلى حال لا يصادف معها شبهة ولا شهوة ولا ذنبا إلا أحرقه ، وهذا حال الصادق في توحيده الذي لم يشرك بالله شيئا ،

    فأي ذنب أو شهوة أو شبهة دنت من هذا النور أحرقها ، فسماء إيمانه قد حرست بالنجوم من كل سارق لحسناته ، فلا ينال منها السارق إلا على غرة وغفلة لا بد منها للبشر ،

    فإذا استيقظ وعلم ما سرق منه استنقذه من سارقه ، أو حصَّل أضعافه بكسبه ، فهو هكذا أبدا مع لصوص الجن والإنس ،

    ليس كمن فتح لهم خزانته وولى الباب ظهره ،


    وليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه لا خالق إلا الله ، وأن الله رب كل شيء ومليكه ،

    كما كان عُبَّاد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون ، بل


    التوحيد يتضمن من محبة الله ، والخضوع له ، والذل ، وكمال الانقياد لطاعته ، وإخلاص العبادة له ، وإرادة وجهة الأعلى بجميع الأقوال ، والأعمال ، والمنع ، والعطاء ، والحب ، والبغض ،

    ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها ،

    ومن عرف هذا عرف قول النبي – صلى الله عليه وسلم - : " إن الله حرم على النار من قال : ( لا إله إلا الله ) يبتغي بذلك وجه الله " ،

    وقوله : " لا يدخل النار من قال : ( لا إله إلا الله ) " ،

    وما جاء من هذا الضرب من الأحاديث التي أشكلت على كثير من الناس ، حتى ظنها بعضهم منسوخة ، وظنها بعضهم قيلت قبل ورود الأوامر والنواهي واستقرار الشرع ، وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار ، وأوَّل بعضهم الدخول بالخلود ،

    وقال : المعنى لا يدخلها خالدا ، ونحو ذلك من التأويلات المستكرهة ،

    والشارع - صلوات الله وسلامه عليه - لم يجعل ذلك حاصلا بمجرد قول اللسان فقط ، فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام ،

    فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم وهم تحت الجاحدين لها ، في الدرك الأسفل من النار ،

    فلا بد من قول القلب وقول اللسان ،

    وقولُ القلب يتضمن من معرفتها ، والتصديق بها ، ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي والإثبات ، ومعرفة حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله المختصة به التي يستحيل ثبوتها لغيره ، وقيام هذا المعنى بالقلب علما ، ومعرفة ، ويقينا ، وحالا ما يوجب تحريم قائلها على النار

    ، وكلُّ قول رتب الشارع ما رتب عليه من الثواب فإنما هو القول التام ،

    كقوله : " من قال في يوم : سبحان الله وبحمده مائة مرة ، حُطَّت عنه خطاياه - أو غُفرت ذنوبه - ولو كانت مثل زبد البحر " ،

    وليس هذا مرتبا على مجرد قول اللسان ،

    نعم من قالها بلسانه غافلا عن معناها ، معرضا عن تدبرها ، ولم يواطىء قلبه لسانه ، ولا عرف قدرها وحقيقتها ، راجيا مع ذلك ثوابها ، حطت من خطاياه بحسب ما في قلبه ،

    فإن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها ، وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب ، فتكون صورة العملين واحدة ، وبينهما في التفاضل كما بين السماء والأرض ، والرجلان يكون مقامهما في الصف واحدا ، وبين صلاتيهما كما بين السماء والأرض ،

    وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ويقابلها تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر ، فتثقل البطاقة وتطيش السجلات ، فلا يعذب ، ومعلوم أن كل موحد له مثل هذه البطاقة ، وكثير منهم يدخل النار بذنوبه ،

    ولكن السر الذي ثقَّل بطاقة ذلك الرجل ، وطاشت لأجله السجلات ، لمَّا لم يحصل لغيره من أرباب البطاقات ، انفردت بطاقته بالثقل والرزانة ،

    وإذا أردت زيادة الإيضاح لهذا المعنى : فانظر إلى ذكر مَنْ قلبه ملآن بمحبتك ، وذكر من هو معرض عنك غافل ساه مشغول بغيرك ، قد انجذبت دواعي قلبه إلى محبة غيرك وإيثاره عليك ،

    هل يكون ذكرهما واحدا ؟

    أم هل يكون ولداك اللذان هما بهذه المثابة ، أو عبداك ، أو زوجتاك عندك سواء ؟

    وتأمل ما قام بقلب قاتل المائة من حقائق الإيمان ، التي لم تشغله عند السياق عن السير إلى القرية ، وحَمَلَتْه وهو في تلك الحال على أن جعل ينوء بصدره ويعالج سكرات الموت ،

    فهذا أمر آخر ، وإيمان آخر ، ولا جرم أن أُلحق بالقرية الصالحة ، وجُعل من أهلها

    وقريب من هذا ما قام بقلب البغيِّ التي رأت ذلك الكلب وقد اشتد به العطش ، يأكل الثرى ، فقام بقلبها ذلك الوقت مع عدم الآلة ، وعدم المعين ، وعدم من ترائيه بعملها

    ما حملها على أن غررت بنفسها في نزول البئر ، وملء الماء في خفها ، ولم تعبأ بتعرضها للتلف

    وحملها خفها بفيها وهو ملآن ، حتى أمكنها الرقي من البئر ، ثم تواضعها لهذا المخلوق الذي جرت عادة الناس بضربه ،

    فأمسكت له الخف بيدها حتى شرب من غير أن ترجو منه جزاء ولا شكورا ، فأحرقت أنوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم منها من البغاء ، فغفر لها ، فهكذا الأعمال والعمَّال عند الله ،

    والغافل في غفلة من هذا الإكسير الكيماوي الذي إذا وضع منه مثقال ذرة على قناطير من نحاس الأعمال قلبها ذهبا ،

    والله المستعان .


    إذا أعجبك موضوعى فأدعو لى بحفظ القرآن الكريم والآخلاص فى القول والعمل
    اللهم اجعل أعمالي كلها صالحة و لوجهك الكريم خالصة و لا تجعل للناس منها شيئا ولا للشيطان منها نصيبا و تقبلها ربنا بقبول حسن

  • #2
    رد: تعرف على مقدار نورك وشدته؟

    جزاكِ الله خيرا
    لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

    استمعي بقلبك



    تعليق

    يعمل...
    X