السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العينُ والحسدُ ... إفلاسُُ نَفْسانىُّ وإفسادُُ كبير
العينُ والحسدُ ... إفلاسُُ نَفْسانىُّ وإفسادُُ كبير
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا العين والحسد !!!!
1. لأن العين مصيبتها أنها تحصل من الصالح والفاسد على السواء , طالما أن العائن لم يتلفظ بكلمات البركة والتبريك لما رآه أو أعجبه أو أدهشه أو دخل إلى قلبه , بمعنى أنه لم يقل ماشاء الله لا قوة إلا بالله اللهم بارك له وإحفظه ولاتضرّه ..
2. لأن معظم الناس بل قد يكون جميعهم تفوتهم هذه الدعوات بالبركة بل يعتبرون أنه من العيب أن تُذكّرهم بذلك مُتحججين بأنهم لا يصيبوا بعين ولا حسد فهم مؤمنون ومنهم من يقول نحن متدينون .
3. لأن كثيرُ من الناس لم يعودوا يؤمنوا – إلا من رحم الله - بأن الله قد قسّم الأرزاق وكتب لكل عبد من عباده نصيباً وحظاً من الدنيا وأنه هو المُقسّم وليس العباد .
4. لأن هناك من المصائب الكثيرة التى حدثت ومازالت يكون ورائها إما إصابة بالعين أو إصابة بالحسد .. فكم من أسرة كانت سعيدة دخلت فى شقاء , وكم من مُتعلّم كان متميزاً متفوقاً صار راسباً وبليداً , وكم من صاحب صحة وعافية صار مريضا وعليلاً , وكم من فتاة تأخّر زواجها وتعقّدت أمورها فى الوقت الذى تكون مقبولة دينا وخلقا وغير ذلك , وكم من أموال أُتلفت بعدما تعب عليها صاحبها بحلال طيب وسعى طاهر وجهد مرير , وكم من طفل كان صحيحا ثم تحول إلى مُعاقٍ يُحمل وقعيد محزون ولا حول ولاقوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل .
*(وكم وكم وكم من المصائب والكوارث والأمراض كان سببها إما العين وإما الحسد )*
الفرق عن العين والحسد :
أما العين :
فهى أن ترى شيئا يعجبك أو يدخل إلى قلبك أو يدهشك ثم لا تقول ماشاء الله لاقوة إلا بالله اللهم بارك له اللهم إحفظه اللهم لاتضره .
فهذه الكلمات ماهى فى حقيقتها إلا حائط منيع بإذن الله وسد قوى شديد لايصيب الشيء الذى قمت برؤيته بأى ضرر ... أما إذا لم يتفوّه المُعجب بهذه الكلمات فإن إشارات نارية تخرج من عينه تتحرك مباشرة إلى المعيون فتصيبه بإذن الله بالضرر والأذى ... فى السيارة فى الولد فى العمل فى الجمال فى التميّز فى الصلاح فى أى شيء حتى فى نشاطه فى الدعوة وحركته فيها والعمل لله .
والكارثة تكمن فى أن العين تحصل من الإنسان – كل إنسان – صالحاً كان أو غير ذلك طالما أنه لم يتلفظ بهذه الكلمات الواقيات .. وهنا تكون المصيبة الكبرى حيث تجد الكثيرين من الناس متدينون وغير ذلك يقعون فى هذه الدائرة التى تعود بالبلاء والتعب على الناس .
أما الحسد :
فهو لايحصل إلا من نفس صاحبها يكون مريضاً فى قلبه ليس عنده إيمان حقيقى , لأن هذا الحسد هو عمل إبليسى وأول معصية وجريمة إرتكبها إبليس .
وتعريفه ببساطة وإيجاز : أن يتمنى المرء زوال نعمة أنعم الله بها على شخص ما , كأن يتمنى فشل من هو ناجحاً متفوقاً أو يتمنى إفساد علاقة زوجين متحابين أو يتمنى فقر من منحه الله مالا أو يتمنى كذا أو كذا ..
وهذا الحسد لا يحصل إلا من نفس شريرة غير راضية بقسمة الله لايهدأ لصاحبها بالاً إلاّ أن يرى المحسود فى شقاء وعناء وبلاء , ويكون من أهم أسبابه الحقد الذى يهيمن على القلوب والذى يعنى إستكثار النعمة على عباد الله .
وقد تحدّث القرآن الكريم عن الحسد وإعتبره شرُّ كبير فى قول الله العزيز : ومن شر حاسد إذا حسد .
