

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد خير خلق الله
صلى الله عليه وسلم
إخوتي.....
هناك من يعيش فى هموم وأحزان فأودى به إلى أن انجرف وراء الشهوات فصاحب رفيق السوء فأثّر عليه وعلى دينه وخلقه
وهناك من يذهب عنه همومه وأحزانه ويعيش في سرور وسعادة وطيب القلب واللسان وكلامه مليء بذكر الله هذا بسبب اختياره للرفيق الصالح
ماهو الرفيق الذي ينبغي اختياااره ؟؟
تأملي معي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
(( مَثَلُ الجليسِ الصَّالحِ والسَّوءِ ، كحاملِ المسكِ ونافخِ الكيرِ ، فحاملُ المسكِ : إمَّا أن يُحذِيَكَ ، وإمَّا أن تبتاعَ منهُ ، وإمَّا أن تجدَ منهُ ريحًا طيِّبةً ، ونافخُ الكيرِ : إمَّا أن يحرِقَ ثيابَكَ ، وإمَّا أن تجدَ ريحًا خبيثةً ))



وهناك صفات ينبغي أن تكون في هذا الصديق الصدوق ... رفيق الدرب
ومنها :.
أن يكون صالحا ينتفع المرء بصحبته
ويقتبس من أخلاقه
وتأوي إليها في الشدائد
صديقتي هى التي تساعدني وأعتمد عليها وقت الشدائدِ
تقبل اعتذاري عند قول الأخطاءِ
تنصحني سراً متمثلة بالطيبِ
تستر عيوبي ولا تفشي أسرارِي
جليسها هو القرآنِ
وحبي لها في الله بالأخلاق حبٌُ باقِ
عسا الله لايفرقنا ويجمعنا في جناتهِ

وقد قال رجل لداود الطائي :
(( اصحب أهل التقوى فإنهم أيسر أهل الدنيا عليك مؤنة وأكثرهم لك معونة
إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم فلا تصحب الأردى فتردى مع الردى
))
وقال صلى الله عليه وسلم
(( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ))
نحن في أمسّ الحاجة إلى الحب في الله
لا من أجل أن يحمل عنا ومعنا هموم ومتابع الدنيا فقط بل حتى نستريح هنالك ونظلّ فى يوم تشتدّ فيه الحرارة الحارقة
نعم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إنَّ الله - جلَّ جلالُه - يقول يوم القيامة: أين المتحابُّون بجلالي؟ اليوم أظلُّهم في ظلِّي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي)).
"أين المتحابُّون بجلالي"
الذين تآخوا محبَّةً في الله، ورغبةً في الله، لم تُقرِّب بينهم أموالٌ، لم تُقرِّب بينهم أنساب، وإنما حب هذا لهذا لا لغرضٍ من الدنيا؛ وإنما لله جلَّ جلاله.
وهذا هو الذي دَلَّ عليه الحديث الآخَر المتفق على صحَّته المشهور
((سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله))، وذكر منهم: ((رجلان تحابَّا في الله، اجتَمَعا عليه وتفرَّقا عليه)).
فهذه نصوص تدلُّ على عظم شأن المحبَّة في الله






يقول محمد بن المنكدر لَمَّا سُئِل: ما بقي من لذَّته في هذه الحياة؟
قال: "لقاء الإخوان، وإدخال السرور عليهم".
وقال الحسن: "إخواننا أحبُّ إلينا من أهلينا؛ إخواننا يُذكِّروننا بالآخرة، وأهلونا يُذكِّروننا بالدنيا".
وسُئِل سفيان: ما ماء العيش؟ قال: "لقاء الإخوان".
وقيل: "حلية المرء كثرة إخوانه".
وقال خالد بن صفوان: "إنَّ أعجز الناس مَن يُقصِّر في طلب الإخوان، وأعجز منهم َن ضيَّع مَن ظفر بهم".
رُوِي أنَّ رجلاً جاء إلى أبي هريرة فقال: إني أريد أن أواخيك في الله، فقال:أتدري ما حقُّ الإخاء في الله؟ قال له: عرفني! قال: ألاَّ تكون أحق بدينارك ودرهمك منِّي!
فقال الرجل: لم أبلغ هذه المنزلة بعدُ، فقال أبو هريرة - رضِي الله عنه -: فدعك عنِّي.



