إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أبلغ العظات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أبلغ العظات







    أبلغ العظات

    الشيخ خالد الراشد






    إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له..


    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله


    { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ }..


    { يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً }..


    { يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيِمَاً }..






    أما بعد :


    فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..

    وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..

    وشرَّ الأمور محدثاتها ..

    وكل محدثة بدعة ..

    وكل بدعة ضلالة ..

    وكل ضلالة في النار .



    عباد الله :


    لم أكن سأتحدث في هذا الموضوع الذي سأحدثكم فيه ..
    ولكن رسالة جوال وصلتني هي التي جعلتني أنتبه ..
    وأنبّهكم إلى الأمر الذي غفلنا عنه..
    وكانيكثر الحديث فيه وعنه ...
    كانت قلوبهم حية ..
    ومع هذا كانوا يكثرون الحديث في هذا الأمر العظيم..

    وقلوبنا لاهية ..

    ساهية ..
    غافلة ..
    فهي والله أحوج ..
    لتكرار الحديث عن هذا الأمر مرات ومرات ..


    تقول الرسالة من أحد الثقات : لقد تمَّ تغسيل وتكفين ( 737 ) جنازة في أربع مغاسل للموتى في الرياض خلال الشهر الذي مضى فقط ..
    لقد تمَّ تغسيل وتكفين ( 737 ) جنازة في أربع مغاسل للموتى في الرياض خلال الشهر الذي مضى فقط ..


    فكم هو العدد في مغاسل البلاد من مشرقها ومغربها ؟!

    بل كم هو العدد الذي يموت في كل يوم هنا وهناك ؟!..

    السُنَّةُ ماضية ..

    أناس تحيا..

    وأناس تموت ..

    وأكثر الناس عن الموت غافلون ..

    من أجل هذا جعلت الحديث عن الموت وعظاته ..

    جعلت الحديث عن الخَطب الأفظع ..

    والأمر الأشنع ..

    إنه ..

    هادم اللذات ..

    وقاطع الراحات ..

    وجالب الكريهات ..

    إنه ..

    فراق الأحباب ..

    وانقطاع الأسباب ..

    ومواجهة الحساب ..


    نصحنا نبينا ووعظنا وأبلغ فقال :
    ( أكثروا من ذكر هادم اللذات )



    ذكر الموت حياة ..
    ونسيانه غفلة ..
    ومن استحيا من الله حقَّ الحياء ..
    لم يغفل عن الموت ..
    ولا عن الاستعداد للموت ..


    قال :

    ( من استحيا من الله حقَّ الحياء ..
    فليحفظ الرأس وما وعى ..
    وليحفظ البطن وما حوى ..
    وليذكر الموت والبلى ..
    ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا ) ..


    وما ترك النبي فرصة إلا ..
    ذكَّر أصحابه ..
    بالموت وما بعده ..


    يقول البراء بن عازب رضي الله عنه : بينما نحن مع النبي إذ أبصر جماعة ، فقال :
    ( علامَ اجتمع هؤلاء ؟ )

    قيل : على قبر يحفرونه ، قال : ففزع النبي وقام من بين يدي أصحابه مسرعاً حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه ..

    قال البراء : فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع ..

    قال فبكى حتى بلَّ الثرى من دموعه .. ثم أقبل علينا فقال :

    ( أي أخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا )..

    ( لمثل هذا اليوم فأعدوا).

    وهكذا سار السلف من بعد نبيهم ..
    يذكرون الموت ..
    ويُذكّرون الناس به..


    فهذا أويس القرني رحمه الله يخاطب أهل الكوفة قائلاً :
    يا أهل الكوفة..
    توسدوا الموت إذا نمتم ..
    واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم .


    عباد الله ..


    إنَّ في ذكر الموت أعظم الأثر في ..
    إيقاظ النفوس ..
    وانتشالها من غفلتها ..


    فكان الموت أعظم المواعظ ..


    قيل لبعض الزهَّاد :

    ما أبلغ العظات ؟ ..

    قال : النظر إلى محلة الأموات ..

    وقال آخر :


    من لم يردعه القرآن والموت ..

    فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع .





    إنَّ زيارة القبور ..
    وشهودالجنائز ..
    ورؤية المحتضرين ..
    وتأمل سكرات الموت..
    وصورة الميت بعد مماته ..

    يقطع على النفوس لذاتها ..

    ويطرد عن القلوب مسراتها ..

    من استعدَّ للموت ..
    جدَّ في العمل ،..
    وقصَّر الأمل ..


    يقول اللبيدي : رأيت أبا اسحاق في حياته يُخرج ورقة يقرؤها دائماً ..
    فلما مات نظرت في الورقة فإذا مكتوب فيها :

    أحسن عملك فقد دنا أجلك ..

    أحسن عملك فقد دنا أجلك ..






    أحبتي ..


    إنَّ الذي يعيش مترقباً للنهاية ..
    يعيش مستعداً لها ،..
    فيقلُّ عند الموت ..
    ندمه وحسراته.


    لذا قال شقيق البلخي رحمه الله :

    استعد إذا جاءك الموت أن لا تصيح بأعلى الصوت تطلب الرجعة ..
    فلا يستجاب لك .




    أردت من هذه الموعظة ..