فهى من الأمور الهامة الواجب التعوذ منها دائما وبإستمرار لشدة مخاطرها وعواقبها الوخيمة .
إفلاس لصاحبه :
لأن صاحب العين وصاحب الحسد قد تجرّد من الإيمان أو نقص إيمانه عندما أصاب بالعين أو الحسد .
فهو وإن كان قانعاً وراضياً بقسمة الله لكان من الأولى أن يدعو بالبركة لما يراه وكان من الأولى ألا يتمنى زوال نعم أنعم الله بها على الناس .
فهاتان خصلتان سيئتان بل خطيرتان يجب أن يتخلص صاحبها منها بكل قوة حتى يصبح راضياً ومطمئناً ,
وحتى لا تتحول حياة الناس إلى جحيم وشقاء يكون بسبب عينه أو حسده .
بل والأخطر من ذلك هو ضياع وهلاك حسنات الحاسد كما أشار نبينا صلى الله عليه وسلم بذلك فى قوله :
إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب .
أما كونهما إفساد :
فهذا لكونهما يسببان إفساد فى المال والصحة والولد والوظيفة وغير ذلك مما يُحيل حياة المعيون أو المحسود إلى جحيم وشقاء وإنا لله وإنا إليه راجعون .
محاربةُُ لله ورسوله :
بمنطق قول الله عز وجل : إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فساداً أن يقتلوا أو يُصلّبوا أو تُقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يٌنفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم .
وقد أجاب فضيلة الشيخ الدكتور عجيل النشمى ذات مرة على سؤال أحد الناس عندما أفاده بذيوع خبر إنسان يصيب كل مايراه بالضرر الشديد فكان جوابه حفظه الله : أن يُستتاب هذا الشخص من عمل العين فإذا لم يتب يُسجن لمدة عام فإذا لم يتب يُنفى من البلد لمدة عام ليرتاح أهل بلده من إفساده وضرره .. ولعله يجد فى نفيه عاملا قوياً للتخلص من ذلك الإفساد والإضرار بخلق الله .
خُطورةُ العَيْنِ :
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، قَالَ : مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ : لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ ، وَلاَ جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ ( في النهاية .. المخبأة الجارية التي في خدرها. وَكَانَ سهل رَجُلا أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ ) فَمَا لَبِثَ أَنْ لُبِطَ بِهِ ( صُرع وسقط على الأرض ) ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ : أَدْرِكْ سَهْلاً صَرِيعًا ، قَالَ مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ ، قَالَ : عَلاَمَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ، إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ ، فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ ، فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ، وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ. قَالَ سُفْيَانُ : قَالَ مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْفَأَ الإِنَاءَ مِنْ خَلْفِهِ. صحيح ابن ماجة.
خاتمة :
بسم ِ اللهِ خيْرِ الأسْماءِ ، بِسْمِ اللهِ رَبِّ الأرْضِ وَ السَّماءِ ، بِسْمِ اللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ سَمٌّ وَ لا داءٌ ، بِسْمِ اللهِ أَصبَحْنا وَ أَمسِيتُ وَ عَلَى اللهِ تَوَكَّلْناُ ، بِسْمِاللهِ عَلَى قَلْوبنا وَأنفسنا ، بِسْمِ اللهِ عَلَى دِيننا وَعَقْولنا ، بِسْمِاللهِ عَلَى أَهْلِناوَ مالِنا، بِسْمِ اللهِ عَلَى ما أَعْطانِا رَبِّنا ، بِسْمِاللهِ الَّذِي لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ ،وَ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ، اللهُ اللهُ رَبِّنا، لا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً ،اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ ، وَ أَعَزُّ وَ أَجَلُّ مِمَّا نَخَافُ وَ نَحْذَرُ، عَزَّ جارُكَ وَ جَلَّ ثَناؤُكَ ، وَ لا إِلهَ غَيْرُكَ ، اللّهُمَّ إِنِّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ أنفسنا ، وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ سُلْطانٍٍ شَدِيدٍ ، وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ ، وَ مِنْ شَرِّ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ , وَ مِنْ شَرِّ قَضاءِ السُّوءِ ، وَ مِنْ كُلِّ دابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِها ، ومِنْ شَرّ العائنينَ والحاقدينَ والحاسدينَ . إِنَّكَ عَلَى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، وَ أَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ، إِنَّ وَليُِّنا الله الَّذِي نَزَّلَ الكِتابَ ، وَ هُوَ يَتَولَّى الصَّالِحِينَ ، فَإنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ، وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ .
تعليق