وهكذا، فإنَّ أمثلة الإخاء في الله المشرقة لا تُعَدُّ ولا تُحصَى
هل تريدين أن يحبك الله ؟! ... إذن عليكِ بالحب في الله
تأملي هذا الحديث الجليل
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال
((أنَّ رجلاً زار أخًا له في قريةٍ أخرى، فأرصد الله له على مَدرَجَتِه ملَكًا، فلمَّا أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية، قال: هل لك عليه من نعمةٍ تربُّها؟ قال: لا، غير أنِّي أحبَبتُه في الله - عز وجل - قال: فإنِّي رسولُ الله إليك بأنَّ الله قد أحبَّك كما أحببتَه فيه))؛
بل أبشري ...!
وقال صلى الله عليه وسلم
((قال الله عز وجل المتحابُّون في جلالي لهم منابرُ من نورٍ، يغبطهم النبيُّون والشهداء))
بعد كل هذا
دعونا نتعرف على أهمية الأخوة ولماذا الأخوة ؟؟!
وهي لأسباب منها :.
أولاً: لإقامة كيان الأمة الإسلامية
سبيلنا لإقامة كيان الأمة يبدأ من قلوب المؤمنين المتحابة في الله جل وعلا ، فلا بدَّ من تجريد المحبة الفينة بعد الفينة، فإنكم لا تؤمنون حتى تحابوا.
كان عُمر _رضي الله عنه_ يقول: (( إنَّه ليمر بخاطري الرجل من إخواني وأنا في الليل فأقوم لأدعوَ الله وأقول: يا طولها من ليلة، فإذا أصبحت بادرته فالتزمته !! )).
فأين بالله عليكم هذه الروح بيننا الآن ؟!!
(2) لتمحيص عيوبنا في مرآته
فالمؤمن مرآة أخيه ، فإذا رأى أحدكم بأخيه أذى فليمط عنه ، فأنت ترى من أخيك ما ربَّما لا يراه هو من نفسه ، كما يُرسم في المرآة ما هو مختفٍ عن المرء فيراه إذا نظر فيها، وإنما يعلم الشخص عيب نفسه بإعلام أخيه كما يعلم خلل وجهه بالنظر في المرآة.
وما أسْمَى أن تدل أخاك على عيبه أو تدعو الله أن يُخْليه من هذه العيوب !! وما أجمل أن تلتمس من الدّعاء لأخيك قبل أن تواجهه بعيبه !!
وأن تحتال بكل حيلة كي تتقي أن تُصارحه فيخجل منك أو تأخذه العزة ، ولك هنا في ضرب الأمثلة والتعريض أبوابًا متسعة ، فلا تضيق صدر أخيك بالمواجهة المباشرة ، اللهمَّ إلا إذا كنت تعرف أنَّ دلالتك إياه بمواطن عيوبه لا تزعجه ، بل هو ممن يرى أنَّ خير الناس إليه من يهدى إليه عيوبه
(3) معالجة الفتور الذي يفت في عضد التزامنا
إن افتقاد الحدب الأخوي من أخطر الأسباب لهذه الظاهرة، فإنَّ وجود المعين على الطاعة صار من النّدرة بحيث عَزَّ التماسه، وما ذاك إلا لغياب الأخوة الإيمانية التي في ظلها تتلاقى القلوب على طاعة الله ، يعين الأخ أخاه ، يأخذ بيده إذا تعثر، إذا غاب عن المسجد مرة هبَّ إليه ، وَجلاً عليه ، ملتمسًا له الأعذار، له من باب "لعل" عذار، لا يهدأ له بالٌ لا يعرف القَرار، ولا تعطله "سوف" ولا يوقفه انتظار، يحدوه نحوه سابق العهد والجوار، فما تراه إلا جنب صاحبه لا يشعر بتباعد الديار، فكل مكان لا أخ لك فيه بوار، وكل نعيم تألفه وحيداً فهو نار، فالحذار الحذار
(4) لرأب صدع الخلاف الذي حَطَّ من صحوتنا
إنَّ الخلافات التي تحدث بين الملتزمين ينبغي أن تتلاشى في بوتقة الحب في الله، وإلا فليتهم كلُ منّا نفسه، ويحاول أن يجرد الإخلاص في علاقاته بإخوانه من جديد
(5) للتخفيف من وحشة الغُربة
فآهٍ من وحشة الغربة وسقم القلوب وعلة الأبدان
فكيف بالله ترضوا أن تروا أخاكم قد أضناه لهيب الهاجرة فلا تعودونه، لا تخففون من شدة وطأة الظلم عليه، فكيف وأنتم رفاق الدرب، والمآل واحد ألا تتعاونون، أَوَ ليس حري بكم أن تتحابوا وتتصافوا وتكونوا عباد الله إخوانًا.

