بسم الله الرحمن الرحيم
///جُهُودُ {النِّسَاءِ} في طَلَبِ العِلْمِ \\\
------❀---✿---❀------
↘↙
{ جُهُودُ {النِّسَاءِ} في طَلَبِ العِلْمِ
أو
العِلْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ }
محاضرة ألقاها فضيلة الشيخ أبو شكيب عبد الله الصالحي _ حفظه الله _
الحمد الله رب العالمين ، وبعد :
فرض الله العلم على النساء ، وألزمهن بتعلم أحكام دينهن بالجملة ، مما تستقيم به حياتهن ، وتنجو الواحدة فيهن به عند ربها _ تبارك وتعالى _ ، وقد أخرج الطبراني في " المعجم الكبير " من حديث عبد الله بن مسعود _ رضي الله عنه _ أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قال : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " ، والنساء يدخلن في عموم هذا الحديث وأمثاله ، إذ أن الخطاب العام في التشريع الإسلامي عند الأصوليين يشمل النساء كشموله للرجال ، وإنما أتى بصيغة التذكير للغالبية ، حيث أن جملة المخاطبين بالتشريع وقت تلقيه هم الذكور فناسب أن يكون بهذه الصيغة ، والقاعدة : إذا خرج النص مخرج الغالب فلا مفهوم لقيده ، أي : لا إعمال لمفهوم المخالفة فيه !
ومع ذلك : فقد روي هذا الحديث برواية : " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " ، وهذه الزيادة : " ومسلمة " ليست في أي طريق من طرق هذا الحديث التي أوصلها جلال الدين السيوطي إلى خمسين طريقا ضمن جزئه في تخريج هذا الحديث ، وبهذا جزم السخاوي في كتابه : " المقاصد الحسنة " وأشار إلى دخول النساء في خطاب طلب العلم بعموم الحديث ، فليتنبه ! والحديث حسنه جمع .. وأعله جمع .
لا علينا ؛ فقد شعرت النساء في القرون المفضلة بحاجتهن إلى المعرفة العلمية ، فجئن إلى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وطلبن منه مجلسا خاصا بهن ، كما أخرج البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أبي سعيد _ رضي الله عنه _ قال : جاءت إمراءة إلى رسول الله ، فقالت : يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك ، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله ، فقال : اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا " .
وكان رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ◊ حريصا على تعلميهن ◊، فكان _ صلوات ربي وسلامه عليه _ يأمرهن ( حتى الحيض منهن ، والبنات اللواتي قاربن البلوغ وهن العواتق ) أن يشهدن مجامع العلم والخير ، ولم يدع عذرا حتى لمن لا تملك جلبابا لتخرج به ، فقد أخرج البخاري ومسلم في " صحيحهما " من حديث أم عطية الأنصارية _ رضي الله عنها _ قالت : أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر والأضحى ، العواتق ، والحيض ، وذوات الخدور ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ، قلت : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب ، قال : " لتلبسها أختها من جلبابها " .
قال الحافظ ابن حجر _ رحمه الله _ في " فتح الباري " : " وفيه أن الحائض لا تهجر ذكر الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد" .
ولذا وجد في صفحات التأريخ الإسلامي نوابغ من النساء في كافة الميادين العلمية ، وتراجمهن حافلة في بطون آمات الكتب ، فوجد منهن الفقيهات .. والمفسرات .. والأصوليات .. والمحدثات .. والأديبات .. والشاعرات .. والعالمات في سائر علوم الدين واللغة ، وصنف غير واحد من المحدثين والمؤرخين رسائل مفردة في أحوال النساء وأخبارهن ؛ كأبي الحسن المعافري في كتابه : " تراجم شهيرات النساء" ، وابن طيفور في كتابه : " بلاغات النساء " ، وابن عبد ربه الأندلسي في كتابه : " طبائع النساء وما جاء فيهن من عجائب وأخبار وأسرار " ، و ابن المنجم البغدادي في كتابه : " النساء وما جاء فيهن " ، وابن العمري في كتابه : " الروضة الفيحاء في تواريخ النساء " ، ومن جياد ما صنفه الإمام محمد صديق حسن خان _ رحمه الله _ كتابه : " حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة " ، وغير هذا كثير .
