الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين .. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. وعلى آله وصحبه أجمعين
إنها تلك المياه الزرقاء تداعب رمال الشاطئ الذهبية في رفق
ذلك الشاطئ الساحر الذى تمنى زيارته كل محب للطبيعة وجمالها ومَن مِن البشر ليس كذلك
ظلت تلك المياه تداعب الرمال فتارة تأخذ منها القليل إلى قاع البحر وتارة تودعها شيئا مما في أعماقها من كائنات
ظل الحال بين الماء والرمال على هذا لسنوات طويلة
حتى أتاها
غضب الجبار
يقول بعض من حضروا تسونامي أندونيسيا ممن يقطنون في قرية تبعد ثمانية كيلومترات عن شاطئ البحر :
لقد حدث في هذه المنطقة أن المياه تدفقت الساعة السابعة والنصف أو الثامنة صباحاً والناس نيام
فاقتحمت عليهم المياه بيوتهم في الثامنة صباحاً وهم نيام، فلم يستطع أحد أن يخرج من مكانه،
لقد كسرت المياه الأبواب، واقتحمت النوافذ، وبلغت المياه داخل البيوت إلى مترين وثلاثة أمتار،
فغرق من غرق، ومن سلم من الغرق فقد كسرته تلك الأشجار، وتلك السيارات، وذلك الأثاث المدمر، لقد كسرت عظامهم، وكسرت جماجمهم،
ثم تراكمت عليهم تلك الأشجار والسيارات والبيوت التي تهدمت،
من أين أتت تلك السيارات؟ لقد أتت من شاطئ البحر! قذف البحر بكل ما كان على شاطئ البحر على بعد ثمانية أو عشرة كيلومترات،
قذفت تلك الأمواج مع قوتها وشدتها كل ما كان على شاطئ البحر على بعد ثمانية أو عشرة كيلومترات.
كل هذا لما أتى
غضب الجبار
فلم كان كل هذا الغضب؟
الغضب الذي حول الماء ذلك الكائن الوديع الذي لا حياة لمخلوق إلا به
إلى وحش مفترس يبطش وينتقم
يقول الشيخ خالد الراشد – فك الله أسره – وقد زار تلك البلاد المنكوبة
قلت لأحد الذين نجوا: ما الذي كان يحدث هناك؟
قال:كان يحدث على الشواطئ أمر يفوق الخيال، اختلط الحابل بالنابل،
قلت: مِن السواح؟
قال: لا، بل من المسلمين أنفسهم، فقد أصبحوا يعاقرون الفاحشة على مرأىً ومسمع من كل منهم، فهذا يزني بتلك، وهذا يزني بتلك، والجميع ينظر بعضهم إلى بعض! ثم يأتي الكفار فيزنون ببنات المسلمين على الشواطئ والمسلمون يرون ذلك ولا يتحرك فيهم شيء!
قلت لهذا: أين تسكن؟
قال: هذا بيتنا!
فلم أر شيئاً،
قلت له: من فقدت؟ قال: فقدت أمي وأبي،
قلت: أين كنت في تلك الساعة؟ قال: كنت أتجول على المساجد أعلق فيها صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وصفة وضوئه في تلك الساعة التي حل فيها الدمار، سبحان الله! { وأنجينا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ } [الأعراف:165]،
قال: كنت أنكر عليهم ما كان يحدث هناك، وكنت أحذرهم أن العقوبة ستحل علينا، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حياً.
هو ما قرأتم وسمعتم
هكذا حل الغضب بمسلمين عصوا الله ولم يجدوا ناهيا لهم عن معصيتهم
وهكذا أنجا الله برحمته من نهاهم عن منكرهم ودعاهم إلى طاعة الله والابتعاد عن غضبه سبحانه
فاليوم دعوتنا لتسونامي جديد
لا يجب أن ننتظر تسونامي يغرقنا ومن يقعون في المعاصي معا
بل يجب أن نغرقهم نحن بعون الله بتسونامي التغيير
نغير من أنفسنا ومن مجتمعنا بإذن الله تعالى
أكاد أسمع مثبطاً يقول :
وكيف والمعاصي انتشرت بطريقة تفوق الخيال؟!!
كيف وقد أصبحت المعصية سهلة يسيرة والطاعة صعبة إلا على من استعان بالله؟!!
كيف والحال كما ترون في بلاد المسلمين من استضعاف وهوان؟!!
