إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

جهود النساء في طلب العلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • [هام] جهود النساء في طلب العلم

    بسم الله الرحمن الرحيم


    ///جُهُودُ {النِّسَاءِ} في طَلَبِ العِلْمِ \\\
    ------------------



    { جُهُودُ {النِّسَاءِ} في طَلَبِ العِلْمِ
    أو
    العِلْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ }

    محاضرة ألقاها فضيلة الشيخ أبو شكيب عبد الله الصالحي _ حفظه الله _
    الحمد الله رب العالمين ، وبعد :

    فرض الله العلم على النساء ، وألزمهن بتعلم أحكام دينهن بالجملة ، مما تستقيم به حياتهن ، وتنجو الواحدة فيهن به عند ربها _ تبارك وتعالى _ ، وقد أخرج الطبراني في " المعجم الكبير " من حديث عبد الله بن مسعود _ رضي الله عنه _ أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قال : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " ، والنساء يدخلن في عموم هذا الحديث وأمثاله ، إذ أن الخطاب العام في التشريع الإسلامي عند الأصوليين يشمل النساء كشموله للرجال ،
    وإنما أتى بصيغة التذكير للغالبية ، حيث أن جملة المخاطبين بالتشريع وقت تلقيه هم الذكور فناسب أن يكون بهذه الصيغة ، والقاعدة : إذا خرج النص مخرج الغالب فلا مفهوم لقيده ، أي : لا إعمال لمفهوم المخالفة فيه !
    ومع ذلك : فقد روي هذا الحديث برواية : " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " ، وهذه الزيادة : " ومسلمة " ليست في أي طريق من طرق هذا الحديث التي أوصلها جلال الدين السيوطي إلى خمسين طريقا ضمن جزئه في تخريج هذا الحديث ، وبهذا جزم السخاوي في كتابه : " المقاصد الحسنة " وأشار إلى دخول النساء في خطاب طلب العلم بعموم الحديث ، فليتنبه ! والحديث حسنه جمع .. وأعله جمع .
    لا علينا ؛ فقد شعرت النساء في القرون المفضلة بحاجتهن إلى المعرفة العلمية ، فجئن إلى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وطلبن منه مجلسا خاصا بهن ، كما أخرج البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أبي سعيد _ رضي الله عنه _ قال : جاءت إمراءة إلى رسول الله ، فقالت : يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك ، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله ، فقال : اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا " .
    وكان رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _
    حريصا على تعلميهن ، فكان _ صلوات ربي وسلامه عليه _ يأمرهن ( حتى الحيض منهن ، والبنات اللواتي قاربن البلوغ وهن العواتق ) أن يشهدن مجامع العلم والخير ، ولم يدع عذرا حتى لمن لا تملك جلبابا لتخرج به ، فقد أخرج البخاري ومسلم في " صحيحهما " من حديث أم عطية الأنصارية _ رضي الله عنها _ قالت : أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر والأضحى ، العواتق ، والحيض ، وذوات الخدور ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ، قلت : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب ، قال : " لتلبسها أختها من جلبابها " .
    قال الحافظ ابن حجر _ رحمه الله _ في " فتح الباري " : " وفيه أن الحائض لا تهجر ذكر الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد" .
    ولذا وجد في صفحات التأريخ الإسلامي نوابغ من النساء في كافة الميادين العلمية ، وتراجمهن حافلة في بطون آمات الكتب ، فوجد منهن الفقيهات .. والمفسرات .. والأصوليات .. والمحدثات .. والأديبات .. والشاعرات .. والعالمات في سائر علوم الدين واللغة ، وصنف غير واحد من المحدثين والمؤرخين رسائل مفردة في أحوال النساء وأخبارهن ؛ كأبي الحسن المعافري في كتابه : " تراجم شهيرات النساء" ، وابن طيفور في كتابه : " بلاغات النساء " ، وابن عبد ربه الأندلسي في كتابه : " طبائع النساء وما جاء فيهن من عجائب وأخبار وأسرار " ، و ابن المنجم البغدادي في كتابه : " النساء وما جاء فيهن " ، وابن العمري في كتابه : " الروضة الفيحاء في تواريخ النساء " ، ومن جياد ما صنفه الإمام محمد صديق حسن خان _ رحمه الله _ كتابه : " حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة " ، وغير هذا كثير .
    وكان في برهة من الزمن لا تزف العروس إلى بيت زوجها إلا وفي جهازها الكتب الشرعية النافعة ، فقد ذكر شمس الدين الذهبي _ رحمه الله _ في كتابه " سير اعلام النبلاء " ضمن ترجمة الإمام إسماعيل بن يحيى المزني ، صاحب الإمام الشافعي _ رحمهما الله _ : أن البكر ما كانت تزف إلا وفي جهازها كتاب : " مختصر المزني " ، وهو من كتب الشافعية الشهيرة .
    و
    هذا يدل على شغف النساء بالعلم آنذاك ، ولذا قالت عائشة _ رضي الله عنها _ كما في " البخاري " : " يرحم الله نساء الانصار ، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في دينهن " .
    مع أن النساء جبلن على الحياء ، فهو الإيمان .. وخلق الإسلام ، لكن في بابة المعرفة التي تنجيهم عند الله طلبوا العلم ، ومن هذا ما فعلته الحيية أم سلمة _ رضي الله عنها _ كما في " البخاري " : " جاءت ام سليم إلى رسول الله ، فقالت : يا رسول الله ، إن الله لا يستحي من الحق فهل على المراءة من غسل إذا احتلمت ، فقال النبي _ صلى الله عليه وسلم _ : " إذا رأت الماء " ، فغطت أم سلمة تعني وجهها ، وقالت : أوتحتلم المرأة ، فقال : " نعم تربت يمينك فبم يشبهها ولدها " .
    ويصح في أمثالهن ما قاله حكيم الشعر العربي ، أبو الطيب المتنبي في " ديوانه " :