وكان في برهة من الزمن لا تزف العروس إلى بيت زوجها إلا وفي جهازها الكتب الشرعية النافعة ، فقد ذكر شمس الدين الذهبي _ رحمه الله _ في كتابه " سير اعلام النبلاء " ضمن ترجمة الإمام إسماعيل بن يحيى المزني ، صاحب الإمام الشافعي _ رحمهما الله _ : أن البكر ما كانت تزف إلا وفي جهازها كتاب : " مختصر المزني " ، وهو من كتب الشافعية الشهيرة .
و◊ هذا يدل على شغف النساء بالعلم آنذاك ◊، ولذا قالت عائشة _ رضي الله عنها _ كما في " البخاري " : " يرحم الله نساء الانصار ، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في دينهن " .
مع أن النساء جبلن على الحياء ، فهو الإيمان .. وخلق الإسلام ، لكن في بابة المعرفة التي تنجيهم عند الله طلبوا العلم ، ومن هذا ما فعلته الحيية أم سلمة _ رضي الله عنها _ كما في " البخاري " : " جاءت ام سليم إلى رسول الله ، فقالت : يا رسول الله ، إن الله لا يستحي من الحق فهل على المراءة من غسل إذا احتلمت ، فقال النبي _ صلى الله عليه وسلم _ : " إذا رأت الماء " ، فغطت أم سلمة تعني وجهها ، وقالت : أوتحتلم المرأة ، فقال : " نعم تربت يمينك فبم يشبهها ولدها " .
ويصح في أمثالهن ما قاله حكيم الشعر العربي ، أبو الطيب المتنبي في " ديوانه " :
ولو كان النساء كمن فقدنا *** لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب ***ولا التذكير فخر للهلال
وعليه : فأقولها مدوية النساء شقائق الرجال في التحمل والاداء ؛ بل وفي ◊◊، نعم امتاز معشر الرجال على النساء في الشهادة القضائية ، حيث قبلت من رجل واحد عدل ثقة ، وعدم قبولها إلا من شاهدتين ذواتا عدل ؛ لكن مع هذا كانت النساء شقلئق الرجال ، فالمرأة صنو الرجل في العلم ، وقرينته في الطلب ، ورصينته في التحصيل ، وهكذا دواليك في باقي ضروب الأخذ والعطاء في المجالات العلمية الشرعية ، وقد يشكل هذا !!
وذلك ان محل الإشكال في كون شهادتها _ القضائية _ لا تعدل شهادة الرجل ، فكيف تكون قرينته ورصينته في المجال العلمي والتحصيل المعرفي ؟!
هذا الإشكال ورد على فحل من فحول علماء المالكية ألا وهو : أبو العباس القرافي _ رحمه الله _ حيث بقي ما يقارب ثماني سنين وهو يفتش عن حل هذه العويصة ضمن مشروعه الجبار في كتابه : " الفروق " الموسوم بـ : " أنوار البروق في أنواء الفروق " ، حتى طالع _ رحمه الله _ شرح أبي عبد الله المازري على كتاب " البرهان " لأبي المعالي الجويني ، فوجد بغيته المنشودة ضمن فقرات من كلام أبي عبدالله المازري _ رحمه الله _ من العناية في التفريق بين الشهادة _ القضائية _ والراوية _ العلمية _ في حق النساء بما فيه كفاية .
