:LLL:أسأل الله أن يجعل هذا الموضوع ميمونا على قارءه ومن يعمل به .. اللهم تقبل
تساؤلات كثيرة حول الحب فى مرت أو قد تمر بخاطر كل منا
ما معني "الحب في الله " ؟
كيف تحب المسلمة أختها المسلمة في الله؟
هل لهذا الأمر شروط أو دلالات تثبت أو تنفي تحققه؟
بمعني كيف أعلم إن كنت أحب في الله أم لا؟
وهل هذا الأمر سهل التحقق أم أنه يقتصر علي ذوي الإيمان الحق فقط؟
وما هو ثواب المحبة في الله عند الله سبحانه ؟
فهذا والله حال المؤمن يسأل نفسه دائما ماذا أردت بأكلتي ؟ ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أرد بحديث نفسي؟
هل أحب في الله ؟ هل أبغض في الله ؟
الأخوة في الله نعمة الله المضاعفة في الدنيا والآخرة، فأعباء الدنيا كثيرة ، والمتاعب بها عظيمة، والفتن مهلكة، والإنسان وحده أضعف من أن يقف طويلا أمام هذه الشدائد.. فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه ، والمسلم بحكم إيمانه بالله لا يحب إذا أحب إلا في الله، ولا يبغض إذا أبغض إلا في الله؛ لأنه لا يحب إلا ما أحب الله ورسوله، ولا يكره إلا ما يكره الله ورسوله، وتعالي بنا نفصل الأمر
ولنبدأ بالسؤال الأخير:
ما هو ثواب الحب في الله؟
يا الله... لو تعلمي مقدار ما تفيضه الأخوة عليك من خير وبر.. في الدنيا والآخرة... لما ترددت لحظة في مد جسور الأخوة مع كل مسلمة على هذه الأرض.
وصحيح أن المسلم يحب جميع عباد الله الصالحين، ويبغض جميع عباد الله الفاسقين، ولكن الفطرة تميل لاختصاص بعض الإخوان والأصدقاء بمزيد من المحبة والمودة، وقد علم الله - عز وجل - منها ذلك وأثابها عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن من عباد الله ناسا، ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله. قالوا:
يا رسول فخبرنا : من هم؟
قال : قوم تحابوا بروح الله، على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس . وقرأ "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
- المتحابون في الله كتلة من نور في يوم شديد الظلمة، آمنون في يوم الرعب العظيم وهذه واحدة .
وقال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل "المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي"
والثانية أن المتحابين يحميهم الله من حر يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله .
قال صلى الله عليه وسلم: "حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي، وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي"
والثالثة –ما أعظمها- تحقق محبة الله للعبد
قال صلى الله عليه وسلم : " إن رجلا زار أخا له في الله، فأوجد الله له ملكا فقال أين تريد.؟
قال: أريد أن أزور أخي فلانا.
فقال: لحاجة لك عنده؟
قال :لا
قال: فبم .. قال : أحبه في الله .
قال: فإن الله أرسلني إليك أخبرك بأنه يحبك لحبك إياه وقد أوجب لك الجنة" .
وما أهنأ الرابعة فهي توجب الجنة بضمان الله عز وجل أرأيت ؟! .. ممكن أن تنال محبة الله وأمنه ورضاه بل ونضمن الجنة بحب صادق لأتقياء أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
**************************
- إذن ما هو الحب في الله ؟
معنى الحب في الله : أن تكون المحبة خالصة لله لا يراد بها إلا وجهه الكريم، حب خالٍ من أي غرض، خال من شوائب الدنيا ، حب لا يقوم على الإعجاب بشخص لموهبة عظيمة أو هيئة جميلة أو حديث ممتع أو مصلحة قائمة، بل يقوم على التقوى والصلاح، ويولد ويكبر في طريق الإيمان والإحسان، فبحب الله ورسوله نحب، وببغض الله ورسوله نبغض .
***********************
وهذا يسلمنا لسؤال ثالث:
كيف يحب المسلم أخاه في الله ؟
أولا: صفات الاختيار
1- عليه أن يختار من يستحق حبه فيختار بعين الله، يتحرى أن يكون من يختاره عاقلا غير أحمق، إذ قد يضر الأحمق صاحبه حيث يريد نفعه .
