السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد فاتني خيرٌ كثيرٌ :""
دَخَلت سلمى دارَ التَّحفيظِ ، فإذا بها ترى صديقتَها سارة التي لم تُقابِلها مُنذُ فترةٍ .
سلَّمَت عليها ، وجلَسَت مُمسِكةً بمُصحفِها ، تُراجِعُ حِفظَها .
جاء دَوْرُ سارة لتقرأ على المُحَفِّظَة ، فتُراجِعُ حِفظَها ، وتُصَحِّحُ تِلاوتَها .
وبدأت سارة في القِراءةِ ، والمُحَفِّظَة تُصَحِّحُ لها أخطاءَها برِفقٍ .
المُحَفِّظَة : هذا الحَرفُ يُنطَقُ هكذا ...
سارة : نعم ، أعرِفُ ذلك ، فوقَه فَتحة .
المُحَفِّظَة : أقصِدُ أنَّه حَرفٌ مُفَخَّمٌ ، فلا تُرَقِّقيه .
ثُمَّ تُكمِلُ قِراءِتها .
المُحَفِّظَة : انتبِهي لهذا الخطأ .
سارة : أنا مُعلِّمةُ لُغة عَربيَّة ، وأعرفُ ذلك .
وهكذا المُحَفِّظَة تُصَحِّحُ لسارة أخطاءَها ، وسارة تُظهِرُ أنَّها مُتعلِّمةٌ
وتعرفُ اللُّغةَ العَربيَّةَ والنَّحوَ جيِّدًا .
وبعد أن تنتهِيَ سارة من قِراءَتها ، تجلسُ بجانِبِ سلمى .
وبعد قليلٍ ، تنظرُ لها قائلةً : ما مُؤهِّلُ هذه المُحَفِّظَة ؟
سلمى : لا أعرِف .
وهِيَ تقولُ في نَفسِها : سُؤالٌ غَريبٌ !
وهل تعلُّمُ القُرآنِ وتعليمُه يَحتاجُ لمُؤهِّلاتٍ عِلميَّةٍ وشهاداتٍ جامِعيَّةٍ ؟!
أحسَّت المُحَفِّظَة بشيءٍ في نَفْسِ سارة تُريدُ أن تقولَه ، فسألتها :
عن ماذا تسألين ؟
سارة : أسألُ عن مُؤهِّلِكِ .
المُحَفِّظَة : لماذا تسألينَ هذا السُّؤال ؟!
سارة : أظُنُّ أَنِّي رأيتُكِ مِن قبل بأحدِ الأماكنِ ، وَجهُكِ ليس غريبًا عليَّ .
المُحَفِّظَة : لعلَّها أختي .
ومِن خلال الحِوار بينهما ، ومَعرفتِها بمُؤهِّل المُحَفِّظَة ، تبيَّنَ لها أنَّها لم تَرَها مِن قبل .
تضايَقَت المُحَفِّظَة مِن أسلوبِ سارة ، وتعليقاتِها الكثيرة ، وإظهارِها لعِلمِها رغم جَهلِها ،
وأخفَت ذلك في نَفْسِها .
ومَوقِفُ سارة لم يُفارِق تفكيرَ سلمى .
استغرَبَت مِن فِعل صَديقتِها في دار التَّحفيظِ ، ولم تَستغرِب أُسلوبَها وطريقتِها .
وأخَذَت تُحَدِّثُ نَفْسَها قائلةً : ليس معنى كَونِكِ مُعلِّمةً أنَّكِ تُجيدينَ مادَّتَكِ وتُتقنينها .
وليس معنى حُصولِكِ على مُؤهِّلٍ عالٍ وشهادةٍ جامِعيَّةٍ أنَّكِ تُحسنينَ قِراءةَ القُرآن .
إذا نَظرتِ لنَفسِكِ نظرةَ المُتعلِّمةِ الفاهِمةِ ، ولم تقبلي أن يُصَحِّحَ أحدٌ لَكِ أخطاءَكِ ،
فلن تتعلَّمي أبدًا .
العِلمُ يَحتاجُ لتواضُعٍ . وتَعلُّمُ القُرآن خاصَّةً يَحتاجُ لِمَن يُقبِلُ عليه بصِدقٍ وإخلاص ،
يُعطيه قلبَه ورُوحَه ووَقتَه .
لو استشعَر المُتعلِّمُ أنَّه مِن خير النَّاسِ حين يتعلَّمُ القُرآنَ ، لأقبَلَ عليه بحُبٍّ .
هلًّا تأمَّلتِ قليلًا قولَ نبيِّكِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
( خَيرُكم مَن تعلَّمَ القُرآنَ وعلَّمَه ) رواه البُخاريُّ ؟!
إذا رَفعتِ نَفْسَكِ عاليًا ، ونَظرتِ لمُعلِّمتِكِ نظرةَ احتقارٍ واستصغار ،
فلن تتعلَّمي منها ولا مِن غيرها .
مَرَّت الأيَّام وسارة لا تذهَبُ لدار التَّحفيظِ .
