الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ـ صلى الله عليه وسلم ـ
وبعد :
ـ أخـتي الفـاضـلة ، هذه همسة من أخت ٍ لكِ نـاصـحة
أيـتها الأخت الفاضلـة .. لكِ وحدكِ .. من بين هذا الوجود .. أبعث هذه الرسالة ، ممزوجة بالحب ، مقرونة بالود ، مكللة بالصدق ، مجللة بالوفاء ،فافتحي ـ أخيتـي ـ مغاليق قلبكِ .. وأرعيني سمعكِ .. حتى أهمس في أذنكِ ..
نصيحة من يحترمكِ على قدر طاعتك لربك ، ويخشى عليكِ كخشيته على نفسه .
أخيـتي .. إنكِ تحملين قلبا بتوحيد الله ناطقاً ، ومن ناره خائفاً ، وفي جنته راغباً ، على الرغم من تفريطـك .
فها أنا ذا أمد يدي إليكِ … وأفتح قلبي بين يديك .. وأضع كفي بكفكِ لنمشي سوياً على الصراط المستقيم …
أعطني يدكِ
أخـتي .. تعالي معي نسير على هذا الطريق علنا نفوز بمحبة الله ورضوانه .. فو الله إني أحب لكِ الجنة .
حديث الروح إلى الأرواح يسري
وتــدركـه الـقــــلـوب بلا عـنـــــاء
نداء وحنين …
أخـتي ..
إن هذه الخطايا ما سلمنا منها ، فنحن المذنبون أبناء المذنبين ،
ولكن الخطر أن نسمح للشيطان أن يستثمر ذنوبنا ويرابي في خطيئتنا .
أتدريـن كيف ذلك ؟
يلقى في روعكِ أن هذه الذنوب خندق يحاصركِ فيه ، لا تستطيعيـن الخروج منه .
يوحي إليكِ أن أمر الدين لصاحبات الحجاب والملابس الطويلة ، وهكذا يضخم الوهم في نفسك ، حتى يشعركِ أنك فئة والمتدينات فئة أخرى .
وهذه يا أخـتي، حيلة إبليسية ، ينبغي أن يكون عقلك ِ أكبر وأوعى أن تنطلي عليه .
أخـيـتي ..
إذا كان الحال كذلك ، فلا بد من وقفة مع النفس لمحاسبتها ، والسير بها إلى رضوان الله تعالى قال سبحانه : [ ففروا إلى الله ]
فهذا هو الملجأ والملاذ ـ الفرار إلى الله تعالى ـ قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ في قوله تعالى: ( ففروا إلى الله ) بالتوبة من ذنوبكم ( زاد المسير 841 )
[ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ] الحديد 16
فسبيلنا الوحيد هو
.
.
.
.
.
التوبة
بعض فضائل التوبة
إليك أخـتي ... بعض فضائل التوبة ، حتى تشحذي بها همتك ِ ، وتـفـري بها إلى مولاكِ سبحانه وتعالى:
أولاً - التوبة سبب نيل محبة الله تعالى : وكفى بهذه الفضيلة شرفا للتوبة ،
قال الله تعالى : [إِنَّ اللَّهَ يُـحِـبُّ الـتَّـــوَّابِـيـــنَ ]
ثانياً- التوبة سبب نور القلب ومحو أثر الذنب
: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن المؤمن إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صقل منها ، وإن زاد زادت حتى يغلف قلبه ، فذلك الران الذي ذكر الله في كتابه { كلا بل ران على قلوبهم }
الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 3141
خلاصة حكم المحدث: حسن
ثالثاً- التوبة سبب لإغاثة الله تعالى لأصحابها بقطر السماء وزيادة قوةقلوبهم وأجسامهم :
قال الله تعالى على لسان هود عليه السلام : (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ) هود 52
رابعاً- التوبة تجعـل المذنب كمن لا ذنب له :
فعـن أبي سعيد الأنصاري ،رضي الله عنه ـ ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الندم توبة ، و التائب من الذنب كمن لا ذنب له)
الراوي: أبو سعيد الأنصاري المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 6803
خلاصة حكم المحدث: حسن
خامساً- التوبة أول صفات المؤمنين :
[ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ] التوبة112
سادساً: التوبة سبب في فرح الرب سبحانه وتعالى : فرحاً يليق بجلاله وعظمته سبحانه ،
قال صلى الله عليه وسلم : ( لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه ؛ من أحدكم كان على راحلته ، بأرض فلاة ، فانفلتت منه ، وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها ، فأتى شجرة ، فاضطجع في ظلها ، قد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك ، إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ، ثم قال – من شدة الفرح - : اللهم أنت عبدي ، وأنا ربك ! أخطأ من شدة الفرح
الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5030
خلاصة حكم المحدث: صحيح
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ : هذا الفرح له شأن لا ينبغي للعبد إهماله والإعراض عنه ، ولا يطلع عليه إلا من له معرفة خاصة بالله وأسمائه وصفاته، وما يليق بعز جلاله . انتهى كلامه من (مدارج السالكين1210 )
سابعاً - وبالجملة فإن الله تعالى عـلّق الخير والفلاح بالتوبة : فلا سبيل إلى نيل خيرات الدنيا والآخرة إلا بها ،
قال سبحانه :
{ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور 31
أمور تعين على التوبة :
أخـتي .. لقد جعل الله في التوبة ملاذاً مكيناً وملجأً حصيناً ، يلجه المذنب معترفاً بذنبه ، مؤملاً في ربه ، نادماً على فعله ، غير مصر على خطيئته ، يحمي بحمى الاستغفار ، ويرجو رحمة العزيز الغفار ،
إلا أنه توجد بعض العوائق في طريق سير العبد على التوبة وهاكِ بعضها :
1- الإخلاص لله أنفع الأدوية :
فإذا أخلص الإنسان لربه ، وصدق في طلب التوبة أعانه الله عليها ، وأمده بألطاف لا تخطر بالبال ، وصرف عنه الآفات التي تعترض طريقه
قال الله تعالى :
(لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ
) يوسف 24
2- إمتلاء القلب بمحبة الله عز وجل:
فالمحبة أعظم محركات القلوب ، فالقلب إذا خلا من محبة الله ـ تعالى ـ تناوشته الأخطار ، وتسلطت عليه سائرالنوائب والمحبوبات ، فشتته ، وفرقته .
