إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أزمة الأمة افتقارها إلى الصادقين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [مقال] أزمة الأمة افتقارها إلى الصادقين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    معنى الصدق لغةً:
    الصدق ضدُّ الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقًا وصِدْقًا وتَصْداقًا، وصَدَّقه: قَبِل قولَه، وصدَقَه الحديث: أَنبأَه بالصِّدْق، ويقال: صَدَقْتُ القوم. أي: قلت لهم صِدْقًا وتصادقا في الحديث وفي المودة
    معنى الصدق اصطلاحًا:
    الصدق: (هو الخبر عن الشيء على ما هو به، وهو نقيض الكذب) .
    وقال الباجي: (الصدق الوصف للمخبَر عنه على ما هو به)
    وقال الراغب الأصفهاني: (الصدق مطابقة القول الضمير والمخبَر عنه معًا، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقًا تامًّا)

    -
    الفرق بين الحقِّ والصدق:

    (الحق في اللغة: هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، من حقَّ الشيء يحقُّ إذا ثبت ووجب. وفي اصطلاح أهل المعاني: الحكم المطابق للواقع، يطلق على الأقوال، والعقائد، والأديان، والمذاهب باعتبار اشتمالها على ذلك، ويقابله الباطل.
    وأما الصدق، فقد شاع في الأقوال خاصة، ويقابله الكذب.
    وقد يفرق بينهما بأن المطابقة تعتبر في الحق: من جانب الواقع، وفي الصدق: من جانب الحكم.
    فمعنى صدق الحكم: مطابقته للواقع.
    ومعنى حقيته: مطابقة الواقع إياه، وقد يطلق الحق على الموجد للشيء، وعلى الحكمة، ولما يوجد عليه، كما يقال: الله: حق، وكلمته: حق) .



    أهمية الصدق في المجتمع


    (تبدو لنا حاجة المجتمع الإنساني إلى خلق الصدق، حينما نلاحظ أن شطرًا كبيرًا من العلاقات الاجتماعية، والمعاملات الإنسانية، تعتمد على شرف الكلمة، فإذا لم تكن الكلمة معبرة تعبيرًا صادقًا عما في نفس قائلها، لم نجد وسيلة أخرى كافية نعرف فيها إرادات الناس، ونعرف فيها حاجاتهم ونعرف فيها حقيقة أخبارهم.
    لولا الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم الروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور مجتمعًا قائمًا على الكذب؛ لندرك مبلغ تفككه وانعدام صور التعاون بين أفراده.
    كيف يكون لمجتمع ما كيان متماسك، وأفراده لا يتعاملون فيما بينهم بالصدق؟! وكيف يكون لمثل هذا المجتمع رصيد من ثقافة، أو تاريخ، أو حضارة؟!
    كيف يوثق بنقل المعارف والعلوم إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع الإنساني؟!
    كيف يوثق بنقل الأخبار والتواريخ إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع؟!
    كيف يوثق بالوعود والعهود ما لم يكن الصدق أحد أسس التعامل بين الناس؟!
    كيف يوثق بالدعاوى والشهادات ودلائل الإثبات القولية ما لم يكن الصدق أحد أسس التعامل بين الناس؟!)
    يقول ابن القيم في الصدق إنه: (منزلة القوم الأعظم الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميَّز أهل النفاق من أهل الإيمان، وسكان الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله في أرضه، الذي ما وُضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلًا إلا أرداه وصرعه، من صال به لم تردَّ صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الأعمال، ومحكُّ الأحوال، والحامل على اقتحام الأهوال، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين، وعمود فسطاط اليقين، ودرجته تالية لدرجة النبوة، التي هي أرفع درجات العالمين، ومن مساكنهم في الجنات: تجري العيون والأنهار إلى مساكن الصديقين، كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مدد متصل ومعين، وقد أمر الله سبحانه أهل الإيمان: أن يكونوا مع الصادقين، وخصَّ المنعم عليهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فقال تعالى:
    ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119])


