الوقفة الأولي
أما بعد :
فإذا اضطربت النفس فلم تطمئن وحار القلب فلم يسكن وأرقت العين فسهرت ولم تنم، فما عسى المسلم حينذاك أن يفعل ؟أما بعد :
وإذا ما اشتدت الكروب وأحاطت المصائب والخطوب وتكاثرت الهموم والغموم، فبأي عمل نقوم لتنقشع من سمائنا الغيوم وليرجع إلينا صفاء عيشنا، أين الدواء المخلص من عضال هذا الداء داء القلق النفسي والاضطراب؟
إنه يا معشر المؤمنين ذكر الله الذي يصف لنا في محكم كتابه حال طائفة من عباده فيقول:
يكفي أيها المهموم أن تقول ثلاثا:
فيأتي الفرج سريعا. إنها دعوة وذكره، أنقذ الله بها يونس ذا النون من بطن الحوت، ولو لم يقلها للبث في بطنه إلى يوم يبعثون.
يكفيك أيها الخائف أن تقول:
قال ابن عباس أي: بالليل والنهار، في البر والبحر، والسفر والحضر، والغنى والفقر، والمرض والصحة، والسر والعلانية. ولقد ذم الله المنافقين فقال:
قال ابن عباس أيضا: له وجهان: أحدهما: أن ذكر الله تعالى لكم أعظم من ذكركم إياه . والآخر: أن ذكر الله تعالى أعظم من كل عبادة سواه، وفرق كبير بين الذي يذكر ربه والذي لا يذكره، إذ يقول الرسول
ويقول الحبيب أيضا
وتعظـم درجة الذكر لله إذا كان ذكره لربه سبحانه بين قوم غافلين لاهين: (( ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين ))(2)كما يقول سيد المرسلين
إن ذكر الله عبادة عظيمة تشمل عدة أنواع من العبادة وتدخل في الكثير منها فهل كانت الصلاة إلا ذكراً أو كانت إقامتها إلا ذكرا:
وهل قراءة القرآن إلا ذكر؟ بل إن من أسماء القرآن اسم الذكر، وهل يخلو الحج من ذكر الله:
ولا يخلو الصوم من الذكر، والدعاء ذكر والاستغفار ذكر، إن من الناس من لا يعرف ذكر الله إلا عند المناسبات كعقد قران أو عزاء في ميت، وإن ذكرت الله في غير هذه المناسبات أمامه استغرب ذلك منك ولربما رماك بالدروشة أو بالجنون، إن ديننا يأمرنا أن نذكر الله في كل الأحوال كما سبق، بل لقد عد الله من يذكره خاليا بعيداً عن الناس فتفيض عيناه عده سبحانه وتعالى فيمن يظلهم تحت عرشه يوم لا ظل إلا ظله سبحانه وتعالى.
جعلني الله وإياكم من الذاكرين، وجنبنا وأهلنا غفلة الغافلين الذين كان لهم الشيطان قرينا:
(1) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار 17/12.
(4) صحيح البخاري : كتاب الدعوات ، باب فضل ذكر الله 7/168.
(1) الجامع لشعب الإيمان 2/578.
(2) أخرجه الطبراني في الكبير 10/16.
الوقفة الثانية
الحمد لله رب العالمين الحمد لله الذي أمر عبده فقال:
ولما كان الأمر كذلك كانت مجالس الذكر أعظم المجالس بركة وأجراً بشهادته
بل شبه النبي
إن مجالس الغفلة هي التي لا يذكر فيها اسم الله ولا يصلى فيها على نبيه
ويقول
(2) سنن الترمذي: كتاب الدعاء باب ما جاء في فضل الذكر 5/459.
(3) صحيح مسلم : كتاب الذكر ، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر 17/22.
(4) سنن الترمذي : كتاب الدعوات ، باب 83 5/532 .
(1) المستدرك 1/492.
(2) مسند أحمد 2/463 وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح مجمع الزوائد 10/79.

تعليق