    ولو كان النساء كمن فقدنا *** لفضلت النساء على الرجال
    فما التأنيث لاسم الشمس عيب ***ولا التذكير فخر للهلال


    وعليه : فأقولها مدوية النساء شقائق الرجال في التحمل والاداء ؛ بل وفي ، نعم امتاز معشر الرجال على النساء في الشهادة القضائية ، حيث قبلت من رجل واحد عدل ثقة ، وعدم قبولها إلا من شاهدتين ذواتا عدل ؛ لكن مع هذا كانت النساء شقلئق الرجال ، فالمرأة صنو الرجل في العلم ، وقرينته في الطلب ، ورصينته في التحصيل ، وهكذا دواليك في باقي ضروب الأخذ والعطاء في المجالات العلمية الشرعية ، وقد يشكل هذا !!
    وذلك ان محل الإشكال في كون شهادتها _ القضائية _ لا تعدل شهادة الرجل ، فكيف تكون قرينته ورصينته في المجال العلمي والتحصيل المعرفي ؟!
    هذا الإشكال ورد على فحل من فحول علماء المالكية ألا وهو : أبو العباس القرافي _ رحمه الله _ حيث بقي ما يقارب ثماني سنين وهو يفتش عن حل هذه العويصة ضمن مشروعه الجبار في كتابه : " الفروق " الموسوم بـ : " أنوار البروق في أنواء الفروق " ، حتى طالع _ رحمه الله _ شرح أبي عبد الله المازري على كتاب " البرهان " لأبي المعالي الجويني ، فوجد بغيته المنشودة ضمن فقرات من كلام أبي عبدالله المازري _ رحمه الله _ من العناية في التفريق بين الشهادة _ القضائية _ والراوية _ العلمية _ في حق النساء بما فيه كفاية .
    واعلم _ رعاك الله _ أنك قد تجد بعضا من النساء تفوق الرجال في سعة الاطلاع ، وكبير المعرفة ، وجهد البحث والتحقيق ، ورسوخ القدم في علوم الأصل والفرع ، فقد كان هنالك عالمة فاضلة اسمها وقاية ، كانت تقطن إحدى مدن ليبيا ، وكان أفاضل العلماء عند ورود العويص من المباحث يتزاحمون على بابها ، حتى جرى المثل على لسان علماء ليبيا في ذاك الوقت ، قولهم : " تعالوا بنا نستشير وقاية ، فعصابتها ( غطاء رأسها ) خير من عمائمنا " !!
    وذكر شمس الدين الذهبي _ رحمه الله _ جملة من أخذ عنهن الحديث وعلومه في كتابه : " معجم الشيوخ " ، وتحسر _ رحمه الله _ على واحدة اسمها أم محمد سيدة بنت موسى المارنية المصرية _ رحمها الله _ فقد سافر من فلسطين إلى مصر لإجلها ، فسبقه الكتاب إليها ولقيت ربها ، فلم يدركها ، وكان يصف شعوره في كتابه " تاريخ الإسلام " قائلا : " كنت أتلهف على لقياها " .
    ولمعرفة قدرهن عند السلف من الأصحاب _ رضوان الله عليهم _ وتابعيهم _ رحمهم الله _ تأمل ما أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث ثمامة بن حزن القشيري ، قال : لقيت عائشة فسألتها عن النبيذ ، فدعت عائشة جارية حبشية ، وقالت : سل هذه فإنها كانت تنبذ لرسول الله " .
    وفي " الصحيحين " من حديث أبي سلمة قال : جاء رجل إلى ابن عباس وأبي هريرة جالس عنده ، فقال : افتني قي امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ، فقال ابن عباس : آخر الآجلين ، فقلت أنا : (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )) ، فقال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي ، يقصد أبا سلمة ، فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها ، فقالت : قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى ، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة ، فخطبت ، فأنكحها رسول الله ، وكان أبو السنابل ممن خطبها " .