    وقال أبو حاتم: (إنَّ الله جلَّ وعلا فضَّل اللسان على سائر الجوارح، ورفع درجته، وأبان فضيلته، بأن أنطقه من بين سائر الجوارح بتوحيده، فلا يجب للعاقل أن يعود آلة خلقها الله للنطق بتوحيده بالكذب، بل يجب عليه المداومة برعايته بلزوم الصدق، وما يعود عليه نفعه في داريه؛ لأنَّ اللسان يقتضي ما عُوِّد؛ إن صدقًا فصدقًا، وإن كذبًا فكذبًا-
    الفرق بين الوفاء والصدق:
    (قيل: هما أعم وأخص.
    فكل وفاء صدق، وليس كل صدق وفاء.
    فإن الوفاء قد يكون بالفعل دون القول، ولا يكون الصدق إلا في القول؛ لأنه نوع من أنواع الخبر، والخبر قول)



    - الفرق بين الصَّادق والصِّدِّيق:
    قال الماوردي: (والفرق بين الصَّادق والصِّدِّيق: أن الصادق في قوله بلسانه، والصديق من تجاوز صدقه لسانه إلى صدق أفعاله في موافقة حاله لا يختلف سره وجهره، فصار كلُّ صِدِّيق صادقًا، وليس كل صادق صِدِّيقًا)

    يتبع
    يا الله
    علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة


  • #2
    رد: وكونوا مع الصادقين



    وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ
    الصـــــــــــــــــــــدق

    أولًا: في القرآن الكريم


    أمر الإسلام بالصدق وحث عليه في كل المعاملات التي يقوم بها المسلم، والأدلة كثيرة من القرآن الكريم على هذا الخلق النبيل:
    - قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة: 119].
    (أي: اصدُقوا والزموا الصدق تكونوا مع أهله، وتنجوا من المهالك، ويجعل لكم فرجًا من أموركم ومخرجًا)
    وعن عبد الله بن عمر: اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وقال الضحاك: مع أبي بكر وعمر وأصحابهما.
    وقال الحسن البصري: إن أردت أن تكون مع الصادقين، فعليك بالزهد في الدنيا، والكفِّ عن أهل الملة) .
    - ووصف الله به نفسه فقال: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء: 87] وقال: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء: 122].

    - وقوله:( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [النساء: 69].

    قال الشوكاني: (قولهوَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ كلام مستأنف لبيان فضل طاعة الله والرسول، والإشارة بقوله: فَأُولَئِكَ إلى المطيعين، كما تفيده من مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [النساء: 69] بدخول الجنة، والوصول إلى ما أعدَّ الله لهم، والصدِّيق المبالغ في الصدق، كما تفيده الصيغة، وقيل: هم فضلاء أتباع الأنبياء، والشهداء: من ثبتت لهم الشهادة، والصالحين: أهل الأعمال الصالحة) .


    - وقوله:( قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة: 119].
    (أي: ينفع الصادقين في الدنيا صدقهم في الآخرة، ولو كذبوا ختم الله على أفواههم، ونطقت به جوارحهم فافتضحوا) .
    - وقوله(: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب: 35].
    أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ (أي: لهؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجميلة، والمناقب الجليلة، التي هي ما بين اعتقادات، وأعمال قلوب، وأعمال جوارح، وأقوال لسان، ونفع متعدٍّ وقاصر، وما بين أفعال الخير، وترك الشرِّ، الذي من قام بهنَّ، فقد قام بالدين كلِّه، ظاهره وباطنه، بالإسلام والإيمان والإحسان.
    فجازاهم على عملهم بالمغفرة لذنوبهم؛ لأن الحسنات يذهبن السيئات وَأَجْرًا عَظِيمًا لا يقدر قدره، إلا الذي أعطاه، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، نسأل الله أن يجعلنا منهم)






