المشهد الاول..
إختلطت الأصوات .... وتعالت الضحكات في أحد المجالس النسائية
؛ ذلك أن ّ إحداهن ّ تصدّرت المجلس فبدت كمهرِّج :
فلانة ٌ ثوبها مُضحك ..... وذوقها سيء !!
وفلانة ٌ مشيتها كذا وكذا ..... أمّا تأتأة ُ لسانها فهي العجب العُجاب !!
المشهد الثاني :
تجمّع الشباب وصوت ُ قهقهاتهم يهز ّ المكان ..
لاعجب ...
ففي هذا المجلس ( فلان ) المشهور بتقليد الأصوات والحركات :
ففلان الأعرج مشيته كذا .....!
وفلان ٌ الأحمق صوته كذا ....!
وذاك أقرع .وذاك جبان , و .....و .....!!
هذان المشهدان . هما صورة لما يدور في كثير
من مجالس الرجال والنساء ممّن غلبت عليهم الغفلة ،
واستحوذ عليهم الشيطان ، وضعُف في قلوبهم مراقبة الرحمن ...
هؤلاء هم : آكِلُوا لحُوم البشر ...
إنهم : المُغتابُون ...
الذين قال فيهم جل ّ وعلا ( أيُحبُّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا ً فكرهتموه )
فيا أيها المغتاب/ه : هذه همسة ُ مشفِق.. .ونصيحة ُ مُحِب ّ ..
*** أيها المُغتاب/ه : إنِّي أُخاطِب ُ فيك إيمانك بالله القائل جل ّ في علاه
( مايلفظ ُ من قول ٍ إلا ّ لديه رقيب ٌ عتيد )
والقائل ( أم يحسبُون أنّا لانسمع ُ سرّهم ونجواهم . بلى ورُسُلنا لديهم يكتُبُون )
وأُخاطبُك بقول ِ من ْ إرتضيته ُ نبيا ً ورسولا ً
( إن ّ العبد َ ليتكلم بالكلمة ِ ما يتبيّن ما فيها يهوي بها في النار ابعد ما بين المشرق والمغرب )
والقائل لمعاذ بن جبل رضي الله عنه
( وهل يكب الناس ُ في النار ِ على وجوههم إلاّ حصائد َ ألسنتهم ) !
فاتّقِي الله _ أُخي ّ َ و اختي _ ولا تجحد نعمة اللسان والبيان ..
صُن ِ النِّعمة وارعها ....
واشكر من ْ تفضّل ووهب ...
*** أخي اختي_ يا هداك الله _ لاتُرخ ِ العنان َ للِّسان ....
فيسلك بك الشيطان في كل ِّ ميدان ....
ويسوقك إلى شفا جُرُف ٍ هار ٍ إلى أن يضطرك َ إلى البوار ...
قيِّد لسانك بلجام الشرع . ولا تُطلقه ُ إلا ّ فيما ينفعك في الدنيا والآخرة
( فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )
وآتِي للناس الذي تُحب ّ أن يُؤتُوه لك كما قال صلى الله عليه وسلم
( فمن أحب ّ أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأتِه منيته
وهو يُؤمن بالله واليوم الآخر .. وليأت ِ للناس الذي يُحب أن يُؤتَى إليه ) أخرجه مسلم ..
وهاهو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول
( والله الذي لاإله إلا ّ هو ليس شيء أحوج من طول ِ سجن ٍ من لسان ) .
أو َ ما سمعت أخي اختي قول الله عز وجل ّ
( سنكتب ما قالوا ) ؟
سأل سفيان بن عبد الله الثقفي نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم
ما أخوف ما تخاف علي ّ ؟
فأخذ بلسانه وقال : هذا .
بل إن ّ جوارح الإنسان كلها مرتبطة ٌ باللسان في الإستقامة أو الإعوجاج .
قال صلى الله عليه وسلم
( إذا أصبح ابن أدم
فإن ّ الأعضاء كلها تكفر اللسان أي تخضع له فتقول
( إتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا ) .
*** أخي اختي يا من ترجون رضى الرحمن :
أو َ ما تعلم أنك بلسانك تتقرب إلى أرحم الراحمين !.....
أُذكر ربك بلسانك وجنانك تكسب الحسنات والثمرات..... .. وتكُفّه ُ عن الزلاّت .
ثقِّل ميزانك وتحبب إلى الرحمن :
سبحان الله وبحمده . سبحان الله العظيم .
اغرس بساتين في الجنان :
سبحان الله العظيم وبحمده ..
اكسب ألف ٌ من الحسنات في دقائق ولحظات :
سبحان الله ( مئة مرة ) .