واعلم _ رعاك الله _ أنك قد تجد بعضا من النساء تفوق الرجال في سعة الاطلاع ، وكبير المعرفة ، وجهد البحث والتحقيق ، ورسوخ القدم في علوم الأصل والفرع ، فقد كان هنالك عالمة فاضلة اسمها وقاية ، كانت تقطن إحدى مدن ليبيا ، وكان أفاضل العلماء عند ورود العويص من المباحث يتزاحمون على بابها ، حتى جرى المثل على لسان علماء ليبيا في ذاك الوقت ، قولهم : " تعالوا بنا نستشير وقاية ، فعصابتها ( غطاء رأسها ) خير من عمائمنا " !!
وذكر شمس الدين الذهبي _ رحمه الله _ جملة من أخذ عنهن الحديث وعلومه في كتابه : " معجم الشيوخ " ، وتحسر _ رحمه الله _ على واحدة اسمها أم محمد سيدة بنت موسى المارنية المصرية _ رحمها الله _ فقد سافر من فلسطين إلى مصر لإجلها ، فسبقه الكتاب إليها ولقيت ربها ، فلم يدركها ، وكان يصف شعوره في كتابه " تاريخ الإسلام " قائلا : " كنت أتلهف على لقياها " .
ولمعرفة قدرهن عند السلف من الأصحاب _ رضوان الله عليهم _ وتابعيهم _ رحمهم الله _ تأمل ما أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث ثمامة بن حزن القشيري ، قال : لقيت عائشة فسألتها عن النبيذ ، فدعت عائشة جارية حبشية ، وقالت : سل هذه فإنها كانت تنبذ لرسول الله " .
وفي " الصحيحين " من حديث أبي سلمة قال : جاء رجل إلى ابن عباس وأبي هريرة جالس عنده ، فقال : افتني قي امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ، فقال ابن عباس : آخر الآجلين ، فقلت أنا : (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )) ، فقال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي ، يقصد أبا سلمة ، فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها ، فقالت : قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى ، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة ، فخطبت ، فأنكحها رسول الله ، وكان أبو السنابل ممن خطبها " .
------❀---✿---❀------
يتبع بإذن الله _ تبارك وتعالى _
------❀---✿---❀------
///جُهُودُ {النِّسَاءِ} في طَلَبِ العِلْمِ \\\
------❀---✿---❀------
↘↙
{ جُهُودُ {النِّسَاءِ} في طَلَبِ العِلْمِ
أو
العِلْمُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ }
محاضرة ألقاها فضيلة الشيخ أبو شكيب عبد الله الصالحي _ حفظه الله _
الحمد الله رب العالمين ، وبعد :
فرض الله العلم على النساء ، وألزمهن بتعلم أحكام دينهن بالجملة ، مما تستقيم به حياتهن ، وتنجو الواحدة فيهن به عند ربها _ تبارك وتعالى _ ، وقد أخرج الطبراني في " المعجم الكبير " من حديث عبد الله بن مسعود _ رضي الله عنه _ أن رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ قال : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " ، والنساء يدخلن في عموم هذا الحديث وأمثاله ، إذ أن الخطاب العام في التشريع الإسلامي عند الأصوليين يشمل النساء كشموله للرجال ، وإنما أتى بصيغة التذكير للغالبية ، حيث أن جملة المخاطبين بالتشريع وقت تلقيه هم الذكور فناسب أن يكون بهذه الصيغة ، والقاعدة : إذا خرج النص مخرج الغالب فلا مفهوم لقيده ، أي : لا إعمال لمفهوم المخالفة فيه !
ومع ذلك : فقد روي هذا الحديث برواية : " طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة " ، وهذه الزيادة : " ومسلمة " ليست في أي طريق من طرق هذا الحديث التي أوصلها جلال الدين السيوطي إلى خمسين طريقا ضمن جزئه في تخريج هذا الحديث ، وبهذا جزم السخاوي في كتابه : " المقاصد الحسنة " وأشار إلى دخول النساء في خطاب طلب العلم بعموم الحديث ، فليتنبه ! والحديث حسنه جمع .. وأعله جمع .
