حالما يقترب موسم الاختبارات حتَّى ترى كثيراً من البيوت قد أعلنت عن حالة التأهب القصوى والاستعداد الكامل والاستنفار المتحفِّز ،لدخول معمعة الامتحان التي يكرم المرء فيها أو يهان!
ولكننا لو تأملنا هذا الاهتمام المبالغ فيه من أجل هذا الامتحان الهيِّن الدُّون ، ثمَّ قلَّبنا البصر إلى ضعف الاستعداد وقلَّة الاهتمام وشدَّة الغفلة عن ذلك الامتحان الرهيب الذي خلقنا الله تعالى من أجله وأنشأنا له ، لرأيت البصر ينقلب إليك خاسئاً وهو حسير .
قال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) الملك:2
وقال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ..) محمد:31
وقال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَالأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) البقرة:155
والفرق واسع والبون شاسع بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة ..
وإليك أوجهاً من ذلك التباين والاختلاف بين الامتحانين
امتحان الدنيا في جزءٍ من كتاب ، وفي ورقاتٍ معدوداتٍ من دفتر ، في مجالٍ من مجالات الحياة ، وضربٍ من ضروب العلم .
أمَّا امتحان الآخرة ففي كتابٍ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاَّ أحصاها ، قد حوى الأقوال ، وأحصى الأفعال ، وأحاط بالحركات والسَّكنات ، وألمَّ بالخطرات والهنَّات والزلاَّت !
قال تعالى : (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا
وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) الكهف:49
فالصغائر مسجلة به ، كما أنَّ الكبائر مدوَّنة فيه .
قال تعالى : (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ) القمر:53
فالعباد يقولون ويعملون ، والكُتَّاب يكتبون،
ويوم القيامة يخرجُون ما كانوا يحصون و يستنسخون.
قال تعالى :
(هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الجاثية:29
فتنشر الفضائح ، وتظهر القبائح ، ويبدو ما كان مخبوءاً من ذنوبٍ وعصيان ، تحت ركام الغفلة والنسيان !
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ
والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المجادلة:6
الأسـئـلة
امتحان الدنيا أسئلته محدودة في بعض مفردات الكتاب ، فلا يمكن للمعلِّم أن يسأل الطالب عن كلِّ دقيق وجليل من محتويات المنهج ، وربما تدركه الشفقة فيختار له من أسهل الأسئلة وأيسرها ، ولعلَّه يراجع مع الطالب الإجابة قبيل الامتحان بأيام مساعدةً له وتيسيراً عليه .
أما امتحان الآخرة فالأسئلة حاويةٌ لأطراف الحياة ، شاملة لدقائق العمر ..
أسئلة عن الأفعال ..
و أسئلة عن الأقوال ..
وأسئلة عن الأموال ..
وأسئلة عن النيَّات ..
وأسئلة عن المعتقدات ..
وأسئلة عن الأوقات ..
وأسئلة عن الأمانات ..
سؤال خطير ؛ جِدُّ خطير ، عن كلِّ كبير وصغير وعظيم وحقير !
قال تعالى : ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الحجر:93
وقال تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَالأمْوَالِ وَالأنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) البقرة:155
والفرق واسع والبون شاسع بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة ..
وإليك أوجهاً من ذلك التباين والاختلاف بين الامتحانين
امتحان الدنيا في جزءٍ من كتاب ، وفي ورقاتٍ معدوداتٍ من دفتر ، في مجالٍ من مجالات الحياة ، وضربٍ من ضروب العلم .
أمَّا امتحان الآخرة ففي كتابٍ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاَّ أحصاها ، قد حوى الأقوال ، وأحصى الأفعال ، وأحاط بالحركات والسَّكنات ، وألمَّ بالخطرات والهنَّات والزلاَّت !
قال تعالى : (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا
وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) الكهف:49
فالصغائر مسجلة به ، كما أنَّ الكبائر مدوَّنة فيه .
