إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أختاه .. ابتعدي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أختاه .. ابتعدي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أختاه .. ابتعدي
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
    وبعد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل
    وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك ،وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة" [متفق عليه]

    وقال علي بن أبي طالب: "لا تصحب الفاجر؛ فإنه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله".
    وقال بعض السلف: "إياك ومجالسة الأشرار؛ فإن طبعك يسرق منهم وأنت لا تدري".

    أختاه..

    ليست العدوى من الجليس بمقاله وفعله فقط.. بل بمجرد النظر إليه!
    فالنظر إلى الصور يورث في النفوس أخلاقاً مناسبة لخلق المنظور إليه..

    إن أول ما يجب عليك أختاه عند توبتك إلى الله وسلوكك سبيله أن تتخلصي من رفيقات السوء فتستبدلي بهن صحبة صالحة..
    ثم بعد ذلك لابد من تغيير المكان الذي كنت تعصين الله فيه..

    إن الذي قتل تسعة وتسعين نفساً.. بل مائة..
    قال له العالم: "إن قومك قوم سوء، وإن في أرض كذا وكذا قوماً يعبدون الله، فاذهب فاعبد الله معهم

    اللهم اجمعنا مع الصالحين دنيا وآخرة..
    نعم ؛ إنك ينبغي أن تنتبهي لهذا..لأن قضية تغيير الرفقة من الأهمية بمكان..

    فأصحاب السوء لا يتركونك، ومن ورائهم الشيطان، لا يريد أن يفلتك..
    اسمعي لقول الله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83]..
    فالشياطين تؤزُّ العصاة إلى المعاصي أزَّا.. تدفعهم دفعاً.. تسوقهم سوقاً.. تقودهم قوداً.. تيسر لهم..


    أختاه.. تعوذي بالله من الشيطان الرجيم

    نعوذ بالله من الشيطان الرجيم
    الشيطان لن يدعك تتوبين.. سيجاهدك، وسيقف لك بالمرصاد، وسيستعمل كل أسلحته، من معارفك وأصدقائك..

    إنك تذكرين يوم كنت تجلسين أمام التلفاز تشاهدين المعاصي، وتسمعين الفجور، ويوم كنت تزورين من كنت تصاحبينهن،
    فتسمعين عندهن الغناء.. وكذلك كنت تدخلينهن بيتك.. تدخلين بيتك برفقة السوء هذه..
    فترحب بهن أمك، ويجلس معهن أبوكِ.. وينشرح صدرهما لمصاحبتك لهن..

    فإذا بك يوم التزمت وتبت إلى الله..
    قال لك أبوك: يا ابنتي.. "إنك ستوردينا موارد الهلكة.. !
    إننا لا طاقة لنا بتبعات هذا الالتزام !"

    وإذا زارتك بعض الأخوات الملتزمات المنتقبات..
    قال لك: "هل نويت أن تحولي البيت إلى وكر؟ أم ماذا تريدين؟! "

    وهكذا..
    هكذا سيحاربك الجميع.. الكل سيجاهدك.. حتى نفسك!

    ستبدأ -هذه النفس- تورد عليك صور المعاصي القديمة..
    تجدين نفسك راقدة في مرة لتراجعي حفظك من سورة البقرة، أو تستمعين إليها..
    فتفاجئك نفسك بصورة الولد الذي كان يحاول أن يقترب منك!

    فإذا تذكرت الله تعالى .. تساءلتِ: من الذي أتى بهذه الصورة إلى هنا؟!
    وفي هذا الوقت بالذات؟!


    إنها النفس الأمارة بالسوء .. وإنه اللعين الرجيم..

    نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن الشيطان الرجيم.
    نعم اعلمي أنهم لا يدعونك.. لذلك دعي كل ما يذكر بالمعصية.. اتركيه واهجريه..

    اهجري أصدقائك القدامى..
    غيّري رقم الهاتف.. غيري حتى عنوان المنزل إن استطعت..
    غيري الطريق الذي تمشين منه.. وإذا قابلت إحداهن قدراً فسلمت عليك..
    فقولي لها:" السلام عليك يا أخت".. فإن قالت لك: "ما الذي جرى لك؟!"،
    فقولي لها: "عرفت الله، وحذرني من الشياطين؛ شياطين الجن والإنس".

    قولي لها:" إنني أدعو الله لك ليتوب عليك كما تاب علي"
    عندها قد يقال عنك:" إنك جُننت! "
    دعيهم يقولون ما يشاؤون..
    وإذا قالت لك نفسك: "إنني بهذا قد أنفرهم من سلوك الطريق المستقيم.."
    فقولي لها: "المهم أن أنجو بنفسي أولاً.. ثم عندما تثبت قدمي أعود لأمد لهم يد العون.."
    ولكن ماذا يحدث إذا مددت لهم تلك اليد الآن ولما تثبت أقدامك..
    فهششت لهم ، وبادلتِهم الحديث..؟ سوف يذكرونك بأيام معاصيك.. فيدخل الوهن في قلبك.

    سيقولون:
    "إنك جننتِ.. إننا نعرفك أكثر من نفسك،(النقاب والسواد مش لايق عليكِ) ..
    أنت لست من هذا الطراز.. هل أنت من مرتادي المساجد؟.. هل نسيت اسم الشاب الذي..؟ .. هل نسيت ما كنت تفعلين؟..
    هل يترك كل هذا (عاقل) ليكون مع هؤلاء (المُعقدين)؟.."

    أليس هذا ما يقولونه لكِ؟
    لذا، فإذا حدث وقابلت إحداهن أو أحدهم فلا تبسطي معهم، ولا تنسي الإنكار ولو بقلبك..
    فإن قالت لك إحداهن: "إنني أريدك أن تأتي معي في أمر". فقولي: "إني في طريقي لحضور درس علم".. فإن قيل لك:" إذن غداً؟!".. فقولي: "غداً سأقوم الليل من بعد العشاء وحتى الفجر.." فإن قيل لكِ: "إذن بعد غدٍ؟!".. فقولي: "إنني أنوي أن أختم القرآن بعد غدٍ.." فعندها سيقال: "مجنونة والله!" وييأس منك شيطان الإنس ذلك ويتركك.. وإلا فسيهتدي ويصحبك ويتبعك..
    كما قلت لك من قبل: إياك وتلبيس إبليس.. يقول لك: "إنك خُلقتِ للدعوة.." قولي له:" أي دعوة ؟! أنا ما زلت في بداية توبتي!".. ولتعلمي أنت لست مسؤولة عن الدعوة قبل استكمال هداية نفسك.. الزمي الصمت.. اتركي أرض المعاصي.. إنك لن تستطيعي اعتزال الناس في المدرسة.. أو في المنزل.. أو في الطريق.. ستضطرين للتعامل مع الناس.. وعليه: فيجب عليك أن تعزلي نفسك في البداية عن مواطن المعصية لفترة حتى تعتادي الالتزام.

