قصة ذلك الشاب يدرس في جامعة البترول والمعادن كان في السنة الثالثة في بدراسته الجامعية .. شاب نشط الكل ينظر إليه والديه وأهله على أنه سوف يتخرج بإذن الله عن قريب وسوف يكون عون لوالديه في مشاغل الدنيا كلها ..
كان على درجة من الصلاح ما عرف عنه إلا كل خير قراءته للقرآن الكريم ، تعبداً لله سبحانه وتعالى ، صلاة ، زكاة ، صيام ، قيام ليل ،
كان معروفاً عنه بالصلاح كان كل أصحابه يذكرون عنه أنه كثير الابتسامة وكثير العبادة وكان يحب سماع القرآن الكريم ..
ذلك الشاب خرج في طريق عادي بسرعة معقولة لكن قدر الله سبحانه وتعالى له حادث في الطريق انكسر فيه فخذه فقط
انتقل إلى أحد المستشفيات الخاصة وبعد عدة أيام من السجال والذهاب والإياب والتردد في إجراء التدخل الجراحي نُقل إلى المستشفى عندنا
فأخبرناه أنه لا بد لك من العملية وأن العملية هذه ضرورية وتثبيت كسر الفخذ وذلك بواسطة سيخ داخلي يوضع داخل الفخذ ويثبت بشيء من فوق ومن أسفل الفخذ .. وافق ووافق أهله على العملية .. أجريت له العملية بالطريقة المعتادة وهذه العملية شائعة يعني كل أسبوع تُجرى في المنطقة الشرقية 10 حالات بمثل هذه وفي المملكة قد يكون 40 أو 50 حالة فالعملية شائعة وما تحصل منها أي مشاكل إلا في النادر القليل في أقل من 1 في الألف أن تحصل له هذه المشكلة كما التي حصلت لهذا الشاب .. لماذا هذا الشاب ؟ علمه عند ربي سبحانه وتعالى يختار من يشاء ..
فهذا الشاب في اليوم الأول بعد العملية وقد زاره أصحابه وبدؤوا يتكلمون معه وكان نشطا ويتكلم معهم ويذكرهم بالله أكثر من أنهم هم يذكروه !
وهو يثبتهم وهم أصلا حاضرين حتى يثبتونه ويقولون له أنت ما فيك إلا الخير وان شاء الله معافى وسوف ترجع .
قال الحمد الله على قضاء الله وقدره وأنا بحمد الله طيب ومعافى والحمد الله أجريت لي العملية ، ودائماً بين كلمة وأخرى يذكر الله سبحانه وتعالى وكان دائماً سؤاله : كيف أصلي وكيف أتوضأ وكيف القبلة ... الخ ؟!
وسبحان الله العظيم ومع مرور الصباح وجدنا الرجل يتغير بدأ عليه بعض التعرق وبدأ يكون شاحب الوجه وبدأ يتكلم بكلام مفهوم ولكنه بطيء فكأننا شعرنا أنه يأخذ النفس بسرعة فقسنا له سرعة التنفس وجدناها أنها سريعة جداً نبضات القلب سريعة خشينا أن الأمر فيه سوء بدأنا بإجراء الفحوصات الطبية المعهودة من أخذ كمية الأكسجين في الدم عن طريق شريانه الذي في اليد وجدنا نسبة الأكسجين في الدم قليلة جداً حدود 60 % والمفروض أنها تكون تقريبا 95 – 97 % فتأكدنا أن هذا الرجل الأكسجين يدخل إلى الرئتين لكنه ما يصل إلى الدم فإذاً فيه مشكلة في الرئتين ! ..
أجرينا له فوراً أشعة على الصدر فوجدنا المشكلة ! جلطة أثرت على الرئتين في الجهتين وكمية كبيرة جداً منتشرة في كل أطراف الرئتين ، رئتيه بدل أن تكون سود من كثرة الهواء ظهرت بيضاء وهذا البياض معناه أنه فيه انسداد في الحويصلات الهوائية بسبب هذه الجلطة .. الجلطة مصدرها عرف أنه من منطقة الكسر لأنها جلطة دهنية انتقلت من منطقة الكسر هذا الأمر معروف طبياً لكنه نادر الحدوث عند الشباب لكن سبحان الله العظيم قدر الله وما شاء فعل أن يكون ذلك الشاب واحد من هؤلاء المصابين ومعروف كذلك عندنا طبياً أن 50 % منهم ما يستطيعون ينظفون هذه الجلطة من الرئتين وتكون نهايتهم نهاية المطاف الوفاة ونسأل الله سبحانه وتعالى السلامة ..
