الأجر على قدر المشقة
إن توبةً مِن أصعب ما يكون هي توبة الغامدية في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم )، فقد وقعت في جريمة الزنا، لكنها تابت وأرادت أن تكفِّر عن هذه الخطيئة بإقامة الحد عليها، فأمرها النبي (صلى الله عليه وسلم ) أن تذهب حتى وضعت حملها، ولم تُنسِها مشقة الحمل مرارة الذنب ووجوب التكفير عنه؛ لذا رجعت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم ) ثانية تطلب إليه أن يُطهِّرها، فردَّها النبي (صلى الله عليه وسلم ) حتى تفطم طفلها، ولم يُنسِها حنان الأمومة وشدة تعلقها بطفلها يومًا بعد يوم مرارة ذنبها؛ لذا رجعت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم ) ثالثة ليطهِّرها، وتطهيرها هو رجمها حتى الموت، وإلى هذا المصير قادها قلبها، فامتثلت قدماها للأمر، وأتت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معترفة، فنالت وسام الشرف على لسان نبينا (صلى الله عليه وسلم ):
«لقد تابت توبة لو قُسِّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله» 1.
توبة امرأة تعدل توبة سبعين من الصحابة، فتوبتها تعدل توبة كم واحد منا!!
لكن لماذا؟!
أقول: لأنها التوبة الأصعب ولا شك!! فهي توبة تساوي موتة، وليست أي موتة بل رجمًا بالحجارة حتى تزهق الروح، ثم هي فراق الولد الذي اشتد تعلق القلب به، ثم هو قمة الصدق الذي دام رغم مرور سنتين.
وحين تناثرت قطرات دمها الزكي على ثوب خالد بن الوليد غضب وسبَّها ناظرًا إلى هول جريمتها محتقرًا لها باعتبارها زانية ، فنهاه النبي (صلى الله عليه وسلم ) مبيِّنا حقيقة ما فعلت:
«مهلاً يا خالد! لا تسُبَّها، فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس 2 لغُفِر له» 3.
إن توبة من اقتات المال الحرام والربا دهرًا، أو توبة من عاش وسط بيت غير ملتزم مليء بالملهيات والموبقات، أو توبة من يعمل في بيئة لا تتقيد بتعاليم الإسلام بل تتحرر منها ولا تعين على التوبة بل تصرف عنها، أو توبة شاب قضى زهرة شبابه في الشهوات والمغريات والكبائر، توبة كل هؤلاء هي سباحة ضد التيار، ومن ثم فهي أشرف قدرا وأكبر أجرًا، ولعلها في ميزان الله أثقل من توبة أتقى العباد وأزهد الزهاد.
إن توبةً مِن أصعب ما يكون هي توبة الغامدية في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم )، فقد وقعت في جريمة الزنا، لكنها تابت وأرادت أن تكفِّر عن هذه الخطيئة بإقامة الحد عليها، فأمرها النبي (صلى الله عليه وسلم ) أن تذهب حتى وضعت حملها، ولم تُنسِها مشقة الحمل مرارة الذنب ووجوب التكفير عنه؛ لذا رجعت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم ) ثانية تطلب إليه أن يُطهِّرها، فردَّها النبي (صلى الله عليه وسلم ) حتى تفطم طفلها، ولم يُنسِها حنان الأمومة وشدة تعلقها بطفلها يومًا بعد يوم مرارة ذنبها؛ لذا رجعت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم ) ثالثة ليطهِّرها، وتطهيرها هو رجمها حتى الموت، وإلى هذا المصير قادها قلبها، فامتثلت قدماها للأمر، وأتت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معترفة، فنالت وسام الشرف على لسان نبينا (صلى الله عليه وسلم ):
«لقد تابت توبة لو قُسِّمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله» 1.
توبة امرأة تعدل توبة سبعين من الصحابة، فتوبتها تعدل توبة كم واحد منا!!
لكن لماذا؟!
أقول: لأنها التوبة الأصعب ولا شك!! فهي توبة تساوي موتة، وليست أي موتة بل رجمًا بالحجارة حتى تزهق الروح، ثم هي فراق الولد الذي اشتد تعلق القلب به، ثم هو قمة الصدق الذي دام رغم مرور سنتين.
وحين تناثرت قطرات دمها الزكي على ثوب خالد بن الوليد غضب وسبَّها ناظرًا إلى هول جريمتها محتقرًا لها باعتبارها زانية ، فنهاه النبي (صلى الله عليه وسلم ) مبيِّنا حقيقة ما فعلت:
«مهلاً يا خالد! لا تسُبَّها، فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس 2 لغُفِر له» 3.
إن توبة من اقتات المال الحرام والربا دهرًا، أو توبة من عاش وسط بيت غير ملتزم مليء بالملهيات والموبقات، أو توبة من يعمل في بيئة لا تتقيد بتعاليم الإسلام بل تتحرر منها ولا تعين على التوبة بل تصرف عنها، أو توبة شاب قضى زهرة شبابه في الشهوات والمغريات والكبائر، توبة كل هؤلاء هي سباحة ضد التيار، ومن ثم فهي أشرف قدرا وأكبر أجرًا، ولعلها في ميزان الله أثقل من توبة أتقى العباد وأزهد الزهاد.
مدَّعي النبوة الشهيد!!
