[FONT="Arial"]أم الشهداء وليالي الفلوجه.............(قصة أم مؤمنة)
أخيرًا نجح الفريق من العثور على الحاجة ز . م أو التي تسمى بأم الشهداء التي تداول قصتها الصغير قبل الكبير وما فعلته في معركة الفلوجة الثانية.
بعد بحث دام عنها قرابة الشهرين لم يبقَ شيخ أو مختار محلة لم نسأله عن أم الشهداء، حيث كانت إجاباتهم بأنها اختفت أو أنها ماتت أو أنها سافرت عند ابنتها في قرية قرب الفلوجة.
أم الشهداء البالغة من العمر 62 عامًا أم لثلاثة أبناء كلهم استشهدوا في معركة الفلوجة الثانية أحمد ومهيب وعمر. ,,
تسكن الآن وحيدة في بيت صغير في الفلوجة وتجني قوتها من عرق جبينها على الرغم من كبر سنها حيث تعمل على صنع المكانس وتبيعها لأهل المنطقة مقابل قليل من المال تشتري به ما يسد قوة يومها،,,
رافضة كل المساعدات التي عرضها عليها التجار والميسورون من أهل الفلوجة،,,
لقد عرفت في الفلوجة بأنها صاحبة دعوة مستجابة، ولهذا يأتي يوميًا العديد من الناس إلى أم الشهداء طالبين منها الدعاء لهم خاصة النساء اللاتي أشرفن على الإنجاب أو الذين ينون السفر أو المرضى وحتى بعض رجال المقاومة،,,
يأتون إليها قبل كل عملية لهم يطلبون منها الدعاء بأن يسدد الله رميهم ويحفظهم,,
.
دخلنا إلى منزلها الصغير وكانت تخصف المكانس في حديقة المنزل يحيط بها من كل جانب سعف النخيل الأخضر مع خمس دجاجات تربيها في باحة منزلها الصغير..
ودخلنا إلى الدار
_ السلام عليكم يا خالة.
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الله حَيّهم وِلْدِي تفضلوا.
دخلنا إلى الدار وجلسنا إلى مندل بساط من الصوف،
فتركت ما بيدها وتفرغت لنا بعد أن شاهدت الكاميرا ودفترًا صغيرًا نحمله معنا.
_ تفضل ولدي أي خدمة
_ نحن يا خالة ونريد منك أن تتكلمي معنا عن قصتك في الفلوجة أثناء معركتها الثانية إذا لم يكن هناك مانع.
-تضحك أم الشهداء وتقول والله يابن الحلال ماني عارفة على إيش تتحدث لكن تفضلوا اسألوا وآني أجيبكم إن شاء الله.
_ نريد أن تحدثينا عن أم الشهداء في معركة الفلوجة الثانية،
وهنا حرك المراسل العدسة عفويًا ولم يكن قصده تصوير أم الشهداء,,
فقالت : والله يا ابني أنا لا أحب هذه الصور فهي حرام وأنا أمكم امرأة مستورة وعلى الرغم من كبر سني إلا أنني أبقى امرأة ولا يجوز لي ما حرمه الله على النساء.
أما عن قصتي فهناك العشرات مثلي في هذه المدينة إلا أني كنت أكبرهن مصابًا فقد فقدت أبنائي الثلاثة أحسبهم عند الله شهداء.
وهنا تسرد الحاجة زكية أم الشهداء قصتها وتقول:
أنا عجوز فلوجيه أيقنت أن الله حق فامتحنها الله ولا يزال ...وأرجو منه أن يوفقني في اجتياز الامتحان فقد تعبت كثيرًا والله.
توفي زوجي قبل عشر سنوات ـ ونعم الزوج رحمه الله ـ ورزقني الله بثلاثة أبناء وبنتًا واحدة هم أحمد ومهيب وعمر وخلود ,,
وكان أكبر أولادي أحمد عمره 35 عامًا ثم خلود ومهيب وأصغرهم عمر،,,
عكفت أنا وأبوهم على تربيتهم وحمايتهم ورعايتهم وكان أبوهم ـ الله يسكنه الجنة ـ يعلمهم ويوجههم حتى كبروا وصاروا خريجي كليات والتزموا المساجد منذ صغرهم حتى موتهم,,
وانضموا إلى فصائل المجاهدين في الفلوجة بعد الاحتلال.
هذا عن عائلتي أما عن الفلوجة وبداياتها فهي طويلة سأختصر لك الكلام لأني صائمة وعندي عمل كثير في البيت وهناك ناس دفعوا لي المال كي أخصف لهم المكانس. ....
