نرتكب وبشكل يومي ؛ مجازر بحق حروف الجر ، فنسيء استخدامها ، ونضعها في غير مواضعها، والمصيبة الكبرى ؛ أننا لا نعلم بتلك المجازر ، ولا نعي حجم الدمار الذي حل بلغة القرآن ، جراء وضع حروف الجر في غير مواضعها في كثير من اللافتات الموضوعة في الشوارع ، والمتنزهات ، والمستشفيات ، بل والمدارس ...
والمشكلة أننا تعودنا على الخطأ ، وجرى على ألسنتنا مجرى الصواب .
وهذه بعض الأمثلة للافتات بها سوء استخدام واضح لحروف الجر :
حليب خالي الدسم
عبارة نقرؤها كثيرا على علب الحليب
الخطأ: حليب خالي الدَّسم.
الصواب: حليب خالٍ من الدَّسم
أو حليب منزوع الدَّسم.
من يقرأ عبارة "حليب خالي الدَّسم"
يفهم أنّ للحليب دسمًا لكنّ هذا الدَّسم
خالٍ ولا تسألوني كيف يكون ذلك!.
بينما الصواب هو قولنا "حليب خالٍ من
الدَّسم" أو "حليب منزوع الدَّسم" والثانية
هي الأدق حيث إنّ الحليب بطبعه دَسِم
لكنّ هذا الدَّسم يُنزع.
*****
أفضل متجر بالمدينة
عبارة دعائية نراها كثيرا ، ولكن هل تنبهنا لهذا الخطأ الفادح
الخطأ: بالمدينة.
الصواب: في المدينة.
استعمال حروف الجر من أصعب الأمور في
جميع اللغات. هنا، كُتبت العبارة باللهجة العاميّة
"بالمدينة" عوضا عن رديفتها الفصحى "في
المدينة"، ويجوز استعمال الباء لكن في سياقات
أخرى ليس هذا مجالها.
****
هذه التشكيلة غير مشمولة في التنزيلات
وهذه أيضا نراها كثيرا في المتاجر والمحلات
الخطأ: غير مشمولة في التنزيلات.
الصواب: غير مشمولة بالتنزيلات
يُقال شمله بالأمر وليس شمله في
الأمر.
لذلك نقول: شملك الله برعايته
لا في رعايته.
****
ممنوع الإلتفاف لليمين
لافته إرشادية نراها كثيرا في مواقف السيارات ، وفي الطرقات
الخطأ: لليمين.
الصواب: إلى اليمين.
يُقال اتجه إلى واتجه نحو وكذلك هو الأمر مع بقية الأفعال ذات المعنى المقارب.
****
يعتذر الدكتور الفلاني عن المحاضرة
وهنا خطأ فادح
الخطأ: يعتذر عن المحاضرة.
الصواب: يعتذر عن عدم تقديمه المحاضرة.
"يعتذر عن المحاضرة" تعطي انطباعًا بأنَّ الأستاذ
يعتذر بالنيابة عن المحاضرة! في حين أنّه يعتذر
عن عدم تقديمه المحاضرة.
****
ساهِم بطباعة القرآن ونشر علومه بمختلف اللغات
الخطأ: ساهم ب.
الصواب: ساهم في.
يقال ساهم في الأمر أي شارك فيه. أمّا
"ساهم ب" فتعني أنّ الشخص اشترك
بواسطة أمر ما، فنقول مثلا:
"شاركنا في الحملة الانتخابية بتعليق
اللافتات."
****
شاركونا الأجر في حضوركم
هذه جملة ختامية لبطاقة دعوة لحضور محاضرة أو غيرها، ولكن هل لاحظتم مجزرة حروف الجر هنا !
الخطأ: شاركونا الأجر في حضوركم.
الصواب: شاركونا الأجر بحضوركم.
أو شاركونا في الأجر بحضوركم.
يجوز أن نقول شاركه الشيء وشاركه
في الشيء، لكن ما لا يجوز قوله هو "في
حضوركم"، والصحيح هو "بحضوركم".
أي أنكم بواسطة حضوركم، تشاركوننا
الأجر.
****
يساعد على نمو الجسم ،وتقوية اللثة والأسنان والعظام،وفي شفاء الجروح ،وعلى امتصاص الحديد
هذا إعلان لمنتج ما ، من الواضح أن هذا المنتج مفيد جدا، ولكن الضرر الناتج عن سوء استخدام حروف الجر يفوق المنفعة العائدة منه!
الخطأ: يساعد على نمو الجسم، وتقوية اللثة، وفي شفاء الجروح، وعلى امتصاص الحديد.
الصواب: يساعد على نمو الجسم، وتقوية اللثة، وشفاء الجروح، وامتصاص الحديد.
الواو هنا حرف عطف يعطف جميع العبارات على عبارة "يساعد على"، وبالتالي لا يجوز أن يُضاف حرف جر مختلف كل
مرّة حيث إنّ المعنى واحد. فإمّا أن يُكتفى بكون الواو تعطف العبارة الثانية على الفعل وحرف الجر، وإمّا أن يتم تكرار حرف
الجر في كل مرّة كنوع من التأكيد لكن شريطة أن يكون حرف الجر نفسه طالما أنّ المعنى واحد. علما بأن الصحيح في سياق
هذا الإعلان هو أن يُقال "ساعد على" وليس "ساعد في".
****
الغالي يرخصلك
واسمحلي
الخطأ: يرخصلك، اسمحلي
الصواب: يرخص لك، اسمح لي
قد يقول قائل أنّهما كُتبتا باللهجة
العاميّة. أقول، ورغم ذلك لا يوجد شيء يبيح
أن نصل الفعل بحرف الجر. فحروف الجر
ذات الحرف الواحد مثل اللام والباء تتصل
بالكلمات لا بالأفعال، وقد تتصل بها هي الأخرى ضمائر كما هو الحال في هذا المثال
حيث دخلت كاف المخاطب على لام الجر في المثال الأول،
لكن اللام كحرف جر لا يمكن أن يتصل بفعل، فلا تقوموا رجاء بجرِّه إلى غير مكانه.
أمّا إذا كنّا سنقوم بوصل أي كلمتين ننطقهما متتابعتين في الجملة، فسنجد أننا وصلنا
معظم الكلمات ببعضها!
****
وبعد هذا يحق لحروف الجر ، أن تتقدم بشكوى رسمية لجمعيات حقوق الإنسان - أقصد حقوق اللغات- علها تجد الإنصاف ، " وما ضاع حقٌ وراءه مطالب"
أما نحن فنستحق أقسى أنواع العقاب ، وهل هناك عقاب أكبر من تضييعنا للغة القرآن!.
من كتاب:
من ذا الذي قدد البيان لحياة الياقوت
بتصرف
منقول للفائدة
تعليق