كلام فى قمة الرووووعة
لـ الحافظ ابن القيّم رحمه الله تعالى :
... فـرِّغ خاطِرك لِلـهمّ بِمَا أُمرتَ بِهِ ، وَلَا تُشغله بِمَا ضُمن لَك ، فَإِن الرزق وَالْأَجَل قرينان مضمونان ، فَمَا دَامَ الْأَجَلُ بَاقِيا كَانَ الرزق آتِيَا ،
وَإِذا سدّ عَلَيْك بِحِكْمَتِهِ طَرِيقا من طُرقه ، فـُـتح لَك برحمته طَرِيقا أَنْفَع لَك مِنْهُ ،
فتأمّل حَال الْجَنِين يَأْتِيهِ غذاؤه وَهُوَ الدَّم من طَرِيقٍ وَاحِدَة ، وَهُوَ السُّرَّة ، فَلَمَّا خرج من بطن الْأُم ، وانقطعتْ تِلْكَ الطَّرِيق ،فُتح لَهُ طَرِيقين اثْنَيْنِ ، وأجرى لَهُ فيهمَا رزقاً أطيب وألذّ من الأول : لَبَنًا خَالِصاً سائغا ، فَإِذا تمت مُدَّة الرَّضَاع ، وانقطعت الطريقان بالفطامِ ، فتح طرقاً أَرْبَعَة أكمل مِنْهَا ، طعامان وشرابان ،
فالطعامان من الْحَيَوَان والنبات ، والشرابان من الْمِيَاه والألبان وَمَا يُضَاف إِلَيْهِمَا من الْمَنَافِع والملاذ .
فَإِذا مَاتَ انْقَطَعت عَنهُ هَذِه الطّرق الْأَرْبَعَة ..!
لكنه سُبْحَانَهُ فتح لَهُ إِن كَانَ سعيدا طُـرقاً ثَمَانِيَة ، وَهِي أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يدْخلُ من أَيهَا شَاءَ ،
فَهَكَذَا الرب سُبْحَانَهُ لَا يمْنَع عَبدَه الْمُؤمن شَيْئا من الدُّنْيَا ؛ إِلَّا ويؤتيه أفضل مِنْهُ وأنفع لَهُ ، وَلَيْسَ ذَلِك لغير الْمُؤمن ..!
فَإِنَّهُ يمنعهُ الْحَظ الْأَدْنَى الخسيس ، وَلَا يرضى لَهُ بِه ، ليعطيَه الْحَظ الْأَعْلَى النفيس ،
وَالْعَبْد لجهله بمصالح نَفسه ، وجهلِه بكرم ربه وحِكمته ولُطفه ، لَا يعرف التَّفَاوُت بَين مَا مُـنع مِنْهُ ، وَبَين مَا ذخر لَهُ ،
بل هُوَ مولعٌ بحُب العاجل وَإِن كَانَ دنيئاً ..! و بقلّة الرَّغْبَة فِي الآجل وَإِن كَانَ علياً ..!
و لَو أنصفَ العَبْدُ ربّه - و أنّى لَهُ بذلك ..! - لَـعَلِم أَنّ فَضله عَلَيْهِ فِيمَا مَنعه من الدُّنْيَا ، ولذّاتها ، وَنَعِيمهَا ..
أعظم من فَضله عَلَيْهِ فِيمَا آتَاهُ من ذَلِك ،
فَمَا مَنعه إِلَّا ليُعطيه ، وَلَا ابتلاه إِلَّا ليُعافيه ، وَلَا امتحنه إِلَّا ليُصافيه ، وَلَا أَمَاتَهُ إِلَّا ليُحييه ،
وَلَا أخرجه إِلَى هَذِه الدَّار إِلَّا ليتأهبَ مِنْهَا للقدوم عَلَيْهِ ، وليَسلك الطَّرِيق الموصلة إِلَيْهِ :
﴿وَهُوَ الَّذي جَعَلَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ خِلفَةً لِمَن أَرادَ أَن يَذَّكَّرَ أَو أَرادَ شُكورًا﴾ (الفرقان:62)
، ﴿وأبى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً﴾(ص:36) وَالله الْمُسْتَعَان ... ) اﻫـ .
