إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الامة بين مجاهد وبكاء ومنافق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الامة بين مجاهد وبكاء ومنافق




    الأمة بين مجاهد وبكَّاء ومنافق


    كتبه/ عبد المنعم الشحات


    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،


    فقد جعل الله الدنيا دار ابتلاء والآخرة دارَ جزاء، (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ)(محمد:31).


    ومن أشد الفتن على النفس فتنة الجهاد بالنفس: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ)(البقرة:216).


    ولكن المؤمنين الصادقين يجاهدون أنفسهم ويوطنونها على المسارعة إلى الاستجابة في المنشط والمكره، فيستجيبون لله استجابة صادقة.


    وتاريخنا مليء بصور الاستجابة الصادقة من الرجال والنساء، وانظر إلى الخنساء التي مات أخوها في الجاهلية فرثته بمراثٍ جعلتها تلقب بشاعرة العرب، بينما تُقَدِّم أبناءها الأربعة في موقعة واحدة وتقول: "الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم جميعاً في سبيل الله، ونصرة دينه، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته"، فلم يصبها في ذلك أدنى جزع.


    وكيف تجزع وهي التي أججت حماستهم بتلك النصيحة البليغة التي أسدتها لهم ليلة المعركة حيث نصحتهم قائلة: "يا بَنيّ، إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم، واعلموا أن الدار الآخرة خير من الدار الفانية، اصبروا وصابروا ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون، فإذا أصبحتم غدا -إن شاء الله- سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين،وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عنساقها،واضطرمت لظى على سياقها، وحلتنارًا علىأوراقها؛فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها، عند احتدامخميسها (جيشها)؛تظفروا بالغنم والكرامة،في دار الخلد والمقامة".


    وفي الصباح تقدموا الصفوف يحركهم إيمانهم، وتدفعهم وصية الأم الصالحة، فجاهدوا جهاد الفاتحين الشجعان، وتلقوا الموت فرحين مسرورين، ومن ورائهم كان سرور أمهم بجهادهم.


    وحتى مع حالات العجز فالمؤمن مطالب بأن يبقى عزم قلبه معقودا على الاستجابة الفورية متى وجد إلى ذلك سبيلا، ولذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ)رواه مسلم.


    بل إن حالة العجز أشق على نفوس المؤمنين من حالة القدرة، ولذلك استعاذ النبي -صلى الله عليه وسلم- في دعائه من العجز، واستعاذ من قهر الرجال.


    وانظر إلى قصة البَكَّائين السبعة في غزوة تبوك، تَعْلَمْ كيف يكون ألم العجز على أصحاب القلوب الصادقة.


    - رُوي عن ابن عباس: "أن رسول الله -صلى الله عليهوسلم- أمرَ الناس أن ينبعثوا غازين معه، فجاءته عصابة من أصحابه، فيهم عبد الله بنمُغَفَّلالمزني، فقالوا: يا رسول الله، احملنا، فقاللهم: "والله لا أجد ما أحملكم عليه"؛ فتولوا ولهم بكاء، وعزَّ عليهم أن يجلسوا عنالجهاد، ولا يجدون نفقة ولا محملاً. فلما رأى الله حِرْصَهم على محبته ومحبة رسولهأنزل عذرَهم فيكتابه، فقال: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاعَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌإِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍوَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَلِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْاوَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ،إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوابِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لايَعْلَمُونَ) (التوبة:91-93)"، وهم البَكَّاؤونالسبعة. راجع في تفسيرها: تفسيرَي الطبري وابن كثير.


    إنها صورة مؤثرة للرغبة الصادقة في الجهاد على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما كان يحسه صادقو الإيمان من ألم إذا ما حالت ظروفهم المادية بينهم وبين القيام بواجباتهم، ولا شك أن تلك المواساة من الله -عز وجل- لهم لم تكن إلا نتيجة إيمان صادق،ورغبة صادقة في الاستجابة لأمر الله،فكان البكاء هو أحدمظاهرها.


    ومع ذلك ما زال عُلْبَة بن زيد -رضي الله عنه- يبحث عن شيء يشارك به رغم عذر الله له في القرآن، فصلى من الليل وبكى، وقال: "اللهم إنك قد أمرت بالجهاد ورغبت فيه،ثم لم تجعل عندي ما أتقوى به مع رسولك، ولم تجعل في يد رسولك ما يحملني عليه، وإني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض"، ثم أصبح مع الناس، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أين المتصدق هذه الليلة؟" فلم يقم إليه أحد، ثم قال: "أين المتصدق؟ فليقم"، فقام إليه فأخبره، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أبشر فوالذي نفس محمد بيده لقد كتبت في الزكاة المتقبلة".