    ثانيًا: في السنة النبوية


    جاءت الأحاديث النبوية متضافرة في الحث على الصدق، والأمر به، وأنَّه وسيلة إلى الجنة.
    - فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إنَّ الصدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنة، وإنَّ الرجل ليصدق حتى يكون صِدِّيقًا، وإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى النار، وإنَّ الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذَّابًا)) .
    قال النووي في شرحه لهذا الحديث: (قال العلماء: هذا فيه حث على تحرِّي الصدق، وهو قصده والاعتناء به، وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه؛ فإنَّه إذا تساهل فيه كثر منه، فعرف به، وكتبه الله لمبالغته صِدِّيقًا إن اعتاده، أو كذَّابًا إن اعتاده. ومعنى يكتب هنا يحكم له بذلك، ويستحق الوصف بمنزلة الصديقين وثوابهم، أو صفة الكذابين وعقابهم، والمراد إظهار ذلك للمخلوقين، إما بأن يكتبه في ذلك؛ ليشتهر بحظِّه من الصفتين في الملأ الأعلى، وإما بأن يلقي ذلك في قلوب الناس وألسنتهم، وكما يوضع له القبول والبغضاء، وإلا فقدر الله تعالى وكتابه السابق بكلِّ ذلك) .



    - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك في الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة))
    - وعن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدَّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضُّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم))
    (أي: ((اضمنوا لي ستًّا)) من الخصال، ((من أنفسكم)) بأن تداوموا على فعلها، ((أضمن لكم الجنة)) أي دخولها، ((اصدقوا إذا حدثتم)) أي: لا تكذبوا في شيء من حديثكم، إلا إن ترجح على الكذب مصلحة أرجح من مصلحة الصدق، في أمر مخصوص، كحفظ معصوم...)



    - وعن أبي محمد، الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يَريبك إلى ما لا يَريبك؛ فإنَّ الصدق طمأنينة، والكذب ريبة)) .
    (أي: اترك ما تشكُّ في كونه حسنًا أو قبيحًا، أو حلالًا أو حرامًا، ((إلى ما لا يريبك)) أي: واعدل إلى ما لا شك فيه يعني ما تيقنت حسنه وحِلَّه، ((فإنَّ الصدق طمأنينة)) أي: يطمئن إليه القلب ويسكن، وفيه إضمار أي محلُّ طمأنينة أو سبب طمأنينة، ((وإنَّ الكذب ريبة)) أي: يقلق القلب ويضطرب، وقال الطِّيبي: جاء هذا القول ممهدًا لما تقدمه من الكلام، ومعناه: إذا وجدت نفسك ترتاب في الشيء فاتركه؛ فإنَّ نفس المؤمن تطمئنُّ إلى الصدق وترتاب من الكذب، فارتيابك من الشيء منبئ عن كونه مظنَّة للباطل فاحذره، وطمأنينتك للشيء مشعر بحقيقته فتمسك به، والصدق والكذب يستعملان في المقال والأفعال وما يحقُّ أو يبطل من الاعتقاد، وهذا مخصوص بذوي النفوس الشريفة القدسية المطهرة عن دنس الذنوب، ووسخ العيوب)



    - وعن أبي سفيان في حديثه الطويل في قصة هرقل عظيم الروم قال هرقل: فماذا يأمركم –يعني النبي صلى الله عليه وسلم– قال أبو سفيان قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والصدقة، والعفاف، والصلة




    يا الله
    علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

    تعليق


    • #3
      رد: وكونوا مع الصادقين

      أقوال السلف والعلماء في الصدق




      - قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه حينما بويع للخلافة: (أيها الناس، إني قد وليت عليكم، ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوِّموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة) .
      - وقال عمر: (لا يجد عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وهو محقٌّ، ويدع الكذب في المزاح، وهو يرى أنَّه لو شاء لغلب) .
      - وعن عبد الله بن عمرو قال: (ذر ما لست منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك كما تخزن دراهمك)
      - وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ [البقرة: 42]: (أي لا تخلطوا الصدق بالكذب) .



