قال تعالى : " الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " [ التوبة : 67 ]
قال الإمام الماوردي :
{وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: يقبضونها عن الإنفاق في سبيل الله تعالى , قاله الحسن ومجاهد.
والثاني: يقبضونها عن كل خير , قاله قتادة.
والثالث: يقبضونها عن الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم , قاله بعض المتأخرين.
والرابع: يقبضون أيديهم عن رفعها في الدعاء إلى الله .
ارفع يديك واسأل سؤال المتذللين وأنت موقن بالإجابة وأنت مستشعر لمقام العبودية والانطراح بين يدي ربك ، وستحل كل مشكلاتك في الحياة
نشتاق للعباد المجاهدين لأنفسهم في المحراب ، أين أنتم يا عبَّاد الزمان ؟
التقيت أحد إخواننا في الله في إحدى الندوات الأسبوع الماضي وإذا به يتحدث بنعمة الله عليه وكان يشرح للشباب كيف كان في يوم من الأيام على معاصي وحال أبعد ما يكون عن الله ، وإذا به بعد ذلك يقول : والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام منذ سبع عشرة سنة .
من ينافس عبَّاد الزمان ؟؟
الأمر يحتاج لمجاهدة ، وقديما كانت للشيخ محمد حسين يعقوب محاضرة بعنوان مجاهدة النفس مدخل لمجاهدة الواقع ، فافهموا عن الله تعالى مراده في هذه الأوضاع السيئة في بلادنا .
قال - تعالى -: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإنَّ اللَّهَ لَـمَعَ الْـمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69].
قال ابن القيم: "السالك في أول الأمر يجد تعب التكاليف، ومشقة العمل لعدم أُنْس قلبه بمعبوده، فإذا حصل للقلب روح الأنس زالت عنه تلك التكاليف والمشاق فصارت (أي الصلاة) قرة عين له، وقوة ولذة" [ مدارج السالكين(2/373)]
وقال ثابت البناني: "كابدت الصلاة عشرين سنة وتنعمت بها عشرين سنة" [حلية الأولياء(2/321)، وصفة الصفوة(3/260)]
وقال أبو يزيد: "سُقْتُ نفسي إلى الله وهي تبكي، فما زلت أسوقها حتى انساقت إليه وهي تضحك" [ طريق الهجرتين(1/474).].
فإذا جاهد العبد نفسه هداه الله وسهل له الوصول إلى ما جاهد نفسه إليه.
اسمعوا لهذا الأثر ، واكتبوا تعليقكم ، وصفوا لي مشاعركم كما سيحس بها هذا الرجلان ، ثم بالله اسجد سجود الشاكرين أنَّ هذا هو ربنا ، وأن هذه هي صفاته ، وأنت ساجد ابكِ من خطيئتك ، واستغفر ، وجدد توبتك ، وأطل السجود تضرعًا ودعاء ، وناجه بقلبك ، وخاطبه وأنت منكسر مستحي .
تريدون الخبر اسمعوا بقلوبكم لقول بلال بن سعد الذي في ( الحلية (5/226) ]
قال : يأمر الله تعالى بإخراج رجلين من النار ، قال : فيخرجان بسلاسلهما وأغلالهما فيوقفان بين يديه .
فيقول : كيف وجدتما مقيلكما ومصيركما ؟
فيقولان : شر مقيل وأسوأ مصير .
فيقول : بما قدمت أيديكما وما أنا بظلام للعبيد فيأمر بهما إلى النار .
فأما أحدهما فيمضي بسلاسله وأغلاله حتى يقتحمها .
وأما الآخر فيمضي وهو يتلفت .
فيأمر بردهما فيقول : للذي غدا بسلاسله وأغلاله حتى اقتحمها ما حملك على ما فعلت وقد اختبرتها فيقول يا رب قد ذقت من وبال معصيتك ما لم أكن أتعرض لسخطك ثانيا. ( انتهى الأمر قد فهم الدرس عرف عقوبة المعصية ، فخاف أن يخالف أمر الله تعالى ، حتى اقتحم النار ، وهو يدري أي شيء هي النار ، لكن المعصية شؤم ، فقرر أن لا يعود لشيء من هذا ، فهل نفهم الدرس من الآن ؟ حتى لا نتعرض للعذاب )
ويقول للذي مضى وهو يتلفت : ما حملك على ما صنعت ؟
قال : لم يكن هذا ظني بك يا رب . قال : فما كان ظنك ؟ قال : كان ظني حيث أخرجتني منها أنك لا تعيدني إليها .
قال إني عند ظنك بي وأمر بصرفهما الى الجنة .
الله أكبر .. الله أكبر ... الله أكبر ... ولله الحمد ، نعم الرب ربنا ، ونعم الإله أحبه وأخشاه .
فاللهم اجعلنا نحسن الظن فيك ، ولا نكون من المغرورين الذين يتكلون على عفوك ولا يعملون ، ولا من أصحاب الأماني الجوفاء ، الذي يقولون : نريد الجنة ولا يقدمون ثمنها من البذل والإنفاق في سبيلك .
اليوم مع كل عبادة من ذكر ودعاء وقراءة قرآن وسجود وصيام وقيام وبر وصلة أرحام واجتهاد : تذكروا " جنة حسن الظن " وتعالجوا بها من رياح الإحباط التي عكرت صفو الإيمان بفعل أولياء الشيطان .
.....
من أنت ؟؟
والله كفى بالمرء شغلا أن ينشغل بنفسه ، وكفانا كذبا على أنفسنا ، وكفانا توهمًا .
فليتق الله كل واحد منا في نفسه
استمع لذهبية من ذهبيات كلام الفضيل بن عياض وتعليق الإمام الذهبي في تاريخ الإسلام :
وعن الْفُضَيْلِ: يا مسكين، أنت مُسيء وترى أنّك محسِن، وأنت جاهل وترى أنك عالِم، وأنت بخيل وترى أنّك كريم، وأنت أحمق وترى أنّك عاقل، وأجلُك قصير، وأمَلُك طويل .
قال الإمام الذهبي : صَدَقَ واللهِ، وأنت ظالم وترى أنّك مظلوم، وأنت فاسق وترى أنّك عدْل، وأنت آكل للحرام وترى أنّك متورِّع. أهـ
اللهم اجعلنا خيرا مما يظن بنا واغفر لنا ما لا يُعلم عنا
تعليق