سارت شابة واثقة من نفسها، تحاضر الجمع، وهي تشرح طرق وفنون إدارة الضغط العصبي، ولتوضيح فكرتها، حملت كوبا من الماء، نصفه فارغ ونصفه الآخر… مليء. مثلك تماما، توقع الحضور أن سؤالها التالي سيكون هل الكوب نصف ممتلئ أم نصف فارغ، لكنها لم تفعل.
بدلا من ذلك بادرت بسؤالهم: في رأيكم، ما هو وزن هذا الكوب من الماء؟ جاءت الردود تحوم حول بضعة جرامات. ردت قائلة، لا يهم الوزن الفعلي، ما يهم فعليا هو مقدار الوقت الذي سأستمر في حمل الكوب فيه.
لو حملته لمدة دقيقة فلا ضرر في ذلك.
لو حملته لمدة ساعة فسأعاني من ألم فظيع في يدي.
لو حملته لمدة يوم، أظن ساعتها ستحتاجون لطلب سيارة الاسعاف لإنقاذي.
مهما كانت المدة الزمنية التي سأحمل فيها هذا الكوب الصغير، سيبقى وزنه كما هو بلا زيادة أو نقصان. الشيء الأكيد هو أنه كلما استمريت في حمل هذا الكوب، كلما زاد ثقله وزادت صعوبة حمله. الشيء ذاته يتكرر مع الضغط العصبي.
إذا حملنا همومنا وأثقالنا طوال الوقت، إن آجلا أو عاجلا، ستصبح هذه الهموم ثقيلة للغاية حتى يأتي وقت لن نصبح عنده قادرين على حملها أكثر من ذلك. مثلما كان الحال مع كوب الماء، يتعين عليك أن تضعه على الأرض لقليل من الوقت حتى ترتاح ثم تعود لحمله من جديد.
حين نحصل على قسط وافي من الراحة ونجدد نشاطنا، ساعتها يمكننا أن نعود لحمل همومنا من جديد، وبالتكرار والتدريب نتمكن من تحسين قدراتنا على حمل الهموم. ولذا وقبل أن تنام في الليل، حاول أن تضع عنك همومك كلها وتوقف عن حملها… لتحصل على قسط من الراحة قبل أن تعود لحملها غدا.
مهما كانت الهموم التي تحملها الآن، ضعها كلها أرضا لبعض الوقت. استرخ تماما. بعد أن تشعر بالراحة، عندها ارجع لحمل هذه الهموم من جديد. الحياة قصيرة، تمتع بها.
م.ن
تعليق