      - وعن إسماعيل بن عبيد الله قال: (كان عبد الملك بن مروان يأمرني أن أُجنِّب بنيه السمن، وكان يأمرني أن لا أطعم طعامًا حتى يخرجوا إلى البراز ، وكان يقول: علِّم بنيَّ الصدق كما تعلمهم القرآن، وجنبهم الكذب، وإن فيه كذا وكذا يعني القتل) .
      - وقال ميمون بن ميمون: (من عُرف بالصدق جاز كذبه، ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه) .
      - وقال الفضيل بن عياض: (ما من مضغة أحب إلى الله من لسان صدوق، وما من مضغة أبغض إلى الله من لسان كذوب) .
      - وقالوا: (من شرف الصدق أن صاحبه يصدق على عدوه) .
      - وقال الأحنف لابنه: (يا بني، يكفيك من شرف الصدق، أنَّ الصادق يُقبل قوله في عدوه، ومن دناءة الكذب، أن الكاذب لا يُقبل قوله في صديقه ولا عدوه، لكلِّ شيء حِليةٌ، وحليةٌ المنطق الصدق؛ يدلُّ على اعتدال وزن العقل) .
      - وقال إبراهيم الخواص: (الصادق لا تراه إلا في فرض يؤديه، أو فضل يعمل فيه) .
      - وقيل: (ثلاث لا تخطئ الصادق: الحلاوة والملاحة والهيبة) .
      - وقال أبو حاتم: (الصدق يرفع المرء في الدارين كما أنَّ الكذب يهوي به في الحالين، ولو لم يكن الصدق خصلة تحمد؛ إلا أنَّ المرء إذا عرف به قُبل كذبه، وصار صدقًا عند من يسمعه؛ لكان الواجب على العاقل أن يبلغ مجهوده في رياضة لسانه حتى يستقيم له على الصدق، ومجانبة الكذب، والعيُّ في بعض الأوقات خير من النطق؛ لأنَّ كلَّ كلام أخطأ صاحبه موضعه، فالعيُّ خير منه) .
      - وقال الجنيد: (حقيقة الصدق: أن تصدق في موطن لا ينجيك منه إلا الكذب) .
      - وقال القيني: (أصدق في صغار ما يضرني، لأصدق في كبار ما ينفعني) .
      - وقال بعض البلغاء: (الصادق مصان جليل، والكاذب مهان ذليل). وقال بعض الأدباء: (لا سيف كالحق، ولا عون كالصدق) .
      - وقال بعضهم: (من لم يؤدِّ الفرض الدائم لم يقبل منه الفرض المؤقت، قيل: وما الفرض الدائم؟ قال: الصدق وقيل: من طلب الله بالصدق أعطاه مرآة يبصر فيها الحق والباطل، وقيل: عليك بالصدق حيث تخاف أنه يضرك؛ فإنه ينفعك، ودع الكذب حيث ترى أنه ينفعك؛ فإنه يضرك، وقيل: ما أملق تاجر صدوق) .


      - (وروي أن بلالًا لم يكذب منذ أسلم، فبلغ ذلك بعض من يحسده، فقال: اليوم أكذبه فسايره، فقال له: يا بلال ما سنُّ فرسك؟ قال عظم، قال: فما جريه؟ قال: يحضر ما استطاع، قال: فأين تنزل؟ قال: حيث أضع قدمي، قال: ابن من أنت؟ قال ابن أبي وأمي، قال: فكم أَتى عليك؟ قال: ليالٍ وأيامٌ، الله أعلم بعدها، قال: هيهات، أعيت فيك حيلتي، ما أتعب بعد اليوم أبدًا)