لا تيأسوا معاشر المذنبين من فداحة ذنوبكم وطول عصيانكم، بل انظروا دائمًا إلى الجانب المشرق والوجه الساطع من الخطيئة، والمحوا فيها الفرصة السانحة كي ترتقوا أعلى المقامات وتحوزوا غاية الفضل، فالذنب مفتاح التوبة، وكلما كان السقوط أدهى كان الصعود أعلى.
وليس هناك ذنب أخطر من ادعاء النبوة، ومع ذلك غفر الله هذا الذنب، بل وارتقى بصاحبه إلى أسمى مقام يطمح إليه بشر ألا وهو مقام الشهادة، فاعرفوا قدر الرب سبحانه وأنتم تتعاملون معه، واذكروا ما ذكرته كتب التاريخ عن طليحة بن خويلد الأسدي الذي ادَّعى النبوة ثم ماذا؟! اقرؤوا ما بعد ماذا:
«وقد خرج عكاشة مع خالد يوم إمرة الصديق بذي القصة، فبعثه خالد هو وثابت بن أقرم كطليعة بين يديه، فتلقاهما طليحة الأسدي وأخوه سلمة فقتلاهما، ثم أسلم طليحة بعد ذلك، وكان عُمر عكاشة يومئذٍ أربعًا وأربعين سنة، وكان طليحة ممن شهد الخندق من ناحية المشركين ثم أسلم سنة تسع ووفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) إلى المدينة، ثم ارتد بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في أيام الصديق وادَّعى النبوة، ثم رجع إلى الإسلام واعتمر، ثم جاء يُسلِّم على عمر، فقال له: اغرب عني فإنك قاتل الرجلين الصالحين: عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم، فقال: يا أمير المؤمنين؛ هما رجلان أكرمهما الله على يديَّ ولم أهنأ بأيديهما، فأُعجب عمر بكلامه، ورضي عنه، وكتب إلى الأمراء أن يُشاوَر ولا يُوَلَّى شيئًا من الأمر، ثم عاد إلى الشام مجاهدا، فشهد اليرموك وبعض حروب كالقادسية ونهاوند الفرس، وكان من الشجعان المذكورين والأبطال المشهورين، وقد حسن إسلامه بعد هذا كله، وكان يُعَدُّ بألف فارس لشدته وشجاعته وبصره بالحرب، واستشهد طليحة بنهاوند سنة إحدى وعشرين مع النعمان بن مقرن وعمرو بن معدي كرب» 4.
وليس هناك ذنب أخطر من ادعاء النبوة، ومع ذلك غفر الله هذا الذنب، بل وارتقى بصاحبه إلى أسمى مقام يطمح إليه بشر ألا وهو مقام الشهادة، فاعرفوا قدر الرب سبحانه وأنتم تتعاملون معه، واذكروا ما ذكرته كتب التاريخ عن طليحة بن خويلد الأسدي الذي ادَّعى النبوة ثم ماذا؟! اقرؤوا ما بعد ماذا:
«وقد خرج عكاشة مع خالد يوم إمرة الصديق بذي القصة، فبعثه خالد هو وثابت بن أقرم كطليعة بين يديه، فتلقاهما طليحة الأسدي وأخوه سلمة فقتلاهما، ثم أسلم طليحة بعد ذلك، وكان عُمر عكاشة يومئذٍ أربعًا وأربعين سنة، وكان طليحة ممن شهد الخندق من ناحية المشركين ثم أسلم سنة تسع ووفد على رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) إلى المدينة، ثم ارتد بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) في أيام الصديق وادَّعى النبوة، ثم رجع إلى الإسلام واعتمر، ثم جاء يُسلِّم على عمر، فقال له: اغرب عني فإنك قاتل الرجلين الصالحين: عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم، فقال: يا أمير المؤمنين؛ هما رجلان أكرمهما الله على يديَّ ولم أهنأ بأيديهما، فأُعجب عمر بكلامه، ورضي عنه، وكتب إلى الأمراء أن يُشاوَر ولا يُوَلَّى شيئًا من الأمر، ثم عاد إلى الشام مجاهدا، فشهد اليرموك وبعض حروب كالقادسية ونهاوند الفرس، وكان من الشجعان المذكورين والأبطال المشهورين، وقد حسن إسلامه بعد هذا كله، وكان يُعَدُّ بألف فارس لشدته وشجاعته وبصره بالحرب، واستشهد طليحة بنهاوند سنة إحدى وعشرين مع النعمان بن مقرن وعمرو بن معدي كرب» 4.
إن في هذه القصة كذلك إشارة إلى أن تكرار التوبة والإكثار منها والمواظبة عليها يجعل فرص الخاتمة الحسنة والنهاية الأروع كبيرة، لأن المرء يموت على ما عاش عليه، مما يحث كل عاقل فينا على إدمان التوبة تمهيدا لإحسان خاتمته.
///////////////////////////////////////
([1]) صحيح : رواه أحمد ومسلم أبو داود والنسائي عن عمران بن حصين كما في صحيح الجامع رقم : 5128.
([2]) المكوس : هي الضرائب التي كانت يأخذها العشَّارُون ، وقد غلب استعمال المكس فيما يأخذه أعوان السلطان ظلمًا عند البيع والشراء ، والمكس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده ، وتكرر ذلك منه ، وانتهاكه لحرمات الناس ، وأخذ أموالهم بغير حقها ، وصرفها في غير وجهها.
([3]) حسن : رواه أحمد ومسلم أبو داود والنسائي عن بريدة كما في صحيح الجامع رقم : 6628.([4]) البداية والنهاية 6/339
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
اللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات وللمسلمين وللمسلمات الأحياء والاموات
تعليق