إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

استجمامٌ يُعين علىُ مُواصلةِ السَّيْرِ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • استجمامٌ يُعين علىُ مُواصلةِ السَّيْرِ

    استجمامٌ يُعين علىُ مُواصلةِ السَّيْرِ


    عائض بن عبد الله القرني

    عن أبي سعيد الخُدْريّ قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللهِ، أيُّ الناس خيْرٌ؟ قال: «مؤمِنٌ مجاهِدٌ بنفسِه ومالِه في سبيلِ اللهِ، ثم رجُلٌ
    معتزلٌ في شِعْبٍ من الشِّعابِ يعبُد ربَّه». وفي روايةٍ: «يتَّقي الله ويدع الناس من شرِّه».

    وعنْ أبي سعيدٍ قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقولُ: «يُوشكُ أنْ يكون خير مالِ المسلم غنمٌ يتبعُ بها شعْفَ الجبالِ ومواقع القطْرِ، يفرُّ بدينِه من الفِتنِ»
    . رواه البخاريُّ.

    قال عمرُ: خُذُوا حظَّكم من العُزلةِ.
    وما أحْسنَ قول الجنيدِ: مُكابدَةُ العزلةِ أيسرُ مْن مداراةِ الخلطةِ.
    وقال الخطَّابيُّ: لو لم يكُنْ في العزلةِ إلا السلامةُ من الغيبةِ، ومنْ رؤيةِ المنكرِ الذي لا يقدرُ على إزالتهِ، لكان ذلك خيراً كثيراً.
    وفي هذا معنى ما أخرجهُ الحاكمُ، منْ حديث أبي ذرٍّ مرفوعاً، بلفظ: «الوحدُة خيرٌ من جلِيسِ السُّوء».
    وسنده حَسَنٌ.
    من المعلومِ أنَّ في الشريعةِ سَعَةً وفُسحةً، تُعينُ العبد على الاستمرار في عبادتِه وعطائِه وعملِه الصالحِ، فرسولُنا صلى الله عليه وسلم كان يضحكُ
    {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} (النجم:43) ، وكان يمزحُ ولا يقولُ إلا حقّاً، وسابق عائشة رضي اللهُ عنها، وكان يتخوَّلُ الصحابة بالموعظةِ، كراهِية السَّآمِة عليهم، وكان ينهى عن التَّعمُّق والتَّكلُّفِ والتشديدِ، ويُخبرُ أنه لن يُشادّ الدِّين أحدٌ، إلا غَلَبَهُ، وفي الحديثِ أنَّ الدين متينٌ، فأوغِلُوا فيه برفْقٍ.

    وفي الحديثِ أيضاً أنَّ لكل عابد شِرَّةً، وهي الشّدَّةُ والضَّراوةُ والاندِفاعُ. ولا يلبثُ المتكلِّفُ إلا أنْ ينقطع، لأنه نظر إلى الحالةِ الراهنةِ ونسي الطوارئ وطُول المُدَّة وملالة النَّفْس، وإلاَّ فالعاقلُ له حدٌّ أدنى في العملِ يُداومُ عليه، فإنْ نشط زاد، وإنْ ضعف بقي على أصلِه، وهذا معنى الأثر منْ كلامِ بعضِ الصحابة: إنَّ للنفوسِ إقبالاً وإدباراً، فاغتنموها عند إقبالها، وذرُوها عند إدبارِها.

    وما رأيتُ نفراً زادُوا في الكْيلِ، وأكثَرُوا من النوافل، وحاولوا أنْ يُغالوا، فانقطعُوا وعادُوا أضْعفَ ممَّا كانوا قبْلَ البدايةِ.

    والدِّينُ أصلاً جاء للإسعاد
    {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} (طه:2).
    وقد لام اللهُ قوماً كلَّفُوا أنفُسهم فوق الطَّاقةِ، ثم انسحبوا منْ أرضِ الواقع ناكثِين ما ألزمُوا أنفسهم به
    {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (الحديد:27).

    وميزةُ الإسلامِ على سائر الأديانُ أنه دينُ فطرةٍ، وأنه وَسَطٌ، وأنه للرُّوحِ والجسمِ، والدنيا والآخرةِ، وأنه ميسرٌ
    {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (الروم:30).
    وذَكَر الخطَّابيُّ في "كتاب العزلة" أنَّ العزلة والاختلاط يختلفُ باختلافِ متعلقاتهما، فتُحمل الأدلَّةُ الوارِدةُ في الحضِّ على الاجتماعِ، على ما يتعلَّقُ بطاعةِ الأئمةِ وأمورِ الدينِ، وعكسُها في عكسِهِ، وأما الاجتماعُ والافتراقُ بالأبدانِ، فمنْ عَرَفَ الاكتفاء بنفسِه في حقِّ معاشِهِ ومحافظةِ دينهِ، فالأوْلى لهُ الانكفافُ منْ مخالطةِ الناسِ، بشرْطِ أنْ يُحافظَ علىالجماعِة، والسَّلامِ والرَّدِّ، وحقوقِ المسلمين من العيادةِ وشهودِ الجنازةِ، ونحْوِ ذلك.

