كم رفع الإسلام أناساً لم نسمع عنهم من قبل ... وكم زاد الإسلام من مكانه أناس فأضحوا خياراً في الجاهلية وخياراً في الإسلام.. لم يفرق بينهم نساء ورجالاً.. هكذا كانت الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن خلف بن شداد القرشية العدوية.. قيل اسمها ليلى وكانت تكنى بأم سليمان.. ولكنها اشتهرت بالشفاء وربما نالت هذا اللقب بسبب شفاء البعض على يديها بإذن الله. ..
تزوجت الشفاء بنت عبد الله من أبى خثمة بن حذيفة بن عامر القرشي العدوي.. واعتنقت الإسلام في وقت مبكر من بزوغ شمسه.. فصبرت مع المسلمين الأوائل وتحملت أذى قريش وتعنتهم حتى أذن المولى عز وجل للصابرين والصابرات في مكة بالهجرة إلى يثرب فهاجرت معهم.
كانت الشفاء بنت عبدالله العدوية من القلائل الذين عرفوا القراءة والكتابة في الجاهلية وقد حباها الله من فضله عقلاً راجحاً وعلماً نافعاً.. فقد كانت تجيد الرقية منذ الجاهلية.. فلما جاء الإسلام قالت : لا أرقي حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحضرت إليه وقالت : يا رسول الله إني قد كنت أرقي برقي الجاهلية وأردت أن أعرضها عليك ، فقال : اعرضيها ، قالت : فعرضتها عليه وكانت ترقي من النَمِلة [ النملة نوع من التقرحات تصيب الجلد ] فقال : (ارقي بها وعلميها حفصة : باسم الله ، اللهم اكشف البأس رب الناس) ، قال : ( ترقي به على عود كركم وتطليه على النملة).. فاستمرت الشفاء ترقي بها المرضى من المسلمين والمسلمات وعلمتها لأم المؤمنين حفصة .. ويلاحظ هنا أن الشفاء رغم علمها القديم الذي أجادته قبل الإسلام لم تحاول الإفادة منه إلا بعد أن عرفت حكم الشرع فيه.. فلما أجازها النبي عليه السلام خدمت به الناس.. ولم تكتف بهذا بل علمت نساء المسلمين القراءة والكتابة فحق لها أن تكون أول معلمة في الإسلام.
تعليق