إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ
أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ 102-103 سورة آل عمران
امر الله سبحانه عباده ان يتقوه حق تقواه، وان يداوموا على ذلك حتى يلقوه ، ثم ذكر سبحانه لعباده مايعينهم على تحقيق كمال التقوى
وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله وعدم التفرق، قال ابن كثير في تفسيره أمرهم بالجماعة ونهاهم عن الفرقة.
وكون دعوى المؤمنين واحدة مؤتلفين غير مختلفين، فإن في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلافِ قلوبهم؛ يصلُح دينهم، وتصلُح دنياهم،
وبالاجتماع يتمكنون من كل أمر من الأمور، ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لا يمكن عدُّها؛ من التعاون على البر والتقوى،
كما أن بالافتراق والتعادي يختَلُّ نظامُهم، وتنقطع روابطهم، ويصير كلُّ واحد يعمل ويسعى في شهوة نفسه، ولو أدى إلى الضرر العام.
ثم ذكرهم بامتنانه ونعمته عليهم ان جمع كلمتهم ووحد صفوفهم بعد ان كانوا اعداء لبعضهم وهذا كان في زمن الجاهليه وهذا يشبه الى حد كبير
حال المسلمين في هذا الزمن ، فتجدهم متناحرين متعصبين الى احزاب وجماعات بشكل مذموم يعجب منه الفطن اليقظ كل واحد يختار حزب او
جماعه يتعصب اليها ويقتنع بفكرها ولا يحاول حتى ان يتيح الفرصه لنفسه في التفكير فيما يملونه عليه هل هو الصواب الموافق لدينه ام لا فكل
يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد اخبر عليه الصلاة والسلام بافتراق هذه الامة الى فرق كثيرة يكفر بعضها بعضا ويستحل بعضها دم بعض ، وصارت كل فرقة تدعي انها
الفرقة المحقة وان اتباعها هم الناجون ومن سواهم هالك حتى تقطعت الامة وتفرقت فأصل الاختلاف التحزب .
ورد في تفسير الطبري في قوله: كل حزب بما لديهم فرحون يقول : كل فريق من تلك الأمم ، بما اختاروه لأنفسهم من الدين والكتب ، فرحون معجبون به ، لا يرون أن الحق سواه .
وقد ذم الله عز وجل الفرقة في غير ما آية من كتابه جل وعلا كقوله تعالى: { ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾ } البينة4
وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ﴾ الشورى15
وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ الأنعام آية159
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ * فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴾} المؤمنون52 -53
﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ (الأنفال: 46.
وكذلك وردت احاديث في السنة في النهي عن الاختلاف والتحذير منه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لَيَأْتِيَنّ عَلَى أُمّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ
حَذْوَ النّعْلِ بِالنّعْلِ حَتّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمّهُ عَلاَنِيَةً لَكَانَ فِي أُمّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَإِنّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلّةً، وَتَفْتَرِقُ
أُمّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلّةً كُلّهُمْ فِي النّارِ إِلاّ مِلّةً وَاحِدَةً، قَالَ ومَنْ هِيَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي".
وفي صحيح مسلم من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يرضى لكم ثلاثاً ويسخط
لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويسخط لكم
ثلاثاً، قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال)([10]) اهـ
وروى أحمد والترمذي عن الحارث الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (آمركم بخمس: بالجماعة، والسمع
والطاعة، والجهاد في سبيل الله، وأنه من خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، إلا أن يراجع، ومن دعى بدعوى الجاهلية
فهو من جثا جهنم وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم)([11]).
وعن معاوية رضي الله عنه مرفوعاً: (الا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث
وسبعين ملة، ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي الجماعة، وإنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى
الكَلَب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله)([14]).
وعن أبي العالية ـ رحمه الله ـ قال : ((تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم، فإنه الإسلام
ولا تحرفوا يميناً ولا شمالاً، وعليكم بسنة نبيكم وما كان عليه أصحابه... وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء))،
فحدث الحسن بذلك فقال : ((رحمه الله صدق ونصح. خرجه ابن وضاح وغيره([25]) وكان مالك كثيراً ما ينشد:
وخير أمور الدين ما كان سنة ** وشر الأمور المحدثات البدائع
ومما سبق نعلم أن الحزبية بدعة لأن الله عزوجل ساقها مساق الذم في مواضع كثيرة من كتابه، ونهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحذر منها في أحاديث كثيرة، منها ماكتب هنا ومنها مالم يكتب وما توارد عليه كتاب ربنا وسنة نبينا من ذم التفرق والحزبية هو
ماجرى عليه سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة الدين.
قمت بتجميع هذا الموضوع من عده مواضيع من موقع الالوكة ,ومن كتاب مسائل خلافية حار فيها اهل السنه للشيخ على آل محسن مع بعض الاضافات
ارجو الله ان ينفع به
تعليق