قال تعالى : (وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ) القمر:53
فالعباد يقولون ويعملون ، والكُتَّاب يكتبون،
ويوم القيامة يخرجُون ما كانوا يحصون و يستنسخون.
قال تعالى :
(هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الجاثية:29
فتنشر الفضائح ، وتظهر القبائح ، ويبدو ما كان مخبوءاً من ذنوبٍ وعصيان ، تحت ركام الغفلة والنسيان !
(يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ
والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) المجادلة:6
الأسـئـلة
امتحان الدنيا أسئلته محدودة في بعض مفردات الكتاب ، فلا يمكن للمعلِّم أن يسأل الطالب عن كلِّ دقيق وجليل من محتويات المنهج ، وربما تدركه الشفقة فيختار له من أسهل الأسئلة وأيسرها ، ولعلَّه يراجع مع الطالب الإجابة قبيل الامتحان بأيام مساعدةً له وتيسيراً عليه .
أما امتحان الآخرة فالأسئلة حاويةٌ لأطراف الحياة ، شاملة لدقائق العمر ..
أسئلة عن الأفعال ..
و أسئلة عن الأقوال ..
وأسئلة عن الأموال ..
وأسئلة عن النيَّات ..
وأسئلة عن المعتقدات ..
وأسئلة عن الأوقات ..
وأسئلة عن الأمانات ..
سؤال خطير ؛ جِدُّ خطير ، عن كلِّ كبير وصغير وعظيم وحقير !
قال تعالى : ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الحجر:93
إنه موقف السؤال والحساب بين يدي ملك الملوك وربِّ الأرباب !
قال تعالى (قِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24)) الصافات
قال تعالى (قِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ (24)) الصافات
عن ابن مسعود رضي الله عنه ، عن النبي صلّ الله عليه وسلم ، قال :" لا تزُولُ قدَما ابن آدم مِن عند ربِّه حتَّى يُسألَ عن خمس : عن عُمرِه فيما أفناه ، وعن شَبابِه فيما أبلاه ، وعن مالِه من أين اكتسَبَه وفيما أنفَقَه ، وماذا عمِلَ فيما عَلِم " حسن
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :" ألا كُلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مسؤُلٌ عن رعيَّتهِ ، فالإمامُ الذي على النَّاسِ راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيَّته ، والرَّجلُ راعٍ على أهلٍ بيتِه وهو مسؤولٌ عن رعيَّته ، والمرأةُ راعيةٌ على أهلِ بيتِ زوجِها وولده وهي مسؤولةٌ عنهُم ، وعبدُ الرَّجلِ راعٍ على مالِ سيِّده وهو مسؤولٌ عنهُ ، ألا فكُلُّكُم مسؤولٌ عن رعيَّتِه "
وعن أنس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرعاه: أحفِظ أم ضيَّع حتَّى يسأَلَ الرَّجلَ عن أهلِ بيتِهالراوي : الحسن | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم: 4493 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
ولو أنَّا إذا مِتنا تركنا ..... لكان الموتُ غاية كلَّ حيٍّ
ولكنَّا إذا متنا بعثنا ..... ونُسأل بعده عن كلِّ شيءٍ
المـكـان
امتحان الدنيا في جوٍّ مهيأ ، ومكانٍ معدٍّ ، فالكراسي مريحة ، والأنوار ساطعة ، والمكيفات باردة ، والأمن والأمان يبسطان رداءهما على المكان .
أما امتحان الآخرة ففي جوٍّ رهيب ، وموقفٍ عصيب ، ومكانِ عجيب ..