    ------------------
    يتبع بإذن الله _ تبارك وتعالى _

    ------------------
    [[ يا أيها الذِينَ آمنوا هل أَدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لّكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ]] اللهم إرحم أبي .

  • #2
    رد: جهود النساء في طلب العلم

    وللنساء _ أيضا _ القدرة على مشاركة الرجال في تحقيق العلم ونشره ، والمناظرة في المسائل العلمية والمحاورة في البحوث الشرعية ، فقد ثبت في " الصحيحين " أن أم الفضل بنت الحارث قطعت خلافا وقع بين أناس في صيام رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ عرفة .
    حتى قال الحافظ ابن حجر العسقلاني _ رحمه الله _ في " فتح الباري " : " ومن فوائد الحديث المناظرة في العلم بين الرجال والنساء " .
    وفي " الصحيحين " من حديث عبدالله بن مسعود قال : " لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله0 " ، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب ، فجاءت فقالت : إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت ، فقال : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ومن هو في كتاب الله ؟! فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول ! فقال : لئن قرأته لقد وجدته ، أما قرأت (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) قالت : بلى 0 قال : فإنه قد نهى عنه 0 قالت : فإني أرى أهلك يفعلونه 0 قال : فاذهبي فانظري 0 فذهبت فنظرت فلم تر من حاجتها شيئاً فقال : لو كانت كذلك ما جامعتها ( ما صاحبتها ) .
    ولا يبعد ما علمه القاصي والداني في فضل وعلم أم المؤمنين عائشة _ رضي الله عنها _ التي كما قال محمد بن شهاب الزهري _ رحمه الله _ : " لو جمع علم عائشة إلى علم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل " .
    حتى كانت مشيخة أصحاب رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ يعودون إليها في سائر المسائل ؛ بل كانت تستدرك على أصحاب رسول الله ، وقد جمع برهان الدين الزركشي _ رحمه الله _ هذه الوقائع المنثورة في كتابه الموسوم بـ : " الإجابة فيما استدركته عائشة على الصحابة " .
    إذن النساء شقائق الرجال في شتى الميادين العلمية ، وسائر المباحث المرعية ، فهن كالرجال في تحمل الحديث وروايته ، وفي هذا يقول الإمام محمد بن علي الشوكاني _ رحمه الله _ في كتابه : " نيل الأوطار " : " أنه لم ينقل عن احد من العلماء أنه رد خبر امراءة لكونها امراءة ، فكم من سنة تلقتها الأمة بالقبول من امراءة واحدة من الصحابة .. " .