كانت المَرَّة الأولى والأخيرة التي ذَهَبَت فيها هِيَ التي التقَت فيها بصَديقتِها سلمى .
وبعد فترةٍ التقَت سارة بسلمى في إحدى المُناسباتِ .
سألتها سلمى عن سَبَبِ غِيابِها ، وعَدم مَجيئِها لدَار التَّحفيظِ .
فأخبرتها بانشغالِها ببعض الأمور ، وأنَّها لا تَجِدُ وقتًا لحِفظِ القُرآن ،
أو للذهاب لدار التَّحفيظِ .
سلمى : تعرفين يا سارة ؟ لقد تعلَّمتُ أشياء كثيرة مُنذُ التحاقي بدَار التَّحفيظِ
تعلَّمتُ كيف أقرأ القُرآنَ بشكلٍ صحيحٍ .
ضَبطتُ كثيرًا مِن مَخارج الحُرُوفِ التي لم أكن أضبِطها .
تعلَّمتُ كيف أتَهَجَّى أيَّ كلمةٍ تَمُرُّ بي في القُرآنِ ولا أستطيعُ قِراءَتها ،
فأقرؤها بفضل اللهِ بسُهولةٍ .
اكتسبتُ صداقاتٍ جديدةً ، وتعرَّفتُ على أخواتٍ أحببتُهُنَّ في اللهِ
تعلَّمتُ مِنهُنَّ كثيرًا مِن أُمور دِيني ودُنيايَ .
وجودي بينهُنَّ في مَجلِس ذِكرٍ تَحُفُّه الملائكةُ ، وتغشاه الرَّحمةُ ،
وتنزلُ عليه السَّكينةُ ، يُنسيني الدُّنيا بما فيها .
وأرجو مِن كُلِّ ذلك رِضا اللهِ سُبحانه ، وجَمْعَ الجِنان ()"
يا سارة ، لقد فاتَكِ خَيرٌ كثيرٌ حِين غِبتِ عن دار التَّحفيظِ ،
حين انشغلتِ عن القُرآنِ بأمور دُنياكِ ، حِين لم تتعبَّدي للهِ
تعالى بحِفظِكِ لكتابِهِ وتصحيحكِ لتِلاوتِهِ .
لقد فاتَكِ خَيرٌ كثيرٌ حِين فرَّطتِ في صُحبةٍ ما ابتغَت مِن وراءِ صُحبتِها
إلَّا وَجهَ اللهِ ، وما اجتمَعَت في ذاك المكانِ إلَّا لأجلِ اللهِ .
لقد فاتَكِ خَيرٌ كثيرٌ .
..
لقد فاتني خيرٌ كثيرٌ :""
دَخَلت سلمى دارَ التَّحفيظِ ، فإذا بها ترى صديقتَها سارة التي لم تُقابِلها مُنذُ فترةٍ .
سلَّمَت عليها ، وجلَسَت مُمسِكةً بمُصحفِها ، تُراجِعُ حِفظَها .
جاء دَوْرُ سارة لتقرأ على المُحَفِّظَة ، فتُراجِعُ حِفظَها ، وتُصَحِّحُ تِلاوتَها .
وبدأت سارة في القِراءةِ ، والمُحَفِّظَة تُصَحِّحُ لها أخطاءَها برِفقٍ .
المُحَفِّظَة : هذا الحَرفُ يُنطَقُ هكذا ...
سارة : نعم ، أعرِفُ ذلك ، فوقَه فَتحة .
المُحَفِّظَة : أقصِدُ أنَّه حَرفٌ مُفَخَّمٌ ، فلا تُرَقِّقيه .
ثُمَّ تُكمِلُ قِراءِتها .
المُحَفِّظَة : انتبِهي لهذا الخطأ .
سارة : أنا مُعلِّمةُ لُغة عَربيَّة ، وأعرفُ ذلك .
وهكذا المُحَفِّظَة تُصَحِّحُ لسارة أخطاءَها ، وسارة تُظهِرُ أنَّها مُتعلِّمةٌ
وتعرفُ اللُّغةَ العَربيَّةَ والنَّحوَ جيِّدًا .
وبعد أن تنتهِيَ سارة من قِراءَتها ، تجلسُ بجانِبِ سلمى .
وبعد قليلٍ ، تنظرُ لها قائلةً : ما مُؤهِّلُ هذه المُحَفِّظَة ؟
سلمى : لا أعرِف .
وهِيَ تقولُ في نَفسِها : سُؤالٌ غَريبٌ !
وهل تعلُّمُ القُرآنِ وتعليمُه يَحتاجُ لمُؤهِّلاتٍ عِلميَّةٍ وشهاداتٍ جامِعيَّةٍ ؟!
أحسَّت المُحَفِّظَة بشيءٍ في نَفْسِ سارة تُريدُ أن تقولَه ، فسألتها :
عن ماذا تسألين ؟
سارة : أسألُ عن مُؤهِّلِكِ .
المُحَفِّظَة : لماذا تسألينَ هذا السُّؤال ؟!
سارة : أظُنُّ أَنِّي رأيتُكِ مِن قبل بأحدِ الأماكنِ ، وَجهُكِ ليس غريبًا عليَّ .