قبل معركة الفلوجة الثانية بأسبوع واحد كنت أجلس مع أحمد ومهيب وعمر أولادي رحمهم الله في منزلنا القديم في حي الشهداء يشربون الشاي عصرًا معي،,,
وهم يحاولون طيلة جلوسنا أن يقنعوني بالذهاب إلى بيت أختهم في قرية خارج الفلوجة خوفًا علي من المعركة، وكان الأمريكان والشيعة والأكراد يتجمعون مثل الجراد حول بوابات الفلوجة الأربع...
.
إلا أني رفضت ذلك وتوسلوا بي كثيرًا ـ رحمهم الله ـ على الخروج خاصة عمر وهو أصغر أبنائي كان يقول لي : يا أمي اطلعي من الفلوجة وخلينا نقاتل وإحنا قلوبنا مطمئنة من جانبك اطلعي تراني أجيب سيارة بيك أب وحطك بيها وطلعك بالقوة,, وكان يمازحني رحمه الله ، كما أنه كان كثير المرح يحبونه كل أصدقائه لخفة دمه حتى أنه يسميني حجي وليس حجية ويقول لي: إن شجاعتك هذه للرجال مو للنساء........
ومع إصرار الثلاثة إلا أنني رفضت طلبهم وقلت لهم : أبقى أطبخ لكم الطعام ولجماعتكم وأداوي جرحاكم ما أطلع من الفلوجة ما دام أنتم بها ,,,، والله ما أقد ر أخلي قلبي في الفلوجة وأطلع منها،,,,
ومع إصراري تركوني على ما أريد ـ رحمهم الله ـ وكان القرار النهائي لي ولهم هو البقاء في الفلوجة حتى نهاية المعركة إما النصر أو الشهادة والحمد لله نال أبنائي الشهادة. ,,,,,
كان أحمد وعمر ومهيب فصائل مختلفة وكانوا يتحدثون فيما بينهم عن خطة تبقيهم على اتصال أثناء المعركة ، وكنت أسمع حوارهم بشوق ، وأنا أتخيلهم كيف كانوا صغارًا وكيف كان أبوهم في الحياة يحملهم ويلاعبهم وكيف كبروا ,,، وكيف صاروا في المدارس ,,، وكيف أصبحت لهم لحى وشوارب ,,، حتى أنني كنت أتذكر كل واحد منهم كيف خطا أول خطوة في حياته ,,,، وأتذكر يوم فرحي بممشاهم وكيف ظهرت أسنانهم وأحط يدي بها حتى يعضوها ,,، وأنا أضحك عليهم وكيف كان يومهم الأول في المدرسة ومعهم حقائبهم الصغار. ,,,,,
كنت أبكي سرًا عليهم دون أن يعلموا لكي لا ينهاروا لأني كنت متأكدة أنهم سيقتلون في تلك المعركة وجيبوا لي أم تتخيل أولادها كلهم يقتلون إيش تسوي ؟؟؟؟ لكني كنت أدعو الله أن يأخذ روحي أيضًا فيها حتى لا أذوق لوعتهم وحسرتي عليهم ,,,,.
وهنا تبكي أم الشهداء بكاء بمرارة بدون صوت والحقيقة فقد بكينا كلنا معها,,,
وفجأة نهضت وقالت : أمهلوني أروح أشوف شوربة العدس أخاف لسعته النار واحترقت ,,,,
إلا أنها في الحقيقة لم تذهب إلى المطبخ فقد كنا نسمع بكاءها في غرفة مقابل شباكها للحديقة ,,,، بكاء يختلف عن بكاء النساء المبتليات صاحبة دعاء تفوهت به تلك العجوز. .....
حيث قالت : يا رب الملوك والرؤساء يأتون إليهم الناس فلا يردونهم ويلبون مطالبهم حتى إن كانوا محكومين بالإعدام فكيف بك يا رب وأنت ملك الملوك أقف الآن على بابك وأطلب منك أن تقبض روحي فإني اشتقت إلى أولادي وزوجي ولم يعد لي بهذا الدنيا أحد، يا ربي لا تردني مسكينة وأرملة وميت أولادها يا رب أنت قادر فلا تخيبني........
بعد دقائق عادت أم الشهداء إلينا وكانت عيونها محمرة من البكاء وجاءت تمشي متكأة على عكاز لم تكن تحمله في بداية مشاهدتنا لها ويبدو أن جسمها انهار بعد البكاء مع ما فيها من ضعف وقالت بتلطف : الغاز اتحطه منا على الطباخ هو يخلص منا, بيوم واحد أكيد يغشون الغاز ويبيعوه لنا بسعر غالٍ الله يسامحهم. ,,,,
ولم تعلم المسكينة أننا كنا نسمع بكاءها ودعاءها,,,[/FONT]
أخيرًا نجح الفريق من العثور على الحاجة ز . م أو التي تسمى بأم الشهداء التي تداول قصتها الصغير قبل الكبير وما فعلته في معركة الفلوجة الثانية.