    والمطلوبُ إنما هو ترْكُ فضولِ الصُّحبةِ، لما في ذلك منْ شغِلِ البالِ وتضييعِ الوقتِ عن المُهمَّاتِ، ويجعلُ الاجتماع بمنزلةِ الاحتياجِ إلى الغداءِ والعشاءِ، فيقتصرُ منه على ما لابدَّ له منه، فهو أرْوَحُ للبَدَنِ والقلبِ. واللهُ أعلمُ.


    وقال القُشيريُّ في "الرسالة": طريقُ من آثرَ العُزلةَ، أن يعتقد سلامة الناسِ منْ شرِّه، لا العكسُ، فإنَّ الأول: يُنتجهُ استصغارُه نفْسه، وهي صفةُ المتواضعِ، والثاني: شهودُه مزيةً له على غيرِه، وهذه صفةُ المتكبِّرِ.

    والناسُ في مسألةِ العُزلةِ والخلطةِ طرفانِ ووسطٌ:

    فالطرف الأوَّلُ: من اعتزل الناس حتى عن الجُمعِ والجماعاتِ والأعيادِ ومجامع الخيْرِ، وهؤلاءِ أخطؤُوا.

    والطرف الثاني: منْ خالط الناس حتى في مجالسِ اللَّهوِ واللَّغوِ والقيلِ والقالِ وتضييعِ الزَّمانِ، وهؤلاء أخطؤُوا.

    والوسط: منْ خالط الناس في العباداتِ التي لا تقوُم إلا باجتماعٍ، وشاركهم في ما فيه تعاونٌ على البِرِّ والتقوى وأجرٌ ومثوبةُ، واعتزال مناسباتِ الصَّدِّ والإعراضِ عن اللهِ وفضولِ المباحاتِ {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} (البقرة:143).


    وقفـة: عن عُباد بنِ الصامتِ قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عليكمْ بالجهاد في سبيلِ اللهِ، فإنه بابٌ من أبوابِ الجنةِ، يُذهِبُ اللهُ به الغمَّ والهمَّ».

    وأمَّا تأثيرُ الجهاد في دفْع الهمِّ والغمِّ، فأمرٌ معلومٌ بالوجدان، فإنَّ النَّفْس متى تركتْ صائل الباطلِ وصولتهُ واستيلاءهُ، اشتدَّ همُّها وغمُّها، وكربُها وخوفُها، فإذا جاهدتْه للهِ، أبدل اللهُ ذلك الهمَّ والحُزْن فرحاً ونشاطاً وقوةً، كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ . وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} (التوبة:14-15).


    فلا شيء أذْهبُ لجَوَى القلبِ وغمِّه وحزنِه من الجهادِ، واللهُ المستعانُ.

    قال الشاعرُ:


    وإني لأُغضي مقلتيَّ على القذى *** وألْبَسُ ثوب الصبرِ أبيض أبْلجا
    وإني لأدعو الله والأمرُ ضيِّقٌ *** عليَّ فما ينفكُّ أن يَتَفَرَّجَا
    وكم من فتى سُدَّتْ عليه وجوهُهُ *** أصاب لها في دعوةِ اللهِ مَخْرَجا


    والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

    اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات وللمسلمين والمسلمات الأحياء والأموات

    التعديل الأخير تم بواسطة سلمى أم عمر; الساعة 03-02-2016, 02:56 AM. سبب آخر: تصحيح الايات و تعديل الخط

  • #2
    رد: استجمامٌ يُعين علىُ مُواصلةِ السَّيْرِ

    جزاك الله خيرا و نفع الله بك

    تعليق


    • #3
      رد: استجمامٌ يُعين علىُ مُواصلةِ السَّيْرِ

      جزاكى الله خيراً

      دائماً موضوعاتك مفيدة

      ربنا يرزقك التوفيق والسداد

      قال مالك بن دينار - رحمه الله - :
      "
      من لم يأنس بحديث الله عن حديث المخلوقين فقد قل علمه ، وعمى قلبه ، وضيع عمره "

      تعليق

      يعمل...
      X