هل لاحظت معى ان أكثر الناس فراغاً
هم أكثرهم ضيقاً بالحياة وافتقاداً للسعادة؟..
هل تعرف السبب ؟ ..
أنا أعرفه .. لأن من أكثر أسباب شقاء الإنسان ضيق أفقه وكثرة انشغاله بنفسه وتفكيره فيها باستمرار كما لو كانت محور الكون .. ومن يشكون الفراغ لا يجدون ماينشغلون به سوى أنفسهم , وكلما ازداد انشغال أحدهم بنفسه رآها جديرة بحياة غير حياته”
عبد الوهاب مطاوع
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ( 7 ) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ( 8 ) (الإنشراح))
أنا أعرفه .. لأن من أكثر أسباب شقاء الإنسان ضيق أفقه وكثرة انشغاله بنفسه وتفكيره فيها باستمرار كما لو كانت محور الكون .. ومن يشكون الفراغ لا يجدون ماينشغلون به سوى أنفسهم , وكلما ازداد انشغال أحدهم بنفسه رآها جديرة بحياة غير حياته”
عبد الوهاب مطاوع
فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ( 7 ) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ( 8 ) (الإنشراح))
ذكر عامة المفسرين عند تفسيرهم لهذه الآية: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ}
أن المقصود إذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عمل آخرتك.
ومن المعلوم أن الأصل في حياة المسلم أنه لا يوجد فيها وقت فراغ -بمعنى عدم العمل، لا للدنيا ولا للآخرة- ذلك أن الوقت أو العمر في حياة المسلم ملك لله، والإنسان مسؤول عنه، فحياة المسلم كلها عبادة، فهو مطالب بملء الوقت كله في عبادة الله، بمعناها الشمولي العام لجميع جوانب الحياة -ولعل أبلغ من عرّف العبادة بمعناها الشامل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة- لا بمعناها الضيق، أو كما يفهمه بعض الناس بقصرها على أداء بعض العبادات، كالصلوات والصيام والزكاة والحج والعمرة، ونحو ذلك من الأفعال التعبدية الظاهرة فقط.
وهذا ما جعل الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، يقول: إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي .. وهذا أبو الدرداء رضي الله عنه، يقول: إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو، ليكون أقوى لي على الحق .
ومن هنا تصبح جميع جوانب حياة المسلم تعبدية إذا اقترنت بالنية الصالحة، في العمل، أو الفكر، أو السكون، أوالحركة، أو الجــد، أو المــرح، أو القتال، أو اللــهو، أو الأكــل، أو الشرب، أو النوم، أو العلم، أو غيرها من الأعمال، حتى في الجمـــاع مع الــزوجـــة، فـلقد ورد في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ? فقال: أرأيتم لو وضعها في الحرام كان يكون عليه وزر ? قالوا: بلى'، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال له الأجر)
وهذا ما عبر عنه ابن القيم رحمه الله في معرض حديثه عن كيفية عمارة المسلم لوقته، فقال: ( إن عمارة الوقت تكون بالاشتغال في جميع آناء الوقت بما يقرب إلى الله، أو يعين على ذلك من مأكل، أو مشرب، أو منكح، أو منام، أو راحة، فإنه متى أخذها بنية القوة على ما يحبه الله وتجنب ما يسخطه، كانت من عمارة الوقت، وإن كان له فيها أتم لذة، فلا تحسب عمارة الوقت بهجر اللذات والطيبات )
فكل أفعال الإنسان المسلم ونشاطاته عبـارة عن أشكال تدور حول حقيقة واحدة، هي: العبادة، والاختلاف بينها إنما هو في الهيئة ليس إلا، وفي المظهر وليس الجوهر. إذ لا يوجد في التصور الإسلامي نشاط إنساني لا ينطبــق عليه معـنى العبادة، أو لا يطلب فيه تحقيق هذا الوصف، فالمنهج الإسلامي غايته تحقيق العبودية لله أولاً وآخرًا
لذا نجد أن مفهوم وقت الفراغ المتداول الآن مرادف لمفهوم البطالة، أي ( لا عمل)، وهذا ما يراه الاتجاه الغربي المادي، ومن هنا يمكننا طرح سؤال مهم، وهو: هل يمكن وجود وقت فراغ في حياة المسلم ؟
لا شك أن ذلك غير ممكن بأي حال من الأحوال، فإن العمر -كما أسلفنا- ملك لله، وما الإنسان إلا مسؤول عنه ومستأمن عليه في هذه الدنيا التي حدد الله عز وجل فيها دوره بوضوح ودقـة متناهية وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. [ سورة الذاريات الآية:56]
ومن المعلوم أن الأصل في حياة المسلم أنه لا يوجد فيها وقت فراغ -بمعنى عدم العمل، لا للدنيا ولا للآخرة- ذلك أن الوقت أو العمر في حياة المسلم ملك لله، والإنسان مسؤول عنه، فحياة المسلم كلها عبادة، فهو مطالب بملء الوقت كله في عبادة الله، بمعناها الشمولي العام لجميع جوانب الحياة -ولعل أبلغ من عرّف العبادة بمعناها الشامل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة- لا بمعناها الضيق، أو كما يفهمه بعض الناس بقصرها على أداء بعض العبادات، كالصلوات والصيام والزكاة والحج والعمرة، ونحو ذلك من الأفعال التعبدية الظاهرة فقط.
