Tweet
بسم الله الرحمن الرحيم
محاضرة قيمة للشيخ المقدم حفظه الله بعنوان العشق و علاجة فرغتها اخت في اسلام واي جزاها الله خير الجزاء و احببت ان انقلها لكم..
ملخص المحاضرة
العشق هو فرط الحب ، ومنه ما هو مباح كعشق الزوجة ، ومنه ما يُحصل المرء منه ذنوبا حينما تكون المرأة أجنبية، وأسبابه أن يترك المرء هواه فى النظر والتفكر ، فلا يغض بصره ولا يشغل فكره فيما يرضى الله، وعلاجه أولا الزواج ثم تدبر الخوف من الله والانشغال بالزوجة عوضا عن الأجنبية ، والمداومة على الفرائض والطاعات والدعاء.
بأمر... يمنع القرار ويسلب المنام ويوله العقل، ويحدث الجنون ... بل هو فى نفسه جنون .
العشـــــــق وعـــــــــــــلاجه
بسم الله الرحمن الرحيم
العشق هو فرط الحب ، ولذلك من الألفاظ القبيحة عند بعض الصوفية عبارة ’العشق الإلهى’ ، لأن العشق إفراط فى المحبة وهذا لا يليق أن يطبق فى حق الله سبحانه وتعالى ، كما يقول الصوفية فى رابعة ’شهيدة العشق الإلهى’ ، فهذا من انحراف الصوفية وألفاظهم الغريبة ، فالعشق هوفرط الحب ، ومن مبادىء العشق وأسبابه ... النظر والتفكر ، وهى اختيارية ، يعنى النظر والتفكر هذا أمر اختيارى ، فكما يقولون ’إذا استشرفت للفتن ... استشرفتك’ فإذا نظرت للفتنة بعين واحدة تهجم عليك ، لأنك اطمعتها فيك ، فنفس الشىء .
هل العشق يعتبر ذنبا ؟ أم يعتبر مصيبة وبلية وابتلاء؟ طيب ... هو يعنى إن حصل بسبب اختيارى فإنه يكون آثما لتفريطه فى غض البصر ، إن حصل بغير سبب اختيارى رغما عنه فهذا ابتلاء ، نوع من الابتلاء ، مثل ماذا مثلا؟ مثل رجل يحب إمرأة ... يعنى زوجته ...يعشقها ثم طلقها ، فبقى قلبه متعلقا بها نتيجة هذه المحبة ، فهل هذا آثم فى هذا أو عليه شىء؟ هذا ليس بإرادته ، فالعبرة بالأسباب الإختيارية ، فإن فرط فى إطلاق البصر ووقع فى العشق فهذا هو المغموم ، يقول : ومن مبادىء العشق وأسبابه النظر والتفكر ، وهو اختيارية ، فالنظرة تؤثر فى القلب، فإن عجل الحازم وحسم المادة من أولها سهل علاجه ، وإن كرر النظر ونقب عن محاسن الصورة ونقلها إلى قلب فارغ فنقشها فيه ... تمكنت المحبة ، حتى يفسد القلب ويخرج إلى المحن ، ويوجب ارتكاب المحظورات والفتن ، ولو أنه غض بصره أولا لاستراح قلبه ، ولكفى الله المؤمنين القتال.