2- حسن الخلق ، فيختار التقي ، لأن الفاسق لا يؤمن جانبه .
3- معين على الطاعة بقوله وعمله وسمته فهو الجليس الصالح الذي حثنا الرسول الكريم على ملازمته، ويقال في الأثر: الجليس الصالح هو الذي ترتاح إليه نفسك، ويطمئن به فؤادك، وتنتعش به روحك .. تطرب لحديثه، وتنعم بمجالسته، وتسعد بصحبته .. إنه عدة في الرخاء، وزينة في الشدة، وبلسم للفؤاد، وراحة للنفس .
وكما يقولون "من جالس جانس" ؛ لأن النفس تقتبس الخير أو الشر من الجلساء، ولهذا أمر الباري تبارك وتعالى بصحبة الصالحين ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) .
وحذرنا من صحبة الفاسقين فوصف حال من يتخذهم أخلاء يوم القيامة ، فقال سبحانه : "ويوم يعض الظالم على يديه يقول: ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا . ياويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا ).
ثانيا : مراعاة حقوق الأخوة
أن يقوم تجاه من يحب بحقوق الصداقة والأخوة، ليستبقي مودتهم في الدنيا والآخرة، وهذه الحقوق هي:
1- أن يكون عونا لصاحبه يقضي حاجته ويتفقد أحواله ويؤثره على نفسه .
2- أن يكف عنه لسانه إلا بخير، فلا يذكر له عيبا في غيبته أو حضوره، ولا يكشف أسراره.
3- أن يعطيه من لسانه ما يحبه منه، ويدعوه بأحب أسمائه إليه، وينصحه سرا ولا يفضحه ، كما قال الإمام الشافعي - رحمه الله - : من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه .
4- أن يعفو عن زلاته ويتغاضى عن هفواته، فيستر عيوبه ويحسن به ظنونه .
5- أن يفي له في الأخوة؛ فيثبت عليها ويديم عهدها؛ لأن قطعها يحبط أجرها .
6- أن لا يكلفه ما يشق عليه ولا يحمله ما لا يرتاح له .
7- ألا يتكلف ولا يتحفظ معه، فقد قال أحد الصالحين : من سقطت كلفته؛ دامت مودته".
8- أن يخبره أنه يحبه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أنه يحبه" .
9- أن يفعل ما أجمله الأثر "من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهم ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته ، ووجبت أخوته".
"حق المؤمن على أخيه أن يبين له الحق إذا احتاجه، ويشد عزمه إذا أصاب، وأن يشكر له إذا أحسن، ويذكره إذا نسي، ويرشده إذا ذل، و يصحح له إذا أخطأ، ولا يجامله في الحق، ولا يسايره على الباطل، ويكون له هاديا ودليلا ومعينا وأمينا .
10- أن يدعو له ولأهله ... يدعو له حاضر أوغائبا، حيا أو ميتا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة آمين، ولك بمثلٍ".
وقد قال أحد الصالحين : "إن أهل الرجل إذا مات يقسمون ميراثه ويتمتعون بما خلف، والأخ الصالح ينفرد بالحزن مهتما بما قدم أخوه وما صار إليه، يدعو له في ظلمة الليل ويستغفر له وهو تحت الثري" .
ولنعلم جيدا أنه إذا نشأت صداقة لله فلن تبقى إلا بطاعته، ولن تزكو إلا ببعد الصديقين معا عن النفاق والفساد، فإذا تسربت المعصية إلى أحدهما تغيرت القلوب وذهب الحب.
ففي الحديث "... والذي نفسي بيده ما تواد اثنان فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما"
وعن أبي الدر داء أنه قال: حذر امرؤ أن تبغضه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر ثم قال أتدري ما هذا.؟ قلت لا قال: عبد يخلو بمعاصي الله عز وجل فيلقى الله بغضه في قلوب المؤمنين "
من أجل ذلك كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر ثم يسلم أحدهما على الآخر .. لقد كانا يتعاهدان على الإيمان والصلاح ... يتعاهدان على التواصي بالحق والتواصي بالصبر...
