مَنْ لَنَا وقت الضائقةِ؟
عائض بن عبد الله القرني
وعلى العبدِ أنْ يتذكَّر دائماً أنه يحمِلُ الموت، وأنه يسعى إلى الموتِ، وأنه ينتظرُ الموت صباح مساء، وما أحسن الكلمة الرائقة الرائعة التي قالها عليُّ بنُ أبي طالب رضي اللهُ عنه وهو يقولُ: إن الآخرة قد ارتحلتْ مقبلةً، وإن الدنيا قد ارتحلتْ مُدْبِرة، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عملٌ ولا حسابُ، وغداً حسابٌ ولا عملٌ.
وهذا يفيدُنا أنَّ على الإنسان أن يتهيَّأ وأن يتجهزَّ وأن يُصلح من حالِه، وأن يُجدِّد توبته، وأن يعلم أنه يتعاملُ مع ربِّ كريمٍ قويٍ عظيمٍ لطيفٍ.
إن الموت لا يستأذنُ على أحدٍ، ولا يحابي أحداً، ولا يجاملُ، وليس للموت إنذارٌ مبكر يخبرُ به الناس، {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}.
عائض بن عبد الله القرني
- مَنْ لَنَا وقت الضائقةِ؟: ذكرتْ جريدةُ "القصيم"، وهي جريدةٌ قديمةٌ كانتْ تصدُر في البلاد، ذكرتْ أن شابّاً في دمشق حجزَ ليسافرَ، وأخبر والدته أنَّ موعدَ إقلاعِ الطائرةِ في الساعةِ كذا وكذا، وعليها أنْ توقظه إذا دناالوقتُ، ونام هذا الشابُّ، وسمعتْ أمُّه الأحوال الجوية في أجهزةِ الإعلامِ، وأنَّ الرياح هوجاءُ وأنَّ الجوَّ غائمٌ، وأنَّ هناك عواصف رمليَّةً، فأشفقتْ على وحيدها وبخلتْ بابنها، فما أيقظتْه أملاً منها أن تفوته الرحلةُ، لأنَّ الجوَّ لا يساعدُ على السفرِ، وخافْت منْ الوضعِ الطارئِ، فلما تأكَّدتْ من ْ أنَّ الرحلة قد فاتتْ، وقد أقعلتِ الطائرةُ بركَّابِها، أتتْ إلى ابنِها توقظُه فوجدتْه ميِّتاً في فراشِه.
{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
فرَّ من الموتِ وفي الموتِ وَقَع.
وقدْ قالتِ العامةُ: للناجي في البحر طريقٌ.
وإذا حضر الأجلُ فأيُّ شيء يقتلُ الإنسان.
- منَ قصصِ الموتِ: ذكر الشيخُ علي الطنطاوي في سماعاتِه ومشاهداتِه: أنه كان بأرضِ الشام رجلٌ له سيارةُ لوري، فركب معه رجلٌ في ظهرِ السيارة، وكان في ظهرِ السيارة نَعشٌ مهيَّأ للأمواتِ، وعلى هذا النعش شراعٌ لوقتِ الحاجةِ، فأمطرتِ السماءُ وسال الماءُ فقام هذا الراكبُ فدخل في النعش وتغطَّى بالشراعِ، وركب آخرُ فصعِد في ظهرِ الشاحنةِ بجانبِ النعشِ، ولا يعلمُ أنَّ في النعشِ أحداً، واستمرَّ نزولُ الغيثِ، وهذا الرجلُ الراكبُ الثاني يظنُّ أنه وحده في ظهر السيارةِ، وفجأةً يْخرج هذا الرجلُ يده من النعشِ، ليرى: هلْ كفَّ الغيثُ أم لا؟ ولما أخرج يده أخذ يلوحُ بها، فأخذ هذا الراكبُ الثانيِ الهلعُ والجزعُ والخوفُ، وظنَّ أن هذا الميت قد عاد حيّاً، فنسي نفسه وسقط من السيارةِ، فوقع على أمِّ رأسهِ فمات.
وهكذا كتب اللهُ أن يكون أجلُ هذا بهذهِ الطريقةِ. وأنْ يكون الموتُ بهذه الوسيلةِ.
كلُّ شيءٍ بقضاءٍ وقدرْ *** والمنايا عِبرٌ أيُّ عِبرْ
وعلى العبدِ أنْ يتذكَّر دائماً أنه يحمِلُ الموت، وأنه يسعى إلى الموتِ، وأنه ينتظرُ الموت صباح مساء، وما أحسن الكلمة الرائقة الرائعة التي قالها عليُّ بنُ أبي طالب رضي اللهُ عنه وهو يقولُ: إن الآخرة قد ارتحلتْ مقبلةً، وإن الدنيا قد ارتحلتْ مُدْبِرة، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عملٌ ولا حسابُ، وغداً حسابٌ ولا عملٌ.
وهذا يفيدُنا أنَّ على الإنسان أن يتهيَّأ وأن يتجهزَّ وأن يُصلح من حالِه، وأن يُجدِّد توبته، وأن يعلم أنه يتعاملُ مع ربِّ كريمٍ قويٍ عظيمٍ لطيفٍ.
إن الموت لا يستأذنُ على أحدٍ، ولا يحابي أحداً، ولا يجاملُ، وليس للموت إنذارٌ مبكر يخبرُ به الناس، {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات وللمسلمين وللمسلمات الاحياء والاموات
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات وللمسلمين وللمسلمات الاحياء والاموات