فمبادىء العشق وأسبابه اختيارية ، داخلة تحت التكليف ، أما ما بعدها فبلاء ومصيبة لا تدخل تحت الاختيار ، حتى إن بعضهم فسر قوله تعالى : { رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ } [ البقرة/286] بالعشق ، قوله : { رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ } [ البقرة/286] يعنى المقصود به العشق ، والمقصود التمثيل لا التخصيص ، والمراد بالتحميل {رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا } التحميل القدرى لا الشرعى الأمرى ، وذلك كتناول المسكر ، فإنه اختيارى ، الذى يشرب الخمر أو الشىء الذى يذهب عقله بإرادته أم ليس بإرادته ؟ بإرادته . وما يتولد عنه السكر أضطرارى ، فمتى كان السبب واقعا باختياره لم يكن معذورا فيما تولد عنه بغير إختياره ، فمتى كان السبب محظورا... لم يكن السكران معذورا . ولا ريب أن متابعة النظر واستدامة الفكر بمنزلة شرب المسكر فهو يلام على السبب ، ولهذا إذا حصل العشق بسبب غير محظور لا يلم عليه صاحبه ، كمن كان يعشق إمرأته ثم فارقها ، وبقى عشقها غير مفارق له ، فهذا لا يلام على ذلك ، وقد روى البخارى فى صحيحه من قصة بريرة أن زوجها كان يمشى خلفها بعد فراقها له ، كان يمشى وراءها فى سكك المدينة ، وهو يبكى ويتذلل لها وهو ترفض أن تعود إليه ، بعدما صارت اجنبية منه بقى على حبها ، وكان يمشى ودموعه تسيل على خديه ، يتتبعها فى الطرق ، و دموعه تسيل على خديه، فقال النبى - صلى الله عليه و آله و سلم : "يا عباس ... ألا تعجب من حب مغيث بريرة ، ومن بغض بريرة مغيثا" ثم قال لها "لو راجعتيه" فقالت: أتأمرنى، فقال عليه الصلاة والسلام : "إنما انا شافع" قالت : لا حاجة لى فيه ، ولم ينهه عن عشقها فى هذه الحالة ، إذ ذلك شىء لا يُملك ، ولا يدخل تحت الإختيار ، فهذا إن صبر واحتسب نال ثواب الصابرين ، وإن سخط وجزع فاته معشوقه ، وفاته ثوابه ، وإن قابل هذه البلوى بالرضا والتسليم فدرجته فوق درجة الصبر ، وأعلى من ذلك أن يقابلها بالشكر ، نظرا إلى حسن إختيار الله له ، فإن الله لا يقضى للمؤمن إلا خيرا، أى نعم ... ثم يقول هنا وربما وقع من ذلك العشق فيهلك البدن، والدين ...لأن العبد إذا اقتحم بحر العشق ولعبت به أمواجه فهو إلى الهلاك أدنى منه إلى السلامة ، وكيف ظنك بأمر... يمنع القرار ويسلب المنام ويوله العقل، ويحدث الجنون ... بل هو فى نفسه جنون .
قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم العشق أعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه وإنما يصرع المجنون فى الحين
وكم من عاشق أتلف فى معشوقه ماله وعرضه ونفسه ، وضيع أهله ومصالح دينه ودنياه ، والعشق يترك الملك مملوكا ، والسلطان عبدا ، والداخل فيه يتمنى منه الخلاص ولا تحين مناص، و كم أكبت فتنة العشق رءوسا على مناخرها فى الجحيم ، وأسلمتهم إلى مقاساة العذاب الأليم ، وجرعتهم بين أطباق النار كئوس الحميم ، وكم أخرجت من شاء الله من العلم والدين كخروج الشعرة من العجين ، وكم أزالت من نعمة وأحلت من نقمة ، فلو سألت النعم ما الذى أزالكِ؟ والنقم ما الذى أدالك ، والهموم والاحزان ما الذى جلبكِ والعافية ما الذى أبعدك وجنبكِ والستر ما الذى كشفك ، والوجه ما الذى أذهب نورك و كسفك ، والحياة ما الذى كدركِ وشمس الإيمان ما الذى كوركِ وعزة النفس ما الذى أذلك ، وبالهوان بعد الإكرام بدَّلك، لأجابتك بلسان الحال اعتبارا ... وإن لم تجبك بالمقال حوارا ... ثم .. يقول هنا ...فمن ابتلى بشىء من ذلك فليفكر فى عيوب النساء ، وهنا أرشد إلى أحد العلاجات ...أحد علاجات العشق ، طبعا عشق الزوجة مباح ، ما فيه أدنى حرج، لأنه قادر على تحصيلها ، لكن المشكلة فى عشق الاجنبية و لا يُحَصِّلها ، فيحصل هذه الأضرار التى ذكرنا ، فهو هنا اقتصر على ذكر أحد علاجات العشق وهو التفكر فى عيوب النساء ، و أبلغ وأعظم وأنفع أدوية العشق هو - ماذا - هذه فيها نص حديث - الزواج النكاح ، أبلغ دواء للعشق هو النكاح ، فى ذلك يقول النبى - صلى الله عليه و آله و سلم : "لم ير للمتحابين مثل النكاح"(ابن ماجة والحاكم في المستدرك عن ابن عباس) ، يعنى لا علاج أفضل من الزواج. "لم يُرَ للمتحابين مثل النكاح" ، من أسباب علاج العشق التفكر فى عيوب النساء كما فى أثر ابن مسعود إن صح عنه ، ومنها التشوق إلى الحور العين ، فإنهن أكمل قطعا من نساء الدنيا ، ومهرهن التقوى والاستقامة ، وأن يتفكر فى مفاسد العشق وإتلافه الدين والدنيا، ولا يبتلى أحد بالعشق إلا لنقص توحيده وإيمانه ، وإلا فالقلب المنيب إلى الله الخائف منه فيه صارفان يصرفانيه عن العشق ، أحدهما إنابته إلى الله ومحبته له .