لا علينا ؛ فقد شعرت النساء في القرون المفضلة بحاجتهن إلى المعرفة العلمية ، فجئن إلى رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وطلبن منه مجلسا خاصا بهن ، كما أخرج البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أبي سعيد _ رضي الله عنه _ قال : جاءت إمراءة إلى رسول الله ، فقالت : يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك ، فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله ، فقال : اجتمعن في يوم كذا وكذا في مكان كذا " .
وكان رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ ◊ حريصا على تعلميهن ◊، فكان _ صلوات ربي وسلامه عليه _ يأمرهن ( حتى الحيض منهن ، والبنات اللواتي قاربن البلوغ وهن العواتق ) أن يشهدن مجامع العلم والخير ، ولم يدع عذرا حتى لمن لا تملك جلبابا لتخرج به ، فقد أخرج البخاري ومسلم في " صحيحهما " من حديث أم عطية الأنصارية _ رضي الله عنها _ قالت : أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر والأضحى ، العواتق ، والحيض ، وذوات الخدور ، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ، قلت : يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب ، قال : " لتلبسها أختها من جلبابها " .
قال الحافظ ابن حجر _ رحمه الله _ في " فتح الباري " : " وفيه أن الحائض لا تهجر ذكر الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد" .
ولذا وجد في صفحات التأريخ الإسلامي نوابغ من النساء في كافة الميادين العلمية ، وتراجمهن حافلة في بطون آمات الكتب ، فوجد منهن الفقيهات .. والمفسرات .. والأصوليات .. والمحدثات .. والأديبات .. والشاعرات .. والعالمات في سائر علوم الدين واللغة ، وصنف غير واحد من المحدثين والمؤرخين رسائل مفردة في أحوال النساء وأخبارهن ؛ كأبي الحسن المعافري في كتابه : " تراجم شهيرات النساء" ، وابن طيفور في كتابه : " بلاغات النساء " ، وابن عبد ربه الأندلسي في كتابه : " طبائع النساء وما جاء فيهن من عجائب وأخبار وأسرار " ، و ابن المنجم البغدادي في كتابه : " النساء وما جاء فيهن " ، وابن العمري في كتابه : " الروضة الفيحاء في تواريخ النساء " ، ومن جياد ما صنفه الإمام محمد صديق حسن خان _ رحمه الله _ كتابه : " حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة " ، وغير هذا كثير .
وكان في برهة من الزمن لا تزف العروس إلى بيت زوجها إلا وفي جهازها الكتب الشرعية النافعة ، فقد ذكر شمس الدين الذهبي _ رحمه الله _ في كتابه " سير اعلام النبلاء " ضمن ترجمة الإمام إسماعيل بن يحيى المزني ، صاحب الإمام الشافعي _ رحمهما الله _ : أن البكر ما كانت تزف إلا وفي جهازها كتاب : " مختصر المزني " ، وهو من كتب الشافعية الشهيرة .
و◊ هذا يدل على شغف النساء بالعلم آنذاك ◊، ولذا قالت عائشة _ رضي الله عنها _ كما في " البخاري " : " يرحم الله نساء الانصار ، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في دينهن " .
مع أن النساء جبلن على الحياء ، فهو الإيمان .. وخلق الإسلام ، لكن في بابة المعرفة التي تنجيهم عند الله طلبوا العلم ، ومن هذا ما فعلته الحيية أم سلمة _ رضي الله عنها _ كما في " البخاري " : " جاءت ام سليم إلى رسول الله ، فقالت : يا رسول الله ، إن الله لا يستحي من الحق فهل على المراءة من غسل إذا احتلمت ، فقال النبي _ صلى الله عليه وسلم _ : " إذا رأت الماء " ، فغطت أم سلمة تعني وجهها ، وقالت : أوتحتلم المرأة ، فقال : " نعم تربت يمينك فبم يشبهها ولدها " .
