إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بعض عقوبات المعاصي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بعض عقوبات المعاصي

    بعض عقوبات المعاصي

    فاستحضر بعض العقوبات التي رتبها الله سبحانه وتعالى على الذنوب وجوز وصول بعضها إليك واجعل ذلك داعيا للنفس إلى هجرانها ، وأنا أسوق إليك منها طرفا يكفي العاقل مع التصديق ببعضه .

    الختم على القلب
    ذكرالإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أنه قال : القلوب أربعة : فقلب أجرد فيه سراج يزهر : فذلك قلب المؤمن ، وقلب أغلف : فذلك قلب الكافر ، وقلب منكوس : فذلك قلب المنافق ، وقلب تمده مادتان : مادة إيمان ومادة نفاق ، وهو لما غلب عليه منهما .

    ومنها : التثبيط عن الطاعة ، والإقعاد عنها .
    ومنها : جعل القلب أصم لا يسمع الحق ، أبكم لا ينطق به ، أعمى لا يراه ،
    فتصير النسبة بين القلب وبين الحق الذي لا ينفعه غيره ، كالنسبة بين أذن الأصم والأصوات ، وعين الأعمى والألوان ، ولسان الأخرس والكلام ، وبهذا يعلم أن العمى والصمم والبكم للقلب بالذات : الحقيقة ، وللجوارح بالعرض والتبعية
    فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [ سورة الحج : 46 ] .

    خسف القلب
    ومنها : الخسف بالقلب كما يخسف بالمكان وما فيه ، فيخسف به إلى أسفل السافلين وصاحبه لا يشعر ، وعلامة الخسف به أنه لا يزال جوالا حول السفليات والقاذورات والرذائل ، كما أن القلب الذي رفعه الله وقربه إليه لا يزال جوالا حول العرش .
    قال بعض السلف : إن هذه القلوب جوالة ، فمنها ما يجول حول العرش ، ومنها ما يجول حول الحش .

    مسخ القلب
    ومنها : مسخ القلب ، فيمسخ كما تمسخ الصورة ، فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه وأعماله وطبيعته ، فمن القلوب ما يمسخ على قلب خنزير لشدة شبه صاحبه به ، ومنها ما يمسخ على قلب كلب أو حمار أو حية أو عقرب وغير ذلك ، وهذا تأويل سفيان بن عيينةفي قوله تعالى :
    وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم[ سورة الأنعام : 38 ] .
    فسبحان الله ! كم من قلب منكوس وصاحبه لا يشعر ؟ وقلب ممسوخ وقلب مخسوف به ؟ وكم من مفتون بثناء الناس عليه ومغرور بستر الله عليه ؟ ومستدرج بنعم الله عليه ؟ وكل هذه عقوبات وإهانات ويظن الجاهل أنها كرامة .

    ومنها : مكر الله بالماكر ، ومخادعته للمخادع ، واستهزاؤه بالمستهزئ ، وإزاغته للقلب الزائغ عن الحق .

    نكس القلب

    ومنها : نكس القلب حتى يرى الباطل حقا والحق باطلا ، والمعروف منكرا والمنكر معروفا ، ويفسد ويرى أنه يصلح ، ويصد عن سبيل الله وهو يرى أنه يدعو إليها ، ويشتري الضلالة بالهدى ، وهو يرى أنه على الهدى ، ويتبع هواه وهو يزعم أنه مطيع لمولاه ؟ وكل هذا من عقوبات الذنوب الجارية على القلب .

    حجب القلب عن الرب
    ومنها : حجاب القلب عن الرب في الدنيا ، والحجاب الأكبر يوم القيامة ،
    كما قال تعالى :
    كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ
    [ سورة المطففين : 14 - 15 ] .


    ومنها : المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ ، والعذاب في الآخرة ،
    قال تعالى :
    وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
    [ سورة طه : 124 ] .

    قال الله تعالى :
    ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾
    [ سورة الشعراء : 88 - 89 ] .
    والقلب السليم هو الذي سلم من الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرياسة ، فسلم من كل آفة تبعده عن الله ، وسلم من كل شبهة تعارض خبره ، كل شهوة تعارض أمره ، وسلم من كل إرادة تزاحم مراده ، وسلم من كل قاطع يقطع عن الله ، فهذا القلب السليم في جنة معجلة في الدنيا ، وفي جنة في البرزخ ، وفي جنة يوم المعاد .

