بسم الله الرحمن الرحيم
خطة مشروع للآخرة
فالإنسان له خطتان؛ للدنيا واحدة، وللآخرة أخرى، قال الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ } [القصص : 77]
كلتاهما ذو أهمية، وقد فاضلت الآية بينهما، فقالت عن الآخرة: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ}. أي اجعل أصل عنايتك
خطة مشروع للآخرة
فالإنسان له خطتان؛ للدنيا واحدة، وللآخرة أخرى، قال الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ } [القصص : 77]
كلتاهما ذو أهمية، وقد فاضلت الآية بينهما، فقالت عن الآخرة: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ}. أي اجعل أصل عنايتك
وجلها في إحكام خطة العمل للآخرة، وما فضل للدنيا؛ لأنه قال: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}.
وهذا التعبير {وَلَا تَنسَ}
. يستعمل فيما هو في الأهمية في الدرجة الثانية، أما الأهم فيقال فيه: {ابْتَغِ}.
والآية تنبه إلى أنه مهما اجتهد الإنسان في تدبير شئون دنياه، فواجب أن يجد للآخرة ويجتهد؛ يعطيها الضعف من العناية، العلة ظاهرة:
* فمدة الحياة أقصر بكثير، كساعة من نهار أو أقل، قال تعالى: { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ ۚ } [الأحقاف : 35]
إن أمام الإنسان مشاريع لا تحصى، وهي تتقلب بين ناظريه، كل يناديه: إلي أقبل. لكن عمى البصيرة يمنع من رؤيتها، فلا يرى إلا مشاريع الدنيا، وكل عاقلة حصيف فهم حقيقة المعادلة ما بين الدنيا والآخرة، فلا يجد مناصا من اختياره
مشروعه الأخروي، بتقديمه والعناية الكبرى به لا بإهمال مشروع الدنيا، فيضع له خطة يسير بها، لينفذ إلى موعود الله تعالى، فيدخل من أبواب الجنة الثمانية، أليس منها باب الريان، يدخل منه الصائمون، الدائمون على الصيام فرضا ونافلة، حتى صفة الصائمين ؟.
فهذا مشروع من مشاريع الآخرة، كما أن الصلاة مشروع، والصدقة مشروع، والجهاد
مشروع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مشروع، وطلب العلم وتعليمه مشروع، وعون الخلق كذلك. كلها مشاريع للآخرة، تحتاج إلى خطة تتضمن
طريقة وهدفا، يضعها المسلم لنفسه، يسير بها وعليها، فينظر في نفسه وما تهوى، فيأخذ بأقربها إلى روحه وعقله واقتداره.
كان فيمن سلف استغلال حسن لمواهب الإنسان، وإقامة مشاريع للآخرة، تصلح أن تكون أنموذجا يقرب إلى الفهم المراد والمقصود.
* مالك بن دينار الرجل الصالح، كان يكتب المصحف، يبيعه على الناس، فهذا مشروع مبارك، حيث حاجة الناس كبيرة إلى مصاحف مكتوبة في ذلك الوقت.
* كان عبدالله بن المبارك يتجر من أجل طلبة العلم، حتى لا يذهب العلم، فينفق عليهم بلا حساب، فكيف اهتدى لمثل هذا المشروع المبارك في ذلك الوقت؟.
أعظم من أولئك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان لكل واحد منهم خطة مشروع أخروي، وبعضهم يجمع بين أكثر من مشروع، لما ميزه الله من قدرات إيمانية:
* هذا خالد بن الوليد جعل مشروعه جهادا في سبيل الله تعالى، فكان القائد الفاتح سيف الله المسلول، يخطط لهذا العمل في ليله ونهاره، وهو همه الأكبر، فقد عبر عن فرحه بليلة يجاهد فيها، أكثر من فرحه بعروس تزف إليه.
* وهذا عبدالله بن عباس وعبد الله بن مسعود كانت مشاريعهم في التعلم والتعليم، فما مضى أحدهم إلا وقد خلف علما كثيرا، وتلامذة نجباء علماء، كعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وطاووس وعطاء، هؤلاء لابن عباس. والحسن البصري وقتادة ومسروق والشعبي وعلقمة والأسود بن يزيد، وهؤلاء تلامذة ابن مسعود كبار التابعين
ورأس كل الصحابة أبو بكر رضي الله عنه الذي كانت له مشاريع عديدة، وضع خطتها للآخرة، فهو المجاهد، وهو المنفق ماله كله في العسرة، وهو الذي يتفقد المرضى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِنُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَمِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاة. وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ. دُعِيَ مِنْبَابِ الْجِهَادِ،وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِالصِّيَامِ. دُعِيَ مِنْبَابِ الرَّيَّانِ،وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِنْبَابِ الصَّدَقَةِ.فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَاللَّهُ عَنْهُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ!، مَا عَلَى مَنْ دُعِيَمِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَالْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟. قَالَ: نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ) البخاري و مسلم
وعنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ).مسلم
جزا الله خيرا كل من ساهم فى نشره وكان فى ميزان حسناته
تعليق