    إن نصيحتي لك يا ابنتي
    أن تلزمي نفسك الصمت.. حولي بينها وبين من يشغلها.. إياك والمعارك الجانبية..
    فإذا نظر إليك أبوكِ شذراً لأنك ستخرجين بالسواد، ولا يُظهِر منك شيئاً أبداً.. وقال لك: "ما الذي تنوين عليه؟"
    فلا تقولي له: "إن النقاب فرض"، ولا تتهميه بالصد عن سبيل الله..
    ولكن قومي فقبلي رأسه ويده، وقبلي يد أمك، وقولي لهما: "الحمد لله الذي نجاني من النار بفضل حسن تربيتكما لي..
    أو بفضل دعائكما لي.. أو بفضل حرصك يا أبي على أن تطعمنا الحلال الطيب.. ولعلي أنفعكما يوماً"..
    وذكريهما بحديث: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له


    لا تقيمي المعارك
    في المنزل مع إخوتك أو أبيك أو أمك أو جيرانك أو زملائك؛ فتلهيك المعارك عن اللجوء إلى الله والسير إليه..

    لا تفتحي أبواب المعارك.. سدي باب الذرائع عن أي سؤال..
    فإذا قال لك أبوكِ:" يا ابنتي.. هل النقاب فرض؟!"
    فقولي: "كيف حالك يا أبي؟! إنني أحبك.." وحاولي أن تتفادي الصراع ما أمكنك..

    [أقصد بذلك أن تمر الفترة الأولى من الالتزام بدون مشاكل بقدر الإمكان، ولكن حتما ستكون المواجهة بالأدلة على فرضية النقاب،
    وحرمة الغناء، وحرمة الاختلاط، وغير ذلك، والمقصود: عدم استدراج الأخت التائبة إلى عداوة المنزل والأهل فإنهم سيكونون عائقاً شديداً أمام الالتزام.. فالصبر.. الصبر]


    وإن قالت لك أمكِ: "هل اتبعت هؤلاء الذين يقولون إن الغناء حرام؟!
    " فقولي: "ما رأيك يا أمي لو جلست معي فقرأنا ربعين من القرآن، فإنك عندها ستشعرين بجنة الله في القرآن..
    إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال.. وقال.." وقُصي لها من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم..

    إنك حينها قد ترغبينهم في الدين بحسن خلقك.. وسيشعرون بتحسن حالك.. وسيؤثر فيهم سمتك الصالح.
    أما إن أقمت نفسك للفتيا.. وسردت الأدلة على وجوب النقاب،
    وأن الأئمة الأربعة طيب الله ثراهم قالوا.. وأن ابن تيمية قدس الله روحه قال..
    وأن ابن باز وابن العثيمين رحمهما الله قالا..
    فإنك لن تجدي الوقت لتصحيح توبتك مع الله ،وإنما عليك بالنصيحة العابرة.. والهمسة الصادقة..


    أطيلي الصمت.. وأدمني السكوت.. ولا تخوضي مع الخائضين.. جنبي نفسك الزلل..
    ابتعدي عن الخطأ.. انكسري لله.. لا تطغي.. و لا تتكبري..

    إذا رأيت العاصيات فاذكري قول الله تعالى: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء: 94]،
    قولي: "الحمد الله الذي عافاني مما ابتلي به كثيرٌ من عباده، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا.."

    وإذا حاول الاقتراب منك أهل الشبهات والجدل والمناقشات.. فاذكري قول الله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55]
    ودائما وأبدا اجعلي أنسك بالله وملجأك وملاذك إليه.. فاعتصمي به وتوكلي عليه..
    اللهم يا ولي الإسلام وأهله.. مسكنا بالإسلام حتى نلقاك بهوصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله والحمد لله رب العالمين

    منقققققققققول
    عامِل الناسَ بِـ جمالِ قَلّبك ، وطيبتِهِ ، ولا تَنتظر رداً جميلاً ، فَـ إن نَسوها لا تَحزن ، فَـ الله لَن ينساك

  • #2
    رد: أختاه .. ابتعدي

    سلمت يمينك اختى على النقل الرائع

    وجعله الله فى موازين حسناتك


    يارب ... أستودعك أبناء أخى فاحفظهم بحفظك وأعدهم لنا سالمين خلقاً وخُلقاً



    تعليق


    • #3
      رد: أختاه .. ابتعدي

      جزاكم الله خير كلام من القلب الى القلب


      اللهم أجعل عملي صالحاً
      وأجعله لك خالصاً ولا تجعل لاحد فيه شيئاً

      تم وضع جديد التفريغ في المجموعه الثالثة سارعوا في الحجز من تقول أنا لها


      تعليق


      • #4
        رد: أختاه .. ابتعدي

        جزاكِ الله خيرا
        ​ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ



        تعليق


        • #5
          أختاه .. ابتعدي -ونحن ندعوك لتقف مع نفسك وقفتين وانت يا عبد الله،،،

          بسم الله الرحمن الرحيم

          إضافة المحرم 1428 هـ
          أختاه .. ابتعدي

          الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
          وبعد، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل
          وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك ،وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة" [متفق عليه]
          وقال علي بن أبي طالب: "لا تصحب الفاجر؛ فإنه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله".
          وقال بعض السلف: "إياك ومجالسة الأشرار؛ فإن طبعك يسرق منهم وأنت لا تدري".

          أختاه..
          ليست العدوى من الجليس بمقاله وفعله فقط.. بل بمجرد النظر إليه!
          فالنظر إلى الصور يورث في النفوس أخلاقاً مناسبة لخلق المنظور إليه..
          إن أول ما يجب عليك أختاه عند توبتك إلى الله وسلوكك سبيله أن تتخلصي من رفيقات السوء فتستبدلي بهن صحبة صالحة.. ثم بعد ذلك لابد من تغيير المكان الذي كنت تعصين الله فيه..
          إن الذي قتل تسعة وتسعين نفساً.. بل مائة.. قال له العالم: "إن قومك قوم سوء، وإن في أرض كذا وكذا قوماً يعبدون الله، فاذهب فاعبد الله معهم
          اللهم اجمعنا مع الصالحين دنيا وآخرة..
          نعم ؛ إنك ينبغي أن تنتبهي لهذا..لأن قضية تغيير الرفقة من الأهمية بمكان..
          فأصحاب السوء لا يتركونك، ومن ورائهم الشيطان، لا يريد أن يفلتك.. اسمعي لقول الله سبحانه وتعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مريم: 83].. فالشياطين تؤزُّ العصاة إلى المعاصي أزَّا.. تدفعهم دفعاً.. تسوقهم سوقاً.. تقودهم قوداً.. تيسر لهم..
          أختاه.. تعوذي بالله من الشيطان الرجيم
          نعوذ بالله من الشيطان الرجيم
          الشيطان لن يدعك تتوبين.. سيجاهدك، وسيقف لك بالمرصاد، وسيستعمل كل أسلحته، من معارفك وأصدقائك..
          إنك تذكرين يوم كنت تجلسين أمام التلفاز تشاهدين المعاصي، وتسمعين الفجور، ويوم كنت تزورين من كنت تصاحبينهن، فتسمعين عندهن الغناء.. وكذلك كنت تدخلينهن بيتك.. تدخلين بيتك برفقة السوء هذه.. فترحب بهن أمك، ويجلس معهن أبوكِ.. وينشرح صدرهما لمصاحبتك لهن..
          فإذا بك يوم التزمت وتبت إلى الله.. قال لك أبوك: يا ابنتي.. "إنك ستوردينا موارد الهلكة.. ! إننا لا طاقة لنا بتبعات هذا الالتزام !"
          وإذا زارتك بعض الأخوات الملتزمات المنتقبات.. قال لك: "هل نويت أن تحولي البيت إلى وكر؟ أم ماذا تريدين؟! "
          وهكذا..
          هكذا سيحاربك الجميع.. الكل سيجاهدك.. حتى نفسك!
          ستبدأ -هذه النفس- تورد عليك صور المعاصي القديمة.. تجدين نفسك راقدة في مرة لتراجعي حفظك من سورة البقرة، أو تستمعين إليها.. فتفاجئك نفسك بصورة الولد الذي كان يحاول أن يقترب منك!