(6) لاقتفاء أثر البقية الباقية قبل أن تغرق السفينة
هذه فائدة مرافقة الصالحين ، بل إنَّ مؤاخاة هؤلاء وحبهم في الله يثمر ثمرة عظيمة هي أن يجمعك الله بهم في الجنة، وربما يكون ذلك سبب دخولك الجنة وإعلاء درجتك فيها لقوله "المرء مع من أحب".
وحين تشارك هؤلاء العلم الصالح يهون عليك ما يثبطك عنه الشيطان وتنفرك نفسك من فعله، فتعتاد الصيام والقيام وتلاوة القرآن والعمل لدين الله تعالى، وتعظم أوامر الله ونواهيه، وتتخلق بأخلاق الصالحين من التواضع ورؤية النفس بعين الجناية والانكسار بين يدي الله جل وعلا ، وهكذا لا تعدم خيرًا في اقتفاء أثرهم والسير في دروبهم والجلوس معهم
(7) إحياء السنن الموات
من السُّنن التي تكاد تكون قد أميتت سُنَّة النتاصح في الله ، حدث هذا بسبب عدم تآلف القلوب ، فلم تعدْ تقبل مني نصيحة في الله لأنني قد أكون مخالفًا لك في مسألة أو في اتجاه، أمَّا عامة الناس فقد بثوا فيهم سموم الشبهات، وخدعوهم بشعارات الحُرية التي هي في واقع الأمر عبودية للدنيا وذل لأصحابها، لكن القوم مُكِر بهم فإذا نصحت أحدهم في الله قال لك بملء الفم: أنا حرٌ مَالَك بي، مع أنه لو أمعن النظر لعلم أنَّ الذي ينصحه في الله لا يبغي منه شيئًا بل يريد في أفضل حال يريد مصلحته ولكن أكثر النَّاس لا يعلمون
(8) شد الأزر وتقوية العزم:
لمثل هذا نحتاج الآن نحتاج الوزير الذي يشاركنا في حمل العبء ، ونحتاج لمن يشد أزرنا، ويأخذ بأيدينا ويثير فينا بواعث الشوق فيتقوى به العزم ، نحتاج لمن ينافسنا في طاعة الله تعالى فيزداد المرء إيمانًا وإكثارًا من الطاعات واشتغالاً بالفاضل عن المفضول، إنَّ مثل هذا المناخ يفرز جيلاً صالحًا، لعله يكون جيل التمكين الذي مازلنا نتلمس وجوده.

إخوتاه ..
كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله فقال: تعال نؤمن ساعة .
وأورد البخاري معلقًا بلفظ الترجمة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنَّه كان يقول: اجلسوا نؤمن ساعة أو بنا نؤمن ساعة.
فهيا بنا نؤمن ساعة ، لماذا لا تشيع هذه السنة المباركة بيننا الآن فيأتي الأخ لأخيه يدعوه لطاعة الله تعالى يأخذه إلى مجلس علم أو حلقة قرآن أو يتنافس معه في الصيام والقيام وتلاوة القرآن فإنَّ هذا باعث على تقوية العزم ؛ ولذلك قال تعالى: " وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ " [المطففين/26]
ثمراااااااات الأخوة