**************************
فهل للحب في الله دلائل وعلامات؟
نعم
أولها : أن يستشعر المؤمن روح الإيمان الحي من المشاعر الرقيقة التي يكنها المسلم لإخوانه حتى إنه ليحيا معهم ، وبهم.
ثانيها: أن يشعر أن عاطفته يحكمها سلطان العقيدة وعلامة ذلك أنه يجد في قلبه حبا عظيما لكل تقي نقي صالح، حتى وإن لم يره أو لم يكن في زمانه أصلا، فعن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله : الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل عملهم؟ قال: أنت يا أبا ذر مع من أحببت .
وأنشأ الإمام الشافعي ضاربا مثلا جميلا للحب في الله:
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أنال بهم شفاعة
وأبغض من تجارته المعاصي ولو كنا سواء في البضاعة
ثالثها: الإحساس والشعور بالأخوة :
فتشعر الأخت بالتألم والحزن لما يصيب أختها من ألم ونصب، وهذا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
رابعها: سلامة الصدر :
فتحافظ على سلامة صدرها تجاه إخواتها، فتحيا ناصعة الصفحة، قلبها مشرق فياض، فالأخوة الحقة هي التي تقوم على عواطف الحب والود والتعاون المتبادل والمجاملات الرقيقة، بل هي كما وصفها القرآن: ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) .
وقد يتبادر لأذهاننا سؤال: وماذا عن من تهفوا إليهم قلوبنا، وتميل إليهم أرواحنا، ونرى في أعمالهم معاصي وذلات وبعدا عن طريق الله؟
إن من ارتكب معصية سرا أو علانية من المسلمين فليس علينا أن نقطع مودته تماما ونهمل أخوته، بل ننتظر توبته وأوبته، فإن أصر على ذنوبه فلنا أن نقاطعه وننبذه، أو نبقى على شيء من الود لإسداء النصيحة ومواصلة الموعظة رجاء أن يتوب، فيتوب الله عليه . قال أبو الدرداء رضي الله عنه : إذا تغير أخوك وحال عما كان عليه ، فلا تدعه لذلك فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى.
**************
هل الأمر سهل التحقيق أم أنه يقتصر على أهل الإيمان فقط ؟
وهل يتحراه سوى أهل الإيمان؟
هل يحب في الله ويبغض في الله إلا من يحب الله ويمتلئ قلبه بالإيمان به؟
أن العلاقة بين الإيمان والحب في الله علاقة طردية متلازمة، فإذا وجد الإيمان كان الحب في الله والبغض فيه .
وإن كان هناك حب في الله وجد المسلم حلاوة الإيمان في جوفه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وطعمه:
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ..
وأن يحب في الله ويبغض في الله ..
وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيئا" .
وقال صلى الله عليه وسلم : إن أوسط عرى الإيمان أن تحب في الله، وتبغض في الله،
أرأيت حين تعقد عقدة ويحكم شدها كيف تكون متينة ثابتة، فإن أحببت في الله المؤمنين وأبغضت في الله الفاسقين، فذلك أشد وأوثق رابطة محكمة ثابتة في إيمانك.
ويقول صلى الله عليه وسلم أيضا:"من أحب لله، وأبغض وأعطى لله ، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان" .
و إذا رسخ في فؤاده اليقين، وخالطت بشاشة الإيمان قلبه، وأحس بحلاوته في مذاقه، تراه ينظر لمن حوله بعين الله، فهو يحب لمبدأ ويكره لمبدأ، يحب ما يحبه الله ويكره ما يكرهه الله .
فاستعيني بالله وجاهدي فيه لترتقي بإيمانك وتعرفي الله حق معرفته حتى تصلى لمحبته سبحانه ، فتقطفين ثمرة الحب في الله التي من شأنها سعادة الدنيا والآخرة..
ورددي دعاء داوود عليه السلام : اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك.
اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد على الظمأ.
واحفظى دعاء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم "اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك " .
ولا تنسين أن تجعلن لي نصيبا من صالح دعاءكن.