          فإذا تذكرت الله تعالى .. تساءلتِ: من الذي أتى بهذه الصورة إلى هنا؟! وفي هذا الوقت بالذات؟!
          إنها النفس الأمارة بالسوء .. وإنه اللعين الرجيم..
          نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن الشيطان الرجيم.
          نعم اعلمي أنهم لا يدعونك.. لذلك دعي كل ما يذكر بالمعصية.. اتركيه واهجريه..
          اهجري أصدقائك القدامى.. غيّري رقم الهاتف.. غيري حتى عنوان المنزل إن استطعت.. غيري الطريق الذي تمشين منه.. وإذا قابلت إحداهن قدراً فسلمت عليك.. فقولي لها:" السلام عليك يا أخت".. فإن قالت لك: "ما الذي جرى لك؟!"، فقولي لها: "عرفت الله، وحذرني من الشياطين؛ شياطين الجن والإنس".
          قولي لها:" إنني أدعو الله لك ليتوب عليك كما تاب علي"
          عندها قد يقال عنك:" إنك جُننت! "
          دعيهم يقولون ما يشاؤون..
          وإذا قالت لك نفسك: "إنني بهذا قد أنفرهم من سلوك الطريق المستقيم.."
          فقولي لها: "المهم أن أنجو بنفسي أولاً.. ثم عندما تثبت قدمي أعود لأمد لهم يد العون.."
          ولكن ماذا يحدث إذا مددت لهم تلك اليد الآن ولما تثبت أقدامك.. فهششت لهم ، وبادلتِهم الحديث..؟ سوف يذكرونك بأيام معاصيك.. فيدخل الوهن في قلبك.
          سيقولون:
          "إنك جننتِ.. إننا نعرفك أكثر من نفسك،(النقاب والسواد مش لايق عليكِ) .. أنت لست من هذا الطراز.. هل أنت من مرتادي المساجد؟.. هل نسيت اسم الشاب الذي..؟ .. هل نسيت ما كنت تفعلين؟.. هل يترك كل هذا (عاقل) ليكون مع هؤلاء (المُعقدين)؟.."
          أليس هذا ما يقولونه لكِ؟
          لذا، فإذا حدث وقابلت إحداهن أو أحدهم فلا تبسطي معهم، ولا تنسي الإنكار ولو بقلبك..
          فإن قالت لك إحداهن: "إنني أريدك أن تأتي معي في أمر". فقولي: "إني في طريقي لحضور درس علم".. فإن قيل لك:" إذن غداً؟!".. فقولي: "غداً سأقوم الليل من بعد العشاء وحتى الفجر.." فإن قيل لكِ: "إذن بعد غدٍ؟!".. فقولي: "إنني أنوي أن أختم القرآن بعد غدٍ.." فعندها سيقال: "مجنونة والله!" وييأس منك شيطان الإنس ذلك ويتركك.. وإلا فسيهتدي ويصحبك ويتبعك..
          كما قلت لك من قبل: إياك وتلبيس إبليس.. يقول لك: "إنك خُلقتِ للدعوة.." قولي له:" أي دعوة ؟! أنا ما زلت في بداية توبتي!".. ولتعلمي أنت لست مسؤولة عن الدعوة قبل استكمال هداية نفسك.. الزمي الصمت.. اتركي أرض المعاصي.. إنك لن تستطيعي اعتزال الناس في المدرسة.. أو في المنزل.. أو في الطريق.. ستضطرين للتعامل مع الناس.. وعليه: فيجب عليك أن تعزلي نفسك في البداية عن مواطن المعصية لفترة حتى تعتادي الالتزام.
          إن نصيحتي لك يا ابنتي أن تلزمي نفسك الصمت.. حولي بينها وبين من يشغلها.. إياك والمعارك الجانبية.. فإذا نظر إليك أبوكِ شذراً لأنك ستخرجين بالسواد، ولا يُظهِر منك شيئاً أبداً.. وقال لك: "ما الذي تنوين عليه؟" فلا تقولي له: "إن النقاب فرض"، ولا تتهميه بالصد عن سبيل الله.. ولكن قومي فقبلي رأسه ويده، وقبلي يد أمك، وقولي لهما: "الحمد لله الذي نجاني من النار بفضل حسن تربيتكما لي.. أو بفضل دعائكما لي.. أو بفضل حرصك يا أبي على أن تطعمنا الحلال الطيب.. ولعلي أنفعكما يوماً".. وذكريهما بحديث: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له
          لا تقيمي المعارك في المنزل مع إخوتك أو أبيك أو أمك أو جيرانك أو زملائك؛ فتلهيك المعارك عن اللجوء إلى الله والسير إليه..
          لا تفتحي أبواب المعارك.. سدي باب الذرائع عن أي سؤال..
          فإذا قال لك أبوكِ:" يا ابنتي.. هل النقاب فرض؟!" فقولي: "كيف حالك يا أبي؟! إنني أحبك.." وحاولي أن تتفادي الصراع ما أمكنك..
          [أقصد بذلك أن تمر الفترة الأولى من الالتزام بدون مشاكل بقدر الإمكان، ولكن حتما ستكون المواجهة بالأدلة على فرضية النقاب، وحرمة الغناء، وحرمة الاختلاط، وغير ذلك، والمقصود: عدم استدراج الأخت التائبة إلى عداوة المنزل والأهل فإنهم سيكونون عائقاً شديداً أمام الالتزام.. فالصبر.. الصبر]
          وإن قالت لك أمكِ: "هل اتبعت هؤلاء الذين يقولون إن الغناء حرام؟! " فقولي: "ما رأيك يا أمي لو جلست معي فقرأنا ربعين من القرآن، فإنك عندها ستشعرين بجنة الله في القرآن.. إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال.. وقال.." وقُصي لها من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم..
          إنك حينها قد ترغبينهم في الدين بحسن خلقك.. وسيشعرون بتحسن حالك.. وسيؤثر فيهم سمتك الصالح.
          أما إن أقمت نفسك للفتيا.. وسردت الأدلة على وجوب النقاب، وأن الأئمة الأربعة طيب الله ثراهم قالوا.. وأن ابن تيمية قدس الله روحه قال.. وأن ابن باز وابن العثيمين رحمهما الله قالا.. فإنك لن تجدي الوقت لتصحيح توبتك مع الله ،وإنما عليك بالنصيحة العابرة.. والهمسة الصادقة..
          أطيلي الصمت.. وأدمني السكوت.. ولا تخوضي مع الخائضين.. جنبي نفسك الزلل.. ابتعدي عن الخطأ.. انكسري لله.. لا تطغي.. و لا تتكبري..
          إذا رأيت العاصيات فاذكري قول الله تعالى: {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [النساء: 94]، قولي: "الحمد الله الذي عافاني مما ابتلي به كثيرٌ من عباده، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا.."
          وإذا حاول الاقتراب منك أهل الشبهات والجدل والمناقشات.. فاذكري قول الله تعالى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55]
          ودائما وأبدا اجعلي أنسك بالله وملجأك وملاذك إليه.. فاعتصمي به وتوكلي عليه..
          اللهم يا ولي الإسلام وأهله.. مسكنا بالإسلام حتى نلقاك به
          وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله والحمد لله رب العالمين