قال تعالى : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ) ابراهيم
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :" ألا كُلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مسؤُلٌ عن رعيَّتهِ ، فالإمامُ الذي على النَّاسِ راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيَّته ، والرَّجلُ راعٍ على أهلٍ بيتِه وهو مسؤولٌ عن رعيَّته ، والمرأةُ راعيةٌ على أهلِ بيتِ زوجِها وولده وهي مسؤولةٌ عنهُم ، وعبدُ الرَّجلِ راعٍ على مالِ سيِّده وهو مسؤولٌ عنهُ ، ألا فكُلُّكُم مسؤولٌ عن رعيَّتِه "
وعن أنس رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنَّ اللهَ سائلٌ كلَّ راعٍ عمَّا استرعاه: أحفِظ أم ضيَّع حتَّى يسأَلَ الرَّجلَ عن أهلِ بيتِهالراوي : الحسن | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم: 4493 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
ولو أنَّا إذا مِتنا تركنا ..... لكان الموتُ غاية كلَّ حيٍّ
ولكنَّا إذا متنا بعثنا ..... ونُسأل بعده عن كلِّ شيءٍ
المـكـان
امتحان الدنيا في جوٍّ مهيأ ، ومكانٍ معدٍّ ، فالكراسي مريحة ، والأنوار ساطعة ، والمكيفات باردة ، والأمن والأمان يبسطان رداءهما على المكان .
أما امتحان الآخرة ففي جوٍّ رهيب ، وموقفٍ عصيب ، ومكانِ عجيب ..
قال تعالى : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) ) ابراهيم
أهوالٌ عظيمة ، وكرباتٌ جسيمة ، وأحوالٌ مفجعةٌ ، ومناظر مدهشةٌ ، ترتعد منها الفرائص ، وتقشعرُّ منها الجلود ، وتنخلع لهولها القلوب ، وتشيب منها مفارق الولدان !
قال تعالى : ( .. يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17)) المزمل
قال تعالى : ( .. يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17)) المزمل
يوم يجمع الله الأولين والآخرين ، فإذا هم بالساهرة ، حفاةً بلا أحذية ، عراةً بلا أردية ، غرلاً بدون ختان .
قال تعالى :كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104]
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تُحشَرُونَ حُفاةً عُراةً غُرلاً " قالت عائشةُ : فقلتُ : يا رسولَ الله الرِّجالُ والنِّساءُ ينظُرُ بعضُهُم إلى بعضٍ ؟ فقال :" الأمرُ أشدُّ مِن أن يُهِمَّهُم ذلك " صحيح البخاري
القبور تبعثرت ، والأفلاك تفجَّرت ، والنجوم تكدَّرت ، والسماء تفطَّرت، والجبال سيِّرت ، والبحارسعِّرت ، والشمس كوِّرت ، والجحيم بُرِّزت ، والوحوش جُمعت وعلى أرض المحشرحشرت ...
قال تعالى : ( يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكنَّ عذاب الله شديد )
القلوب واجفة ، والأبصار خاشعة ، والأعناق خاضعة ، والأمم جاثية على الرُّكب تخشى العطب ، لِما ترى وتسمع من مهلكات وخطوب ، فالميزان منصوب ، والصراط مضروب ، والشهود تشهد ، والجوارح تفضح ، والصحائف تنشر !
وإلى الله يومئذِ المستقر ! فأين المفر ؟!
قال تعالى : ( يوم تجد كلُّ نفسٍ ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودُّ لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذِّركم الله نفسه والله رؤوفٌ بالعباد )
الزمـان
امتحان الدنيا إن طال زمانه وامتدَّ أوانه فهو في ساعةٍ من نهار ، وربما أكثر من ذلك بقليل .
أما امتحان الآخرة فهو في ( يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )
وعندما يعيش المجرمون ذلك اليوم الطويل بما فيه من خطبٍ جليل ، يقسمون الأيمان المغلظة ما لبثوا إلاَّ قليلاً ولا عاشوا إلاَّ يسيراً .
قال تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون ) فيفزعون نادمين ، وعلى أعمارهم متحسِّرين : إنما هو زمنٌ يسير ! وعمرٌ قصير! ثُمَّ كان إلى الله المصير !
قال تعالى : ( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين * قال إن لبثتم إلاَّ يسيراً لو أنكم كنتم تعقلون * أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وإنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق ..)