المُحَفِّظَة : لعلَّها أختي .
ومِن خلال الحِوار بينهما ، ومَعرفتِها بمُؤهِّل المُحَفِّظَة ، تبيَّنَ لها أنَّها لم تَرَها مِن قبل .
تضايَقَت المُحَفِّظَة مِن أسلوبِ سارة ، وتعليقاتِها الكثيرة ، وإظهارِها لعِلمِها رغم جَهلِها ،
وأخفَت ذلك في نَفْسِها .
ومَوقِفُ سارة لم يُفارِق تفكيرَ سلمى .
استغرَبَت مِن فِعل صَديقتِها في دار التَّحفيظِ ، ولم تَستغرِب أُسلوبَها وطريقتِها .
وأخَذَت تُحَدِّثُ نَفْسَها قائلةً : ليس معنى كَونِكِ مُعلِّمةً أنَّكِ تُجيدينَ مادَّتَكِ وتُتقنينها .
وليس معنى حُصولِكِ على مُؤهِّلٍ عالٍ وشهادةٍ جامِعيَّةٍ أنَّكِ تُحسنينَ قِراءةَ القُرآن .
إذا نَظرتِ لنَفسِكِ نظرةَ المُتعلِّمةِ الفاهِمةِ ، ولم تقبلي أن يُصَحِّحَ أحدٌ لَكِ أخطاءَكِ ،
فلن تتعلَّمي أبدًا .
العِلمُ يَحتاجُ لتواضُعٍ . وتَعلُّمُ القُرآن خاصَّةً يَحتاجُ لِمَن يُقبِلُ عليه بصِدقٍ وإخلاص ،
يُعطيه قلبَه ورُوحَه ووَقتَه .
لو استشعَر المُتعلِّمُ أنَّه مِن خير النَّاسِ حين يتعلَّمُ القُرآنَ ، لأقبَلَ عليه بحُبٍّ .
هلًّا تأمَّلتِ قليلًا قولَ نبيِّكِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :
( خَيرُكم مَن تعلَّمَ القُرآنَ وعلَّمَه ) رواه البُخاريُّ ؟!
إذا رَفعتِ نَفْسَكِ عاليًا ، ونَظرتِ لمُعلِّمتِكِ نظرةَ احتقارٍ واستصغار ،
فلن تتعلَّمي منها ولا مِن غيرها .
مَرَّت الأيَّام وسارة لا تذهَبُ لدار التَّحفيظِ .
كانت المَرَّة الأولى والأخيرة التي ذَهَبَت فيها هِيَ التي التقَت فيها بصَديقتِها سلمى .
وبعد فترةٍ التقَت سارة بسلمى في إحدى المُناسباتِ .
سألتها سلمى عن سَبَبِ غِيابِها ، وعَدم مَجيئِها لدَار التَّحفيظِ .
فأخبرتها بانشغالِها ببعض الأمور ، وأنَّها لا تَجِدُ وقتًا لحِفظِ القُرآن ،
أو للذهاب لدار التَّحفيظِ .
سلمى : تعرفين يا سارة ؟ لقد تعلَّمتُ أشياء كثيرة مُنذُ التحاقي بدَار التَّحفيظِ
تعلَّمتُ كيف أقرأ القُرآنَ بشكلٍ صحيحٍ .
ضَبطتُ كثيرًا مِن مَخارج الحُرُوفِ التي لم أكن أضبِطها .
تعلَّمتُ كيف أتَهَجَّى أيَّ كلمةٍ تَمُرُّ بي في القُرآنِ ولا أستطيعُ قِراءَتها ،
فأقرؤها بفضل اللهِ بسُهولةٍ .
اكتسبتُ صداقاتٍ جديدةً ، وتعرَّفتُ على أخواتٍ أحببتُهُنَّ في اللهِ
تعلَّمتُ مِنهُنَّ كثيرًا مِن أُمور دِيني ودُنيايَ .
وجودي بينهُنَّ في مَجلِس ذِكرٍ تَحُفُّه الملائكةُ ، وتغشاه الرَّحمةُ ،
وتنزلُ عليه السَّكينةُ ، يُنسيني الدُّنيا بما فيها .
وأرجو مِن كُلِّ ذلك رِضا اللهِ سُبحانه ، وجَمْعَ الجِنان ()"
يا سارة ، لقد فاتَكِ خَيرٌ كثيرٌ حِين غِبتِ عن دار التَّحفيظِ ،
حين انشغلتِ عن القُرآنِ بأمور دُنياكِ ، حِين لم تتعبَّدي للهِ
تعالى بحِفظِكِ لكتابِهِ وتصحيحكِ لتِلاوتِهِ .
لقد فاتَكِ خَيرٌ كثيرٌ حِين فرَّطتِ في صُحبةٍ ما ابتغَت مِن وراءِ صُحبتِها
إلَّا وَجهَ اللهِ ، وما اجتمَعَت في ذاك المكانِ إلَّا لأجلِ اللهِ .
لقد فاتَكِ خَيرٌ كثيرٌ .
..
تعليق