    ومع هذا _ وذاك _ تسمع صوت نشاز يردد قول الشاعر _ وباطل ما قال _ :
    ما للنساء والكتابة ** والعمالة والخطابة
    هذا لنا ولهن منا ** أن يبتن على جنابة
    ومن بابته قول المنفلوطي :
    يا قوم لم تخلق بنات الورى ** لدرس والطرس وقال وقيل
    لنا علوم ولها غيرها ** فعلموها كيف نشر الغسيل
    والثوب والإبرة في كفها ** طرس عليه خط جميل

    وكان هذا الوصف المقذع للنساء سببا ظاهرا لخروج دعاة الحداثة العصرية أمثال الدكتورة سعاد صالح الكويتية ، حيث صنفت ديوانا شعريا اسمته بـ : " فتافيت امراءة " رصعت طليعته بقصيدة اسمها : " فيتو .. على نون النسوة " ، قالت فيها:
    إن الكتابة إثم عظيم فلا تكتبي ** وإن الصلاة أمام الحروف حرام فلا تقربي
    ونحن نقول : يا سعادة الدكتورة .. ومن ظن ظنها .. وقال بمثل ما قالته .. نقول لكم : هذا ليس عندنا بل هو موجود في قدواتكم .. حيث أمر الملك هنري الثامن بمنع النساء من قراءة العهد الجديد ( الإنجيل ) !!
    ونحن نفتخر بأننا وضعنا دستورنا في حوزة امراءة ، فقد ثبت عند ابن أبي داود في كتابه : " المصاحف " أن المسلمين وضعوا المصحف بعد جمعه عند حفصة أم المؤمنين _ رضي الله عنها _ .
    بل وثبت عند البخاري في " الأدب المفرد " : أن عائشة بنت طلحة كانت تكتب للناس في الأمصار على سمع أم المؤمنين عائشة وبصرها !!
    وكان النبي _ صلى الله عليه وسلم _ من أحرص الناس على تعليم أهله ، فقد ثبت في " مسند الإمام أحمد " من حديث الشفاء بنت عبد الله قالت : دخل علي النبي _ صلى الله عليه وسلم _ فقال: " ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتها الكتابة " .
    وفي هذا يقول ابن القيم في كتابه " زاد المعاد " : " في الحديث دليل على جواز تعليم النساء الكتابة "
    ومن لطيف الاستدلال على تعليم الرجل أهل بيته ، ما ذكره ثناء الله الألو سي في تفسيره " روح المعاني " عند قوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) قال : " واستدل به على أنه يجب على الرجل تعلم ما يجب من الفرائض وتعليمه لهؤلاء ، وادخل بعضهم الأولاد في النفس ، لأن الولد بعض من أبيه " .
    وأما ما ورد في منع النساء من الكتابة عن رسول الله فضعيف لا يصح ، فضلا عن معارضته لما سبق بيانه وبالحق تبيانه ، ومثاله : ما أخرجه الحاكم في " مستدركه " والطبراني في " الأوسط " أن رسول الله قال : " لا تعلمونهن الكتابة ، وعلمونهن الغزل وسورة النور " فهذا حديث ضعيف لا يستقيم ، في إسناده محمد بن إبراهيم الشامي كذاب كما قال الدارقطني _ رحمه الله _ .
    وما ورد _ أيضا _ عند الديلمي في " مسند الفردوس " أن عائشة _ رضي الله عنها _ قالت : " إذا رأيتم النساء يجلسن على الكراسي ، ويقلن : حدثنا وأخبرنا ، فأحرقوها بالنار ، فإني سمعت رسول الله يقول : " إذا كان آخر الزمان يجلس العلماء والفقهاء في البيوت وتظهر النساء ويقلن : حدثنا وأخبرنا ، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فأحرقوهن بالنار " ، وهذا كسابقه لا يصح عن رسول الله ، آفته محمد بن علي الهاشمي ، فضلا أن عائشة هنا _ حسب الراوية _ تحدث عن رسول الله ، أفلا تدخل في الوعيد ، فهذه قاطعة على بطلانه !!
    ولكن ، يجدر التنبيه أن أي أثر ثبت عن بعض السلف _ رحمهم الله _ في منع النساء من الكتابة ، فإنما يحمل على علمهم بحال آحاد بعض النساء أو علمهم بحال قسم من النساء لهن طبع الإفساد إن تعلمن الكتابة ، ولا نبتعد فقد نهى السلف _ رحمهم الله _ أن يعلم العلم لسفلة الرجال ومؤنثهم ، حتى عقد ابن عبد البر الأندلسي _ رحمه الله _ في كتابه " جامع بيان العلم وفضله " بابا ترجم له بقوله : " باب حال العلم إذا كان عند الفساق والأراذل " ساق تحته ما به كفاية !!
    إذن ؛ فالمنع ليس لذات جنس النساء ، بل للوصف الحال في ذات المقبل على تعلم العلم وطلبه من الرجال والنساء سواء بسواء ، وعليه فما صنفه العلامة الألوسي _ رحمه الله _ في منع النساء من الكتابة في كتابه : " الإصابة في منع النساء من الكتابة " يحمل _ والله أعلم _ على هذا الوجه الشرعي والمقصد المرعي ، وإن كنت لم اقف على الكتاب بعد ، لكن تحسين الظن واجب علينا تجاه أمثاله من أهل العلم ، وقد ذهب الشيخ محمد بهجت البيطار _ رحمه الله _ في كتاب : " أعلام العراق " إلى غير ما ذكرته من الباعث لتصنيف الألوسي لكتابه هذا .
    وجاء عند أبي نعيم في " حلية الأولياء " والذهبي في " سير أعلام النبلاء " أن سعيد بن المسيب _ رحمه الله _ لما زوج ابنته لأحد تلامذته ، وبعد مضي زمن الإختلاء بينهم نهض لحضور درس والدها فقالت له : " اجلس فإن علم أبي عندي " ، وإن كان في سند القصة مقال .
    وورد في عند القاضي عياض في " تدريب المدارك " أن بنت الإمام مالك كانت تحمل علم والدها بخلاف ولده ، حيث كان الإمام مالك بن أنس _ رحمه الله _ يعتمد على تصحيحاتها في مجلس سماع الموطأ ، وتستدرك هي من خلف الستارة على طلابه حين السماع .
    وذكر ابن الحاج في " المدخل " عن أشهب وهو من رجلات المالكية أنه حضره بيع الخبز بالخضروات في سوق مع جارية ، فطلب منها بضاعتها المعروضة في السوق على أن يعطيها البديل في العشاء ، فرفضت الجارية ذلك وجعلته من اليد باليد ، فسأل أشهب عنها ، فقالوا : هي جارية بنت الإمام مالك ، السابق ذكرها .


