السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخمار المزيف لفضيلة الشيخ/ محمد بن سليمان المحيسني
الحمد لله العظيم شأنه، العزيز سلطانه، الدائم بره وإحسانه؛ نحمده تعالى ونشكره، نجعل الحياء شعبة من الإيمان، ومن لا حياء له فناقصٌ إيمانه، ونشكره عز وجل أمر المرأة بالتزام الحجاب والآداب، وعليها يقوم أساس البيت وبُنيانه، ونعوذ به تبارك اسمه أن يحيف رجال زماننا ونساؤه.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، حفظ حق المرأة وأعلى قدرها، وجعل الحياء شطرين بين الرجال والنساء، وما أسعد الحياة إذا حفظت المرأة شطرها.
ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، أظهر للعالمين فخرها، صلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه الذين عرفوا من الشريعة سرها، وحفظوا للنساء حقوقهن، وألزموا المرأة خدرها، وعلى التابعين لهم بإحسان، وسلم تسليماً.
أما بعد:
عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وبالإنابة والرجوع إليه.
أيها الناس! لقد كنا نظن أن هذه الأحداث، وهذه المحنة المحدقة بنا سيكون لها أثراً بالغاً في نفوسنا، ونفوس أبنائنا وإخواننا وأخواتنا، ومجتمعنا، وصحافتنا، وسيرجع فيها الجميع إلى الله، ولكن حدث من البعض ما لم يكن بالحسبان، اشتعلت أفكار المفسدين وأقلامهم.
أيها المسلمون! لا يخفى عليكم ما عمت به البلوى في كثير من البلدان من تبرج الكثير من النساء، وسفورهن وعدم تحجبهن عن الرجال، وإبداء الكثير منهن من زينتهن التي حرم الله إبداءها، وحيث أن هذا الداء من المنكرات العظيمة، والمعاصي الظاهرة، ومن أعظم أسباب حلول العقوبات ونزول النقمات؛ ذلك لما يترتب على التبرج والسفور من ظهور الفواحش، وارتكاب الجرائم، وقلة الحياء وعموم الفساد، وحيث أن أفكار المفسدين وأقلامهم، ومعاولهم، ما زالت تعمل كذلك في هدم الإسلام، وفي هدم قيمه وأخلاقه، فقد كان الأولى أن يكون الموضوع مشتملاً على حكم الحجاب، وموقف الإسلام من تحرير المرأة.
أيها الناس! كانت المرأة مهضومة مظلومة، معدودة عند كثير من الرجال في سقط المتاع، وكانت أوروبا وقوانينها الآثمة تسمح للآباء والأزواج أن تؤجِر المرأة وتعار، وتشترى وتباع، وكان شريعة الرومان تكف فم المرأة عن الكلام، وتلحقها بالكلاب وضواري السباع، وكان العرب يمنعونها من الإرث، ويأدونها صغيرة.. إلى غير ذلك من الإهانات، فجاءت هذه الشريعة السمحة وأخرجت المرأة من الظلمات إلى النور، وصارت مكلفة متصرفة بتصرفات توافق طبيعتها، وتتناسب معها، وخُفف عنها من الأحكام ما تعجز عنه رقة العواطف وضعف الطباع.
كما أمر الإسلام بالرفق بها، وإسداء الخير لها، فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث:«خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي"
الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث : ابن جرير الطبري
المصدر : مسند عمر الصفحة أو الرقم: 1/408 خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
(1).
ثم حد الإسلام لها حدوداً تحفظها، وتحفظ عفتها وكرامتها، فشرع الله لها الحجاب؛ ليحجز العابثين عنها، ولكن أدعياء المدنية، وأتباع الشيطان من مدعيي تحرير المرأة يعدون الحجاب هضماً لحقها، وحكماً برقها، وكذلك يدعي كل أفَّاك أثيم، فلقد ظل أعداء الإسلام، وما يزالون يكافحون لإخراج المرأة المسلمة من دارها، ومن سترها وعفافها، وذلك تحقيقاً لمآربهم الخبيثة، وأغراضهم المشبوهة.
وأخذ كتابهم وشعراؤهم ينادون المرأة ويناشدونها خلع الحجاب، والتعري والسفور، حتى قال أحدهم:
مزقي يا ابنة العراق الحجابا *** واسفري فالحياة تبقي انقلاباً
يضاهي بقوله قول الله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب:59]، قال ابن الجوزي:" {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ}، أي: يغطين رؤوسهن ووجوههن".