منقول
تساؤلات كثيرة حول الحب فى مرت أو قد تمر بخاطر كل منا
ما معني "الحب في الله " ؟
كيف تحب المسلمة أختها المسلمة في الله؟
هل لهذا الأمر شروط أو دلالات تثبت أو تنفي تحققه؟
بمعني كيف أعلم إن كنت أحب في الله أم لا؟
وهل هذا الأمر سهل التحقق أم أنه يقتصر علي ذوي الإيمان الحق فقط؟
وما هو ثواب المحبة في الله عند الله سبحانه ؟
فهذا والله حال المؤمن يسأل نفسه دائما ماذا أردت بأكلتي ؟ ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أرد بحديث نفسي؟
هل أحب في الله ؟ هل أبغض في الله ؟
الأخوة في الله نعمة الله المضاعفة في الدنيا والآخرة، فأعباء الدنيا كثيرة ، والمتاعب بها عظيمة، والفتن مهلكة، والإنسان وحده أضعف من أن يقف طويلا أمام هذه الشدائد.. فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه ، والمسلم بحكم إيمانه بالله لا يحب إذا أحب إلا في الله، ولا يبغض إذا أبغض إلا في الله؛ لأنه لا يحب إلا ما أحب الله ورسوله، ولا يكره إلا ما يكره الله ورسوله، وتعالي بنا نفصل الأمر
ولنبدأ بالسؤال الأخير:
ما هو ثواب الحب في الله؟
يا الله... لو تعلمي مقدار ما تفيضه الأخوة عليك من خير وبر.. في الدنيا والآخرة... لما ترددت لحظة في مد جسور الأخوة مع كل مسلمة على هذه الأرض.
وصحيح أن المسلم يحب جميع عباد الله الصالحين، ويبغض جميع عباد الله الفاسقين، ولكن الفطرة تميل لاختصاص بعض الإخوان والأصدقاء بمزيد من المحبة والمودة، وقد علم الله - عز وجل - منها ذلك وأثابها عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن من عباد الله ناسا، ما هم بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله. قالوا:
يا رسول فخبرنا : من هم؟
قال : قوم تحابوا بروح الله، على غير أرحام بينهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنور، وإنهم لعلى نور، لا يخافون إذا خاف الناس، ولا يحزنون إذا حزن الناس . وقرأ "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
- المتحابون في الله كتلة من نور في يوم شديد الظلمة، آمنون في يوم الرعب العظيم وهذه واحدة .
وقال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل "المتحابون بجلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي"
والثانية أن المتحابين يحميهم الله من حر يوم القيامة في ظله يوم لا ظل إلا ظله .
قال صلى الله عليه وسلم: "حقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي، وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي"
والثالثة –ما أعظمها- تحقق محبة الله للعبد
قال صلى الله عليه وسلم : " إن رجلا زار أخا له في الله، فأوجد الله له ملكا فقال أين تريد.؟
قال: أريد أن أزور أخي فلانا.
فقال: لحاجة لك عنده؟
قال :لا
قال: فبم .. قال : أحبه في الله .
قال: فإن الله أرسلني إليك أخبرك بأنه يحبك لحبك إياه وقد أوجب لك الجنة" .
وما أهنأ الرابعة فهي توجب الجنة بضمان الله عز وجل أرأيت ؟! .. ممكن أن تنال محبة الله وأمنه ورضاه بل ونضمن الجنة بحب صادق لأتقياء أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
**************************
- إذن ما هو الحب في الله ؟
معنى الحب في الله : أن تكون المحبة خالصة لله لا يراد بها إلا وجهه الكريم، حب خالٍ من أي غرض، خال من شوائب الدنيا ، حب لا يقوم على الإعجاب بشخص لموهبة عظيمة أو هيئة جميلة أو حديث ممتع أو مصلحة قائمة، بل يقوم على التقوى والصلاح، ويولد ويكبر في طريق الإيمان والإحسان، فبحب الله ورسوله نحب، وببغض الله ورسوله نبغض .
***********************
وهذا يسلمنا لسؤال ثالث:
كيف يحب المسلم أخاه في الله ؟
أولا: صفات الاختيار
1- عليه أن يختار من يستحق حبه فيختار بعين الله، يتحرى أن يكون من يختاره عاقلا غير أحمق، إذ قد يضر الأحمق صاحبه حيث يريد نفعه .
