يقول الإمام ابن الجوزي في كتابه صيد الخاطر :
رأيت من البلاء أن المؤمن يدعو فلا يجاب ,فيكرر الدعاء وتطول المدة ولا يرى أثرا للإجابة ،فينبغي له أن يعلم أن هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر ،وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب مرض يحتاج إلى طلب ن ولقد عرض لي من هذا الجنس .
فإنه نزلت بي نازلة فدعوت ن فلم أرى الإجابة ،فأخذ إبليس يجول في حلبات كيده .
فتارة يقول :الكلام واسع والبخل معدوم ، فما فائدة تأخير رالجواب ؟
فقلت له :اخسأ يا لعين ، فما أحتاج إلى تقاضي ، وما أرضاك وكيلا
ثم عدت إلى نفسي فقلت :إياك ومساكنة وسوسته ،فإنه لو لم يكن في تأخير الإجابة إلا أن يبلوك المقدر في محاربة العدو لكفى في الحكمة قالت :فسلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة .فقلت :قد ثبت بالبرهان أن الله عز وجل مالك ،وللمالك التصرف بالمنع والعطاء فلا وجه للاعتراض عليه.
والثاني : أنه قد ثبتت حكمته بالأدلة القاطعة ،فربما رأيت الشيءمصلحة والحكمة لا تقتضيه ،وقد يخفى وجه الحكمة فيما يفعله الطبيب نمن أشياء تؤذي في الظاهر يقصد بها المصلحة ،فلعل هذا من ذاك.
والثالث : أنه قد يكون التأخير مصلحة ، والاستعجال مضرة ،وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يزال العبد في خير ما لم يستعجل ،يقول دعوت فلم يستجب لي )حسن رواه الطبراني في الأوسط.
الرابع : أنه قد يكون امتناع الإجابة لآفة فيك فربما يكون في مأكولك شبهة أو قلبك وقت الدعاء في غفلة ، أو تزاد عقوبتك في منع حاجتك لذنب ما صدقت في التوبة منه .
الخامس: أنه ينبغي أن يقع البحث عن مقصودك بهذا المطلوب ن فربما كان في حصوله زيادة إثم ن أو تأخير عن مرتبة خير ،فكان المنع أصلح .
والسادس:أنه ربما كان فقد ما فقدته سببا للوقوف على الباب واللجأ، وحصوله سببا للشتغال بع عن المسئول. وهذا الظاهر بدليل أنه لولا المسألة ما رأيناك على باب اللجأ
تعليق