أيها الإخوة والأخوات! وحتى لا ينزلق البعض وينجرف في تيار دعاة الضلال من أهل الفن والصحافة؛ لا بد أن نعرف حكم الحجاب معرفة مستمدة من الكتاب والسنة، فقد دلت الآيات والأحاديث على وجوبه وأهميته، من ذلك:
قول الله سبحانه: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31].
ومن ذلك: قول عائشة رضي الله عنها قالت:"كان الرُّكبانُ يَمُرُّون بنا ونحن مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم مُحْرِماتٌ فإذا حاذُوا بنا أَسدَلَتْ إحدانا جِلْبابَها من رأسِها على وجهِها
الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث : الألباني
المصدر : حجاب المرأة الصفحة أو الرقم: 32 خلاصة حكم المحدث : صحيح
"(2).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إذا كانَ لإحداكنَّ مُكاتِباً وَكانَ عندَهُ ما يؤدِّي فلتَحتَجِب منهُ
الراوي : أم سلمة المحدث : العيني
المصدر : نخب الافكار الصفحة أو الرقم: 14/206 خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
»(3).
وعن ابن مسعود مرفوعاً:«إنما النساء عورة، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها بأس، فيستشرفها الشيطان، فيقول: إنك لم تمر بأحد إلا أعجبته، وإن المرأة لتلبس ثيابها، فيقال: أين تريدين، فتقول: أعود مريضاً، أو أشهد جنازة، أو أصلي في مسجد، وما عبدت المرأة ربها مثل أن تعبده في بيتها»(4)، وهذا فيه دليل على أن بقاء المرأة في بيتها خير من خروجها حتى للعبادات والقربات.
وروى البخاري في صحيحه: أن عائشة رضي الله عنها قالت يَرحَمُ اللَّهُ نساءَ المُهاجراتِ الأُوَلَ، لمَّا أنزلَ اللَّهُ: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ شقَّقنَ أكنف مروطَهُنَّ فاختمرنَ بِها
الراوي : عائشة أم المؤمنين المحدث : الألباني
المصدر : صحيح أبي داود الصفحة أو الرقم: 4102 خلاصة حكم المحدث : صحيح
"، قال ابن حجر:" اختمرن. أي: غطين وجوههن"(5).
وتقول صفية بنت شيبة:" بينا نحن عند عائشة رضي الله عنها قالت: فذكرنا نساء قريش وفضلهن، فقالت عائشة: إن لنساء قريش لفضلاً، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار، وأشد تصديقاً لكتاب الله، ولا إيماناً به منهن، لقد أنزلت سورة النور: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:31]، فانقلب رجالهن إليهن، يتلون عليهن ما أنزل الله إليهن فيها، ويتلو الرجل على امرأته وابنته، وعلى كل ذي قرابته، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فاعتجرت به تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله، فأصبحن وراء رسول الله معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان"(6)،
والاعتجار: هو لف الخمار على الرأس مع تغطية الوجه.
ويقول عاصم الأحول:" كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وقد جعلت الجلباب هكذا، وتنقبت به، فنقول لها: رحمك الله، يقول الله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ} [النور:60]، قال: فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ}"، كبيرة في السن، وقد رخص لها في كشف الوجه، ومع هذا فتأبى لتنال بذلك رضا الرحمن، وزيادة الأجر منه.
أيها المسلمون! إن المرأة المسلمة لقيت عناية فائقة من الإسلام بما يصون عفتها، ويجعلها عزيزة الجانب، سامية المكانة، وإن الضوابط التي فرضت عليها في ملبسها، وزينتها، وعلاقاتها، لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد، وتجفيف منابع الافتتان، وإن أعداء الإسلام ليدركون تماماً أن المرأة إذا انحرفت عن هذا السبيل، وحطمت تلك الحواجز، وتعدت تلك الضوابط، فثارت على البيت والولد، وانكشفت في المجامع والأندية والأسواق، فهنالك الويل والوبال، والفتنة والدمار، والداء العضال لمجتمعات الإسلام؛ لذلك يقول أحد المستعمرين:" كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرموها في حب المادة والشهوات".
ويقول أحد كبراء الماسونية:" يجب علينا أن نكسب المرأة، فأي يوم مدت إلينا يدها فُزنا بالحرم، وتبدد جيش المنتصرين للدين".
