Tweet
حوار بين الإقتصاد والإسراف
أراد الدهر أن يجري لقاءً بين الإقتصاد والإسراف ليبين الدافع من إقامة هذا الحوار, فقد حضرتهُ الأسهم والسندات, والبذخ والتبذير, والإحصاف والتقتير, وكانت هذه الفكرة من أفكار الرُشد الذي لم يألُ جهداً في وزن الأمور بميزان العدل,
فبدأ الإقتصاد يخاطب الإسراف بقوله: من أوصافك السيئة التبذير قال تعالى" إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا " الإسراء : 27
الإسراف: وأنت من أوصافك التقتير قال تعالى" قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنفَاقِ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا " الإسراء : 100
الإقتصاد: إنك لم تحسب للمستقبل أي حساب, من أكل ولم يحسب إفتقر ولم يدرِ.
الإسراف: يا شيخ أنفق ما في الجيب يأتيك ما في الغيب.
الإقتصاد: كم تكون ذليلاً وأنت محتاج لغيرك صفر اليدين.
الإسراف: يا عمي إذا متَ هل تستطيع أن تدخل مالك في قبرك؟
الإقتصاد: لم أستطع إدخاله في قبري ولكنني سأحاسب عليه, فإذا تصدقت منه وأديتُ زكاته يكون لي ذخراً بعد مماتي.
الإسراف: يا أخي أظهر نعمة ربك عليك ولا تزدريها بالتقتير على نفسك.
الإقتصاد: إذا كان هذا فهمك لإظهار النعمة بهذا التصور إسمح لي أن أقول لك إن فهمك قاصر وأنك تنظر إلى أخمص قدميك بل إظهار النعمة بالزكاة والصدقة إنني أراك تحب نفسك كثيراً في إشباع رغباتها وملذاتها, فلو تمعنت في الأمور ونظرت إلى ما وراء الأفق لما ألقيت بنفسك في التهلكة.
الإسراف: أنا كل ما رأيت شيئاً أُعجبت به اشتريته وأنت لماذا لا تعطي نفسك كل ماتتمناه.
الإقتصاد: نعم لأنك تُحَكِّم العاطفة في كل شئ , وأنا أُحَكِّم عقلي في الأمور كلها.
الإسراف: إنني أراك شاحب الوجه نحيف الجسم مصفّراً كأن بك فقر دم من سوء التغذية.
الإقتصاد: إنني أراك تُنزفُ مالك كمن ينزف دماً بغزارة, ورميت بها في أحضان الفقر, ودفنتها بقبر الذل.
الإسراف: أنت قريبٌ من البخل بعيدٌ عن الجود.
الإقتصاد: إذا أنفقت على نفسك باسم الجود فقد ألقيت بها في الأخدود.
الإسراف: يمشي في السكك والأسواق يمد يده للناس كي يساعدوه , فلم يساعده أحد بسبب بذخه في الإنفاق, ولم ينل منهم إلا السخرية به والاستهزاء منه.
الإقتصاد: نظر إليه بعين الشفقة وقال له: ألم أقل لك بأن تحتفظ بالقرش الأبيض لليوم ... الذي أنت فيه.
الإسراف: أيها الإقتصاد لا تشمت فيّ ولا تضحك عليّ فقد أدركت الأمور بعد فوات الأوان.
منقول بتصرف
دمتم في أمان الله
دمتم في أمان الله
تعليق