          تعليق


          • #6
            رد: أختاه .. ابتعدي -ونحن ندعوك لتقف مع نفسك وقفتين وانت يا عبد الله،،،
            حراسة الحسنات

            الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد
            فإن من أهم أسباب الفتور والانتكاس – عياذاً بالله –: التفريط في النوافل، والتساهل، والوقوع في المكروهات..
            وهذا التفريط في حراسة الحسنات- بتعبير أهل الأدب والاصطلاح- يسمى مرض (انتشار قائمة الأولويات النسبية)، أو يسمى مرض (عكس القواعد الشرعية في تفاصيل الأعمال الإيمانية).
            إن هناك من يعكس القواعد الشرعية في وضعه قائمة الأولويات، ليس شرطاً أن تكون عنده مكتوبة، ولكنها عنده مُقَعَدة مُؤَصَلة في نفسه، إنه إذا تعارض النوم مع حضور درس العلم، قدم النومَ، وإذا تعارض العمل مع مجلس الذكر قَدَم العمل، وإذا تعارض وقت طبيبة المرأة مع وقت قراءته للقرآن قَدَم العلاج، وإذا تعارض وقت مجاملات من أفراح أو زيارات... إلخ مع عمل أخروي قَدَم كل ذلك!!
            إنها عكس القواعد الشرعية في تفاصيل الأعمال الإيمانية!
            دائما يبدأ بالمفضول على الفاضل، وبالمرجوح على الراجح، وبالأدنى على الأعلى، يترك الأَولى ويتبع الرخيص، فيوشك أن يتزندق!
            عنده تنقلب الأسس والموازين، وتنعكس المناهج والسبل، فتحتاج البدهيات إلى أدلة وبراهين، إنه مرض القلب وداء النفس الخطيرة.
            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .."[متفق عليه أخرجه البخاري (52) كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، ومسلم (1599) كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات واللفظ له].
            إن سبب هذا المرض الخطير فساد في قلب، أدَى إلى أن تصبح الأعمال الفاضلة عنده في المرتبة الثانية إذا تعارضت مع أعمال مفضولة، فيقدم المفضولة هوى، اتباعاً لهوى نفسه ورغباته الشخصية، ومريحات نفسه الأمارة بالسوء، لذلك نجده يضيع.
            إن هذا الذي يُترخص فيه (كمثال: لبس الملابس "الإفرنجية") فإذا سئلته: لماذا لا ترتدي القميص الأبيض اتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال لك: إنه ليس بحرام، و قد أفتى الشيخ الفلاني..
            لم نقل:إنه حرام، ولكن.. أليس خلاف الأولى؟!
            إنك قد تلبسه مضطرّا في العمل أو في الجامعة أو خلافه، فما الذي يدفعك إلى أن ترتديه وأنت في المسجد، وأنت واقف بين يدي الله سبحانه وتعالى، أنا لا أقول: إنه حرام [تنازلاً مع الخصم]، ولكنه خلاف الأولى!
            إن المسألة لا تحتاج إلى أدلة، نفس الشيء تجده عند النساء، فتجدهن يرتدين الألوان الزاهية في النقاب، فإذا أمرتهن بالسواد، كان الرد:
            هل السواد فرض؟
            نعم إنه ليس بفرض، ولكن أليس فرضاً في زي المرأة ألا يكون مثيرًا للفتن؟! أليس شرطاً ألا يكون زيها زينة في نفسه؟! إن القضية عندهن تحتاج أيضًا إلى أدلة!
            كذلك في مسألة صلاة الجماعة وفرضيتها.. في مسألة الصف الأول وفضله.. في مسألة الوقوف خلف الإمام وأهميته.. في مسألة حفظ القرآن.. إلخ.
            إذا وجهته إلى ذلك، سألك:
            هل حفظ القرآن فرض؟
            ليس بفرض، وإنما الفرض أن تحفظ ما تصلح به صلاتك، المسألة عنده أو عندها كون الأمر فرضًا أو ليس بفرض، فإذا لم يكن فرضًا فهو ليس مهمـًّـا على الإطلاق، وهنا نطرح سؤالاً:
            أليس الانشغال بتلاوة القرآن وحفظه أولى من الانشغال بقراءة الجرائد وتتبع المجلات؟! أليس الأمر كذلك؟! فيرد عليك قائلا:
            ألا تريد منا أن نعلم أخبار العالم؟!
            إنها قضية عكس القواعد الشرعية، أن يعكسها من أجل هواه، من أجل رغبته الذاتية، وللأسف الشديد يوشك هذا أن يضيع؛ قال صلى الله عليه وسلم: "اجعلوا بَيْنكُم وبَيْنَ الحَرَامِ سُتْرَةً مِنَ الحلالِ" [أخرجه ابن حبان في صحيحه (2551)، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة(896)].
            يقول ابن القيم: (سألت شيخ الإسلام ابن تيمية عن بعض المباح فقال: يتنافى مع أصحاب الهمم العالية). فأين همتك؟
            إن القضية قضية همم عالية، قضية الهمة التي تسفل بالإنسان، فتجعله يطلب منك الأدلة.
            فلابد من حسم القضية بحراسة الحسنات بما يلي:
            أولاً- بالأخذ بالعزائم في بداية الأمر والحذر من التفريط :
            يجب عليك أن تبدأ بداية قوية، وقد ذكرنا ذلك أكثر من مرة، فإن النفس إن عودتها التساهل تساهلت فوصلت إلى المعاصي والذنوب.
            قال تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} [البقرة: 63]
            ثانياً- حب الله والاستعانة به وصدق اللجأ إليه :
            نعم.. إننا نحتاج إلى أن نحب الله حقيقة، فإذا أحببنا الله حقيقة فعلنا كل ما يرضيه بصدق واتبعنا رسوله.
            {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 31].
            ثالثاً- مجاهدة النفس ومصابرتها وتوبيخها:
            إن الناظر المتفحص في الأمور يجد أن غالبية غير الملتزمين يحبون الإسلام، يحبون الله ورسوله، ولكن طغى رَيْنُ المعاصي على قلوبهم فأنساهم ذكر الله.
            هذا وإن كان -على الجانب الآخر- أناس قد رسموا لأهل التدين صورة في أذهانهم على أنهم أعداء، فيعاملونك معاملة العدو مباشرة، ولكن دعونا من هؤلاء.. دعونا مع الجانب الخَيِّر من الناس..
            أحدهم يقول- وهو سائق تاكسي-: "أنا أخرج في الصباح وقد عزمت عزمًا أكيدًا على أن أصلي الظهر في جماعة، ثم لا أصلي". فقلت له:
            "إنك تريد إذا قررت أن تصلي أن تجد نفسك منشرح الصدر للصلاة .. لا.. إن الأمر يحتاج إلى مجاهدة، إنك حين تسمع الأذان، وتريد أن تقف للصلاة ستفاجأ باثنين أو ثلاثة يريدون الركوب معك ومن بينهم أخ عربي، إنها فتن، ولذلك ستحتاج إلى مجاهدة، تحتاج أن تترك كل ذلك وتوقف سيارتك لتدخل إلى المسجد للصلاة، تدخل مصممًا وقاهرًا لنفسك".
            فقال لي: "طبعًا ويرزقني الله خيرًا مما فاتني!"
            قلت: "لا يجب أن نشترط على الله"؛ فهو إذا خرج ولم يرزقه الله خيرًا مما فاته فقد يفتن، فينبغي ألا نربط قلوب الناس بالاشتراط على الله، على العكس من ذلك فإنه قد يبتلى؛ قال ربنا {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الذِينَ منْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ
            فقلت له: "يمكن أن تسير بالسيارة ساعة فلا يطلب منك أحد أن توصله، فلا تيأس، وإياك أن تكون ممن يعبد الله على {عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ}، إن الأمر يحتاج إلى ترويض النفس الأمارة بالسوء".
            حبيبي في الله.. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من أحب المرء لا يحبه إلا لله عز وجل، ومن كان الله عز وجل ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه" [الترمذي والنسائي، وصححه الألباني]
            هذه هي حلاوة الإيمان؛ أن تكره أن تعود إلى ما أنقذك الله منه..
            فاحرس حسناتك من الانتكاس، وصن التزامك من الفتور.. بلزوم هذه الثلاثة التي نصحتك بهن:
            أولاً- الأخذ بالعزائم في بداية الأمر والحذر من التفريط
            ثانياً- حب الله والاستعانة به وصدق اللجأ إليه
            ثالثاً- مجاهدة النفس ومصابرتها وتوبيخها
            زك نفسك بهن، ورب نفسك عليهن
            وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله، والحمد لله رب العالمين




