السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربّما يتظاهر المرء بالهدوء وفي أعماقه براكين من الانفعالات سكينة النفس المؤمنة >>><<<أمام براكين الإنفعال |
والغضب الذي يوشك أن ينفجر
حين يتعرض الإنسان لشيء من الإثارة ، ثمّ يحافظ على هدوئه فهو
يتصف بالسيطرة على النفس أي أنه يملك نفسه عند الغضب
أن يكون تعبيره عن انفعالاته ومشاعره متوازناً معتدلاً ، في حالة
الرضا والغضب، والحب والبغض ، والعداوة والصداقة
قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم :
(ليس الشَّديدُ بالصَّرْعةِ إنَّما الشَّديدُ الَّذي يملِكُ نفسَه عند الغضبِ)
خلاصة حكم المحدث : صحيح
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: (( إن فيك خصلتين يُحبهما الله: الحلمُ والأناةُ)) رواهُ مسلم
والهدوء ******** ليس استعلاء على الآخرين ولا فوقية ، ولا
استئثاراً بالخلق الأسمى ، وإنما هو سلوك يستلهم منه الآخرون
مواقفهم ، ويشجعهم على الاستجابة .
هدوء الكلمة واللغة ، وهدوء القلب ، وهدوء الملامح والقسمات
والجسد .
ليست الصلاة وحدها ولا الصيام أو الحج ، بل الحياة كلها هي
"مسجد" يربي المسلم على الانضباط حتى مع النفس ،
وفي الحديث قال رجلٌ :
(قالوا يا رسول الله فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها
قال : هي في النار . قالوا : يا رسول الله !
فلانة تصلي المكتوبات ، وتصدق بالأثوار من الإقط ،
ولا تؤذي جيرانها . قال : هي في الجنة)
فانظر كيف لم تُجدِ كثرة العبادة مع انعدام حسن السلوك!! بل انظر ماذا فعل حسن الخلق رغم قلة العبادة!!!
( الأثوار: جمع ثور، وهو القطعة من الأقط، والأقط: اللبن المجفف ).
الراوي : أبو هريرة – المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم : 2560
خلاصة حكم المحدث : صحيح
من الطبيعي أن تمر بالمرء حالات اندفاع وحالات ضعف ، والهدوء
يكمن في جزء من الثانية ما بين المثير الذي صنع الاستفزاز وما بين
الاستجابة ورد الفعل .
الصبرُ عند الصدمةِ الأولى :
( مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ ،
فقال : اتَّقي اللهَ واصبري .
قالت : إليكَ عَنِّي ، فإنكَ لم تُصَبْ بمصيبتي ، ولم تعرفْهُ ،
فقيل لها : إنَّهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ،
فأتت باب النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فلم تجد عندَهْ بوَّابِينَ ،
فقالت : لم أعرفْكَ ،
فقال : إنما الصبرُ عند الصدمةِ الأولى) .
الراوي : أنس بن مالك – المحدث : البخاري –
المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم : 1283
خلاصة حكم المحدث : [ صحيح ]
حين تتعامل مع أي استفزاز على أنّه " كاميرا خفية " وضعت
لتسجيل نوع استجابتك ، ثمّ تعرضها عليك وعلى الجمهور ، هنا
ستكون أكثر إحكاماً للنفس وسيطرة عليها ، ومعنى هذا أن أي إنسان
يدري أنّ السكينة والسيطرة على النفس هي فضيلة إنسانية ونبل
كبير ، وأنّ الطيش والانفعال السريع فعل مذموم .
حين يمر المرء بتجارب الحياة سيدرك أن من السهل أن يقول ومن
الصعب أن يعمل ويمتثل ..
سيكون مدافعاً بحرارة عن موقف انفعالي مرّ به ، لأنّه لا يجدر به أن
يستسلم أو يفوّت الأمر !
الذين حصلوا على قدر من الهدوء لم يدركوه خلال فترة يسيرة ،
ولكن عبر تراكم ممتد من المحاولات والفشل والخجل والتردد
والإحباط ، ومع كل المعوقات قرروا ألا تسقط الراية من أيديهم ،
وأن يكرروا المحاولة تلو الأخرى
مسترشدين بقول الحق عزّ وجل :
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
(العنكبوت/ 69)
وألجموا أنفسهم عن البغي والعدوان والظلم متذكرين وصمة النفاق
لمن :
( إذا خاصَمَ فَجَرَ )
فهنا مواطن التقوى الصادقة ، وامتحان النفوس ،
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الرفق لا يكون في شيء إلازانهُ، ولا ينزعُ من شيءٍ إلا شانهُ ) رواه مسلم
وحين عبر الله تعالى بقول :
{ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى}
( الحجرات/ 3 )
كان ذلك في سورة الحجرات التي اشتملت على النهي عن رفع
الأصوات فوق صوت النبي ، والنهي عن ترديد الشائعات ، وعن
الوقوع في الأعراض ، وعن التعيير والتحقير، وعن السخرية ،
وعن سوء الظن ، وعن الاختلاف والتقاتل ، وعن العنصرية
والانتساب ..
إلى الآية الكريمة :
{ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}
(الحجرات/ 14)
فالإيمان الحق هو ممارسة أخلاقية على أعلى المستويات ،
وانضباط في الحقوق والعلاقات
النظرة الإيجابية للأشياء والحوادث من منطلق الإيمان بحكمة الخالق
الذي لا يقع شيء إلا بإذنه ؛ تعطي بعداً لقراءة النتائج البعيدة وحسن
الظن بالله ، والهدوء في معالجة المواقف الغامضة والجديدة مع
كمال الحرص على الإفادة من الفرص واقتناصها وحسن توظيفها ،
وتوقع الأفضل .
كل ما هنالك أن يقال :
أضف إلى العناوين الجميلة الموجودة لديك عنواناً اسمه "السكينة"،
تحاول استحضاره كلما ألمت بك مشكلة أو دهمتك نازلة ، أو واجهت
موقفاً مستفزاً أو مثيراً .
تذكر فوراً أنّ هذا الموقف " مصمم " خصيصاً لاختبار صبرك
وقدرتك على الانضباط ، نعم إنّه " القدر المقدور ".
مما راق لي
تعليق