الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة. وجهنم محفوفة بالذات والشهوات، فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار.إن الدنيا لا تخلو أبدا من الآلام والأحزان ،وأنها دار ابتلاء وامتحان ،ومن أجل ذلك فنحن نحتاج إلى صبر جميل.....
بشرط
أن يكون هذا الصبر ليس به سخط على قضاء الله عز وجل ولا ضيق.
الصبر منزلة من منازل السالكين، ومقام من مقامات الموحدين، وبه يصبح العبد في سلك المقربين ويصل إلى جوار رب العالمين. (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ )السجدة:24 وقال سبحانه: (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا )الأعراف:137 وقال: (أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا )القصص:54.
فما من فضيلة إلا وأجرها بتقدير وحساب إلا الصبر، ولذا قال تعالى: ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ )الزمر:10، ووعد الصابرين بأنه معهم فقال تعالى: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 46). وعلق النصر على الصبر فقال: ( بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ )آل عمران:125، وجمع للصابرين الصلوات والرحمة والهدى فقال: ( أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )البقرة:157 .
والآيات الواردة في مقام الصبر خارجة عن حد الاستقصاء، والأخبار المادحة له أكثر من أن تحصى.
مراتب الصابرين خمسة : صابر ، ومصطبر ، ومتصبِّر ، وصبور ، وصبَّار :
فالصابر : أعمها
والمصطبر : المكتسب الصبر ، المليء به .
والمتصبر : المتكلف حامل نفسه عليه .
والصبور : العظيم الصبر الذي صبره أشد من صبر غيره .
والصبار : الكثير الصبر ، فهذا في القدْر والكم ، والذي قبله في الوصف والكيف .
" مدارج السالكين " 2 / 158 .
وقد قسم العلماء الصبر إلى ثلاثة أقسام:-
1- الصبر على الطاعة: كالصلاة والصيام والحج وإيتاء الزكاة والخمس وما شابه.
2- الصبر على المعصية: كأن يصبر نفسه على اقتراف المحرمات وأن يخرج ولا يعمل عملا ينافي الشرع المقدس.
3- الصبر على المصيبة: ومعناه أن يصبر الإنسان على المحن والمصائب التي يتعرض لها في الحياة الدنيا. إن الصبر والظفر صديقان من القدم، ففي اثر الصبر يأتي الظفر، حيث قال عز وجل: (ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور).
وهذا الأمور بالإضافة إلى ما لها من الثواب توجب خير الدنيا والسعادة فيها. فالصبر عند الغيض والمصيبة، يوجب مهابة الإنسان في النفس والصبر من أهم أسس النجاح في الدنيا والآخرة، فعلى الإنسان المسلم أن يهتم لتحصيل هذا الفضيلة أولاً ثم إنماؤها حتى يأتي بأحسن الثمار وأجمل الأثر والله الموفق وهو المستعان.
يا صاحب الهم إن الهم منفرج أبشر بخير فإن الفارج الله
اليأس يقطـع أحيانـا بصاحبه لا تيـأس فإن الكافي الله
إذا بليت فثق بالله وارض به إن الذي يكشف البلوى الله
الله يُحـدث بعد العسر ميسرة لا تجزعن فإن الصانع الله
ولرُبّ نازلةٍ يضيق بها الفتى *** ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فُرجت وكنت أظنها لا تفرج
فالصبر الصبر تؤجروا ... وتنجحوا ... وتفلحوا ....
· وأخيرا .. فالله قد بشّر الصابرين بثلاث بشارات في قوله تعالى :" وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ " ( سورة البقرة من آيه 55 - إلى آية 57 )
تعليق