            تعليق


            • #7
              رد: أختاه .. ابتعدي -ونحن ندعوك لتقف مع نفسك وقفتين وانت يا عبد الله،،،

              أيها الإخوة،،،

              ذهب الظمأ.. ذهب الظمأ..
              ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله.
              يا لها من كلمة!!
              ذهب الظمأ؛ كأن الصومبه عذاب الظمأ.. كأن الصوم في آخره لذة الرجاء..
              ذهب الظمأ؛ إنها تساوي: "تعبك راحة"..
              إنها تساوي: "لم أر منك إلا خيراً"..
              إنها تساوي: "وماذا يعني الظمأ في سبيلك إن كنت أحب إليّ من الماء البارد على صدري؟"
              ذهب الظمأ؛ كلمة الصائمين عند فِطرهم..
              ذهب الظمأ؛ كأنها تشبه كلمة آخر من يدخل الجنة، كأنها كلمة الذي تطأ رجله الجنة بعد عذاب الدنيا كله، فيقول: "والله، والله، ما رأيت شقاءً قط، ولا رأيت بؤساً قط".
              ذهب.. مضى.. نسيته.. لا أجد شيئا من ذلك.. ذهب الظمأ.
              أيها المؤمنون ،،،
              أهلّ علينا رجب، وبسرعة البرق مضى وانقضى.. -ورجب شهر حرام: دقائقه حرام.. ساعاته حرام.. أيامه حرام.. هو في مقدمة الأشهر الفاضلة، وهو مفتاح الستة أشهر الباقية من العام- وحلّ شعبان، ورمضان على الأبواب..
              فأين الصوم؟ أين الصائمون؟
              إنك حين تسأل؛ تسمع العجب في أمر تنصّل الناس من صوم هذه الأيام الفاضلة..
              ستسمع مثلا: "أنا إذا صمت؛ أنام ولا أستيقظ"..
              "أنا إذا صُمت؛ لا أُحسِن شيئا في اليوم كله"..
              "أنا لا أقدر على العطش"..
              "ظروفي.. ظروف العمل لا تسمح"..
              "ظروفي الصحية تحول بيني وبين ذلك"..
              وو..
              وكأن الصوم ليس إلا للـــ"فُرّاغ"! وكأن الصوم ليس إلا لمن لا ظروف له!!
              من منا لا ظروف له؟ ومن منا لا يمرض؟ ومن منا عمله غير شاق؟ ومن منا لا يظمأ؟ ومن منا لا يجوع؟ ومن منا لا يحب هذه المطعومات المشروبات لا سيما في الصيف؟ من؟؟
              ومن أعجب ما تسمع أن مِن أفتن المفتونين مَن ينسب فطره إلى طاعة الله، يقول: "أستعين بالطعام على العبادة"!
              وهل علم سلفنا من العباد -أيها العابد- إلا الصوم؟
              إن الصوم مفتاح هذه العبادات، الجوع والعطش مفتاح القلب، عباداتك كلها من القلب، ولو أنك فعلتها مع الصوم لوجدت الإخبات الذي حُرمت منه مع الصوم، فالإخبات في العبادات صفة الذي يتعبد وهو صائم.
              وتأمل قول من يقول: "أنا لا أصوم، بل أفُطر لله، وذلك لكي أركز في القرآن"!!
              وهل طُُلب منك أن تواصل الصوم طوال حياتك؟
              أنا أكلمك عن رجب وشعبان ورمضان، أنا أكلمك عن الاثنين والخميس، أنا أكلمك عن أيام البيض، أنا اُكلمك عن صوم يوم وفطر يوم.. فــ: لمن ستترك كل هذا؟
              يا عبد الله،،،
              إنك بفطرك هذا:
              صائمٌ عن الجنة..
              صائمٌ عن الآخرة..
              صائمٌ عن الحسنات..
              صائمٌ عن باب الريان..
              صائمٌ عن الفردوس..
              صائمٌ عن مناجاة الله: "..يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي" متفق عليه.
              صائمٌ عن الاحتساب..
              صائمٌ عن التضحية..
              صائمٌ عن الذل مع الله..
              صائم عن التزكية..
              صمت عن الصيام، فذهب الإخبات.. ذهبت التضحية.. ذهبت التزكية.. ذهب الإخلاص.. ذهب السر.. وذهب الاحتساب..
              يا عبد الله،،،
              لا تزال ظمآن يا مسكين، لا تزال غير مرويّ يا محروم..
              أيها المحروم من الصوم؛ إن هي إلا ساعات، ويعود إليك الظمأ، مثل الذي صام!!
              أيها المحروم من الصوم؛ إن هي إلا ساعات، ويشرب الصائم بجوارك، ويذهب ظمؤه مثلك!!
              من وجد الله؛ فماذا فقد؟ ومن فقد الله؛ فماذا وجد؟
              يا عبد الله،،،
              إنني لا أريدك أن تصنف مقالتنا هذه تحت عنوان "الصوم"، وإنما خذ منها ما سيأتيك عن التضحية والإخلاص والتزكية والاحتساب، ولا تضعها في خانة الصوم، لأن منا من يسرد الصوم سردا، ولا يتركه أبدا، لكن مع هذا لا تزال فيه من الأنانية، ولم يتعلم من مدرسة الصوم..
              منا من لا تزال فيه قلة الاحتساب والرغبة في الدنيا، ولم يتعلم من مدرسة الصوم..
              منا من لا تزال نفسه لم تذكر، ولم يتربّ في مدرسة الصوم..
              منا من لا يزال سره حقيرا، مع ما يسرد من الصوم..
              إذن فلنجعل مقالتنا اليوم لا عن الصوم، وإنما: "ذهب الظمأ".