إلي فريق صَادق فهوى وأسقطه أصدقاؤه في الوحل بعد أن كان "مشروع " نجم في السماء إلى فريق آخر صادق فسما وارتفع بعد أن تمرغت أنفه كثيرا في التراب
الصديق طريق .... فاختره جيدا
وقد أوضح القرآن الكريم و السنة النبوية فضل الإخوة في الله وثمرتها اليانعة
ومن ثمار الأخوة والمحبة في الله :
( 1 ) أن يتذوق حلاوة الإيمان فيحيا حياة السعداء
فمن أراد أن يشعر بحلاوة الإيمان، ولذة المجاهدة للهوى والشيطان فإن الحب في الله هو السبيل
عن أَنسٍ رضي اللَّه عنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيَمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا ، سِواهُما ، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إِلاَّ للَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَه أَنْ يَعُودَ في الكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النَّارِ » متفقٌ عليه .
( 2 ) أن يحيطه الله تعالى برحمته، ويقيه عاديات وشدائد يوم القيامة
قال صلى الله عليه وسلم: " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " .
فمن أدى حقوق الأخوة أحاطه الله بعنايته ورعايته
(3) الأمن من الوقوع في الشرك
فلا يتسرب إلى من يحب في الله الإشراك بالله جل وعلا، فلا يقع في الشرك _ أعني شرك الأنداد_ فالموحد هو الذي يحب لله، فحبه لك نابع من حبه لله، من طاعتك لله، فإذا عصيت الله أبغضك في الله، وبذلك ينضبط التوحيد في قلبك، وهذا هو حقيقة " الولاء والبراء"، وهذا من أغلى الثمرات وأعظمها " ثمرة التوحيد".
(4) نيل الأمن والسرور وأن يظله الله بظله يوم القيامة:
أحبتي تخيلوا معي الناس جميعا واقفون في الحر يوم القيامة والشمس شديدة في حرارتها واقتربت من الرؤوس والعرق والتعب والنصب والانتظار سنين طويلة لكن هناك سبعة أصناف من الناس يقفون لا في ظل شجرة ولكن في ظل عرش الرحمن منهم ورَجُلان تَحَابَّا في اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ ، وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ
هذا المعنى حُرم منه كثير من الناس وهو تجمعهم لطاعة ربنا ويوم يتفرقون فهم يتفرقون وكلاهما يوصي الآخر بطاعة ربنا ..... كيف سنستيقظ لصلاة الفجر من سيتصل بالآخر ..... أحدهما يقول للآخر لا تنسى أن تصلي اليوم ركعتين ..... احذر الذنب الفلاني ....
هذه هي الأخوة في الله وهذا هو الحب في الله .
(5) أن يرزق العبد محبة الله :
قال الله تعالى في الحديث القدسي : "وجبت محبتي للمتحابين فيّ "
( 6) صفاء السريرة ونقاء القلب:
قال صلى الله عليه وسلم: " من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله فقد استكمل الإيمان ".

(7) بذل النصيحة والمشورة بين الأخوة :
فالنصيحة عماد الدين وقوامه ، وهي من أجل العبادات وأفضل القربات ، ويجب أن تكون بأسلوب حكيم فيه إظهار الخير والمحبة للمنصوح، وإن أعظم أنواع النصيحة الحث على التمسك بالتوحيد والثبات عليه، والتزام المنهج الحق والعمل بالسنة وبالهدي النبوي، فالواجب على الناس عامة و الأخوين في الله خاصة بذلها فيما بينهم.
(8) الدعاء للإخوان بخير في حياتهم و شهود جنازتهم والدعاء لهم:
والمرء يفضل على صاحبه بمقدار ما يكنه له من المحبة والمودة والإخاء ، قال
صلى الله عليه وسلم : (( ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه ))
فهذه أيها الأحبة أهم الثمار النافعة التي يجب أن تقطف من شجرة الأخوة في الله
فعلينا أن ننظر هل قطفناها أم لا؟
أو أنها لم تنضج بعد!
و إذا كان كذلك فلنراجع أنفسنا ونسقيِّها من جديد بالإخلاص لله جل جلاله و دعاءه و بذل الأسباب التي بعون الله تجعلها ناضجة ، لنقطفها و نحمد الله على هذه النعمة .

دعوة للتفكّر ...!