    سلامة القلب
    ولا تتم له سلامته مطلقا حتى يسلم من خمسة أشياء : من شرك يناقض التوحيد ، وبدعة تخالف السنة ، وشهوة تخالف الأمر ، وغفلة تناقض الذكر ، وهوى يناقض التجريد والإخلاص .
    وهذه الخمسة حجب عن الله ، وتحت كل واحد منها أنواع كثيرة ، تتضمن أفرادا لا تنحصر .

    الصراط المستقيم

    ولذلك اشتدت حاجة العبد بل ضرورته ، إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم ، فليس شيء أحوج منه إلى هذه الدعوة ، وليس شيء أنفع له منها .

    فإن الصراط المستقيم يتضمن : علوما ، وإرادة ، وأعمالا ، وتروكا ظاهرة وباطنة تجري عليه كل وقت ، فتفاصيل الصراط المستقيم قد يعلمها العبد وقد لا يعلمها ، وقد يكون ما لا يعلمه أكثر مما يعلمه ، وما يعلمه قد يقدر عليه ، وقد لا يقدر عليه ، وهو الصراط المستقيم وإن عجز عنه ، وما يقدر عليه قد تريده نفسه وقد لا تريده كسلا وتهاونا ، أو لقيام مانع وغير ذلك ، وما تريده قد يفعله وقد لا يفعله ، وما يفعله قد يقوم فيه بشروط الإخلاص وقد لا يقوم ، وما يقوم فيه بشروط الإخلاص قد يقوم فيه بكمال المتابعة وقد لا يقوم ، وما يقوم فيه بالمتابعة قد يثبت عليه وقد يصرف قلبه عنه ، وهذا كله واقع سار في الخلق ، فمستقل ومستكثر .

    وليس في طباع العبد الهداية إلى ذلك ، بل متى وكل إلى طباعه حيل بينه وبين ذلك كله ، وهذا هو الإركاس الذي أركس الله به المنافقين بذنوبهم ، فأعادهم إلى طباعهم وما خلقت عليه نفوسهم من الجهل والظلم ، والرب تبارك وتعالى على صراط مستقيم في قضائه وقدره ، ونهيه وأمره ، فيهدي من يشاء إلى صراط مستقيم بفضله ورحمته ، وجعله الهداية حيث تصلح ، ويصرف من يشاء عن صراطه المستقيم بعدله وحكمته ، لعدم صلاحية المحل ، وذلك موجب صراطه المستقيم الذي هو عليه ، فإذا كان يوم القيامة نصب لخلقه صراطا مستقيما يوصلهم إليه ، فهو على صراط مستقيم .

    ونصب لعباده من أمره صراطا مستقيما دعاهم جميعا إليه حجة منه وعدلا ، وهدى من يشاء منهم إلى سلوكه نعمة منه وفضلا ، ولم يخرج بهذا العدل وهذا الفضل عن صراطه المستقيم الذي هو عليه ، فإذا كان يوم لقائه نصب لخلقه صراطا مستقيما يوصلهم إلى جنته ، ثم صرف عنه من صرف عنه في الدنيا ، وأقام عليه من أقامه عليه في الدنيا ، نورا ظاهرا يسعى بين أيديهم وبأيمانهم في ظلمة الحشر ، وحفظ عليهم نورهم حتى قطعوه كما حفظ عليهم الإيمان حتى لقوه ، وأطفأ نور المنافقين أحوج ما كانوا إليه ، كما أطفأه من قلوبهم في الدنيا .

    وأقام أعمال العصاة بجنبتي الصراط كلاليب وحسكا تخطفهم كما خطفتهم في الدنيا عن الاستقامة عليه ، وجعل قوة سيرهم وسرعتهم على قدر قوة سيرهم وسرعتهم في الدنيا ، ونصب للمؤمنين حوضا يشربون منه بإزاء شربهم من شرعه في الدنيا ، وحرم من الشرب منه هناك من حرم الشرب من شرعه ودينه هاهنا .

    فانظر إلى الآخرة كأنها رأي عين ، وتأمل حكمة الله سبحانه في الدارين ، تعلم حينئذ علما يقينا لا شك فيه : أن الدنيا مزرعة الآخرة وعنوانها وأنموذجها ، وأن منازل الناس فيها من السعادة والشقاوة على حسب منازلهم في هذه الدار في الإيمان والعمل الصالح وضدهما ، وبالله التوفيق .

    فمن أعظم عقوبات الذنوب - الخروج عن الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة .



    الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء»
    فصل بعض عقوبات المعاصي


    التعديل الأخير تم بواسطة سلمى أم عمر; الساعة 08-10-2016, 01:07 AM.

  • #2
    رد: بعض عقوبات المعاصي

    اللهم ارزقنا قلوبا سليمة
    جزيتي الجنة

    تعليق

    يعمل...
    X