              ذهب الظمأ؛ أسوقها للأعزب الذي تراوده نفسه إذا خلا، كي يجعل منهجه قوله: "غداً أقول؛ ذهب الظمأ".. إذا لقيت الله، فزف إليك الحور فقل: "ذهب الظمأ".
              ذهب الظمأ؛ أسوقها للذي استدان، وقلّ ماله، وعُرض عليه الحرام أو المشبوه كي يُمنّي نفسه بذلك اليوم، ويقول: "غداً أقول؛ ذهب الظمأ". ذهب الظمأ؛ أسوقها لكل محروم كي يُمنّي نفسه بالآخرة، ويقول: "غداً أقول؛ ذهب الظمأ".
              (اللهم اجعلنا من هؤلاء الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا)
              أيها الظمآن من زهرة الدنيا.. استبشر بيومٍ تقول فيه: "ذهب الظمأ".
              يا لهذا الصوم!ويا لعِظمِ ما فيه من الأجر!إنه حقا وصدقا مدرسة.
              يقول ابن عمر رضي الله عنهما: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أفطر يقول: "ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله" صحيح الجامع_4678.
              ذهب الظمأ. أين الظمأ؟ ذهب. أين ذهب؟ انتهى مع أول شربة بل قبل أن يشرب يقول: "ذهب، أنا لا أجد ظمأ يا رب".
              يا له من أدب عالٍ! فقبل أن يضع على فيه الماء، كأنه يقول لله: "تعبك راحة، ذهب الظمأ"، كأنه يقول لله: "ما رأيت في سبيلك مشقة قط، ذهب الظمأ".
              ذهب الظمأ، وابتلت العروق.. العروق الظمآنة التي في جوفي ابتلت، وذهب الظمأ..
              ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله.. تأمل أنها سنة أن تقول: ثبت الأجر.
              تصور -والقبولُ غيب- أن الله شرع لك وأنت تفطر أن تقول ما يفيد أنك مأجور، مقبول:ثَبتَ الأجر..
              سُنة أن تقول: ثبت الأجر..
              سُنة أن تعتقد أن الله لن يضيع ظمأك، ولن يضيع مخمصتك وجوعك.
              ذهب الظمأ؛ ذهب.. انتهى.. انقضى.. لا أجد منه شيئا.. ذهب..
              وماذا حينها ؟
              1
              التزكية
              هنا مدرسة التزكية، هنا فرع التزكية من مدرسة الصوم، هنا تربية النفس على أنها لا شيء، هذه وقفة مع أشد الشهوات وأهمها وأعظمها ضرورة في الحياة. قال تعالى: }وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} الأنبياء_آية:30.
              ومع هذا، تقوللنفسك: صه، ذهب الظمأ، لا يوجد ظمأ، ذهب..عجيب!أنا أريدك أن تجربها وأنت صائم في هذا الحر، وعملك قد أدر منك العرق.. أريدك أن تحمل الماء إلى فمك، وتستشعر هذا المعنى، أي قبل أن تشرب تقول: "لست عطشانا، ليس هناك عطش، هذا من أجلك يا رب، هانت نفسي من أجلك يا رب، انتهى ذلك الغم، راودتني نفسي على الفطر فرددتها، وقلت لها: ذهب الظمأ".
              أريدك أن تجرب أن تقول لنفسك هذا.. أن تقول لها منذ الصباح: "أنا سأصوم لأقول لله قبل فطري: "ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء الله".
              قف مع نفسك هذه الوقفة: نفسك أشد ما تحتاجه هو الماء، وقد قدرت عليه.فكيف بالسجائر؟فكيف بالمال الحرام؟فكيف بالنساء؟..
              رد عنك كل هذه الخواطر.. أنت لا تحتاج لشيء في الدنيا أكثر من الماء، واصبر، وقل: "ذهب الظمأ".
              إن النفوس خلقت من أمشاج وأخلاط رديئة.
              قال عز وجل: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} الإنسان-آية2.
              النطفة وصفها أنها أمشاج.. أخلاط من الأخلاق الحسنة والسيئة على السواء.. أخلاط من طباع الخير والسوء على السواء.
              لماذا يا رب أمشاج؟
              يقول الله تعالى: {نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} الإنسان-آية2.
              فأنت خلِقت على هيئة أمرك الله أن تتطهر منها، أنت خلقت من أمشاج، وأُمرت أن تكون صادقاً صافياً خالصاً. قال الله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ}الزمر-الآية:3.
              خلّص هذه النفس من الأمشاج، ولا يكون ذلك إلا بتربيةٍ وتخلية، والتخليةُ من أهم ما يعينك عليها الصوم، فبه تتخلى عن الرغبة في اللذة, وتتخلى عن الرغبة ولو في المباح. تصور؟
              الماء حلال ليس حراما، ولكن تُمنع منه في صومك لكي تتربى على الصبر على الحلال، فيكون الحرام عليك يسيرا، وهذه هي التزكية.
              إن التزكية هي عملية تخليصٍ للنفس من شوائبها وأمشاجها، وذلك بالصوم يتحقق بإذن الله.
              فالذي لا يصوم ضاعت منه التزكية, ولم يذهب عنه الظمأ.
              إن هذه العبادات التي وفقك الله لها من تلاوة, وقيام, وصيام، وصدقات, وصلة, وسعي لطلب الحلال.. كلها من غير الصوم لها طعم, ومع الصوم لها طعم آخر.
              بينك وبين النشاط شربة ماء.. بينك وبين ترك الخمول والانطلاق وذهاب العرق شربة ماء.. ولكنك تتركها، وينهدّ جسمك، وينهار صلبك.. لله.
              وسيصلك هذا المعنى بوضوح أكثر في العنصر الثاني