والثانى خوفه من الله ، فإن الخوف المضاد للعشق يصرفه ، ونختم الكلام بفتوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، سئل فيمن أصابه سهام إبليس المسمومة ، فأجاب -رحمه الله تعالى : من أصابه جرح مسموم فعليه مما يخرج السم ويبرىء الجرح ، بالترياق والمرهم ، وذلك بأمور ... منها أن يتزوج أو يتسرى ، فإن النبى - صلى الله عليه و آله و سلم - قال: "إذا نظر أحدكم إلى محاسن إمراة فليأت أهله فإن ما معها مثل ما معها" ، وهذا مما ينقض الشهوة ويضعف العشق ، حتى يقولون إن العشق إذا نكح فسد ، يعنى حتى لو تزوج غير من يحبها ، فإن إتيانه أهله مما يضعف العشق ، منها أن يتزوج أو يتسرى ، فإن النبى - صلى الله عليه و آله و سلم - قال: "إذا نظر أحدكم إلى محاسن إمراة فليأت أهله فإن ما معها مثل ما معها" وهذا مما ينقض الشهوة ويضعف العشق ، الثانى أن يداوم على الصلوات الخمس والدعاء والتضرع وقت السحر ، وتكون صلاته بحضور قلب وخشوع ، وليكثر من الدعاء بقوله يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك ، يا مصرف القلوب صرف قلبى إلى طاعتك و طاعة رسولك ، صلى الله عليه و آله و سلم . طبعا هذا دعاء "يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك"، كان يكثر منه النبى - صلى الله عليه و آله و سلم ، أما الثانى "يا مصرف القلوب صرف قلبى على طاعتك" هذا ثابت بهذا اللفظ "يا مصرف القلوب صرف قلبى على طاعتك"، فشيخ الإسلام هنا قال: إلى طاعتك وطاعة رسولك ، فهذا تصرف فى الرواية ، فإنه متى أدمن الدعاء والتضرع لله ، صرف قلبه عن ذلك كما قال تعالى: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } [ يوسف/24] .
الثالث أن يبعد عن سكن هذا الشخص والاجتماع بمن يجتمع به ، بحيث لا يُسمضع له خبر ولا يقع له على عين ولا أثر ، فإن البعد جفا ، ومتى قل الذكر ضعف الأثر فى القلب ، فليفعل هذه الأمور وليطالع بما تجدد له من الاحوال . والله سبحانه أعلم . طبعا هو شيخ الإسلام هنا حقيقة كلامه اكثر من رائع ، وهو هنا يتكلم مثل ما يتكلم الطبيب تماما ، حتى هنا يختم بكلمة قيمة جدا .. الأطباء هم الذين سيفهموها أن ماذا يقول : فليفعل هذه الامور وليطالع بما تجدد له من الاحوال ، ما يسمونه الـ "Follow up" أو المتابعة انه يخبرنى ما يكون رد الفعل وما أثر الدواء ، ويأتى إلىَّ ثانية ، وسنواصل معه العلاج ، حتى وهو يتكلم هذا الكلام ، هذا أيضا من القواعد الطبية ، وليطالع بما تجدد له من الاحوال . والله سبحانه أعلم. نكتفى بهذا القدر أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم ، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
تعليق