ولا يغـني هذا القلب ، ولا يلم شعـثه ، ولا يسد خلته إلا عـبادة الله ـ عـز وجل ـ ومحبته .
3- المجاهدة :
قال الله تعالى:
[وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا. وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ]
العنكبوت 69
والمقصود بالمجاهدة مجاهدة النفس حتى الممات والسير بها إلى رضوان الله ـ تعالى.
4- قصر الأمل ، وتذكر الآخرة :
أخَذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمَنكِبي فقال : ( كُنْ في الدنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سبيلٍ ) . وكان ابنُ عُمرَ يقولُ : إذا أمسيْتَ فلا تنتَظِرِ الصباحَ، وإذا أصبحْتَ فلا تنتظِرِ المساءَ، وخُذْ من صحتِك لمرضِك، ومن حياتِك لموتِك .
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6416
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
قال ابن عقيل ـ رحمه الله ـ : ما تصفو الأعمال والأحوال إلا بتقصير الآمال، فإن كل من عدّ ساعته التي هو فيها كمرض الموت ، حسنت أعماله ، فصار عمره كله صافيا .
5- الدعاء :
فهو من أعظم الأسباب ، وأنفع الأدوية ، ومن أعظم ما يسأل ويدعى به سؤال الله التوبة النصوح ،
ولذا كان من دعاء نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل ـ عليهما السلام ـ :
(رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة 128
وكان من دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
( إنا كنا لنعُدُّ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في المجلسِ يقول : ربِّ اغفرْ لي ، وتُبْ عليّ ، إنكَ أنتَ التوابُ الرحيمُ ، مائةَ مرة
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث:البغوي - المصدر: شرح السنة - الصفحة أو الرقم: 3/96
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح
6 - استحضار أضرار الذنوب والمعاصي :
ومنها حرمان العلم والرزق ، والوحشه التي يجدها العاصي في قلبه ، وبينه وبين ربه تعالى ، وبينه وبين الناس .
ومنها تعسير الأمور ، وظلمه القلب وغيرها ، مما ذكره العلامة المحقق ابن القيم ـ رحمه الله ـ في ( الداء والدواء ) فلتـراجعه من أرادت المزيد فإنه فريد في بابه ـ رحم الله مؤلفه.
أخـتي .. هذه بعض الأمور التي تعين على التوبة ، فعـضي عليها بنواجذكِ ، جعلني الله وإياكِ من التوابين .
أخـتي التائبة .. ماذا لو أحسستِ بالفتور والضعـف؟
أولاً : أخـتي عليك ِ بسرعة طلب الغوث من الله ـ تعالى ـ فتدعـينه ـسبحانه ـ متضرعة ، متذللة ، أن لا يرفع عنك ِ توفيقه ، وأن لا يكلكِ إلى نفسكِ طرفة عين .
ثانياً : تفكري في أهوال يوم القيامة والقبور، وتفكري في نعيم الجنة ، فسرعان ما يفتح الله عليكِ ، وتعودي إلى ربك .
ثالثاً : واظبي ـ أختي ـ على محاسبة النفس .
رابعاً : المحافظة على الأذكار مع حضور القلب وتدبره لمعانيها .
خامساً : مجالسة الصالحين والعلماء العاملين فهو من أعظم أسباب رفع الهمة وإزالة الفتور.
أسأل الله أن يحفظني وإياكِ من الخور بعد الكور ومن الضعف بعد القوة ومن الضلال بعد الهدى .
اللهم آميـن
منقول
تعليق