مَن الذي أعانك على الالتزام والدخول في عالم الهداية؟
مَن الذي يُثبِّتك على طريق الاستقامة في خضمِّ هذه الفتن؟
مَن الذي تبثُّ إليه همومك؟
مَن الذي يقف معك عند النكبات والأزمات؟
إذًا كيف يَطِيبُ لعاقلٍ أنْ يقطع أواصر الأخوَّة والمحبَّة، ليعيش حياة الهموم والغموم، بعيدًا عن فضائل الأخوَّة والمحبَّة في الله ونتائجها العظيمة؟!
كيف نعمّق أواصر الأخوة


1. حسن الظن وقبول الظاهر
يقول الله تعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )) سورة الحجرات
الأصل فى الإسلام أن نحسن الظن بالآخرين وأن نسيء الظن بأنفسنا ولكن الحاصل هذه الأيام أننا نحسن الظن بأنفسنا ونسيء الظن بإخوتنا لأقل شاردة وواردة ولذلك دبت الفرقة وعمّت البغضاء
أحسني الظن أختي الغالية بأخواتك حتى لا تخسريهم بسوء ظنك فيهم وعليكِ أن تؤلبي كلام أختك على مدلوله الخير إن كان النفس يحتمله
فإن النفس الطيبة لا تبصر إلا ما كان طيبا والنفس الخبيثة هي التي تقف عند كل خبث لا تكاد تبصر غيره
قال صلى الله عليه وسلم (( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم ))
فعليكِ أختي الفاضلة أن تلتمسي العذر لأختك إن رأيتِ منها شيئا يضايقك فلعل لها عذر من سبعين عذر فإن لم تجدي فقولي لعل لها عذرا لا تعرفيه فربما يكون هناك من الأشياء ما خفي عنكِ وللناس أسرار لا يعلمها إلا من يعلم السر وأخفى
وانظري معي
فهذا شمس الدنيا الإمام الشافعي وقد دخل عليه تلميذه الربيع بن سليمان في مرض موته فقال قوى الله ضعفك يا إمام !
فقال الشافعي: انظر مذا تقول لو قوّى الله ضعفي لقتلني
قال الربيع : والله ما قصدت يا إمام
قال : والله لو شتمتني لعلمت أنك لم تقصد
وهذا نموذج مشرق آخر
قيل لميمون بن مهران إن فلانا يستبطيء نفسه في زيارتك
فقال ميمون: لا عليك ؛ إذا ثبتت المودة في القلب فلا بأس وإن طال المكث
2 الإغضاء وعدم الاستقصاء
والمقصود أن نغض الطرف عما نجد من عيوب فيمن نحبهم فكل إنسان فيه عيوب
قال صلى الله عليه وسلم (( كل بني آدم خطاء ))
إخوتي ..
علينا أن نتحلى بشيء من الإغضاء وأن لا نحاول التطلع إلى أدق التفاصيل والصفات كان بعض السلف إذا مضى إلى درس شيخه يخرج صدقة ويقول " اللهم استر عيب شيخي عني ولا تذهب بركة علمه عني "
قال أحد الصالحين اسمه ابن مراد : تكلم عبد الله بن عياش بكلام أساء به إلى عمر بن ذروهو من زهاد التابعين فقام إلى منزله فندم ابن عياش لما بدر منه فأتى عمر فقال : أيدخل الظالم !! فقال عمر : نعم مغفورا له والله ما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه
هذا هو الإغضاء حتى لا تدع في النفس شائبة تجاه أي إنسان ،فقط عليك أن تعامله بالحسنى وأن تدعو الله له

ويقول رجاء بن حيوة (( من لا يؤاخي من الإخوان إلا من لا عيب فيه قلّ صديقه ومن لا يرضى من صديقه إلا بإخلاص له دام سخطه ومن عاتب إخوانه على كل ذنب كثر عدوه ))
3. النصيحة للإصلاح
ينبغي علينا أن نسعى للنصيحة ونطلبها من الصالحين الصادقين الموثوق فيهم
فهذا عمر بن عبد العزيز يطلب النصيحة من أحد رعيته فيقول له يا عمرو إذا رأيتني ملت عن الحق فضع يدك في تلابيبي ثم قل لي وهزّني ثم قل : ماذا تصنع يا عمر ؟!
ابذلي النصيحة لأختك أختي الغالية ولعل الله يجعلك سببا في هدايتها فتكون هي وحسناتها في صحيفة حسناتك !
4. إنهاء الجدال والمراء
قال صلى الله عليه وسلم (( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت فى وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقة ))
تأملي معي أختي هذه الكلمات
قال عبد الرحمن بن أبي ليلى : ما ما ريت أخي أبدا لأني إن ماريته إما أن أكذبه وإما أن أغضبه وأنا في سعة من الأمرين جميعا.
يقول أحد الصالحين :.
(( والله ما رأيت شيئا أذهب للدين ولا أنقص المروءة ولا أضيع للذة العبادة ولا أشغل للقلب عن الله من الخصومة ))
أختي ....
لا تبسطي يدك إلا إلى خير ولا تقولي بلسانك إلا معروفا
يقول الفضيل بن عياض : (( لم يدرك عندنا ما أدرك إلا بسخاء النفس وسلامة الصدر والنصح للمسلمين ))