بعد بحث دام عنها قرابة الشهرين لم يبقَ شيخ أو مختار محلة لم نسأله عن أم الشهداء، حيث كانت إجاباتهم بأنها اختفت أو أنها ماتت أو أنها سافرت عند ابنتها في قرية قرب الفلوجة.
أم الشهداء البالغة من العمر 62 عامًا أم لثلاثة أبناء كلهم استشهدوا في معركة الفلوجة الثانية أحمد ومهيب وعمر. ,,
تسكن الآن وحيدة في بيت صغير في الفلوجة وتجني قوتها من عرق جبينها على الرغم من كبر سنها حيث تعمل على صنع المكانس وتبيعها لأهل المنطقة مقابل قليل من المال تشتري به ما يسد قوة يومها،,,
رافضة كل المساعدات التي عرضها عليها التجار والميسورون من أهل الفلوجة،,,
لقد عرفت في الفلوجة بأنها صاحبة دعوة مستجابة، ولهذا يأتي يوميًا العديد من الناس إلى أم الشهداء طالبين منها الدعاء لهم خاصة النساء اللاتي أشرفن على الإنجاب أو الذين ينون السفر أو المرضى وحتى بعض رجال المقاومة،,,
يأتون إليها قبل كل عملية لهم يطلبون منها الدعاء بأن يسدد الله رميهم ويحفظهم,,
.
دخلنا إلى منزلها الصغير وكانت تخصف المكانس في حديقة المنزل يحيط بها من كل جانب سعف النخيل الأخضر مع خمس دجاجات تربيها في باحة منزلها الصغير..
ودخلنا إلى الدار
_ السلام عليكم يا خالة.
_ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الله حَيّهم وِلْدِي تفضلوا.
دخلنا إلى الدار وجلسنا إلى مندل بساط من الصوف،
فتركت ما بيدها وتفرغت لنا بعد أن شاهدت الكاميرا ودفترًا صغيرًا نحمله معنا.
_ تفضل ولدي أي خدمة
_ نحن يا خالة ونريد منك أن تتكلمي معنا عن قصتك في الفلوجة أثناء معركتها الثانية إذا لم يكن هناك مانع.
-تضحك أم الشهداء وتقول والله يابن الحلال ماني عارفة على إيش تتحدث لكن تفضلوا اسألوا وآني أجيبكم إن شاء الله.
_ نريد أن تحدثينا عن أم الشهداء في معركة الفلوجة الثانية،
وهنا حرك المراسل العدسة عفويًا ولم يكن قصده تصوير أم الشهداء,,
فقالت : والله يا ابني أنا لا أحب هذه الصور فهي حرام وأنا أمكم امرأة مستورة وعلى الرغم من كبر سني إلا أنني أبقى امرأة ولا يجوز لي ما حرمه الله على النساء.
أما عن قصتي فهناك العشرات مثلي في هذه المدينة إلا أني كنت أكبرهن مصابًا فقد فقدت أبنائي الثلاثة أحسبهم عند الله شهداء.
وهنا تسرد الحاجة زكية أم الشهداء قصتها وتقول:
أنا عجوز فلوجيه أيقنت أن الله حق فامتحنها الله ولا يزال ...وأرجو منه أن يوفقني في اجتياز الامتحان فقد تعبت كثيرًا والله.
توفي زوجي قبل عشر سنوات ـ ونعم الزوج رحمه الله ـ ورزقني الله بثلاثة أبناء وبنتًا واحدة هم أحمد ومهيب وعمر وخلود ,,
وكان أكبر أولادي أحمد عمره 35 عامًا ثم خلود ومهيب وأصغرهم عمر،,,
عكفت أنا وأبوهم على تربيتهم وحمايتهم ورعايتهم وكان أبوهم ـ الله يسكنه الجنة ـ يعلمهم ويوجههم حتى كبروا وصاروا خريجي كليات والتزموا المساجد منذ صغرهم حتى موتهم,,
وانضموا إلى فصائل المجاهدين في الفلوجة بعد الاحتلال.
هذا عن عائلتي أما عن الفلوجة وبداياتها فهي طويلة سأختصر لك الكلام لأني صائمة وعندي عمل كثير في البيت وهناك ناس دفعوا لي المال كي أخصف لهم المكانس. ....