[ الفوائد ص - ٥٧ ]
لـ الحافظ ابن القيّم رحمه الله تعالى :
... فـرِّغ خاطِرك لِلـهمّ بِمَا أُمرتَ بِهِ ، وَلَا تُشغله بِمَا ضُمن لَك ، فَإِن الرزق وَالْأَجَل قرينان مضمونان ، فَمَا دَامَ الْأَجَلُ بَاقِيا كَانَ الرزق آتِيَا ،
وَإِذا سدّ عَلَيْك بِحِكْمَتِهِ طَرِيقا من طُرقه ، فـُـتح لَك برحمته طَرِيقا أَنْفَع لَك مِنْهُ ،
فتأمّل حَال الْجَنِين يَأْتِيهِ غذاؤه وَهُوَ الدَّم من طَرِيقٍ وَاحِدَة ، وَهُوَ السُّرَّة ، فَلَمَّا خرج من بطن الْأُم ، وانقطعتْ تِلْكَ الطَّرِيق ،فُتح لَهُ طَرِيقين اثْنَيْنِ ، وأجرى لَهُ فيهمَا رزقاً أطيب وألذّ من الأول : لَبَنًا خَالِصاً سائغا ، فَإِذا تمت مُدَّة الرَّضَاع ، وانقطعت الطريقان بالفطامِ ، فتح طرقاً أَرْبَعَة أكمل مِنْهَا ، طعامان وشرابان ،
فالطعامان من الْحَيَوَان والنبات ، والشرابان من الْمِيَاه والألبان وَمَا يُضَاف إِلَيْهِمَا من الْمَنَافِع والملاذ .
فَإِذا مَاتَ انْقَطَعت عَنهُ هَذِه الطّرق الْأَرْبَعَة ..!
لكنه سُبْحَانَهُ فتح لَهُ إِن كَانَ سعيدا طُـرقاً ثَمَانِيَة ، وَهِي أَبْوَاب الْجنَّة الثَّمَانِية يدْخلُ من أَيهَا شَاءَ ،
فَهَكَذَا الرب سُبْحَانَهُ لَا يمْنَع عَبدَه الْمُؤمن شَيْئا من الدُّنْيَا ؛ إِلَّا ويؤتيه أفضل مِنْهُ وأنفع لَهُ ، وَلَيْسَ ذَلِك لغير الْمُؤمن ..!
فَإِنَّهُ يمنعهُ الْحَظ الْأَدْنَى الخسيس ، وَلَا يرضى لَهُ بِه ، ليعطيَه الْحَظ الْأَعْلَى النفيس ،
وَالْعَبْد لجهله بمصالح نَفسه ، وجهلِه بكرم ربه وحِكمته ولُطفه ، لَا يعرف التَّفَاوُت بَين مَا مُـنع مِنْهُ ، وَبَين مَا ذخر لَهُ ،
بل هُوَ مولعٌ بحُب العاجل وَإِن كَانَ دنيئاً ..! و بقلّة الرَّغْبَة فِي الآجل وَإِن كَانَ علياً ..!
و لَو أنصفَ العَبْدُ ربّه - و أنّى لَهُ بذلك ..! - لَـعَلِم أَنّ فَضله عَلَيْهِ فِيمَا مَنعه من الدُّنْيَا ، ولذّاتها ، وَنَعِيمهَا ..
أعظم من فَضله عَلَيْهِ فِيمَا آتَاهُ من ذَلِك ،
فَمَا مَنعه إِلَّا ليُعطيه ، وَلَا ابتلاه إِلَّا ليُعافيه ، وَلَا امتحنه إِلَّا ليُصافيه ، وَلَا أَمَاتَهُ إِلَّا ليُحييه ،
وَلَا أخرجه إِلَى هَذِه الدَّار إِلَّا ليتأهبَ مِنْهَا للقدوم عَلَيْهِ ، وليَسلك الطَّرِيق الموصلة إِلَيْهِ :
﴿وَهُوَ الَّذي جَعَلَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ خِلفَةً لِمَن أَرادَ أَن يَذَّكَّرَ أَو أَرادَ شُكورًا﴾ (الفرقان:62)
، ﴿وأبى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً﴾(ص:36) وَالله الْمُسْتَعَان ... ) اﻫـ .
[ الفوائد ص - ٥٧ ]
تعليق