ولعلمهم: أن هذا لا يتأتى إلا بنزع الحجاب أولاً، وبالاختلاط ثانياً، فقد ركزوا عليهما مستعينين على ذلك بسفهاء من سفهائنا، ومن أبناء جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا، ويخالطوننا في مجالسنا.
ويبدأ الخونة في دورهم، فيكتبون كتاباتهم، ويسخرون أقلامهم ليمزقوا شرع الله، وليبدلوا ويحرفوا ما أنزل الله؛ طاعة لأعداء الله، فيكتب أحدهم في مجلة من المجلات موضوعاً بعنوان:" الحجاب حاجز من الإنسان؛ لأن استمتاع الفتاة بالحياة يتأتى من ثقتها بمنظرها الخارجي"، وينسى الكاتب قول الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب:59].
وكاتبة مغرورة زين الشيطان لها سوء عملها تقول:" إن المرأة العاملة أكثر اطمئناناً وثقة بالنفس من المرأة التي لا تعمل؛ ذلك لما يتيح لها العمل من الاختلاط بالآخرين"، فمن تقصد بالآخرين؟ لا ندري، {نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الأنعام:143].
ولقد رأيت بعيني جريدة أخرى تضع سورة لعائلة تمسك الأم بشعار الصليب، وتمسك الطفلة به كذلك، علامة بأن هذه العائلة ستتجه إلى أمريكا الشمالية، ثم تبدأ في تسهيل أمر الرحلات إلى أوروبا وغيرها.
وفي مقال آخر يقول كاتب يسخر بالله وبآياته:" إن بقاء المرأة حبيسة الجدران هو وضع أفرزته المراحل التاريخية عبر العصور"، أخرس الله لسانه، وشل يده، أو ما علم بقول الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33].
أيها الأحبة! كل هذا الكلام وأكثر منه يدعوا إليه، ويتلفظ به من يدَّعون الإسلام، وينتسبون إليه -لا كثرهم الله- ويا ليت الأمر ينتهي عند هذا الحد، بل إنهم في كثير من الأحيان ينسجون قصصاً خيالية، يضعون لها أسماء مستعارة، وينسجونها نسجاً يلائم عقول السذج من الناس، كما نسجت إحدى الجرائد قصة يفتري فيها الكاتب على هذا البلد حكومة وشعباً، فيزعم في كتابته أن هناك فتاة من فتياتنا قادت الطائرة، واستلمت رخصة القيادة، ويزعم أنها أول طيارة سعودية، ثم يدعي الكاتب أنها تقول:" عامل هام كان وراء نجاحي، ألا وهو تشجيع والدي"، ثم يواصل مكره وخداعه، فيترحم على والدها، وينسب إلى أبي هذه الفتاة أنه يقول:" لا أراني أملك إلا التساؤل عن موقف الذين يحاولون ولا يزالون يصرون على وضع الحواجز وراء أو أمام مسيرة الفتاة".
أتدرون من يقصد بهذا؟ إنه يقصد بالذين يحاولون ويصرون على وضع الحواجز العلماء والحكام الذين يحكمون شرع الله، أو ما علم هذا المسكين المنجرف أن هذه الترهة أو ما شابهها لا ينخدع بها أصحاب العقول الواعية المدركة؟ فكيف تقود الفتاة السعودية طائرة ودولتنا -أيدها الله بدينه- منعت قيادتها للسيارة، حفاظاً على دينها وكرامتها، لئلا يدنسها الآخرين؟!
ولكن لا غرو وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أناس من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا يكونون سبباً في تمزيق ديننا، فأسأل الله أن يسخر دولتنا لقمع هذه الشرذمة الأفاكة المجرمة.
أيها الإخوة والأخوات! إن الأعراض إذا لم تُصن وتحصن بالأسوار والسدود فستسقط لا محالة أمام هذه الإغراءات والدعايات الكاذبة؛ فاحذروا وصونوا بيوتكم وبناتكم من أجهزة الفساد بشتى أنواعها، مقروءة كانت أو مسموعة أو مرئية؛ فإنها تُضعف الإيمان، وتدعوا إلى الافتتان، صونوا بناتكم وزوجاتكم قبل وقوع المحظور، ثم لا ينفع بعدئذٍ بكاء ولا ندم.