أخبرنا ذلك الشاب أنه لا بد من إجراء تنفس صناعي أو تنفس عن طريق الأنبوبة ولا بد أن يُخدّر حتى ما ينازع أنبوبة التنفيس ثم يوضع له الأنبوب داخل الحلق مما يوصل الهواء بكميات جيدة إلى الرئتين تحت ضغط معين حتى لعل وعسى تنفتح الحويصلات الهوائية ويقل أثر الجلطة
وهذه الطريقة المعتادة ويُعطى مواد طبية أخرى تقلل من أثر الجلطة وكل هذا معروف ومعمول به بالطرق المتبعة العلمية
قال فإذاً سوف أغيب عن الوعي ؟!! .. قلنا نعم لا بد أن تغيب عن الوعي نأخذك الآن للعناية المركزة فطبعا هو صاحي الآن ويسمع كل هذا الكلام فذكر الله سبحانه وتعالى ذكراً كثيراً قبل أن يغيب عن الوعي وخاصة أنه حس داخل نفسه أنه قد لا يفيق !
وطبعا صعبة أنك تقول له أنك لا تفيق حتى لا تأثر على نفسته ولكن يمكن نقول له : أذكر الله ، أكثر من ذكره سبحانه وتعالى ، خلّك قريب من الله سبحانه وتعالى عاد الأمور فيها خطورة فيها كذا لعله يفهم منها المغزى ! .. لكن أهله ووالديه توضح لهم كل ما يحصل ..
وافق وكان ما عنده خيار مسكين فوضعت له الأنبوبة وبدأ في تخديره تدريجياً وشل حركة العضلات لئلا ينازع أنبوب التنفيس لأنه مؤذي أنبوب التنفس هذا وأخذناه للعناية المركزة .. أعطيناه الأكسجين بكميات كبيرة .. أعطيناه الأكسجين مضغوط ولكن ليس بقوة حتى لا يفجر مناطق معينة في الرئتين .. ضغط 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 6 وبعد ذلك والأكسجين تعطيه 50 ، 60 ، 70 إلى 100 % ومع ذلك رئتيه ما تريد أن تستجيب أول يوم ، ثاني يوم ، ثالث يوم ، جلس عشرة أيام في العناية المركزة .. وهذه القضايا يعني بالنسبة لنا كأطباء نرى أن مثل هؤلاء شيء قريب منها في العناية المركزة بشكل معروف وملحوظ عندنا ما كانت حقيقة تؤثر علينا فينا هذه الحالات ما نقول لتبلد الحس لكن بكثرة ما نرى من هذه الحوادث لكن ذلك الشاب حقيقة كان منظره عجيب ..
يحضر والده دائماً للعناية المركزة للاطمئنان على حالته ويسأل الصغير والكبير وما قصر والده ، ما ترك أحد إلا ليسأله عنه : شوفوا له أي حل أي طريقة أذهب به إلى أي مكان لو أخسر دمي لو أخسر لو أخسر كل ما أملك لكن تنقذون لي ولدي ! ، طبعا ليس في يد الأطباء ولا في يد أي أحد ما يستطيع أحد يقدم له أكثر مما قدم . حاول الوالد أذهب به : إلى المستشفى العسكري في المستشفى الفلاني قلنا يا والد كل هذا الأمر أعطيناه ما عندنا وما استطعنا فعله لكن ما عندك إلا الدعاء له .. فبدأ يستسلم للأمر الواقع وبدأ يدعو له هو ووالدته وجميع أهله .. العجيب كان والده يحضر المسجل ويضع له شريط قرآن ويُخيّل لي وأظن والعلم عند الله سبحانه وتعالى أن هذا الشريط بالذات كان يحب سماعه دائماً ذلك الشاب الصالح بصوت هذا المقرئ فكان إذا سمع القرآن تدمع عينيه وهو تحت التخدير ! تخرج الدموع من عينيه ! وكأنه يحس بقراءة القرآن تتلى عليه ! فكنا نعجب من حاله ! كان لا يسمعنا ولا يجاوب معنا ولا مع والديه لكن إذا سمع القرآن تدمع عينيه .. قد يكون أن كمية الدواء المخدر تقل منها في لحظات معينة فيبدأ في الإحساس ولذلك تدمع عينيه لكن الشاهد كنت أرى بعض التعابير على وجهه عند قراءة القرآن أو عند تلاوته يُقرأ عند رأسه .. في اليوم العاشر توفاه الله سبحانه وتعالى بعدما نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً مات على ذكر الله قبل أن يوضع في أنبوب التنفس والله أعلم ..
م
ن
ق
و
ل