    فكانت هذه هي البشرى الثانية جزاءً على الرغبة الصادقة في الاستجابة لأمر الله، ثم كانت الثالثة والمجاهدون هناك في سفرهم البعيد ونصبهم الشديد، فقال لهم -صلى الله عليه وسلم-: (إن بالمدينة أقوامًا ما سرتممسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم،قالوا: يارسول الله،وهُمبالمدينة؟! قال: وهم بالمدينة؛حبسهمالعذر)


    فلما ساروا بقلوبهم مع المجاهدين أعطاهم الله أجر المجاهدين بأبدانهم.


    لقد كانت الرغبة الحقيقة في الاستجابة التي أثمر العجز عنها ألما وحسرة، هي الفارق الرئيسي بين هؤلاء وبين فريق آخر قعد قلبُه، فأقعده عن الجهاد وفرح بذلك، ومما نزل في ذلك قوله -تعالى-: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)(التوبة:81)


    وفضح اللههِمَمَهمالدنيئةوقلوبَهمالخبيثةوألسنتَهمالكاذبة بقوله: (لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)(التوبة:42).


    وما زالت السنن الكونية تجري على الناس، وما زالت الفتن تُعرَض كعرض الحصير عودا عودا، بل زماننا هو زمن الفتن التي تموج كموج البحر، والتي أخبر عنها -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الآخر.


    وما زالت هذه الفتن تميز الناس إلى:


    - مؤمن عمل بقلبه وجوارحه فللّه درُّه وعلى الله إعانته.


    - مؤمن عجز فبكى ألما وحسرة، فعند الله عزاؤه وله أجر نيته، وليكن مع الأولين بقلبه ودعائه واستغفاره والذب عن عرضهم وتلمس المعذرة لأخطائهم.


    - وليس وراء ذلك إلا النفاق كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ)رواه مسلم.


    فاللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها وموالها.


    اللهم طهر قلوبنا من النفاق والرياء وسَيِّئ الأخلاق.


    اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان.


    اللهم من خذلهم فاخذله، ومن أسلمهم فأسلمه إلى نفسه، ومن كادهم فَكِِدْهُ، ومن عاداهم فعادِهِ، ومن تَتَبَّعَ عوراتهم فافضحه على رؤوس الخلائق أجمعين.


    اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك.


    اللهم اقتلهم بددا، وأحصهم عددا، ولا تغادر منهم أحدا.



    التعديل الأخير تم بواسطة أم المجاهدين; الساعة 21-01-2009, 09:20 AM. سبب آخر: تكبير الخط
    أخي لن تنال العلم إلا بستة ******* سأنبيك عن تفاصيلها ببيان
    ذــكاء وحــرص واجتهاد وبلاغة ******* وصحبة استــاذٍ وطــول زمان


  • #2
    رد: الامة بين مجاهد وبكاء ومنافق


    فاللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها وموالها.




    اللهم طهر قلوبنا من النفاق والرياء وسَيِّئ الأخلاق.




    اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان.



    اللهم من خذلهم فاخذله، ومن أسلمهم فأسلمه إلى نفسه، ومن كادهم فَكِِدْهُ، ومن عاداهم فعادِهِ، ومن تَتَبَّعَ عوراتهم فافضحه على رؤوس الخلائق أجمعين.



    اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك.



    اللهم اقتلهم بددا، وأحصهم عددا، ولا تغادر منهم أحدا.



    آمين
    آمين
    آمين
    جزاكِ ربى خيراً أختنا الحبيبه
    اللهم عيّش بطيبة فقد بلغ الشوق مداه
    سبحان الله عدد ماكان وعدد مايكون سبحان الله عددالحركات وعددالسكنات
    سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر
    الحياةُ تستمرُّ رغم مَن فقدنا وما فقدنا، ولن تتوقف دورة الأيام ولو لحظة لتنتظرَنا حتى نألف مصابَنا!

    تعليق


    • #3
      رد: الامة بين مجاهد وبكاء ومنافق

      جزاكم الله خيرا




      "‏لو تأمَّلتَ حالَ مَن سَبق في حَذرِهم من فضول كل أمر: فضولِ النظر، فضول الكلام،... تجلَّت لك أهميَّةُ اصطفاء الواردات، لأنّها حتما إن نُقِّحت فَصفت حَسُنت لك الصادرات.
      وما تفاوت الأقوامُ في إصدارهم=
      إلا بمبدوء النظر في الإيراد."
      ___
      "ومُغَالِبُ العقباتِ حتمًا غالبٌ
      إلَّا إذا اطَّرحَ الثَباتَ وأقصرا".
      Caption

      تعليق

      يعمل...
      X