وهذا ما جعل الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه، يقول: إني أحتسب نومتي كما أحتسب قومتي .. وهذا أبو الدرداء رضي الله عنه، يقول: إني لأستجم لقلبي بالشيء من اللهو، ليكون أقوى لي على الحق .
ومن هنا تصبح جميع جوانب حياة المسلم تعبدية إذا اقترنت بالنية الصالحة، في العمل، أو الفكر، أو السكون، أوالحركة، أو الجــد، أو المــرح، أو القتال، أو اللــهو، أو الأكــل، أو الشرب، أو النوم، أو العلم، أو غيرها من الأعمال، حتى في الجمـــاع مع الــزوجـــة، فـلقد ورد في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ? فقال: أرأيتم لو وضعها في الحرام كان يكون عليه وزر ? قالوا: بلى'، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال له الأجر)
وهذا ما عبر عنه ابن القيم رحمه الله في معرض حديثه عن كيفية عمارة المسلم لوقته، فقال: ( إن عمارة الوقت تكون بالاشتغال في جميع آناء الوقت بما يقرب إلى الله، أو يعين على ذلك من مأكل، أو مشرب، أو منكح، أو منام، أو راحة، فإنه متى أخذها بنية القوة على ما يحبه الله وتجنب ما يسخطه، كانت من عمارة الوقت، وإن كان له فيها أتم لذة، فلا تحسب عمارة الوقت بهجر اللذات والطيبات )
فكل أفعال الإنسان المسلم ونشاطاته عبـارة عن أشكال تدور حول حقيقة واحدة، هي: العبادة، والاختلاف بينها إنما هو في الهيئة ليس إلا، وفي المظهر وليس الجوهر. إذ لا يوجد في التصور الإسلامي نشاط إنساني لا ينطبــق عليه معـنى العبادة، أو لا يطلب فيه تحقيق هذا الوصف، فالمنهج الإسلامي غايته تحقيق العبودية لله أولاً وآخرًا
لذا نجد أن مفهوم وقت الفراغ المتداول الآن مرادف لمفهوم البطالة، أي ( لا عمل)، وهذا ما يراه الاتجاه الغربي المادي، ومن هنا يمكننا طرح سؤال مهم، وهو: هل يمكن وجود وقت فراغ في حياة المسلم ؟
لا شك أن ذلك غير ممكن بأي حال من الأحوال، فإن العمر -كما أسلفنا- ملك لله، وما الإنسان إلا مسؤول عنه ومستأمن عليه في هذه الدنيا التي حدد الله عز وجل فيها دوره بوضوح ودقـة متناهية وذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. [ سورة الذاريات الآية:56]
وبناءً على ذلك لا يصح تصور وجود وقت مستقطع من حياة الإنسان المسلم يكون فارغًا فيه، ويسمى وقت فراغ.. فراغ من أي شيء، طالما أن حياته كلها عبادة لله، حتى في ترويحه وسروره وأنسه وجميع مناشط حياته
تعليق