بسم الله الرحمن الرحيم
إن من رحمة الله -سبحانه وتعالى- في عباده أن فاضل بين الأوقات والأزمنة، فاختار -سبحانه- منها أوقاتاً خصها بمزيد من الفضل وزيادة في الأجر والثواب والبركة، ليكون ذلك أدعى لشحذ همم العباد وتجديد عزائمهم والمسابقة في الخيرات بينهم، ومن هذه الأوقات الفاضلة الطيبة المباركة
أيام العشر من ذي الحجة ويوم عرفة
الذي هو يوم من هذه الأيام العشر.ففي هذه الأيام الفاضلة -أيام العشر من ذي الحجة- يجب أن نجتهد ونسعى إلى تلمُّس رحمة الله والسعي إلى مرضاته وفضله، ويجب ألا نتكاسل في هذه الأيام الطيبة والمباركة وندع هذه الفرصة العظيمة تضيع منا ونخرج منها ونحن لا نعقل على أنفسنا أننا قدَّمنا فيها من صالح الأعمال شيئاً يستحق الذكر إلا الصلوات الخمس.
-فرِّغوا أيديكم عباد الله،
-واخرجوا من شواغلكم،
-ونظموا أوقاتكم،
-وخططوا لاستثمار هذه الأيام،
وليضع كل منا أمامه احتمال أن لا يدرك هذه الأيام في العام القادم حتى يحفز نفسه على العمل والعبادة،
فالموت في كل عام يختطف منا إخواناً لنا فلا يدركون الكثير من الفرص والأيام التي ندركها، ثم سيختطفنا أيضاً في يوم من الأيام فلا نطمع في بلوغ هذه الأيام الفاضلة مرة أخرى.
هذه الأيام -إخوة الإيمان- أيام فضَّلها الله -سبحانه- وأقسم بها فقال عز من قائل: "وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ . وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ . وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ . هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ" الفجر:5:1
يقول ابن كثير في تفسيره:
"والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة، وهو قول ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف "هذه أيام وليال قال فيها كما في صحيح الجامع من حديث جابر: "أفضل أيام الدنيا أيام العشر"، هكذا بلغةٍ واضحة وبيان فصيح، بل يزيد الأمر وضوحاً وتجلية فيقول: «ما من أيامٍ العملُ الصالح فيها أحبّ إلى الله من هذه الأيام، يعني: أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولاالجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بماله ونفسه ثم لم يرجع من ذلك بشيء» (البخاري عن ابن عباس)
.فانظروا إلى هذا الفضل العظيم وإلى هذه المنزلة الرفيعة التي تبوّأتها هذه الأيام المباركة،
ولو لم يكن من شرف هذه الأيام إلا أن بها يوم عرفة لكفاها شرفاً وفضلاً، فكيف وهي مفضلة بجملتها،
أقسم بها الباري عز وجل؟! هذا شرف لا ينبغي أن يمر على المسلم دون أن يقف عنده
ويتأمله ويحاول استغلاله قدر استطاعته فيما ينفعه ويؤمنه يوم القيامة.
أحمد بن حمود الفريدي
تـــــابعــــونــا
تعليق