      يا الله
      علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

      تعليق


      • #4
        رد: وكونوا مع الصادقين

        فوائد الصدق



        إذا تمكن الصدق من القلب سطع عليه نوره، وظهرت على الصادق آثاره، في عقيدته وعباداته، وأخلاقه وسلوكياته، ومن هذه الآثار:
        1- سلامة المعتقد:
        فمن أبرز آثار الصدق على صاحبه: سلامة معتقده من لوثات الشرك ما خفي منه وما ظهر.
        2- البذل والتضحية لنصرة الدين:
        فالصادق قد باع نفسه وماله وعمره لله، ولنصرة دين الله؛ إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، همه رضا مولاه.
        3- الهمة العالية:
        الصادقون أصحاب همة عالية، وعزيمة قوية ماضية، همهم رضا ربهم، يسيرون معها أين توجهت ركائبها، ويستقلون معها أين استقلت مضاربها؛ ترى الصادق قد عمَّر وقته بالطاعات، وشغله بالقربات، (فبينما هو في صلاة إذ رأيته في ذكر ثم في غزو، ثم في حجٍّ، ثم في إحسان للخلق بالتعليم وغيره من أنواع النفع، ثم في أمر بمعروف أو نهي عن منكر، أو في قيام بسبب فيه عمارة الدين والدنيا، ثم في عيادة مريض، أو تشييع جنازة، أو نصر مظلوم – إن أمكن – إلى غير ذلك من أنواع القرب والمنافع.
        4- تلافي التقصير واستدراك التفريط:
        الصادق قد تمر به فترة ولكنها إلى سنة، وقد يعتريه تقصير ولكنه سرعان ما يتلاقاه بتكميل، وقد يلم بذنب ولكنه سريع التيقظ والتذكر، فيقلع ويندم ويرجع:
        ( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ [الأعراف: 201] وقد يحصل منه تفريط فيستدرك، فبالصدق يتلاقى كل تفريط، فيصلح من قلبه ما مزقته يد الغفلة والشهوة، ويعمر منه ما خربته يد البطالة، ويلم منه ما شعثته يد التفريط والإضاعة.
        5- حب الصالحين وصحبة الصادقين:
        من علامات الصادق وأثر الصدق في قلبه، أنه يضيق بصحبة أهل الغفلة، ولا يصبر على مخالطتهم إلا بقدر ما يبلغهم به دعوة الله، وينشر الخير بينهم، فلا يصحبهم إلا لضرورة من دين أو دنيا؛ ذلك لأن ((المرء على دين خليله)) ، والصاحب ساحب، وكل قرين بالمقارن يقتدي؛ ولهذا قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم:( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: 28]،
        وقال الله تعالى للمؤمنين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ )[التوبة: 119] فمجالسة الصالحين نعمة يستعين بها المرء للوصول إلى رضا ربه.
        6- الثبات على الاستقامة:
        فمن آثار الصدق تمسك الصادق بدينه عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، سلوكًا وهديًا؛ فالتزامه بهذا الدين ليس انتقائيًّا، يلتزم بما يهوى، ويترك ما لا يروق له ولا تشتهيه نفسه، كما أنَّه التزام ثابت راسخ غير متذبذب ولا متردد، لا تغويه الشبهات، ولا تغريه الشهوات، ولا تستزله الفتن، ولا تزلزله المحن.
        7- البعد عن مواطن الريب:
        ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنَّ الصدق طمأنينة والكذب ريبة)) .
        (فيه إشارة إلى الرجوع إلى القلوب الطاهرة والنفوس الصافية عند الاشتباه، فإن نفس المؤمن جبلت على الطمأنينة إلى الصدق، والنفر من الكذب) .
        8- حصول البركة في البيع والشراء:
        ((البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) .
        (حصول البركة لهما إن حصل منهما الشرط وهو الصدق والتبيين، ومحقها إن وجد ضدهما وهو الكذب) .
        9- الوفاء بالعهود:
        قال أبو إسماعيل الهروي: (وعلامة الصادق: ألا يتحمل داعية تدعو إلى نقض عهد)).