    ------------------
    يتبع بإذن الله _ تبارك وتعالى _

    ------------------

    [[ يا أيها الذِينَ آمنوا هل أَدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لّكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ]] اللهم إرحم أبي .

    تعليق


    • #3
      رد: جهود النساء في طلب العلم

      وكان لأبي حيان الأندلسي بنت تدعى نضار ، فاقت بنات عصرها ، ونالت السبق في الحديث وسماعه ، واللغة وآدابها ، ورمت بسهم في مختلف فنون الشريعة الغراء حتى كان والدها يقدمها على ابنه حيان ، فلما توفيت كتب والدها أبو حيان الأندلسي كتابا حافلا في ترجمتها وبيان سعة علمها وقف على نسخة منه ، الحافظ ابن حجر العسقلاني كما ذكر في " الدرر الكامنة " .
      ومن طريف ما جاء في كتب تراجم فقهاء الحنفية _ رحمهم الله _ في ترجمة أبي بكر الكاساني _ رحمه الله _ أنه صنف كتابا اسماه بـ : " التحفة في الفقه " وكانت ابنته فاطمة تحفظ كتابه هذا ، وقد تتلمذ عليه أبو بكر السمرقندي _ رحمه الله _ واشترطت فاطمة بنت أبي بكر الكاساني على نفسها أن لا يتقدم لها إلا من يشرح تحفة والدها معها ، فشرحها أبو بكر السمرقندي وسمى شرحه بــ : " بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع " وعرضه على أبيها ففرح به وزوجه ابنته فاطمة ، فسار المثل على لسان فقهاء الحنفية قولهم : " شرح تحفته فزوجه ابنته " .
      وقد قال ابن طاهر السلفي _ رحمه الله _ في ترجمة تقية بنت غيث الأرمنازي ، المدعوة بــ : ست النعم ، قال عنها : " ولم تر عيني شاعرة سواها " .
      وقد ذكر العماد الأصفهاني في " فريدة القصر وجريدة العصر " أن بعض الأفاضل كتب إلى ست النعم _ رحمها الله _ لما مدحت نفسها ، قال
      :