أيها الفتاة المسلمة! حذارِ من التردي في المنحدر الذي تردت فيه المرأة الكافرة؛ فإن الكافرة لها بعض العذر؛ لأنها لا تجد ديناً يقمعها، وأما أنت فما عذرك وقد أنزل الله لك ديناً يحفظ لك العزة والكرامة؟
أيها الفتاة المسلمة! قولي لهم كما قالت المرأة الصالحة:
بيدي العفاف أصون عز حجابي *** وبعصمتي أعلو على أترابي
وبفكرة وقادة وقريحة *** نقادة قد كملت آدابي
ما ضرني أدبي وحسن تعلمي *** إلا بكوني زهرة الألباب
ما عاقني خجلي عن العليا ولا *** سدل الخمار بُلمتي ونقابي
أيتها المرأة المحافظة! إن المرأة الحرة الحصينة هي التي تدرك أن خالقها لا يأمر إلا بما يصلحها ويصلح غيرها، ولقد صور الشاعر المرأة بدون حجاب كأنها مدينة بلا أسوار، فقال:
إن المدينة يا ابنتي *** تبقى محصنة أمينة
ما دامت الأسوار *** تمنعها بأعمدة متينة
فإذا هوت جدرانها *** نفذ العدو إلى المدينة
أيها الإخوة والأخوات! إن هؤلاء من أدباء هذا الجنس يحملون بأيديهم معاول التهديم في صرح كياننا المتين، وإن هذا الطريق الذي سلكوه لا يريدون به مصلحة الأمة ولا المجتمع، بل يريدون من ورائه إشباع غرائزهم وأهوائهم، ولقد كان الأولى والأحرى بهم أن يكونوا رواد نهضة حقيقية تبعث في الأمة روح الكفاح، وتجند لها حياتها الأسرية الهانئة؛ ليكون المجتمع مجتمعاً متماسكاً، قوي البنيان، أصيل النشء.
إن هؤلاء الذين يحرضون المرأة في أدبهم؛ للخروج عن الآداب الصالحة التي عرفنا بها، ويغرونها بأن تتبع طريق المرأة الغربية الشائك، ويعملون على حرمانها من هدوئها وسعادتها، ليحملون أكبر وزرٍ من انجراف المرأة في هذا التيار.
وإن من الغريب جداً أن نجد أدباء الجنس يكثفون نشاطهم على هذا النوع المؤدي إلى تفسخ الأخلاق، وشيوع الميوعة في أحوج الأوقات وأخطرها، في أخطر مرحلة تاريخية تمر بالعرب والمسلمين.
وقد فوجئت حقيقة وأنا أقرأ قبل أيام قليلة دعاية ونداء من جمعية نسائية تنادي النساء لتعليمهن اللغة الفرنسية، والألمانية، والإيطالية، وغيرها من الدول الأوروبية؛ لأنني كنت أظن أن النداء في هذه الأيام سيكون في تعليم كتاب الله وتحفيظه.
فيا أيها المسلمون جميعاً! إني لأثيب بعقلاء الأمة وشبابها، وفتيانها وفتياتها الطاهرات العفيفات، وبجمعياتها النسائية.. أثيب بكل مخلص في هذه الأمة رجالاً ونساءً أن يعودوا إلى الله، وأن يقفوا في وجوه العابثين؛ ليمنعوهم من التخريب الذي بدأوه باسم الحرية؛ فإننا في معركة لا سلاح لها إلا العلم، والإيمان والأخلاق، حولوا بينكم وبين أعدائكم وبين ما يشتهونه باسم الحق، وباسم الكرامة، لا تدعوهم يُحرقوا بيوتكم باسم الفن والتقدم والحضارة.
ويا من سَخرتم أقلامكم لتحرير المرأة من العفاف إلى الرذيلة! سخروا أقلامكم وجهودكم لإيجاد شباب جهاد وكفاح، ولإيجاد نساء معلمات مربيات أجيال؛ فإن الذين استقيتم منهم السم قد عزَّ عليهم أن تجود أمهاتكم وأخواتكم على أمتها كما جادت من قبل بالعلماء والمجاهدين، فصار همهم أن لا تلد المسلمة مثل عمر وخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي، فلقد ظلت المرأة المسلمة طيلة القرون الخالية مصونة متربعة على عرشها تهز المهد بيمينها، وتزلزل عروش الكفرة بشمالها؛ لذلك نصب أعداؤنا لها الشباك، واحتالوا عليها بشتى الحيل، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
تعليق