إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا ِِإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.....
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } (سورة آل عمران: 102)
أمـــا بعد
شعبان والمنح الربانيه
على الإنسان منَّا أن يجتهد في شهر شعبان، فيُكْثِر فيه من فعل الخيرات،
لكن يبقَى السؤال.
لمــاذا الاجـتـهــاد فـي شـعـبــان؟ وما هي المنحن ؟؟ ولمن تعطي !!
الاجتهاد في شعبان يكون لأمور منها:-
أولاً: حتى يتعود الإنسان منَّا فعل الخيرات وترك المنكرات فيكون له
سجية وطبع وعادة، والأمر كما قال النبي صلَّ الله عليه وسلم
"الخير عادة والشر لجاجة، ومَن يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين" (أخرجه ابن ماجة بسند صحيح)
ومن الفقه في الدين عمل الخيرات في كل الأوقات، وخصوصاً الأوقات الفاضلات.
ثانياً: الاجتهاد في شعبان يكون استعداداً لرمضان:
وكما هو معلوم أن رمضان من الأوقات الفاضلات، ومن النفحات الربانية على الأمة المحمدية، والأمر كما
قال خير البرية:صلَّ الله عليه وسلم "افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من
رحمته، يصيب بها مَن يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يُؤمِّن روعاتكم"
(أخرجه ابن أبى الدنيا والطبراني من حديث أنس)
وعند الطبراني في الأوسط من حديث محمد ابن مسلمة أن النبي صلَّ الله عليه وسلم قال:
"إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها, لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبداً"
ولقد بيَّن النبيصلَّ الله عليه وسلم في هذه الأحاديث أنه ينبغي على الإنسان منَّا أن يتعرض لهذه النفحات الربانية،
والمنح الإلهية.
وشهر رمضان من النفحات الربانية، والمنح الإلهية على الأمة المحمدية.
ـ ففي رمضان منح الرحمن، ونسائم القرآن، وروائح الجنان, فيه تطيب الأفواه، وتطهر الألسنة، وتصان الفروج, وتمنع الآثام, فهو جُنة من الزلل, ووقاية من المعاصي، وحصن من السيئات.
والاجتهـاد في شعبان يكون عـن طريق:-
1
1. المحافظة على الفرائض، وعدم التفريط فيها، والإكثار من النوافل:
فقد أخرج البخاري من حديث أبى هريرة رضي الله عنه أن النبيصلَّ الله عليه وسلم قال: قال الله عزوجل
"وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورِجْله التي يمشى بها، وإن سألني لأعطينَّهُ، ولئن استعاذني لأعيذنَّهُ"
وكما أن مجاهدة النفس، والإكثار من النوافل سبب لمحبة الله, فهي كذلك سبب في سكنى أعلى درجات الجنة مع الحبيب النبي صلَّ الله عليه وسلم .
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه :
"أن النبي قال له: سل، فقلت: أسالك مرافقتَكَ في الجنة، قال: أوغير ذلك. قلت: هو ذاك. قال: فأعنِّي على نفسك بكثرةِ السجود"
فبكثرة السجود يصل المرء إلى هذه الأشواق العالية من مصاحبة خير البرية في الجنة, ولا تكون هذه المصاحبة بالأماني والإدِّعاءات الكاذبة.
2. الإكثار من الصيام في شعبان:
*أ- فقد أخرج البخاري عن عائشة – رضي الله عنها – قالت:
"كان رسول الله يصوم حتى نقول: لا يُفطر، ويُفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهرٍ إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً من شعبان"
وفي رواية: "وما رأيته في شهر أكثر صياماً منه في شعبان:
*ب- وأخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة – رضي الله عنها- قالت:
" لم يكن النبي يصوم من شهر أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله"
وفي رواية في الصحيحين: "كان يصوم شعبان إلا قليلاً"
روى ابن وهب عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:
"ذكر لرسول الله ناس يصومون رجب، فقال: أين هم من شعبان؟!"
وباع قوم من السلف جارية لأحد الناس: فلما أقبل رمضان أخذ سيدها الجديد يتهيأ بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال رمضان، كما يصنع كثير من الناس اليوم، فلما رأت الجارية ذلك منهم، قالت: لماذا تصنعون ذلك؟ قالوا: لاستقبال شهر رمضان. فقالت: وأنتم لا تصومون إلا في رمضان، والله لقد جئت من عند قوم السنة عندهم كأنها كلها رمضان، لا حاجة لي فيكم، رُدُّوني إليهم، ورجعت إلى سيدها الأول"
.
فعليك أختي ... أن تكثر من الصيام في شعبان, والذي يدفعك للإكثار من الصيام فيه، وفي غيره أن تعلم فضل الصيام.
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبى سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلَّ الله عليه وسلم :
"لا يصوم عبد يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً"
هذا بصيام يوم واحد فقط نافلة، في حين أن رب العالمين يقول في كتابه الكريم:
{ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }(آل عمران:185)
فما بالكِ بمن زحزح وجهه عن النار سبعين خريفاً؟!!
يتــبــع
تعليق