هذه بعض الأسباب التي تعمّق أواصر الأخوة
وهناك كذلك أسباب أخرى منها
1. استعمال الرحمة والرفق وخفض الجناح
2. دوام الصلة والتزاور في الله
3. قضاء الحوائج وتفقّد الإخوان
4. بذل الندى وكف الأذى واحتمال الأذى
نواقض الأخوة
1) سوء الظن .
فلا بد من التماس الأعذار لسلامة الصدور
فمثلاً : أخ لك طلبت منه مبلغاً من المال فرفض تقول في نفسك : جزاه الله خيرا أنا أعرف جيداً أنه لو استطاع أن يقرضهم لي لفعل لكن الأخ معذور ليس معه ، أما إذا أسأت الظن فستقول : هذا بخيل إنَّه يمتلك الآلاف بل الملايين ، ويضن بها عليَّ ، فتعيش سقيم الصدر، ويورث ذلك من الغل والضغينة ما يفسد دينك .
إذا تأخر أخوك عنك وأنت مريض ، فقل في نفسك : سبحان الله مشغول ، تراكمت عليه الهموم ، فرج الله همه ، وأزال كربه .
قال النبي" إياكم والظن فإنَّ الظن أكذب الحديث "
فأحسنوا الظن ، وعليكم أن تحملوا الكلام دائما على محمل جميل فبذلك تدوم المحبة ، أما إذا أسأت الظن لحظة فسوف تنتهي الأخوة وتضيع .
(2) الغيبة .
أخواتي..
شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ، يقول لأخيه أمامه ما يشرح الصدور ، ثم ما يلبث أن يغتابه ويسيء إليه في غيبته ، وهذه من علامات النفاق ـ والعياذ بالله ـ .
والغيبة ذكرك أخاك بما يكره ولو كان الأمر فيه ، والمغتاب شخص جبان لا يقدر أن يواجه صاحبه فيتكلم من ورائه .
قال تعالى" وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ " [الحجرات / 12] .
(3) السخرية والاحتقار والهمز واللمز والتنابز .
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ))
فأعراض المسلمين حرام ، وأموال المسلمين حرام ، ودماء المسلمين حرام ، والنيل من أعراض المسلمين يبدأ أولاً : بالسخرية ، وللأسف أصبحت السخرية داء من أدواء الأمة ، والسبب في ذلك الأفلام والتمثيليات والمسرحيات والتفكه بالكلام الفارغ ، كله سخرية فلا يضحك الناس ـ الآن ـ إلا بالسخرية من الآخرين ، والاستهزاء بهم نتيجة احتقارهم لهم .
أخواتي ..
" ولا تلمزوا أنفسكم " واللمز : العيب بمعنى لا تعيبوا أنفسكم ، فسمى الله أخاك بالنفس ، فلا تعب على أخيك ؛ لأنك إذا عبته فقد عبت نفسك ، فأنت وهو شيء واحد .
ثم عليك أن تحسن إليه فتناديه بأحب الأسماء إليه " وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ " فلا تذكر اسماً له يكرهه ، وهذا طريق لتعميق أواصر الأخوة أن تحسن لفظك ، ولا تنطق أمامه إلا بما يحب .
(4) الحسد .
أخواتي..
هذا الداء العظيم الفتاك ينساب في النفوس البشرية في لحظات الغفلة الإيمانية كما ينساب الماء في أغصان الشجر ، فإن لم ينتبه إليه المسلم ويقطع دابره فسيكون سماً زعافًا يفتك بالجسم الأخوي .
وقال النبي : " دب إليكم داء الأمم قبلكم ، الحسد والبغضاء هي الحالقة ، لا أقول : تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين . والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أفلا أنبئكم بما يثبت ذلكم لكم أفشوا السلام بينكم "
فلماذا تحسد أخاك أنْ منَّ الله عليه بشيء ، فهذا ليس من قِبل نفسه بل هو من عند الله ثم ألا تعلم أنَّ الله أعلم بالشاكرين ، فما يدريك بحقائق الأمور فربما أعطاك فطغيت ، وربما أعطى غيرك ليبتليه أيكفر أم يشكر ؟ !

