عارفين لما الأم بتخوف ابنها أنه لو بطلش يرخم على أخته مش هتجيب له شيكولاتة
أو الأب بيهدد ابنه أنه لو ما نجحش في الامتحان مش هيفسحه في العيد
أو المدرسة لما بتعاقب تلميذ عندها لما بيتكلم في الفصل تذنبه رافع ايده قدام زمايله
تفتكروا ليه هم بيعملوا كده ؟؟
عشان بيربوه ويهذبوه .. ويتعلم أنه يربط العقوبة بسبب الفعل الغلط اللي عمله
وعشان هم عارفين أنه لما يتمنع من الحاجة اللي بيحبها دي بالذات غصبا عنه هيسمع الكلام وهيطيعهم
ولما يكبر شوية ويفهم هيفهموه أنهم كانوا بيعملوا كده عشان مصلحته
وفعلا بنلاحظ أن التربية بالحرمان والعقاب (طبعا بتوسط) بتفرق جدًا في شخصية ونفسية الإنسان وبتخرج إنسان مستقيم مهذب
اتفقنا ؟
سبحان الله العظيم
مادام اتفقنا على المبدأ ده ..
طب ليه مش ببنتعامل معاه بنفس التفهم واليقين مع ((الابتلاء)) ؟؟
فعلا محتاجين نتعلم فقه الابتلاء... وايه الحكمة من الابتلاء ؟
قال تعالى:
"مَّا يَفۡعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَآمَنتُمۡ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا "
[ النساء : 147 ]
يعني ربنا سبحانه وتعالى -الغني أصلا عن عبادتنا- مش هيعود عليه شئ لو عذبنا واحنا بنشكره وبنعبده
لكن ده تربية لنا ... احنا اللي بنستفاد ... احنا اللي بنتطهر بالابتلاء ... احنا اللي بنتزكى
فزي ما قلت كده
أن كل واحد بيُمتحن في الحتة اللي بتوجعه!
كان الإمام ابن الجوزي بيتساءل متعجبا :
"وهل الابتلاء إلا الإعراض وعكس المقاصد؟!!"
ربنا بيفتن كل إنسان في الحتة اللي "بيعبدها" ومستولية على قلبه
كأن يحرمه منها .. يبتليه فيها .. يجعلها منغصة
ليه ربنا بيفعل كده؟
عشان يوصله للحب الكامل لله سبحانه و تعالى وحده
ويعرفه أن سعادته اللي من غير تنغيصات مع الله سبحانه وتعالى وحده
وكــــل ده بيصب في الآخر في توحيد الله في العبادة
وأن منتهى الحب يكون لله مش لأي شئ ولا أي بشر
و لو هحب بشر .. هحبه برضه في الله .. عشان هو بيطيع الله
ولو هحب شئ .. هحبه لله ..عشان أستعمله في خدمة دين الله ويكون وسيلة موصلة لله
وكذلك لأن العبد مش هيلاقي باب مفتوح له باستمرار
ومفتوح لكل اللي عايز يشتكي واللي عايز تعويضات واللي عنده التماس
ومن غير ما يمر على واسطة
إلا باب ربنا
وأكيد احنا مش أعز على الله عز وجل من الرسل والأنبياء والصحابة لأنه ابتلاهم برضو في أنفسهم و دعوتهم
فكلنا لازم هنمتحن بالابتلاءات ... ولا بد!
حاجة كمان
في ناس كده عايزة دين ما يضرش دنيتها !