قبل معركة الفلوجة الثانية بأسبوع واحد كنت أجلس مع أحمد ومهيب وعمر أولادي رحمهم الله في منزلنا القديم في حي الشهداء يشربون الشاي عصرًا معي،,,
وهم يحاولون طيلة جلوسنا أن يقنعوني بالذهاب إلى بيت أختهم في قرية خارج الفلوجة خوفًا علي من المعركة، وكان الأمريكان والشيعة والأكراد يتجمعون مثل الجراد حول بوابات الفلوجة الأربع...
.
إلا أني رفضت ذلك وتوسلوا بي كثيرًا ـ رحمهم الله ـ على الخروج خاصة عمر وهو أصغر أبنائي كان يقول لي : يا أمي اطلعي من الفلوجة وخلينا نقاتل وإحنا قلوبنا مطمئنة من جانبك اطلعي تراني أجيب سيارة بيك أب وحطك بيها وطلعك بالقوة,, وكان يمازحني رحمه الله ، كما أنه كان كثير المرح يحبونه كل أصدقائه لخفة دمه حتى أنه يسميني حجي وليس حجية ويقول لي: إن شجاعتك هذه للرجال مو للنساء........
ومع إصرار الثلاثة إلا أنني رفضت طلبهم وقلت لهم : أبقى أطبخ لكم الطعام ولجماعتكم وأداوي جرحاكم ما أطلع من الفلوجة ما دام أنتم بها ,,,، والله ما أقد ر أخلي قلبي في الفلوجة وأطلع منها،,,,
ومع إصراري تركوني على ما أريد ـ رحمهم الله ـ وكان القرار النهائي لي ولهم هو البقاء في الفلوجة حتى نهاية المعركة إما النصر أو الشهادة والحمد لله نال أبنائي الشهادة. ,,,,,
كان أحمد وعمر ومهيب فصائل مختلفة وكانوا يتحدثون فيما بينهم عن خطة تبقيهم على اتصال أثناء المعركة ، وكنت أسمع حوارهم بشوق ، وأنا أتخيلهم كيف كانوا صغارًا وكيف كان أبوهم في الحياة يحملهم ويلاعبهم وكيف كبروا ,,، وكيف صاروا في المدارس ,,، وكيف أصبحت لهم لحى وشوارب ,,، حتى أنني كنت أتذكر كل واحد منهم كيف خطا أول خطوة في حياته ,,,، وأتذكر يوم فرحي بممشاهم وكيف ظهرت أسنانهم وأحط يدي بها حتى يعضوها ,,، وأنا أضحك عليهم وكيف كان يومهم الأول في المدرسة ومعهم حقائبهم الصغار. ,,,,,
كنت أبكي سرًا عليهم دون أن يعلموا لكي لا ينهاروا لأني كنت متأكدة أنهم سيقتلون في تلك المعركة وجيبوا لي أم تتخيل أولادها كلهم يقتلون إيش تسوي ؟؟؟؟ لكني كنت أدعو الله أن يأخذ روحي أيضًا فيها حتى لا أذوق لوعتهم وحسرتي عليهم ,,,,.
وهنا تبكي أم الشهداء بكاء بمرارة بدون صوت والحقيقة فقد بكينا كلنا معها,,,
وفجأة نهضت وقالت : أمهلوني أروح أشوف شوربة العدس أخاف لسعته النار واحترقت ,,,,
إلا أنها في الحقيقة لم تذهب إلى المطبخ فقد كنا نسمع بكاءها في غرفة مقابل شباكها للحديقة ,,,، بكاء يختلف عن بكاء النساء المبتليات صاحبة دعاء تفوهت به تلك العجوز. .....
حيث قالت : يا رب الملوك والرؤساء يأتون إليهم الناس فلا يردونهم ويلبون مطالبهم حتى إن كانوا محكومين بالإعدام فكيف بك يا رب وأنت ملك الملوك أقف الآن على بابك وأطلب منك أن تقبض روحي فإني اشتقت إلى أولادي وزوجي ولم يعد لي بهذا الدنيا أحد، يا ربي لا تردني مسكينة وأرملة وميت أولادها يا رب أنت قادر فلا تخيبني........
بعد دقائق عادت أم الشهداء إلينا وكانت عيونها محمرة من البكاء وجاءت تمشي متكأة على عكاز لم تكن تحمله في بداية مشاهدتنا لها ويبدو أن جسمها انهار بعد البكاء مع ما فيها من ضعف وقالت بتلطف : الغاز اتحطه منا على الطباخ هو يخلص منا, بيوم واحد أكيد يغشون الغاز ويبيعوه لنا بسعر غالٍ الله يسامحهم. ,,,,
ولم تعلم المسكينة أننا كنا نسمع بكاءها ودعاءها,,,[/FONT]
تعليق