2- حسن الخلق ، فيختار التقي ، لأن الفاسق لا يؤمن جانبه .
3- معين على الطاعة بقوله وعمله وسمته فهو الجليس الصالح الذي حثنا الرسول الكريم على ملازمته، ويقال في الأثر: الجليس الصالح هو الذي ترتاح إليه نفسك، ويطمئن به فؤادك، وتنتعش به روحك .. تطرب لحديثه، وتنعم بمجالسته، وتسعد بصحبته .. إنه عدة في الرخاء، وزينة في الشدة، وبلسم للفؤاد، وراحة للنفس .
وكما يقولون "من جالس جانس" ؛ لأن النفس تقتبس الخير أو الشر من الجلساء، ولهذا أمر الباري تبارك وتعالى بصحبة الصالحين ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) .
وحذرنا من صحبة الفاسقين فوصف حال من يتخذهم أخلاء يوم القيامة ، فقال سبحانه : "ويوم يعض الظالم على يديه يقول: ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا . ياويلتا ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا ).
ثانيا : مراعاة حقوق الأخوة
أن يقوم تجاه من يحب بحقوق الصداقة والأخوة، ليستبقي مودتهم في الدنيا والآخرة، وهذه الحقوق هي:
1- أن يكون عونا لصاحبه يقضي حاجته ويتفقد أحواله ويؤثره على نفسه .
2- أن يكف عنه لسانه إلا بخير، فلا يذكر له عيبا في غيبته أو حضوره، ولا يكشف أسراره.
3- أن يعطيه من لسانه ما يحبه منه، ويدعوه بأحب أسمائه إليه، وينصحه سرا ولا يفضحه ، كما قال الإمام الشافعي - رحمه الله - : من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه، ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه .
4- أن يعفو عن زلاته ويتغاضى عن هفواته، فيستر عيوبه ويحسن به ظنونه .
5- أن يفي له في الأخوة؛ فيثبت عليها ويديم عهدها؛ لأن قطعها يحبط أجرها .
6- أن لا يكلفه ما يشق عليه ولا يحمله ما لا يرتاح له .
7- ألا يتكلف ولا يتحفظ معه، فقد قال أحد الصالحين : من سقطت كلفته؛ دامت مودته".
8- أن يخبره أنه يحبه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أنه يحبه" .
9- أن يفعل ما أجمله الأثر "من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهم ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته ، ووجبت أخوته".
"حق المؤمن على أخيه أن يبين له الحق إذا احتاجه، ويشد عزمه إذا أصاب، وأن يشكر له إذا أحسن، ويذكره إذا نسي، ويرشده إذا ذل، و يصحح له إذا أخطأ، ولا يجامله في الحق، ولا يسايره على الباطل، ويكون له هاديا ودليلا ومعينا وأمينا .
10- أن يدعو له ولأهله ... يدعو له حاضر أوغائبا، حيا أو ميتا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة آمين، ولك بمثلٍ".
وقد قال أحد الصالحين : "إن أهل الرجل إذا مات يقسمون ميراثه ويتمتعون بما خلف، والأخ الصالح ينفرد بالحزن مهتما بما قدم أخوه وما صار إليه، يدعو له في ظلمة الليل ويستغفر له وهو تحت الثري" .
ولنعلم جيدا أنه إذا نشأت صداقة لله فلن تبقى إلا بطاعته، ولن تزكو إلا ببعد الصديقين معا عن النفاق والفساد، فإذا تسربت المعصية إلى أحدهما تغيرت القلوب وذهب الحب.
ففي الحديث "... والذي نفسي بيده ما تواد اثنان فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما"
وعن أبي الدر داء أنه قال: حذر امرؤ أن تبغضه قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر ثم قال أتدري ما هذا.؟ قلت لا قال: عبد يخلو بمعاصي الله عز وجل فيلقى الله بغضه في قلوب المؤمنين "
من أجل ذلك كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر ثم يسلم أحدهما على الآخر .. لقد كانا يتعاهدان على الإيمان والصلاح ... يتعاهدان على التواصي بالحق والتواصي بالصبر...