    إيقاظ القلوب ..
    إيقاظ القلوب من سباتها ..
    وزجر النفوس عن التمادي في غيها وشهواتها .




    أردت من هذه الموعظة ..
    أن يزيد الصالح في صلاحه..
    وأن يستيقظ الغافل قبل حسرته وقبل مماته .
    لقد رأيت الحياة تمضي مسرعة ..
    ومعظم أهلها في غفلة ..
    ناس يأتون ..
    وآخرون يرحلون ..
    أرحام تدفع ..
    وأرض تبلع ..
    والناس غافلون ..


    ولا يستيقظون إلا ..
    عند معاينة الموت وسكراته ..





    أحبتي ..


    إنَّ الحياة على ظهر هذه الحياة موقوتة ..

    إنَّ الحياة على ظهر هذه الحياة موقوتة محدودة ..

    وستأتي النهاية حتماً ..

    سيموت ..

    الصالحون ، والطالحون..

    ويموت ..


    المتقون ، والمذنبون..


    ويموت ..
    الأبطال المجاهدون ، والجبناء القاعدون..

    ويموت ..

    الشرفاء الذين يعيشون للآخرة ، ويموت الحريصون الذين يعيشون لحطام ومتاع الحياة..

    يموت ..


    أصحاب الهمم العالية ، ويموت التافهون الذين لا يعيشون إلا من أجل شهوات الفروج والبطون ..

    قال الله جل في علاه : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } ..
    وقال : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ..

    ستموت ..


    نعم ستموت ..



    إنها الحقيقة التي ..
    نهرب منها دائماً ..
    إنها الحقيقة التي ..
    يسقط عندها ..
    جبروت المتجبرين ..
    وعناد الملحدين ..
    وطغيان البغاة المتألهين ..
    إنها الحقيقة التي ..
    شرب من كأسها ..

    العصاة ، والطائعون ..
    وشرب من كأسها ..

    الأنبياء ، والمرسلون ..

    قال الله :{ وَ مَاْ جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخَاْلِدُونَ } ..

    إنها الحقيقة التي ..

    تعلن على مدى الزمان والمكان ..
    في أذن كل سامع ..
    وفي عقل كل عاقل ..
    وفي قلب كل حيّ ..

    أنَّ الكل سيموت ..
    أنَّ الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت .

    قال الله جلَّ َفي شأنه : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } ..

    إنها الحقيقة التي
    لا مفرَّ منها ولا مهرب طال الزمان أو قصر

    { قُلْ إِنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلِى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }..


    نعم ..

    إنه ملاقيكم ..

    في أي مكان تكونون ستموتون
    أيها القوي ..
    أيها القوي الفتيّ..
    أيها الذكي العبقري ..
    أيها الأمير والكبير..
    أيها الفقير والصغير ..

    كل باكٍ سيُبكى ..
    وكل ناعٍ سيُنعى ..
    وكل مذخور سيفنى ..
    وكل مذكور سيُنسى ..
    ليس غير الله يبقى ..

    من علا فالله أعلى ..

    اعلم رعاك الله ..
    أنه من عاش مات ..
    ومن مات فات ..






    اعلم بارك الله فيك ..
    أن لا سبيل للخلود في هذه الحياة ..

    فالكل سيموت ..


    قال علي رضي الله عنه وأرضاه :

    فلو أنَّ أحداً يجد إلى البقاء سلَّماً ..

    أو لدفع الموت سبيلاً ..
    لكان ذلك سليمان ابن دواد عليه السلام الذي سُخرَّ له مُلك الجنّ والإنس مع النبوة وعظم الزلفى ..
    فلما استكمل أجله ومدته جاءته نبال الموت..
    فأخذته ..
    فأصبحت ..

    الديار منه خالية ..
    والمساكن معطلة ..

    قال الله : { وَ لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَ رَوَاحُهَا شَهْرٌ وَ أَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدِيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذَقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ، يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُوادَ شُكْرَاً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ، فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيِهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأكُلُ مِنسَأتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أن لَو كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ }




    عباد الله..


    إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة ..
    أعظكم ..

    بالموت ، وسكراته ..

    أعظكم ..


    بالقبر ، وظلماته ..

    أعظكم ..


    بالموت ..

    وكفى بالموت واعظاً ..

    إنه ..


    أعظم المصائب ..

    وأشدُّ النوائب ..


    سمَّاه الله لعظيم أمره مصيبة ، فقال سبحانه : { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتُْكُم مُّصِيبَةُ المَوْتِ } ..

    إنه المصيبة العظمى ..

    والرزية الكبرى ..

    ولا نجاة منه ..
    ولا نجاة منه ..

    إلا أن يكون العبد في دنياه ..
    لله طائعاً ..
    وبشرعه عاملاً ..


    إنها الساعة التي ..
    تنكشف فيها الحقائق ..
    وتتقطع فيها العلائق ..
    ويتمنى الإنسان وليس له ما تمنى ، حينها { يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ، يَقُولُ يَا لَيْتََني قَدَّمتُ لِحَيَاتِي } ..

    إنها الساعة التي ..
    يُعرف فيها المصير ..
    إما إلى نعيم دائم ..
    أو إلى عذاب مقيم ..






    لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
يعمل...
X