        يا الله
        علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

        تعليق


        • #5
          رد: وكونوا مع الصادقين

          صــور الصـــدق





          الصدق يستعمل في ستة معان: صدق في القول، وصدق في النية والإرادة، وصدق في العزم، وصدق في الوفاء بالعزم، وصدق في العمل، وصدق في تحقيق مقامات الدين كلها، فمن اتصف بالصدق في جميع ذلك فهو صدِّيق.
          1- صدق اللسان:
          وهو أشهر أنواع الصدق وأظهرها. وصدق اللسان لا يكون إلا في الإخبار، أو فيما يتضمن الإخبار وينبه عليه، والخبر إما أن يتعلق بالماضي أو بالمستقبل، وفيه يدخل الوفاء بالوعد والخلف فيه، وحقٌّ على كلِّ عبد أن يحفظ ألفاظه، فلا يتكلم إلا بالصدق.
          فمن حفظ لسانه عن الإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه فهو صادق، ولهذا الصدق كمالان، فالأول في اللفظ أن يحترز عن صريح اللفظ وعن المعاريض أيضًا، إلا عند الضرورة، والكمال الثاني أن يراعي معنى الصدق في ألفاظه التي يناجي بها ربه.
          2- صدق النية والإرادة:
          ويرجع ذلك إلى الإخلاص، وهو أن لا يكون له باعث في الحركات والسكنات إلا الله تعالى، فإن مازجه شوب من حظوظ النفس بطل صدق النية، وصاحبه يجوز أن يسمى كاذبًا.
          3- صدق العزم:
          فإنَّ الإنسان قد يقدم العزم على العمل؛ فيقول في نفسه: إن رزقني الله مالًا تصدقت بجميعه أو بشطره، أو إن لقيت عدوًّا في سبيل الله تعالى قاتلت ولم أبال، وإن قتلت، وإن أعطاني الله تعالى ولاية عدلت فيها ولم أعص الله تعالى بظلم وميل إلى خلق، فهذه العزيمة قد يصادفها من نفسه وهي عزيمة جازمة صادقة، وقد يكون في عزمه نوع ميل وتردد وضعف يضاد الصدق في العزيمة، فكان الصدق هاهنا عبارة عن التمام والقوة.
          4- صدق الوفاء بالعزم:
          فإنَّ النفس قد تسخو بالعزم في الحال؛ إذ لا مشقة في الوعد والعزم والمؤنة فيه خفيفة، فإذا حقت الحقائق، وحصل التمكن، وهاجت الشهوات انحلت العزيمة، وغلبت الشهوات، ولم يتفق الوفاء بالعزم، وهذا يضاد الصدق فيه، ولذلك قال الله تعالى:
          (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) [الأحزاب: 23].
          فقد روي عن أنس أن عمه أنس بن النضر لم يشهد بدرًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشق ذلك على قلبه وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه، أما والله، لئن أراني الله مشهدًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرينَّ الله ما أصنع، قال: فشهد أُحُدًا في العام القابل، فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا أبا عمرو إلى أين؟ فقال واهًا لريح الجنة إني أجد ريحها دون أحد. فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون؛ ما بين رمية وضربة وطعنة، فقالت أخته بنت النضر: ما عرفت أخي إلا ببنانه.فنزلت هذه الآية رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ[الأحزاب: 23] .
          5- صدق في الأعمال:
          وهو أن يجتهد حتى لا تدلَّ أعماله الظاهرة على أمر في باطنه لا يتصف هو به، لا بأن يترك الأعمال، ولكن بأن يستجر الباطن إلى تصديق الظاهر، وهذا مخالف ما ذكرناه من ترك الرياء، لأن المرائي هو الذي يقصد ذلك، ورب واقف على هيئة الخشوع في صلاته ليس يقصد به مشاهدة غيره، ولكن قلبه غافل عن الصلاة، فمن ينظر إليه يراه قائمًا بين يدي الله تعالى، وهو بالباطن قائم في السوق بين يدي شهوة من شهواته، فهذه أعمال تعرب بلسان الحال عن الباطن إعرابًا هو فيه كاذب، وهو مطالب بالصدق في الأعمال، وكذلك قد يمشي الرجل على هيئة السكون والوقار، وليس باطنه موصوفًا بذلك الوقار، فهذا غير صادق في عمله، وإن لم يكن ملتفتًا إلى الخلق ولا مرائيًا إياهم، ولا ينجو من هذا إلا باستواء السريرة والعلانية، بأن يكون باطنه مثل ظاهره أو خيرًا من ظاهره.
          6- الصدق في مقامات الدين:
          وهو أعلى الدرجات وأعزها، ومن أمثلته: الصدق في الخوف والرجاء والتعظيم والزهد والرضا والتوكل وغيرها من الأمور.

          يا الله
          علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

          تعليق


          • #6
            رد: أزمة الأمه إفتقارها إلي الصادقين

            يتبع بإذن الله

            يا الله
            علّمني خبيئة الصَّدر حتّى أستقيم بِكَ لك، أستغفر الله مِن كُلِّ مَيلٍ لا يَليق، ومِن كُلّ مسارٍ لا يُوافق رضاك، يا رب ثبِّتني اليومَ وغدًا، إنَّ الخُطى دونَك مائلة

            تعليق


            • #7
              رد: أزمة الأمة افتقارها إلى الصادقين

              رزقنا الله واياكي الصدق فى القول والعمل
              جزاكي الله خيراا اخيتي
              متابعه بإذن الله

              تعليق


              • #8
                رد: أزمة الأمة افتقارها إلى الصادقين





                رحم الله أبي وأمي وأسكنهم فسيح جناته

                تعليق

                يعمل...
                X