ولهذا المثبط نردد
( حتى متى يا قلب تغشاك الظنن .. والتائهون معذبون .. والرافضون مغرَّرون .. حتى متى هذا التردد والجفاء ؟!! .. حتى متى هذا الحياء ؟!! .. إن لم تكن للدين أنت فمن يكون ؟!! )
أيها التائه ... أيتها الخجولة
دينكم يستنفر الرضع
لا تستهينوا بالدعوة ولا تظنوا الحل في غيرها
ظل نبينا – صلى الله عليه وسلم – داعيا ثلاثة عشر عاما
وعندما أراد إنشاء دولة الإسلام
أرسل مصعب بن عمير – رضي الله عنه – لتبني الدولة بالدعوة لا بالسيف
لتُبنى بالكلمة
لا تظن أن كلمة تقولها لن تؤثر
لعلك اليوم تراها كذلك
لكنها بعد عام .. عامين .. بعد موتك حتى ستكون ذات أثر إن أخلصت فيها لربك
يقول الشيخ محمد صالح المنجد في محاضرة له:
أيها المسلمون: قولوا لنا كيف انتشر الإسلام في تلك الجزر النائية؟ في الصين و أندونيسيا؟
كيف انتشر الإسلام في عدد من أقطار الأرض؟
إنما انتشر بالدعوة إلى الله تعالى،
وكانت المدن الهندية الواقعة على ساحل بحر العرب مما استهدفه التجار المسلمون بالدعوة إلى الله، ولذلك لا زالت آثارهم موجودة في بونبي وغيرها من هذه البلدان الساحلية التي قصدها المسلمون بالتجارة، وشهد بجهدهم في الدعوة أعداء الله،
فهذا آرلند يقول في كتابه: ولكن الكثير من أعمال الدعوة في الأسواق إنما يقوم بها أشخاص يشتغلون في مهنة أو عمل في أثناء ساعات النهار، ويخصصون أوقات فراغهم في المساء لهذا العمل الديني، فكان الواحد منهم إذا انتهى من عمله لا يذهب إلى الفرجة والفسحة، لا يذهب إلى مجالس ضياع الأوقات والألعاب وإنما كان يذهب بعد انتهاء العمل والدوام، يطوف للدعوة إلى الله عز وجل.
لنرفع الآن شعاراً
سنبذل روحنا في كل وقت :: لرفع الحق خفاقاً مبيناً
فإن عشنا فقد عشنا لحقٍ :: ندك به عروش المجرمينا
وإن متنا ففي جنات عدنٍ :: لنلقى أخوة في السابقينا
وسؤال ألمحه الآن في ذهنكم
كيف أدعو إلى الله ؟
كيف وأنا لا أملك حصيلة دعوية ولا عندي قدرات لغوية
وبصراحة
أنا خائف على نفسي !!!
والجواب على ذلك:
هل سمعتم هذا الحديث من قبل؟
{ إنْ قامَتِ الساعَةُ وفي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسَيلَةٌ فلْيَغْرِسْهَا }
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 4-66
خلاصة حكم المحدث: رجاله أثبات ثقات
فهل تعجز عن غرس فسيلة وهي النخلة الصغيرة ؟
هل تعجز عن أمر زوجتك بالحجاب الشرعي ؟
هل تعجز عن أخذ أولادك معك إلى المسجد ؟
هل تعجز عن شراء كتيبات وقراءتها ثم اهدائها لزملائك في العمل أو لمكتبة المسجد ؟
هل تعجز عن توزيع وريقات دعوية بعد صلاة الجمعة في مسجد الحي الذي يعرفك فيه أهله؟
هل تعجز عن إصلاح خلقك وتحسينه لتكون نموذجا يحبب العباد في دين ربهم ؟
المجالات كثيرة لكن نحن من يتقاعس !!!
لو اعتقدنا يقينا أن كل مشكلة من أنفسنا
{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير }الشورى:30
وأننا محتاجون للتغيير لتتحسن الأحوال وتنزاح عنا الهموم والغموم
{ إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ } الرعد:11
لو تيقنا من ذلك
وكان مصابنا يؤلمنا
وكان واقعنا يزعجنا
وكان حال الأمة يؤرقنا
لأسرعنا جميعا
لتغيير أنفسنا
وتغيير مجتمعاتنا
فالحل الحقيقي هو العودة لدين الله
في أن ينظر الله لنا ولمجتمعاتنا فيرضى عنا
كل مشاكلنا ذنوب وآثام تكفر
فلنتب ولنعن غيرنا على التوبة
أنا ماذا أكون أنا :: بلا ربي بلا ديني
أنا ماذا أكون أنا :: أجيبوني أجيبوني
وروح الدين في أعمـ::ـاق أعماقي تناديني
وراياتي التي طويت :: على ربوات حطين
وصوت أحبتي هناك :: بين القهر والهون
وصوت مؤذن الأقصى :: يهيب بنا أغيثونا
وآلاف من الأسرى :: وآلاف المساجين
ألا هبوا ألا هبوا :: لعزة ذلك الدين
ألا هبوا ألا هبوا ::لعزة ذلك الدين
فمن يجيب ؟
ومن يبدأ ؟
تـسـونـامي الـتـغـيـيـر
تعليق