كيف تقوي عضلات السعادة لديك ؟
أفكار عملية وذكية للدكتور جاسم المطوع
قال الاول عندما انتهي من الدراسة اكون سعيدا، وقال الآخر عندما اتزوج اكون سعيدا، وقال الثالث بل انا سأكون سعيدا عندما احصل على وظيفة جديدة، وقال الرابع سأكون سعيدا عندما انجح في مشروعي، وهكذا كل واحد منا يمني نفسه والأمنيات كثيرة، والقائمة تطول وتطول، ولكن هل فعلا ما قالوه يحقق السعادة؟
لا شك في ان الانسان اذا حقق ما يريد يساهم ذلك في سعادته ولكن السعادة امر مختلف، فالاعلانات التجارية تسوق لنا السعادة في الحصول على المال او الجلوس مع النساء او شراء علب الدخان وغيرها من المغريات ولكنها لا تتحدث عما يحتاجه القلب والضمير والعقل والروح.
فالسعادة هي مهارة نتعلمها وننميها في نفوسنا وهي ليست بعيدة عنا وانما هي بجوارنا وفي داخلنا وتحتاج منا الى جهد لنكون سعداء، اي انها عضلة من العضلات التي نمتلكها، وكلما دربناها كبرت هذه العضلة وقويت وصرنا اكثر سعادة. واننا نعرض عليكم في هذا المقال ست قواعد تقوي عضلات السعادة لدينا وهي:
أولا: لا تكن اسيرا لماضيك ولو مررت بحادث سلبي سواء عشت طفولة سيئة او نشأت في عائلة فقيرة او عانيت ألم المرض او فشلت في الانتخابات السياسية او اصابتك خسارة مالية او مررت بتجربة طلاق وانفصال، كل ذلك ينبغي ان تتعامل معه على انه تجربة تعلمتها في الحياة وأنك ستستفيد منها، فلا تكن اسير الماضي، بل استمتع بحاضرك واستفد من ماضيك وخطط لمستقبلك.
ثانيا: اختر اصدقاء ايجابيين ومتفائلين، فابحث عنهم واحرص على صحبتهم، ولا تفرط فيهم، فللبيئة اثر، وكما قيل الصاحب ساحب والمرء على دين خليله.
ثالثا: لابد ان نعلم ان الماضي ليس مستقبلنا ونحن المسؤولون عن سعادة انفسنا واختيار مستقبلنا ولابد ان نتعلم كيف نتعامل مع الوسواس الخناس عندما يقذف بأفكاره السلبية، فالشيطان كما وصفه الله تعالى (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء) ثم وصف الله نفسه قائلا (وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) فتلاحظ في الآية ان الشيطان متخصص في التشاؤم ويقود للحزن والله تعالى يعدنا بالمغفرة وهي التفاؤل والامل والسعادة، فابتعد عن شيطانك وتقرب لربك وخالقك.
رابعا: لنتعلم ان نغفر لمن اخطأ فينا ونسامح من اخطأ في حقنا، فالمغفرة والتسامح يقويان عضلات السعادة لدينا، ولهذا تؤكد الابحاث العلمية ان المتسامحين اكثر الناس سعادة في الدنيا وأطول الناس اعمارا في الحياة، اما جزاؤهم عند الله فهو عظيم.
خامسا: خفف من توقعاتك المثالية، وكن واقعيا واقبل بأقل من المثالية في اعمالك، فان ذلك يسعدك ويساعدك على قبول كثير من الاشياء والاعمال بنفس راضية ومطمئنة، ولا مانع في ان تكون مثاليا في بعض الاعمال ولكن خفف منها.
سادسا: استخدم مهارة النكتة والطرفة اثناء الحوار المزعج تجاهك ولا تقف على كل كبيرة وصغيرة وتحاسب عليها، وانما تعلم التغافل وغض البصر عن الامور المزعجة.
لتكن عندك مثل هذه النفسية التفاؤلية مثل الرشيد كلما رأى سحابة خاطبها، وقال لها امطري حيث شئت فان خراجك سيأتيني، وكان النبي الكريم يغير الاسماء، فامرأة عصية سماها جميلة ورجل اسمه بغيض سماه حبيبا وآخر اسمه حرام سماه النبي حلالا، وكما قيل لكل امرئ من اسمه نصيب، وقوله لابي بكر بالغار وهما محاصران: ما ظنك باثنين الله ثالثهما.. فهذه زاوية جديدة غير الزاوية التي كان ينظر اليها ابوبكر «رضي الله عنه»، فكل هذه الوسائل لتقوية عضلات السعادة والايجابية.
واذا شعرت بعدم السعادة لاي سبب كان ففي هذه الحالة تحتاج الى ان تمرن عضلات السعادة عندك بتفويض امرك لله، وأن تقبل بالقضاء والقدر، وأن تركز على استمتاعك بالحياة من خلال (الحب) لمن حولك من اسرتك وأصدقائك ومحبيك وفوق ذلك كله ان تستشعر ان الله يحبك، عندها تكون سعيدا، ولو فقدت حبيبا او خسرت بتجارة او غيرت هدفك بالحياة او لم توفق للزواج او حرمت من الانجاب.
ونهمس في اذنك قائلين: لا تنتظر السعادة من احد ولا تظن ان هناك شخصا سيسعدك وانما السعادة تأتي بقرار منك وأنت المسؤول عن سعادة نفسك، والعيد فرصة لتبدأ مسيرة السعادة من اليوم، فكن متفائلا لا متشائما وكن منتصرا لا ضحية وكن متسامحا لا حقوداً.
دمتم في حفظ الله
تعليق