              تعليق


              • #8
                رد: أختاه .. ابتعدي -ونحن ندعوك لتقف مع نفسك وقفتين وانت يا عبد الله،،،

                التضحية
                أيها الإخوة،،،
                لا شك أننا نعيش زمان الأنانية، والذي يُريد أن يكسب وحده.. الذي يريد أن يربح وحده.. الذي يريد أن يزوره الناس ولا يزورهم.. الذي يريد أن يتصل به الناس ولا يتصل بهم.. الذي يريد أن يحترمه الناس ولا يحترمهم.. الذي يريد أن يأخذ ولا يُعطي.. فاته هذا المعنى الكبير من معاني الإسلام؛ معنى التضحية والإيثار والبذل والعطاء، فكان من أسرار تركِه للصوم أنه لم يُربَّ على التضحية، ولم يتلذذ بالترك، ولذة الترك عند العابدين ولذة العطاء عند المتقين أكبر وأحلى وأشهى وأنقى من لذة الآخذين.. الطمّاعين.
                إن هؤلاء الذين تركوا الصوم متهمون بترك التضحية.
                وهنا تجدر الإشارة للذي لا يطيق أن يصوم لأجل صحته -كأن يكون عنده دواء لا بد أن يتناوله كل ساعة، أو لأسباب صحية معينة قد يحتاج أن يشرب كل ساعة- أن أمارة صدقه في طلب الصوم أن يعزم منذ اليوم على إطعام أهل الصوم..
                من فاته الصوم فلا ينبغي أن يفوته أن يطعم القوم الصائمين؛ تأمر أولادك بالصوم، وتنوي بإطعامهم أنك تطعم الصائمين، فإن لك فيها الأجر إن شاء الله: "من فطر صائما كان له مثل أجره" صحيح الجامع_6415.
                يا عبد الله،،،
                إن هذه التضحية هي التي تجعلك تصوم ولا تفطر، وحين تمر أمام عربة الفول في الصباح -وأنت الذي اعتدت أن تأخذ إفطارك كل يوم إلى العمل- تستشعر معناها.
                يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (*) مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (*)} التوبة_آيتان: 119-120.
                تأمل هذه الثلاثة (النصَب والمخمصة والظمأ) وأنت تمر بالطعام والشراب، واستشعر: {كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ}.
                {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ..}:ما كان لك أن ترغب لنفسك في طعامها.. في سقيها.. في ريها.. أن ترغب في قوتها، ونشاطها، وفي تمكينها.
                {ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ..}: اعرق, انصب، اظمأ، جُع في سبيل الله. فإن الشيطان كافر، ولا يريدك أن تصوم.
                {وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}: يا لخسارة التضحية إن كانت لغير الله!
                {مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ الأعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللَّهِ، وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ}: انظر ماذا خسّرتهم الأنانية. عن من تخلفوا؟ عن صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، يا لبطش الأنانية! يا لخسارة التضحية من أجل النفس، من أجل المال، من أجل الأولاد، من أجل الزوج!..
                من الناس من يضحي من أجل سيارته!.. من يضحي من أجل مكانته!.. من يضحي من أجل شكله وهيئته!.. من يضحي من أجل صحبته!.. من يضحي من أجل غير الله, وكل هذا سيصير ترابا.
                آه من حب غير الله، ويا لهول ما ينتظر العاشق الذي على هاتفه الـ ".."، الذي يرن في الليل لـ ".."، الذي يرسل الرسائل إلى ".."، الذي لا ينام حتى يفكر في ".."، الذي يستيقظ فتخطر بباله ".."، الذي إذا ابتُلي ذكر "..".
                هذا العاشق المُبتلى، يذيقه الله عذاب الدنيا والآخرة، جزاءَ ما ضحى لغير الله، والقصص كثيرة، والمآسي غفيرة لا آخر لها.
                (أسأل الله أن يعافيني وإياكم من ذاك العشق).
                التضحية لغير الله هباء. قال الله جل جلاله: {وَمِنَ النَّاسٍ مَن يَتَّخِذ من دُونِ اللهِ أندَادَاً يُحبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله } البقرة-آية:165.
                وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة.." الجامع الصحيح_6435.
                في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ}البقرة-الآيتان:165-166،
                تأمل أنهم يتبرؤون منهم، ويرون العذاب في الدنيا والآخرة، وكم تبرأت معشوقة من عاشقها بعد أن ضحى من أجلها! وكم تبرأ معشوق من عاشقته بعد إذ ضحت من أجله!وكل ذلك هباء.
                وإن كان ذلك حراما أصليا، فإن الحلال كذلك، ومنه التضحية لأجل الولد، ولأجل الزوج، ولأجل الناس، ولأجل النفس.. فكلها إن لم يكن من ورائها الرغبة في وجه الله، صارت هباء وحسرة في الدنيا والآخرة.
                ولعل قصة الرجل الصيدلي -رحمه الله- الذي أحرقه ولده ليست بمجهولة, فهو أفنى عمره في سبيل ولديه، واشترى لكل واحد منهما صيدلية، حتى الذي لم يكن ناجحا في دراسته، ولم يدرك المجموع، صرف عليه في العام ثلاثة وثلاثين ألفا من الجنيهات ليدخل كلية خاصة، وينال الصيدلة, وإذ بأهل المدينة يوما يستيقظون على رائحة "الشياط" وأصوات المطافئ.
                ما الخبر؟
                أُحرق الرجل.
                لماذا أُحرق؟ وكيف أُحرق؟
                يا عجباً؛ ما بال كل البيت لم يُحرق، فقد انبعث منه دخان دون أم يحترق.
                لقد أحرق الولد والده على فراشه بالكيمياء، من غير أن يُحرق الفراش!
                من أين تعلم هذه الكيمياء؟
                من مال الوالد.
                إلى أين أيتها التضحية؟
                قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}التغابن-آية: 14.
                إخوتاه،،،
                لا تقشعرنّ أبدانكم من هذا المثال البشع، فإن في الآخرة ما هو أبشع، سيحرق أبناء آباءهم في النار، لأنهم تركوهم في الدنيا يرتعون في المعاصي والأوزار.
                فـــ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} التحريم-آية:6.
                يا لخسارة التضحية إن لم تكن لله، والصوم يعلّم التجرد لله.
                أيها الإخوة،،،

                إن هذه التزكية، وهذه التضحية، فرعان من مدرسة: " ذهب الظمأ"، ويرتبط بهما أصل ثالث نشرحه الآن بحول الله.
                (أسأل الله جل جلاله، أن يهديني وإياكم لما يحبه ويرضاه، وأن يثبتنا على مرضاته. إنه ولي ذلك والقادر عليه).



                تعليق


                • #9
                  رد: أختاه .. ابتعدي -ونحن ندعوك لتقف مع نفسك وقفتين وانت يا عبد الله،،،

                  ونحن ندعوك لتقف مع نفسك وقفتين:


                  - وقفة تحاسبها عما وقع وانقضى .

                  - ووقفة تبصرها بالمقبل الآتي.




                  الوقفة الأولى: وقفة مع ما مضى


                  قف مع نفسك بين الفينة والأخرى ناظرًا في أمسك الغابر، وتفكَّر فيما أودعته بياض نهارك من قول أو عمل، وما تضمنه سواد ليلك من صمت أو فكر، وانظر إلى ما قدمته يداك، وما تحرك به لسانك، وما وقع عليه طرفك، وما استمعت إليه أذناك، وما مشت إليه قدماك، فإنك مسؤول عن ذلك كله: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} الإسراء: آية_36.


                  وانظر في الحقوق التي كلفك الله القيام بها، فكانت عندك أمانة، هل أديتها كما طلب منك أم أنك ضيعتها، وغلبك طبعك الظلوم الجهول؟


                  وأول هذه الحقوق التي يجب أن تنظر فيها حق سيدك وإلهك ومولاك، رب العباد؛ فقد أمرك بأداء حقه بقوله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} آل عمران:آية_102، وحقه تبارك وتعالى أن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر، وأن يعبد وحده لا شريك له.


                  وكيف أنت في أيامك الغابرة من هذه التيارات التي تتصارع في عالم البشر:

                  - هل كنت قشة يتلاعب بها التيار؟ أم كنت صخرة تتحطم عليها الأمواج؟

                  - أكان همك من دنياك لقمة تأكلها وشربة تشربها، ولباسا تلبسه؟

                  أم كنت صاحب دعوة ورسالة تريد أن تقيم حياتك وفقها، وتريد إبلاغها للعالمين، ثم تريدها إطارًا يحكم الحياة ويهيمن عليها؟

                  - ما الذي آلمك في أيامك الماضية؟ منصب لم تستطيع تحصيله؟ ودنيا لم تستطيع اجتيازها؟

                  أم أن دعوة الله هي التي تسيطر على كل خلجة في نفسك؟ فإذا علا منارها وارتفع لواؤها خفق القلب فرحًا، وتهادت النفس سرورًا، وإذا أصابتها العواصف والأنواء دمعت العين، وحزنت النفس، وجأر اللسان يشكو إلى رب العباد ظلم العباد؟

                  - هل كنت في الماضي زارعا تغرس بكلماتك الفضائل، وتنشر العطر بأفعالك؟ أم كنت تغرس الشر والأذى؟ أم كنت لا في العير ولا في النفير؟

                  أسئلة كثيرة يمكن أن توجهها إلى نفسك، تحاسبها عما مضى وانقضى، وتدرك بذلك صواب المسار وصدقه، ثم يأتي التقويم وفق ميزان الشريعة الإلهية.