ويصح في أمثالهن ما قاله حكيم الشعر العربي ، أبو الطيب المتنبي في " ديوانه " :
ولو كان النساء كمن فقدنا *** لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب ***ولا التذكير فخر للهلال
وعليه : فأقولها مدوية النساء شقائق الرجال في التحمل والاداء ؛ بل وفي ◊◊، نعم امتاز معشر الرجال على النساء في الشهادة القضائية ، حيث قبلت من رجل واحد عدل ثقة ، وعدم قبولها إلا من شاهدتين ذواتا عدل ؛ لكن مع هذا كانت النساء شقلئق الرجال ، فالمرأة صنو الرجل في العلم ، وقرينته في الطلب ، ورصينته في التحصيل ، وهكذا دواليك في باقي ضروب الأخذ والعطاء في المجالات العلمية الشرعية ، وقد يشكل هذا !!
وذلك ان محل الإشكال في كون شهادتها _ القضائية _ لا تعدل شهادة الرجل ، فكيف تكون قرينته ورصينته في المجال العلمي والتحصيل المعرفي ؟!
هذا الإشكال ورد على فحل من فحول علماء المالكية ألا وهو : أبو العباس القرافي _ رحمه الله _ حيث بقي ما يقارب ثماني سنين وهو يفتش عن حل هذه العويصة ضمن مشروعه الجبار في كتابه : " الفروق " الموسوم بـ : " أنوار البروق في أنواء الفروق " ، حتى طالع _ رحمه الله _ شرح أبي عبد الله المازري على كتاب " البرهان " لأبي المعالي الجويني ، فوجد بغيته المنشودة ضمن فقرات من كلام أبي عبدالله المازري _ رحمه الله _ من العناية في التفريق بين الشهادة _ القضائية _ والراوية _ العلمية _ في حق النساء بما فيه كفاية .
واعلم _ رعاك الله _ أنك قد تجد بعضا من النساء تفوق الرجال في سعة الاطلاع ، وكبير المعرفة ، وجهد البحث والتحقيق ، ورسوخ القدم في علوم الأصل والفرع ، فقد كان هنالك عالمة فاضلة اسمها وقاية ، كانت تقطن إحدى مدن ليبيا ، وكان أفاضل العلماء عند ورود العويص من المباحث يتزاحمون على بابها ، حتى جرى المثل على لسان علماء ليبيا في ذاك الوقت ، قولهم : " تعالوا بنا نستشير وقاية ، فعصابتها ( غطاء رأسها ) خير من عمائمنا " !!
وذكر شمس الدين الذهبي _ رحمه الله _ جملة من أخذ عنهن الحديث وعلومه في كتابه : " معجم الشيوخ " ، وتحسر _ رحمه الله _ على واحدة اسمها أم محمد سيدة بنت موسى المارنية المصرية _ رحمها الله _ فقد سافر من فلسطين إلى مصر لإجلها ، فسبقه الكتاب إليها ولقيت ربها ، فلم يدركها ، وكان يصف شعوره في كتابه " تاريخ الإسلام " قائلا : " كنت أتلهف على لقياها " .
ولمعرفة قدرهن عند السلف من الأصحاب _ رضوان الله عليهم _ وتابعيهم _ رحمهم الله _ تأمل ما أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " من حديث ثمامة بن حزن القشيري ، قال : لقيت عائشة فسألتها عن النبيذ ، فدعت عائشة جارية حبشية ، وقالت : سل هذه فإنها كانت تنبذ لرسول الله " .
وفي " الصحيحين " من حديث أبي سلمة قال : جاء رجل إلى ابن عباس وأبي هريرة جالس عنده ، فقال : افتني قي امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ، فقال ابن عباس : آخر الآجلين ، فقلت أنا : (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )) ، فقال أبو هريرة : أنا مع ابن أخي ، يقصد أبا سلمة ، فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها ، فقالت : قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى ، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة ، فخطبت ، فأنكحها رسول الله ، وكان أبو السنابل ممن خطبها " .
------❀---✿---❀------
يتبع بإذن الله _ تبارك وتعالى _
------❀---✿---❀------
تعليق