الخلو بالله تعالى أنس الصالحين )
كان ابن تيمية في بداية أمره يخرج أحيانًا إلى الصحراء، يخلو عن الناس، ويطلب الأنس بالله والشوق للقائه،
ويتمثل قول الشاعر:
ويتمثل قول الشاعر:
وَأَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ البُيُوتِ لَعَلَّنِي ***** أُحَدِّثُ عَنْكَ النَّفْسَ بِالسِّرِّ خَالِيًا
( انظر: "مدارج السالكين"، 3/ 59 -60 )
ــــــــــــــــــــــــ
التعليق :
ما أحوجنا لمثل هذه الخلوات , وما أغفلنا عنها !!
تأمل حال ابن تيمية في أول أمره , عندها تعلم أن الوصال الذي كان يلجأ إليه ابن تيمية قبل أن يملأ الكون علماً وفقهاً ورجاحةً وجهاداً ودفاعاً عن عقيدة الإسلام , كان يلجأ لوصال متينٍ قوي , ويأوي إلى ركن شديد , يخرج من أماكن تزاحم الناس وتواجدهم ؛ لأن معها يكون انشغال القلب إلى الصحراء طلباً للخلوة بالله تعالى والأنس به , عندها لا تتعجب أنْ وهبه الله تعالى علماً عظيما , كان من ثماره أنْ لم نزل نردد ( وهذا اختيار ابن تيمية ) حتى صار شيخ مَنْ ؟ إنه شيخ الإسلام , ناهيك عن جهاده ودفاعه عن حياض العقيدة .
ارتباطك بالله تعالى كلما كان أقوى كلما كنت لتحقيق مرادك أقرب , فالله تعالى نعم المولى ونعم النصير , خلقك فأعطاك وهداك النجدين , علمك سبل الشر لتتجنبها , وسبل الخير لتبادر لها , وأعطاك روابط وعلائق , ولكن ما أغفلنا عن هذه العلائق !!
ما أكثر ما نرتبط بالناس بلا فائدة , ونشغل أنفسنا بأمور انشغل بها القلب فانشغل عن الله تعالى الذي وصاله أعظم وصال , وأشد ركن نأوي إليه , ولك أن تتصور ارتباطاتك بالناس والخوض معهم فيما لا فائدة فيه من جهة , ومن جهة أخرى : كم هي ساعات خلواتك بالله تعالى ؟ وكم له من حياتك ؟ أليس هو أعظم مقصود ؟ إن قلت : بلى , فأين الدليل على هذا المنطوق ؟؟
توصية عملية : لتكن لك ساعات تخلو بها مع الله تعالى , ولا يمض عليك وقت طويل إلا ولك مع الله تعالى ساعات تبث فيها همومك وحاجاتك , واعترافك بتقصيرك في جنب الله تعالى مع إقرارك بما أسداه لك من نِعَم, فإن هذا حبل متين , فتمسك به وعوِّد نفسك عليه ولو بشيء يسير , شيئا فشيئا حتى تأنس بهذا اللقاء , قد يحتاج مجاهدة أول الأمر لكنه بعد ذلك زاد المتقي وأنيس الغريب في هذه الدنيا
مما راق لي فنقلته إليكم