(5) المماراة والمنافسة .
من أشد الأسباب لإثارة نار الحقد بين الإخوان المماراة والمنافسة ، وهذا بداية التقاطع ؛ لأن التقاطع يقع أولاً بالأقوال ثم بالأبدان .
(6) القطيعة والتحامل القلبي .
الأصل في علاقة المسلم مع أخيه المسلم العفو والتسامح ؛ لأنَّ الله تعالى الذي يعبدونه يتصف بصفات الكمال التي منها العفو والكرم . اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا .
وقال تعالى : " وَأَنْ تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلْتَقْوَى وَلَاْ تَنْسَواْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ " [ البقرة/237]
فما دمت تعفو فالجزاء من جنس العمل ، فإن الله سيعفو عنك ، نسأل الله تعالى أن يعفو عنا ، فالعفو من حقوق أخيك عليك ،
فإنَّ أخاك ليس بمعصوم عن الخطأ ، فلابد له من هنات وسقطات ، ومع القرب تبدو هذه السقطات ، ولو ابتعدت ما رأيت ما رأيت .
إخوتاه ..
الوفاء الثابت على الحب وإدامته حتى بعد الممات ، بل إنَّه لا يموت معكم، فإذا كان البعث قمت محباً لأخلائك ؛ لذلك لا تنس أخاك ، ولا تنس إن منَّ الله عليك بالجنة فسل عني، وحينها يلزمك أن تشفع لأخيك عند ربك فللمؤمنين شفاعة ،اللهم ارزقنا الجنة ، وما يقرب إليها من قول أو عمل.
في صحيح مسلم عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا ، إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال : انظروا هذين حتى يصطلحا ثلاثًا .
سامح أخاك ، قل : اللهم قد وهبت من أخطأ في حقي خطأه صدقة منِّي عليه ، فلعل الله يقبل صدقتك .
(7) التجريح .
إخوتاه ..
إن طول العهد بالأخوة والتقاء الوجوه نفسها مع بعضها البعض مع التقارب في العمر ـ خاصة إن كان في عمر الرباط الأخوي ـ مع أهميته وفائدته إلا أنَّه محفوف بآفات منها :
(1) تزيين بعضهم لبعض فيورث النفاق .
(2) الكلام والخلطة أكثر من الحاجة ، وهذا من السموم التي تفسد القلوب " فضول الكلام " و" فضول المخالطة " .
(3) أن يصير ذلك عادة وشهوة فينقطع بها عن المقصود .
(4) ظهور الأخطاء ووضوح العيوب .
(5) الأخذ وعدم العطاء .
(6) معرفة الحقوق ونسيان الواجبات (الأنانية والأثرة) .

إخوتاه ..
لا ينبغي أن يكون فينا من هذا وصفه ، فيا أيها الأناني يا صاحب الأثرة إن تعصبك لنفسك هو طريق الخذلان والحرمان ، فلا تقلب الأمور فبدل أن تحب أخاك تحب نفسك ، وبدل أن تؤثر أخاك تؤثر نفسك ، فتتحول الأمور إلى صراعات بين عنصريات وقوميات وطبقيات ، وتتعدد صور الهلاك والفساد نسأل الله لنا ولكم العافية .
إخوتاه .. أحيوا خلق الإيثار ، وحب الخير للمسلمين ، والإعانة على الطاعة
أختي الغالية هناك حقوق لأختك عليكِ فأدي منها ما استطعتي ولا تفرطي في أختك
فأختك كنز
لا تضيعيه ولا تفرطي فيه
وتعالي معي لنتعرف سويا على
حقوق الأخوة ...

تعليق