والعاقل الحصيف يعلم علم اليقين أنَّما هي بضع سنين أو أقلُّ من ذلك أو أكثر ، ثمَّ يقبر ، ثمَّ ينشر ، ثمَّ يحشر ، فإذا به واقفٌ بين يدي ربّه في يوم العرض الأكبر!
فيستعدَّ لما أمامه من أهوال يوم القيامة ، فيغنم أيامه ولياليه فيما يقرِّبه من خالقه ومولاه .. بالمبادرة إلى الطاعات ، والأعمال الصالحات ، والمسابقة في الخيرات ، قبل أن تأتيه المنيَّة ، ويصاح في قافلة الهلكى : الرحيل ! الرحيل !
ويبلسُ هنالك الغافلون !
قال تعالى : ( كأنَّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاَّ عشيَّة أو ضحاها )
قال تعالى :كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104]
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تُحشَرُونَ حُفاةً عُراةً غُرلاً " قالت عائشةُ : فقلتُ : يا رسولَ الله الرِّجالُ والنِّساءُ ينظُرُ بعضُهُم إلى بعضٍ ؟ فقال :" الأمرُ أشدُّ مِن أن يُهِمَّهُم ذلك " صحيح البخاري
القبور تبعثرت ، والأفلاك تفجَّرت ، والنجوم تكدَّرت ، والسماء تفطَّرت، والجبال سيِّرت ، والبحارسعِّرت ، والشمس كوِّرت ، والجحيم بُرِّزت ، والوحوش جُمعت وعلى أرض المحشرحشرت ...
قال تعالى : ( يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكنَّ عذاب الله شديد )
القلوب واجفة ، والأبصار خاشعة ، والأعناق خاضعة ، والأمم جاثية على الرُّكب تخشى العطب ، لِما ترى وتسمع من مهلكات وخطوب ، فالميزان منصوب ، والصراط مضروب ، والشهود تشهد ، والجوارح تفضح ، والصحائف تنشر !
وإلى الله يومئذِ المستقر ! فأين المفر ؟!
قال تعالى : ( يوم تجد كلُّ نفسٍ ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تودُّ لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذِّركم الله نفسه والله رؤوفٌ بالعباد )
الزمـان
امتحان الدنيا إن طال زمانه وامتدَّ أوانه فهو في ساعةٍ من نهار ، وربما أكثر من ذلك بقليل .
أما امتحان الآخرة فهو في ( يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )
وعندما يعيش المجرمون ذلك اليوم الطويل بما فيه من خطبٍ جليل ، يقسمون الأيمان المغلظة ما لبثوا إلاَّ قليلاً ولا عاشوا إلاَّ يسيراً .
قال تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون ) فيفزعون نادمين ، وعلى أعمارهم متحسِّرين : إنما هو زمنٌ يسير ! وعمرٌ قصير! ثُمَّ كان إلى الله المصير !
قال تعالى : ( قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم فاسأل العادين * قال إن لبثتم إلاَّ يسيراً لو أنكم كنتم تعقلون * أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وإنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق ..)
والعاقل الحصيف يعلم علم اليقين أنَّما هي بضع سنين أو أقلُّ من ذلك أو أكثر ، ثمَّ يقبر ، ثمَّ ينشر ، ثمَّ يحشر ، فإذا به واقفٌ بين يدي ربّه في يوم العرض الأكبر!
فيستعدَّ لما أمامه من أهوال يوم القيامة ، فيغنم أيامه ولياليه فيما يقرِّبه من خالقه ومولاه .. بالمبادرة إلى الطاعات ، والأعمال الصالحات ، والمسابقة في الخيرات ، قبل أن تأتيه المنيَّة ، ويصاح في قافلة الهلكى : الرحيل ! الرحيل !
ويبلسُ هنالك الغافلون !
قال تعالى : ( كأنَّهم يوم يرونها لم يلبثوا إلاَّ عشيَّة أو ضحاها )
الكاتب: عبد اللطيف الغامدي
يتبع
تعليق