دين بلا تكاليف
بمعنى أصح
= (بتعمل لنفسها دين) =
بيقوموا بالفرائض آه .. بس مايمنعش يتفرجوا على مسلسلات مثلا يقنعوا نفسهم أنها "هادفة" وبيتعلموا منها خبرة في الحياة
وكلام من ده
وقد يشاء ربنا يمتحنهم بشئ في الحياة ويكون مر عليهم في مسلسل ومايعملوش باللي شافوه ويحتاسوا
عشان ربنا يفهمهم أنهم بيتفرجوا عليها طاعة لهواهم مش طاعة لله ولا عشان استفادة حياتية ولا حاجة
فربنا بيمتحنك عشان يخليك صادق مع نفسك أنت بتحب مين وعايز مين
حاجة كمان
عارفين الذهب بيصنعوه ازاي ؟
بيفتنوه
يعني ايه؟
كلمة الفتنة يعني بيعرضوه للنار لحد ما ينزل الرواسب اللي فيه ويبقى ذهب صافي
فكذلك أنت في الابتلاء بتفتن أو بتمتحن:
*** عشان تخرج من الرواسب الجاهلية اللي فيك ..
كأن تتخلص من عادات غلط كنت بتعملها .. تبطل عمل حرام
*** عشان تستخرج من قلب عبوديات زي ما اتبقى من الذهب ..الذهب الخالص الصافي
زي مثلا يمر بك ابتلاء مالوش علاج إلا الصبر والرضا
فربنا بيبتليك بالابتلاء ده عشان يستخرج من قلبك العبادات دي
وماكانتش هتخرج منك الا بهذا الابتلاء
وقد تكون لك عند الله منزلة معينة لن تبلغها إلا إذا مريت بهذا الابتلاء وأبليت فيه بلاءًا حسنا
كان ممكن ربنا يفتنك بالمال مثلا ..لكن ربنا يعلم أنه لن يصلحك بحالك هذا إلا الحرمان من شئ تحبه .
ممكن واحد يقول طيب أنا لا أبتلى في نفسي لكن ابتلى فيمن حولي وبشوف ابتلاءهم بس !
طيب ما هي دي رسالة من ربنا أنه عافاك .. وده في حد ذاته برضو ابتلاء
لأن العافية نعمة .. وابتلاءك أنك تشكر الله بهذه النعمة وتحافظ عليها
وربنا أراد أنه يستخرج من قلبك عبادة زي الشكر لن تخرج منك إلا بهذا الإبتلاء
وانتبه!.. قد يأتي الامتحان ويمر عليك وأنت مش واخد بالك أنه كان امتحان..اقرأ هنا
الامتحان خلص واللي كان كان
بس للأسف في ناس بتسقط في الإمتحان!
تمتحن وفي الحتة الي بتوجعها.. و برضو ما يتضرعوش إلى الله .. ولا يتوبوا .. و يركنوا برضو للدنيا وتسويل الشيطان وتغرير النفس
قال تعالى:
" وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ 42
فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ 43 " الأنعام
والله سبحان الله -أسأل الله أن يعافينا ولا يبتلينا - أعرف ناس مبتلاة بشئ معين و برضو بتعصي ربنا بالابتلاء ده
مرة شفت في الشارع بنت ربنا يعافينا معوقة في رجليها .. ولابسة لبس متبرج جدا وحاطة مكياج
فكنت بقول في نفسي طيب ربنا بيبتليكي عشان تقربي له وتطلبي منه يرزقك الزوج.. فيرزقك!
لكن لما تعصيه بابتلاءك اعتقادا أن ده هيجيب لك زوج
تفتكري اللي في ايده خزائن السماوات والأرض هيعطيكي؟
ربنا كريم وقد يعطي الدنيا للبر والفاجر
والله لا أحجر الرزق على أحد ولا أقصد الشماتة في ابتلاء أحد
بل بالعكس
ناس كتير مبتلاة واللهم بارك الرضا مالي وجوههم والحمد والثناء على الله والاعتراف بفضله لا يفارق شفاههم
وقد يكونوا مبتلين بأشد من ابتلاء اللي حكيت عنها
الخاطرة الجاية مهمة و رائعة جدًا بتفصل فقه الابتلاء بشكل سلس
وهي خاطرة من كتاب صيد الخاطر للإمام ابن الجوزي رحمه الله
تعليق