**************************
فهل للحب في الله دلائل وعلامات؟
نعم
أولها : أن يستشعر المؤمن روح الإيمان الحي من المشاعر الرقيقة التي يكنها المسلم لإخوانه حتى إنه ليحيا معهم ، وبهم.
ثانيها: أن يشعر أن عاطفته يحكمها سلطان العقيدة وعلامة ذلك أنه يجد في قلبه حبا عظيما لكل تقي نقي صالح، حتى وإن لم يره أو لم يكن في زمانه أصلا، فعن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله : الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل عملهم؟ قال: أنت يا أبا ذر مع من أحببت .
وأنشأ الإمام الشافعي ضاربا مثلا جميلا للحب في الله:
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أنال بهم شفاعة
وأبغض من تجارته المعاصي ولو كنا سواء في البضاعة
ثالثها: الإحساس والشعور بالأخوة :
فتشعر الأخت بالتألم والحزن لما يصيب أختها من ألم ونصب، وهذا مصداق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
رابعها: سلامة الصدر :
فتحافظ على سلامة صدرها تجاه إخواتها، فتحيا ناصعة الصفحة، قلبها مشرق فياض، فالأخوة الحقة هي التي تقوم على عواطف الحب والود والتعاون المتبادل والمجاملات الرقيقة، بل هي كما وصفها القرآن: ( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم ) .
وقد يتبادر لأذهاننا سؤال: وماذا عن من تهفوا إليهم قلوبنا، وتميل إليهم أرواحنا، ونرى في أعمالهم معاصي وذلات وبعدا عن طريق الله؟
إن من ارتكب معصية سرا أو علانية من المسلمين فليس علينا أن نقطع مودته تماما ونهمل أخوته، بل ننتظر توبته وأوبته، فإن أصر على ذنوبه فلنا أن نقاطعه وننبذه، أو نبقى على شيء من الود لإسداء النصيحة ومواصلة الموعظة رجاء أن يتوب، فيتوب الله عليه . قال أبو الدرداء رضي الله عنه : إذا تغير أخوك وحال عما كان عليه ، فلا تدعه لذلك فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى.
**************
هل الأمر سهل التحقيق أم أنه يقتصر على أهل الإيمان فقط ؟
وهل يتحراه سوى أهل الإيمان؟
هل يحب في الله ويبغض في الله إلا من يحب الله ويمتلئ قلبه بالإيمان به؟
أن العلاقة بين الإيمان والحب في الله علاقة طردية متلازمة، فإذا وجد الإيمان كان الحب في الله والبغض فيه .
وإن كان هناك حب في الله وجد المسلم حلاوة الإيمان في جوفه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وطعمه:
أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ..
وأن يحب في الله ويبغض في الله ..
وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيئا" .
وقال صلى الله عليه وسلم : إن أوسط عرى الإيمان أن تحب في الله، وتبغض في الله،
أرأيت حين تعقد عقدة ويحكم شدها كيف تكون متينة ثابتة، فإن أحببت في الله المؤمنين وأبغضت في الله الفاسقين، فذلك أشد وأوثق رابطة محكمة ثابتة في إيمانك.
ويقول صلى الله عليه وسلم أيضا:"من أحب لله، وأبغض وأعطى لله ، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان" .
و إذا رسخ في فؤاده اليقين، وخالطت بشاشة الإيمان قلبه، وأحس بحلاوته في مذاقه، تراه ينظر لمن حوله بعين الله، فهو يحب لمبدأ ويكره لمبدأ، يحب ما يحبه الله ويكره ما يكرهه الله .
فاستعيني بالله وجاهدي فيه لترتقي بإيمانك وتعرفي الله حق معرفته حتى تصلى لمحبته سبحانه ، فتقطفين ثمرة الحب في الله التي من شأنها سعادة الدنيا والآخرة..
ورددي دعاء داوود عليه السلام : اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك.
اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد على الظمأ.
واحفظى دعاء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم "اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك " .
ولا تنسين أن تجعلن لي نصيبا من صالح دعاءكن.
منقول
تعليق