                  الوقفة الثانية: وقفة مع الزمن المقبل


                  الوقفة الثانية التي نريدك أن تأخذ نفسك بها هي وقوفك مع نفسك في الأوقات الآتية التي تمثل عمرك الباقي، وساعاتك القادمة، فإن الماضي لا حيلة لك في إرجاعه، وإن كنت تستطيع أن تصلح ما فسد منه بالتوبة والإنابة والاستغفار، أما الآتي فإنك تملكه، وتستطيع بالعزيمة القوية والهمة العالية أن تستقيم على أمر الله، وتكون كما يريد الله، ولذا فإنه يتوجب عليك أن تستغل الفرصة فقد يكون اليوم الذي تحياه هو يومك الأخير، وقد تكون ساعتك التي أنت فيها هي الساعة الأخيرة، وكلنا يعلم أن له يوما هو اليوم الأخير، وساعة هي الساعة الأخيرة، فما يدريك متى تحين؟!


                  إننا ندعوك لأن تعمل في يومك عمل من أيقن أن شمسه آذنت بالمغيب، فهو يودع دار الفناء، ويستقبل دار البقاء. وقد تقول لي: إن لي نفسًا شرودًا جموحًا، كلما حاولت أن ألجمها بلجام التقوى، وآخذها بالعمل المرتضى دافعتني، وذهبت مني كل مذهب، فلا تنقاد إلي، ولا تستكين إلى الحق، فكيف حيلتي مع هذه النفس الحرون، وكيف أداوي أدواءها، وكيف ألزمها الصراط المستقيم ؟!


                  والجواب أن النفس كالطفل الرضيع إن لم تفطمه عن ثدي أمه شب وهو يلتقم الثدي، وإن فطمته انفطم.

                  والنفس كالطفل إن تهمله شبّ على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم


                  ونفوسنا تحتاج إلى ترويض كي تستقيم على طاعة الله، وتتخلص من أدوائها كالظلم والجهل والعجلة، فقد وصف الله الإنسان بأنه ظلوم جهول عجول: {وَحَمَلَهَا الْإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} سورة الأحزاب: 72. {وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً} الإسراء: آية_11.


                  ومفتاح النفس الإنسانية الذي تقوم به وتتهذب جاء به الإسلام، فإذا هديت إليه انقادت نفسك واستقام أمرك.

                  إن هذه النفوس إذا عرفت خالقها ومولاها ومعبودها ووقفت بين يديه، والتفتت إليه وشغلت به صفا معدنها، وتألق نورها، وهديت إلى صراط مستقيم.


                  أدِم تذكير نفسك بالله، وتوجه إليه كأنك تنظر إليه، فإن لم تستطع أن تبلغ هذا المستوى-فاعبده على أنه يراك، وهذه هي رتبة الإحسان، وتتحقق هذه الرتبة العالية كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم بأن : "تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" متفق عليه.


                  ذكر نفسك بأن ربك وإلهك وسيدك مطلع عليك دائمًا، أحاط علمه بكل شيء، وقد حدثنا الحق عن علمه الواسع الشامل فقال: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}الأنعام: آية 59.


                  وحدثنا ربنا عن إحاطة علمه بنا في أعمالنا البادية وأسرارنا الخافية فقال: {قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْأَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ} آل عمران:آية_29، {وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} الأنعام:آية_3، {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُومِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْشُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} يونس: آية_61.


                  فإذا أيقنت النفوس بأن الله بها عليم، وعليها رقيب، فإنها تحسن العمل وتتجافى عن الخمول والكسل، وما أحسن قول القائل:

                  إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب

                  ولا تحــسـبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخـفيه عنه يغيب

                  ألـم تـر أن اليوم أسرع ذاهب وأن غدا للناظــرين قريب


                  وذكر النفس الشرود الجموح بنعمة الله عليك؛ خلقك خلقا سويًا، وأكرمك بالعقل، ووهبك الحواس، وإذا أنت نظرت في هذا الكون الواسع تتأمل وتتفكر فإن القلب يخشع، والنفس تأنس بالله وهي ترى نعمه التي لا تعد ولا تحصى تحيط بها من كل جانب، تفكر في الشمس وأشعتها، والقمر وضيائه، والنجوم وتلألئها، والبحر وما حوى، والأنهار وما ضمت، والماء النازل من السماء والخيرات التي تنبتها الأرض، وما سخر الله لك من الأنعام.. كل ذلك يأسر النفس ويدفعها إلى أن تفر من عذاب الله إلى رحمة الله.

                  وذكر نفسك بحقيقة الدنيا التي تهفو النفوس إليها وتقبل عليها، ذكرها بأن أيامها زائلة، وزهرتها ذاوية، وزينتها فانية، ومسراتها لا تدوم، وهي مع كل هذا متاع قليل وعارية مسترجعة، وذكرها بالنعيم المقيم في دار البقاء، التي لا يفنى أهلها، ولا يذوي منهم الشباب، ولا تذهب المسرات {أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا}الرعد: آية_35 من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويسعد ولا يشقى.


                  فإن كان القلب أقسى مما تظن، وأبت النفس أن تلين، فوبخها توبيخ السيد عبده الآبق، وقل لها:

                  ويحك يا نفس، إن كانت جرأتك على معصية الله مع الاعتقاد أن الله لا يراك..فما أعظم كفرك!!

                  وإن كان مع علمك بإطلاعه عليك.. فما أشد وقاحتك وأقل حياءك!!

                  ويحك يا نفس، لو واجهك عبد من عبيدك بل أخ من إخوانك بما تكرهين، كيف كان غضبك عليه ومقتك له؟

                  بأي جسارة تتعرضين لمقت الله وغضبه وشديد عقابه، أفتظنين أنك تطيقين عذابه؟

                  هيهات هيهات.. أنت أعجز من أن تطيقي نار الدنيا وعذابها، فكم أضناك حر الشمس في نهار الصيف!!

                  وكم هزك زمهرير الشتاء، وكم أطار صوابك مس حديدة محماة.


                  فإن أبت إلا عنادًا، ولجّت في الخصومة والرعونة، فذكرها بالموت وسكراته، والقبر وآفاته وفتنته، وكيف يكون روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، وذكِّرها باليوم الذي يفنى فيه الكون، ويخسف فيه شمسه، ويكسف قمره، وينفرط عقد نجومه، وتدك فيه الأرض والجبال، ثم ذكرها بالبعث والنشور عندما يقوم الناس لرب العالمين، حيث يحشر الناس حفاة عراة غرلا بُـهما، يجمع الله الأولين والآخرين في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، واعرض عليها شيئا من أهوال ذلك اليوم، تلك الأهوال التي تجعل الوالدان شيبا، وتجعل الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد. {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} إبراهيم: آية_42،43 .


                  وذكرها بحال السعداء أصحاب الجنان الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} الفرقان: آية_24.


                  وفقنا الله وإياكم لأن نلجم أنفسنا بلجام التقوى.. وأن نكون عباد الله المخلصين..

                  الذين رضي عنهم وأرضاهم.


                  وصلى الله وسلم على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه وسلم.


                  تعليق

                  يعمل...
                  X