Tweet
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-ما يضيرك يا طالبة العلم لو حفظت القران في خمس سنوات؟
ست سنوات، سبع سنوات عشر سنوات، عشرين تقولين: الناس حولي يحفظون بسرعة ، يختمون في اشهر و دورات ووو و يقال لك: و ينسون بسرعة أويداخلهم العجب أو ينصرفون عنه حتى كأنهم لم يقرأوا منه شيئا من قال لك أن السرعة و العجلة مع القران خيـــر؟
ألم تسمعي قول ربّك: و قرأنا فرقناه لتقرأه للناّس على مكــــث" ألم تعلمي أنّ الله قادر على تنزيله جملة واحدة؟ ألم تعلمي أن الله خلق السماوات و الأرض في ستة ايام وهو القادر على أن يقول لها كن فتكون؟ لكنّ أمره سبحانه على مهل، فتمهلي، و لا تستعجلي لو بقيت سنوات تحفظين، لا تتركي، لا تيأسي هل تدركين مقدار الخير و النعمة؟ تبقين متعلقة بربك مستمسكة بكتابه تعرفين حقيقة عجزك و ضعفك وافتقارك إليه، وتطلبين الحول و القوة و السداد و التوفيق، توسلين لربك أن يرزقك ويأتي منك التضرع والدعاء و الرجاء و الصبر و التوكل كل هذه العبادات العظيمة لو حفظت و تمكنت بسرعة لن تصدر منك لن يعرف قلبك معنى الاستعانة و لا الشكر لانك ستقولين: ذاكرتي القوية، نشاطي، جهدي ونسمع من ذلك في زمننا كثير لكن من رباها الله تقول: الحمد لله ،بفضل الله، بحول الله، ما توفيقي إلا بالله (f) ثم لو طال بك الزمن في الحفظ واستمسكت فأبشري لان تخليص النوايا والأعمال يكون مع طول البلاء وكثرة الجهاد ولا تدري لعل الله يريد بك السلامة و الخير أن جعل طريقك طويلا لا تنصرف عيناك إلى من يختمون بسرعة و لا تقيسي على الاخرين ما يدريك أنك و انت مستعجلة أنك في حالتك الحاضرة تصلحين لحمل كتاب الله؟ ألم يقل الله تعالى لنبيّه أشرف الخلق المعصوم: "إناّ سلنقي عليك قولا ثقيلا" هل كل القلوب حقا صلحت لهذا القول؟، هل طهرت القلوب فامنت وصدقت و أيقنت و خشعت له وانقادت له الجوارح؟ أليس في الحديث أنه يأتي قوم يقرأون القران لا يجاوز تراقيهم؟ هل سرعة الحفظ علامة أن القرآن حجة لك؟ هل يساعدك على العمل به؟ كلا، إنما العكس، فالقرآن نزل على 23 سنة ليصلح القلوب و يربيها بالإيمان و التوحيد، حتى إذا ما اكتمل نزوله صار هؤلاء الذين تربوا به و عاشوا معه أهله سادة أهل الأرض لان الله كمل به إيمانهم بل لعل الله أراد بك كل الخير فيأتيك من وراء طول زمن الحفظ و المجاهدة تربيته عزو جل بأن ينقي قلبك من شوائب الدنيا، ألم تسمعي عن ذاك الذي هو أخفي من دبيب النمل أخوف ما يخاف منه على العبد الرياء-أعاذنا الله و إياكم منه أنّى لك أن تدركيه لو تسلل لقلبك، و قلوبنا ضعيفة متقلبة تعرض عليها الفتن ليل نهار؟ لكن الله تعالى لوأراد بك خيرا يخلّصك و ينقيك منه تجدين صعوبات في الحفظ، تتعثرين، تعيدين ثم يهديك الله أن تجددي النية وتجاهدي و تصبرى مع طول الزمن ، فتنصرف عنك إرادة الدنيا و لا يبقي سوى وجهه الكريم لو تبصرت لادركت كيف سبحانه يربيك و يصلحك و أي فضل و أي منّة تلك؟ أخر ما أقول لك هل تعلمين ما أجمل شى إن طال بك زمن الحفظ؟
آنك ستعيشين، تنضجين، تتربين مع القرآن، لن يكون مقاطع وأجزاء ترددينها بل سيكون، لو تدبرته في حياتك كما لوأنك عايشت نزوله، أجل كما لو انه نزل عليك، لان مراحل حفظه ستكون مصاحبة لأقدارك و ظروفك ربما كنت الان تتذمرين من هذه الظروف التي بطأت بك لكن لو طال بك الأمد و استمسكت فأبشـــــــري لانها ستكون الحياة مع القران لو وتدبرت و تفهمت و عرفت سياقات ومعاني السور و الايات التي تحفظين و لا يكون ذلك أبدا لمن يقرأ و يحفظ على عجل سترين ارتباط السور و الايا بحياتك، ستتكون لك ذكربات مع القران، السورة التي حفظتها في فترة كذا، السورة التي انهيتها لما حصل كذا، و لن تنسيها بعد مدة ستكتشفين أن القران صار جزء من أقدارك، في حياتك، و أن الله سبحانه دبّر لك أحسن تدبير، فتح عليك و منّ عليك بسور معينة في أوقات معينة لو اخترت انت توزيعها في جدول ما أصبت ولا استطعت كيف نزلت عليك السورة أو الاية بردا وسلاما في تلك المحنة، كيف ذكرتك، كيف كشفت لك حقائق ، كيف أرشدتك و وجهتك للتصرف الصحيح في وضع ما، كيف قوت عزيمتك كثيرات كثيرات في هذه النعمة لكن يدخل عليك الشيطان بالعجلة ليعميك عنها و يحوّلها لك إلي نقمة و حسرة فانتبهي، و تذكري أن القرآن عدد و كرر الله لنا فيه ذكر نعمه علينا لنشكره و أوّل شكر النعمة الشعور بها و أعظم النعم هي هذا القران الذي به حياة القلوب ليس مهما متى تختمين بل في أي حال تختمين ما أجمل أن يأتيك بعد أن يجمع لك عبادتين عظيمتين أن تكوني من الصابرين الشاكرين لن تحققي الشكر دفعة واحدة و لن تذوقي حلاوة الصبر التي تعقب مرارته و لن تحسي بفرحة من كان يعيش الفرح بالقرآن قبل الختم إذا كنت مستعجلة قد يفرح المستعجل بانجازه السريع و الله سبحانه يقول "والذين اتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك" اجعلي همّك: ان يربيني القران، أن يصلحني القرآن، أن أحيا مع القران و بالقرآن، أن أكون أهلا له،
جعلنا الله وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهل الله و خاصته
تعليق