إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الصبر على طاعة الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الصبر على طاعة الله

    الصبر على طاعة الله

    وهو أوضح ما يكون في قصة إبراهيم وإسماعيل التي خلَّد الله ذكرها في كتابه، فمن أيهما تعجب: من الأب الذي رأى في المنام أنه يذبح ابنه فلبى؟! أم من الابن الذي استسلم لأمر الله طواعية واختيارًا؟! لقد كان الابن وحيد إبراهيم ولم يُرزَق إلا على كِبَر فما ظنك بتعلق أب كهذا بابنه؟! لكن إبراهيم حطَّم كل نداءات الأرض لما جاءه أمر السماء، وضرب لنا أروع مثل على الإطلاق في الصبر على طاعة ربه، ولقد كان باستطاعته أن يتأول الرؤيا لصالحه بدافع من غريزة الأبوة، لكنه امتثل الأمر على وجه عجيب، وفاتح ابنه في ما رأى، ولم يكن الابن صغيرًا لا يفهم ما سيُفعل به؛ بل بلغ مع أبيه السعي فأصبح فتى مفتول العضلات قوي الساعد مما زاد من شغف الأب بابنه وتعلق الابن بأبيه، وجاءت إجابة الابن محيِّرة حقًّا، فقد حسم الموقف بجملتين فاصلتين ممتلئتين بالرضا فضلاً عن الصبر قالهما لأبيه وخلَّدهما التاريخ له: (يَـٰٓأَبَتِ ٱفۡعَلۡ مَا تُؤۡمَرُ*ۖ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ )[الصافات: 102].وبعد أن شهد إسماعيل لنفسه بالصبر شهد الله -جل جلاله- له بالصبر ودوَّن اسمه في سجل الصابرين وأين؟! على صفحات القرآن: (وَإِسۡمَـٰعِيلَ وَإِدۡرِيسَ وَذَا ٱلۡكِفۡلِ*ۖ ڪُلٌّ۬ مِّنَ ٱلصَّـٰبِرِينَ ) [الأنبياء: 85]، ثم هو مع ذلك لم ينس أن يستمد العون من الله الذي لا يكون الصبر إلا بمشيئته، فهو لا يعتمد على قوته وشدة جلده بل يعتمد على ربه، وصدقا وأسلم الوالد ولده، وتله للجبين، وتهيأ للذبح، وعندها فحسب جاءته البشرى والنجاة.أنواع خمسةمن الصبر على الطاعة:
    الصبر على التعلُّم والمُعلِّم، وهذا صبر على مكافحة الجهل، وصبر على ما يمكن أن يكون من شدة المعلِّم، وصبر على الخجل من طلب العلم وخاصة إذا كنت كبير السن وأستاذك أصغر منك، ولا شك أن ذلك صعب على النفس؛ لذا كان مما يورث الأجر العظيم، واذكروا ما قاله نبينا (ص): «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرؤه وهو عليه شاق له أجران» 1، وهذا الصبر سبق وواجهه موسى حين رحل إلى الرجل الصالح ليُعلِّمه مما علمه الله، فأبرمموسى معه العهد بالصبر قائلاقَالَ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرً۬ا )[الكهف: 69]. الصبر على تصحيح النية وتخليص الضمائر من شوائب الرياء، أو الصبر على حفظ الطاعة بعد انتهائها، وعدم إفشائها والتباهي بها، أو العجب والاغترار، لئلا تتحوَّل سيئة: (وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَـٰلَكُمۡ ) [محمد: 33]، ولعل هذا هو سر تقديم الصبر على العمل الصالح في قوله: (إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ لَهُم مَّغۡفِرَةٌ۬ وَأَجۡرٌ۬ ڪَبِيرٌ۬ ) [هود: 11]، وهي معركة من معارك العبد مع الشيطان يقص علينا وقائعها وتفاصيلها سفيان الثوري في قوله: «بلغني أن العبد يعمل العمل سرًّا، فلا يزال به الشيطان حتى يغلبه، فيُكتب في العلانية، ثم لا يزال الشيطان به حتى يُحِبَّ أن يُحمد عليه، فيُنسخ من العلانية فيثبت في الرياء» 2.الصبر على المداومة على الطاعة وعدم الملل منها ومن ثم الانقطاع عنها، ولا شك أن المداومة على أي عمل ولو كان سهلاً على مدار الأيام والأعوام مما يشق على أي نفس، وفي مقابل هذه المشقة ينال المرء أعظم الأجر كما أخبر بذلك الحبيب (ص): «أحبُّ الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ» 3. الصبر على وحشة التفرد وقلة سالكي طريق الحق وكثرة المعرضين عنه: إذا كنتَ الوحيد الذي يغض بصره عن النساء في عملك، وكنتَ الوحيد الذي يصوم تطوعًا في يوم حار، وكنتَ الوحيد الذي يطهِّر لسانه من الغيبة وسط صحبة العمل أو الدراسة، وكنتِِ الوحيدة التي تحافظ على الحجاب الصحيح شكلاً وسلوكًا، إذا كنتَ أو كنتِ من هؤلاء فهنيئًا لك.الصبر على تبعات التزام طريق الحق والثبات عليه: وهي الرسالة الأولى التي تلقاها النبي (ص) في مهد الدعوة حين انطلقت به خديجةإلى ورقة بن نوفل ابن عم خديجة، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: يا ابن عم.. اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى فأخبره رسول الله (ص) خبر ما رأى، فقال لهورقة: هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله (ص): أو مخرجيَّ هم؟! فقال: نعم.. لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عُودِيَ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا
    4
    .والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيماللهم اغفر لي وللمؤمنين وللمؤمنات وللمسلمين وللمسلمات الاحياء والاموات



    ([1]) رواه أحمد والترمذي عن عائشة كما في ص ج ص رقم : 5497.
    ([2]) حلية الأولياء 7/30 ، 31.
    ([3]) رواه الشيخان عن عائشة كما في ص ج ص رقم : 163.
    ([4]) البداية والنهاية3/3
    الشيخ خالد ابوشادي


  • #2
    رد: الصبر على طاعة الله

    جزاك الله خيرا

    يارب ... أستودعك أبناء أخى فاحفظهم بحفظك وأعدهم لنا سالمين خلقاً وخُلقاً



    تعليق

    يعمل...
    X