      ولا كل من ترجوا لغيبتك حافظ ** ولا كل من ضم الوديعة يصلح
      فكتبت إليه :
      تعيب على الإنسان إظهار علمه ** أبالجد هذا منك أم أنت تمزح
      فدتك حياتي قد تقدم قبلنا ** إلى مدحهم قوم وقالوا فأفصحوا
      وللمتنبي أحرف في مديحه ** على نفسه بالحق والحق واضح
      أروني فتاة في زماني تفوقني ** وتعلوا على علمي وتهجوا وتمدح
      ومن أعظم مناقب النساء بالجملة ما قاله الإمام شمس الدين الذهبي _ رحمه الله _ في " ميزان الإعتدال " : " وما علمت في النساء من اتهمت ولا من تركوها " .
      فهذه منقبة للنساء في رواية الحديث لم تكن للرجال قط ، وعللوا ذلك : أن النساء ليس عندها في الغالب ما يحملها على الكذب في الرواية على رسول الله ، واستدرك بعضهم على الذهبي مقولته هذه ، وعلى كل حال فهي فخر للنساء .
      ويزيدهن فخرا إلى فخرهن معشر النساء أنه قد تخرج على أيديهن طائفة كبيرة من فحول الأئمة ومنارات الرشد ومصابيح الدجى ، فقد أخذ كبار أهل العلم عن النساء ودرسوا عليهن ، مالك بن أنس شيخ المذهب المالكي ، وأحمد بن حنبل شيخ المذهب الحنبلي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية فريد عصره ، وابن قيم الجوزية فقيه زمانه ، وابن حجر العسقلاني محدث وقته ، وأبو سعد السمعاني النسابة الشهير ، وابن عساكر الدمشقي المؤرخ الكبير ، والذهبي حسنة زمانه ، وابن الجوزي شيخ الوعاظ ، وابن قدامة المقدسي صاحب المغني ، وعبد الغني المقدسي صاحب الكمال في أسماء الرجال والعمدة ، والمنذري صاحب الترغيب والترهيب ، وابن طاهر السلفي صاحب الطوريات ، وغيرهم كثير .
      وأخيرا : ننبه إلى مقالة يتناقلها بعضهم عن الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري _ رحمه الله _ أنه قال : " العلم ذكري " !
      نعم ؛ أخرج هذه المقالة جمع كالطبري في " تاريخه " و الرامهرمزي في " المحدث الفاصل " والقاضي عياض في " الإلماع " و ابو بشر الدولابي في " الأسماء والكنى " وابن نقطة في " تكملة الإكمال " وغيرهم عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهر ي _ رحمه الله _ ، لكن ليس بلفظ " العلم ذكري " ، بل بألفاظ تبين مراده من مقالته ، منها : " الحديث ذكر لا يحبه إلا ذكور الرجال " .
      و رواية : " لا يطلب الحديث من الرجال إلا ذكرانها ولا يزهد فيه إلا إناثها " .
      والمقصود من قوله :
      أولا : إما أن ذكور الرجال هم العاملون بالسنة النبوية ، ومؤنثهم تاركوها ، ويدل على هذا التوجيه ما أخرجه ابن طاهر السلفي في " الطوريات " بإسناد حسن ، قال الزهري لأبي بكر الهذلي : أيعجبك الحديث ؟ قلت : نعم ، قال : أما إنه يعجب ذكور الرجال ويكرهه مؤنثهم ، أما ذكور الرجال فهم الذين يطلبون الخديث والعلم وعرفوا قدره ، وأما مؤنثهم فهم هؤلاء الذين يقولون : إيش تعمل بالحديث وتدع القرءآن أوما علموا أن السنة تقضي على الكتاب ، أصلحنا الله وإياهم " .
      ثانيا : وإما أن الزهري _ رحمه الله _ استعمل أسلوب التذكير في الصياغة النصية لبيان شأن علم الحديث بالنسبة لبقية العلوم ، وإلى هذا ذهب أديب أهل السنة ابن قتيبة الدينوري _ رحمه الله _ في كتابه " غريب الحدبيث " قال : " أراد الزهري أن الحديث أرفع العلم وأجله ، كما أن الذكور أفضل من الإناث ، فضرب التذكير والتأنيث مثلا " .
      ومثاله : ما أخرجه سعيد بن منصور في " سننه " وابن أبي شيبة في " مصنفه " وأبو بكر الدينوري في " المجالسة " من حديث عبد الله بن مسعود _ رضي الله عنه _ قال عن القرءآن : " هو ذكر فذكروه " .
      أي : جليل خطير ، فأجلوه بالتذكير ، كما قال ابن الجوزي في " غريبه " وابن الأثير في " النهاية " .
      ثالثا : أن علم الحديث صلف لا يطيقه إلا فحول الرجال ، أصحاب الهمم الوقادة ، ويعجز عنه مؤنث الرجال ممن لا طاقة لهم عليه ، وعلى سبر علومه ، وإلى هذا أشار ابن الصلاح _ رحمه الله _ في مقدمته الشهيرة في علم المصطلح ، والذهبي _ رحمه الله _ في " تذكرة الحفاظ " .
      وفي معنى هذا قال أبو الفضل العباس بن محمد الخراساني :
      رحلت أطلب أصل العلم مجتهدا ** وزينة المرء في الدنيا احاديث
      لا يطلب العلم إلا باذل ذكر ** وليس يبغضه إلا المخانيث
      لا تعجبن بمال سوف تتركه ** فإنما هذه الدنيا مواريث