تقرّب إلى مولاك واقرأ ( ألم ............... )
ألم تسمع بقول نبيك ( من ْ قرأ حرفا ً من كتاب الله فله به حسنه
. والحسنة ُ بعشر أمثالها . لاأقول : ألم حرف ! . ولكن ألف حرف ..
ولام ٌ حرف .. وميم ٌ حرف )
ومجالات الخير في هذا الباب كثيرة ٌ جدا ً ويكفي ما ذكرته لأِدِّل على المقصود .
*** أخي اختي _ يا هداك الله _ لقد وصف الله المغتاب بأبشع الأوصاف
! وصفه بمن يأكل لحم أخيه ووهو ميت !
قال تعالى
"وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"
ألا وإنِّي مُشفِق ٌ عليك من عذاب الجبار ..
أخي اختي : أرعني سمعك .....
يقول صلى الله عليه وسلم لما عُرِج بي مررت ُ بقوم ٍ لهم
أظفار من نحاس يخمشُون وجوههم وصدورهم .. فقلت ُ : من ْ هؤلاء ِ يا جبريل ؟؟
قال : هؤلاء ِ الذين يأكلون لحوم الناس ويقعُون في أعراضهم ) .!
أخي اختي/ فالأمر ُ جِد ُّ خطِير .
وفي الحديث الذي رواه أبو يعلى عن عمر بإسناد ٍ صحيح ..
حينما اعترف ماعز رضي الله عنه بالزنا ومُثِّل أمام َ
رسول الله صلى الله عليه وسلم يُريد ُ منه أن يُطهِّره ُ
من الذنب بإقامة ِ الحد ّ عليه .. فرُجم َ حتى مات .
فسمِع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين يقول ُ
أحدهما لصاحبه ِ : ألم تر إلى هذا الذي ستر الله عليه
فلم تدعه ُ نفسه ُ حتى رُجِم رجم الكلب !!
ثم سار َ النبي صلى الله عليه وسلم حتى مر ّ بجيفة ِ
حمار فقال : أين فلان ٌ وفلان ؟ إنزلا فكُلا من جيفة ِ هذا الحمار ..!
قال : غفر الله ُ لك يارسول الله .. وهل يُؤكل هذا ؟
قال : فما نلتما من أخيكما آنفا ً أشد ّ أكلا ً منه .
. والذي نفسي بيده إنه ُ الآن في أنهار الجنة ِ ينغمس ُ فيها )
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كنا مع
النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح ٌ منتنه ..
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتدرون ماهذه الريح ؟؟
هذه ريح ُ الذين يغتابُون المؤمنين ) .
*** أخي اختي _ يا غفر الله ُ لك _ ينادي حبيبك صلى الله عليه وسلم فأنصِت :
(( يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ..
لاتغتابوا المسلمين , ولا تتبّعُوا عوراتهم ,
فإنه من ْ تتبّع عورة أخيه المسلم تتبّع الله عورته ..
ومن تتبّع الله عورته يفضحه ُ ولو في جوف ِ بيته )
بِربِّك َ ألا يقشعِر ُّ بدنُك َ لِهول ِ ما سمعت !!!!
ألا تذرف ُ عينيك َ على ما اقترفت !!!!
ألا تُنأدِي مِن أعماق قلبك ِ رباااااه ُ تُبت ُ وأقلعت !!!!
*** أخي اختي يامن ْ سرى حب ّ الإسلام في عروقك :
ينادي ربك ومولاك {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
فأقبِل يُقبِل ُ الله عليك .....أقلع ....
واندم .....
واعزم .....
وتحلّل .....
واستغفر ....
وإليك البشارة
" إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات"
*** أخي اختي _ يارعاك الله _ ختاما ً :
احذر/ي سوء الظن ّ فإنه غيبة ُ القلب ..
واعتزل/ي مجالس الثرثرة .....
وقاطِع/ ي مجالس السخرية , والإستهزاء والإحتقار ..
وتبرأ من مجالس الإفك . ومجالس الطعن ..
وطُوبى لمن كان مفتاحا ً للخير .....
وويل ٌ لمن كانت مفاتيح الشر على يديه ..
هذا والله تعالى أسأل أن يحفظنا وإياكم من كيد الشيطان
ومزالق اللسان . إنه سميع ٌ مجيب ....
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
قد قلت ُ ما قلت إن صوابا ً فمن الله وحده .
وإن خطأ فمن نفسي والشيطان . وأستفغر الله منه ...
مما راق لي..
وجعله الله فائده لي ولكم..
تعليق