      وكل هذه الوجوه مقبولة في الباب ، ويؤكدها أن الإمام محمد بن مسلم بن شهاب الزهري _ رحمه الله _ تلقى العلم على النساء وتخرج _ أيضا _ عليهن ، فقد روى الزهري وتحمل عن جماعة من النساء كعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ، وهي من المكثرات عن عائشة _ رضي الله عنها _ ؛ بل روى الزهري عن ثلاثة لم يروي عنهن غيره : فاطمة الخزاعية ، و هند بنت الحارث الفارسية ، وأم عبد الله الدوسية ، كما في " المنفردات والوحدان " للإمام مسلم بن الحجاج _ رحمه الله _ .


      ------------------
      م / ن [[ نسألكم الدعاء بحسن الخاتمة وبتيسير أمري جزاكم الله خيرًا ]]
      ------------------


      [[ يا أيها الذِينَ آمنوا هل أَدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لّكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ]] اللهم إرحم أبي .

      تعليق


      • #4
        رد: جهود النساء في طلب العلم

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        جزاكِ الله خيــراً أخيتي على هذا الموضوع المميــز
        نفع الله بكِ اينما حللــتِ ,, وبارك الله فيكِ
        - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
        بحبــ ــك يا ربـــــــ وأسألك حبــــك
        تعصي الله وأنت تظهر حبه ، هذا لعمري في القياس شنيع ،لو كان حبك صادقا لأطعته ، إنَّ المحب لمن يحب مطيع ، في كل يوم يبتديك بنعمة ، منه وأنت لشكر ذاك مضيع
        يمَّن الله كتابك يسَّر الله حسابك أبتاه

        تعليق


        • #5
          رد: جهود النساء في طلب العلم

          جزاكِ الله خيرا
          رزقنا الله وإياكِ حسن الخاتمة
          ويسر الله أمورك وامورنا



          رسائل مهمة في نصح الأمة " هام جدا لكل مسلمة
          سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم

          تعليق

          يعمل...
          X